للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَحْرٌ. وَفِي الْأَشْبَاهِ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ كَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ إلَّا تَبَعًا كَمَا مَرَّ أَوْ ضَرُورَةً فِي مَسْأَلَتَيْنِ: فِي الْإِيصَاءِ. شَهِدَ كَافِرَانِ عَلَى كَافِرٍ أَنَّهُ أَوْصَى إلَى كَافِرٍ وَأَحْضَرَ مُسْلِمًا عَلَيْهِ حَقٌّ لِلْمَيِّتِ. وَفِي النَّسَبِ شَهِدَا أَنَّ النَّصْرَانِيَّ ابْنَ الْمَيِّتِ فَادَّعَى عَلَى مُسْلِمٍ بِحَقٍّ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَوَجْهُهُ فِي الدُّرَرِ (وَالْعُمَّالِ) لِلسُّلْطَانِ (إلَّا إذَا كَانُوا أَعْوَانًا عَلَى الظُّلْمِ) فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ لِغَلَبَةِ ظُلْمِهِمْ كَرَئِيسِ الْقَرْيَةِ وَالْجَابِي وَالصَّرَّافِ وَالْمُعَرِّفِينَ فِي الْمَرَاكِبِ وَالْعُرَفَاءِ فِي جَمِيعِ الْأَصْنَافِ وَمُحْضِرِ قُضَاةِ الْعَهْدِ وَالْوُكَلَاءِ الْمُفْتَعَلَةِ وَالصَّكَّاكِ وَضُمَّانِ الْجِهَاتِ كَمُقَاطِعَةِ سُوقِ النَّخَّاسِينَ حَتَّى حَلَّ لَعْنُ الشَّاهِدِ لِشَهَادَتِهِ عَلَى بَاطِلٍ فَتْحٌ وَبَحْرٌ. وَفِي الْوَهْبَانِيَّةِ: أَمِيرٌ كَبِيرٌ ادَّعَى فَشَهِدَ لَهُ عُمَّالُهُ وَنُوَّابُهُ وَرَعَايَاهُمْ لَا تُقْبَلُ كَشَهَادَةِ الْمُزَارِعِ لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَقِيلَ أَرَادَ بِالْعُمَّالِ الْمُحْتَرَفِينَ: أَيْ بِحِرْفَةٍ لَائِقَةٍ بِهِ وَهِيَ حِرْفَةُ آبَائِهِ وَأَجْدَادِهِ وَإِلَّا فَلَا مُرُوءَةَ لَهُ لَوْ دَنِيئَةً، فَلَا شَهَادَةَ لَهُ لِمَا عُرِفَ فِي حَدِّ الْعَدَالَةِ فَتْحٌ وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ.

(لَا) تُقْبَلُ

ــ

[رد المحتار]

صُرِفَ إلَى دَيْنِ النَّصْرَانِيِّ، وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُجْعَلُ بَيْنَهُمَا عَلَى مِقْدَارِ دَيْنِهِمَا، قِيلَ إنَّهُ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ الْأَخِيرُ، وَإِنْ كَانَ شُهُودُ الْفَرِيقَيْنِ مُسْلِمِينَ أَوْ شُهُودُ الذِّمِّيِّ خَاصَّةً مُسْلِمِينَ فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِهِمْ اهـ.

(قَوْلُهُ بَحْرٌ) عِبَارَتُهُ: فَإِنْ كَانَ فَقَدْ كَتَبْنَاهُ عَنْ الْجَامِعِ اهـ. وَاَلَّذِي كَتَبَهُ هُوَ قَوْلُهُ نَصْرَانِيٌّ مَاتَ عَنْ مِائَةٍ، فَأَقَامَ مُسْلِمٌ شَاهِدَيْنِ عَلَيْهِ بِمِائَةٍ وَمُسْلِمٌ وَنَصْرَانِيٌّ بِمِثْلِهِ فَالثُّلُثَانِ لَهُ وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا وَالشَّرِكَةُ لَا تُمْنَعُ لِأَنَّهَا بِإِقْرَارِهِ اهـ. وَوَجْهُهُ أَنَّ الشَّهَادَةَ الثَّانِيَةَ لَا تُثْبِتُ لِلذِّمِّيِّ مُشَارَكَتَهُ مَعَ الْمُسْلِمِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَلَكِنَّ الْمُسْلِمَ لَمَّا ادَّعَى الْمِائَةَ مَعَ النَّصْرَانِيِّ صَارَ طَالِبًا نِصْفَهَا وَالْمُنْفَرِدُ يَطْلُبُ كُلَّهَا فَتُقْسَمُ عَوْلًا، فَلِمُدَّعِي الْكُلِّ الثُّلُثَانِ لِأَنَّ لَهُ نِصْفَيْنِ، وَلِلْمُسْلِمِ الْآخَرِ الثُّلُثَ لِأَنَّ لَهُ نِصْفًا فَقَطْ، لَكِنْ لَمَّا ادَّعَاهُ مَعَ النَّصْرَانِيِّ قُسِمَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَالشَّرِكَةُ لَا تُمْنَعُ لِأَنَّهَا بِإِقْرَارِهِ، وَانْظُرْ مَا سَنَذْكُرُ أَوَّلَ كِتَابِ الْفَرَائِضِ عِنْدَ قَوْلِهِ ثَمَّ تُقَدَّمُ دُيُونُهُ.

(قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ قَرِيبًا.

(قَوْلُهُ فِي مَسْأَلَتَيْنِ) حُمِلَ الْقَبُولُ فِيهِمَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ بَحْثًا عَلَى مَا إذَا كَانَ الْخَصْمُ الْمُسْلِمُ مُقِرًّا بِالدَّيْنِ مُنْكِرًا لِلْوِصَايَةِ وَالنَّسَبِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُنْكِرًا لِلدَّيْنِ كَيْفَ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الذِّمِّيَّيْنِ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ وَأَحْضَرَ) أَيْ الْوَصِيُّ.

(قَوْلُهُ ابْنُ الْمَيِّتِ) أَيْ النَّصْرَانِيِّ.

(قَوْلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ) وَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ نَصْرَانِيَّيْنِ عَلَى نَسَبِهِ تُقْبَلُ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ. وَوَجْهُهُ الضَّرُورَةُ لِعَدَمِ حُضُورِ الْمُسْلِمِينَ مَوْتَهُمْ وَلَا نِكَاحَهُمْ كَذَا فِي الدُّرَرِ كَذَا فِي الْهَامِشِ.

(قَوْلُهُ بِحَقٍّ) أَيْ ثَابِتٍ كَذَا فِي الْهَامِشِ.

(قَوْلُهُ كَرَئِيسِ الْقَرْيَةِ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهَذَا الْمُسَمَّى فِي بِلَادِنَا شَيْخَ الْبَلَدِ، وَقَدَّمْنَا عَنْ الْبَزْدَوِيِّ أَنَّ الْقَائِمَ بِتَوْزِيعِ هَذِهِ النَّوَائِبِ السُّلْطَانِيَّةِ وَالْجِبَايَاتِ بِالْعَدْلِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مَأْجُورٌ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ ظُلْمًا، فَعَلَى هَذَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ اهـ.

(قَوْلُهُ النَّخَّاسِينَ) جَمْعُ نَخَّاسٍ مِنْ النَّخْسِ وَهُوَ الطَّعْنُ، وَمِنْهُ قِيلَ لِدَلَّالِ الدَّوَابِّ نَخَّاسٌ.

(قَوْلُهُ وَقِيلَ) هَذَا مُمْكِنٌ فِي مِثْلِ عِبَارَةِ الْكَنْزِ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ إلَّا إذَا كَانُوا أَعْوَانًا إلَخْ.

(قَوْلُهُ الْمُحْتَرِفِينَ) فَيَكُونُ فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ رَدَّ شَهَادَةَ أَهْلِ الْحِرَفِ الْخَسِيسَةِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَأَمَّا أَهْلُ الصِّنَاعَاتِ الدَّنِيئَةِ كَالْقَنَوَاتِيِّ وَالزَّبَّالِ وَالْحَائِكِ وَالْحَجَّامِ فَقِيلَ لَا تُقْبَلُ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا تُقْبَلُ لِأَنَّهُ قَدْ تَوَلَّاهَا قَوْمٌ صَالِحُونَ، فَمَا لَمْ يُعْلَمْ الْقَادِحُ لَا يُبْنَى عَلَى ظَاهِرِ الصِّنَاعَةِ وَتَمَامُهُ فِيهِ فَرَاجِعْهُ.

(قَوْلُهُ وَإِلَّا إلَخْ) أَيْ بِأَنْ كَانَ أَبُوهُ تَاجِرًا وَاحْتَرَفَ هُوَ بِالْحِيَاكَةِ أَوْ الْحِلَاقَةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ لِارْتِكَابِهِ الدَّنَاءَةَ كَذَا فِي الْهَامِشِ.

(قَوْلُهُ فَتْحٌ) لَمْ أَرَهُ فِي الْفَتْحِ بَلْ ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ بِصِيغَةِ يَنْبَغِي. وَقَالَ الرَّمْلِيُّ: فِي هَذَا التَّقْيِيدِ نَظَرٌ يَظْهَرُ لِمَنْ لَهُ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْ: أَيْ فِي التَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ بِحِرْفَةٍ لَائِقَةٍ إلَخْ. وَوَجْهُهُ أَنَّهُمْ جَعَلُوا الْعِبْرَةَ لِلْعَدَالَةِ لَا لِلْحِرْفَةِ، فَكَمْ مِنْ دَنِيءِ صِنَاعَةٍ أَنْقَى مِنْ ذِي مَنْصِبٍ وَوَجَاهَةٍ عَلَى أَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ لَا يَعْدِلُ عَنْ حِرْفَةِ أَبِيهِ إلَى أَدْنَى مِنْهَا إلَّا لِقِلَّةِ ذَاتِ يَدِهِ أَوْ صُعُوبَتِهَا عَلَيْهِ وَلَا سِيَّمَا إذَا عَلَّمَهُ إيَّاهَا أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ فِي صِغَرِهِ وَلَمْ يُتْقِنْ غَيْرَهَا فَتَأَمَّلْ. وَفِي حَاشِيَةِ أَبِي السُّعُودِ: فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ هُوَ قَرِيبًا مِنْ أَنَّ صَاحِبَ الصِّنَاعَةِ الدَّنِيئَةِ كَالزَّبَّالِ وَالْحَائِكِ مَقْبُولُ الشَّهَادَةِ إذَا كَانَ عَدْلًا فِي الصَّحِيحِ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>