للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِتَسَبُّبِهِمَا تَعَدِّيًا مَعَ تَعَذُّرِ تَضْمِينِ الْمُبَاشِرِ لِأَنَّهُ كَالْمُلْجَأِ إلَى الْقَضَاءِ (قَبَضَ الْمُدَّعِي الْمَالَ أَوْ لَا بِهِ يُفْتَى) بَحْرٌ وَبَزَّازِيَّةٌ وَخُلَاصَةٌ وَخِزَانَةُ الْمُفْتِينَ، وَقَيَّدَهُ فِي الْوِقَايَةِ وَالْكَنْزِ وَالدُّرَرِ وَالْمُلْتَقَى بِمَا إذَا قَبَضَ الْمَالَ لِعَدَمِ الْإِتْلَافِ قَبْلَهُ، وَقِيلَ إنْ الْمَالُ عَيْنًا فَكَالْأَوَّلِ، وَإِنْ دَيْنًا فَكَالثَّانِي وَأَقَرَّهُ الْقُهُسْتَانِيُّ.

(وَالْعِبْرَةُ فِيهِ لِمَنْ بَقِيَ) مِنْ الشُّهُودِ (لَا لِمَنْ رَجَعَ فَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا ضَمِنَ النِّصْفَ، وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُ ثَلَاثَةٍ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ رَجَعَ آخَرُ ضَمِنَا النِّصْفَ، وَإِنْ رَجَعَتْ امْرَأَةٌ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ

ــ

[رد المحتار]

كَمَا لَوْ شَهِدَا بِنَسَبٍ قَبْلَ الْمَوْتِ فَمَاتَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ وَوَرِثَ الْمَشْهُودُ لَهُ الْمَالَ مِنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ ثُمَّ رَجَعَا لَمْ يَضْمَنَا لِأَنَّهُ وَرِثَ بِالْمَوْتِ وَذَلِكَ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْوَارِثِ الْمَالَ بِالنَّسَبِ وَالْمَوْتِ وَالِاسْتِحْقَاقُ يُضَافُ إلَى آخِرِهِمَا وُجُودًا فَيُضَافُ لِلْمَوْتِ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ سَائِحَانِيٌّ عَنْ الْمَقْدِسِيَّ.

قُلْتُ: وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ شَهِدُوا عَلَى أَنَّهُ أَبْرَأَهُ مِنْ الدَّيْنِ ثُمَّ مَاتَ الْغَرِيمُ مُفْلِسًا ثُمَّ رَجَعَا لَمْ يَضْمَنَا لِلطَّالِبِ لِأَنَّهُ تَوِيَ مَا عَلَيْهِ بِالْإِفْلَاسِ اهـ.

(قَوْلُهُ لِتَسَبُّبِهِمَا) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَفِي إيجَابِهِ صَرْفُ النَّاسِ عَنْ تَقَلُّدِهِ وَتَعَذُّرُ اسْتِيفَائِهِ مِنْ الْمُدَّعِي لِأَنَّ الْحُكْمَ مَاضٍ فَاعْتُبِرَ التَّسَبُّبُ اهـ. كَذَا فِي الْهَامِشِ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ كَالْمُلْجَأِ) أَيْ الْقَاضِي (قَوْلُهُ وَقَيَّدَهُ إلَخْ) أَيْ وَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُخْتَارِ وَالْإِصْلَاحِ وَمَوَاهِبِ الرَّحْمَنِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْجَوْهَرَةِ وَصَاحِبُ الْمَجْمَعِ، وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ بِأَنَّ اقْتِصَارَ أَرْبَابِ الْمُتُونِ عَلَى قَوْلٍ تَرْجِيحٌ لَهُ، وَمَا فِي الْمُتُونِ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا فِي الشُّرُوحِ فَيُقَدَّمُ عَلَى مَا فِي الْفَتَاوَى بِالْأَوْلَى، وَمَا كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ مُخَالَفَةُ عَامَّةِ الْمُتُونِ، وَمَا نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخُلَاصَةِ أَنَّ مَا فِي الْفَتَاوَى هُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ الْأَخِيرُ لَنَا فِيهِ كَلَامٌ، وَكَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي غَرَّ الْمُصَنِّفَ.

(قَوْلُهُ فَكَالْأَوَّلِ) أَيْ يَضْمَنُهُ الشُّهُودُ مُطْلَقًا قَبَضَهَا الْمَشْهُودُ لَهُ أَوْ لَا لِأَنَّ الْعَيْنَ يَزُولُ مِلْكُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ عَنْهَا بِالْقَضَاءِ وَفِي الدَّيْنِ لَا يَزُولُ مِلْكُهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ.

(قَوْلُهُ فَكَالثَّانِي) أَيْ لَوْ رَجَعَ الشُّهُودُ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا يَضْمَنُونَ وَلَوْ بَعْدَهُ يَضْمَنُونَ.

(قَوْلُهُ ضَمِنَ النِّصْفَ) إذْ بِشَهَادَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا يَقُومُ نِصْفُ الْحُجَّةِ فَبِبَقَاءِ أَحَدِهِمَا عَلَى الشَّهَادَةِ تَبْقَى الْحُجَّةُ فِي النِّصْفِ فَيَجِبُ عَلَى الرَّاجِعِ ضَمَانُ مَا لَمْ تَبْقَ الْحُجَّةُ فِيهِ وَهُوَ النِّصْفُ، وَيَجُوزُ أَنْ لَا يَثْبُتَ الْحُكْمُ ابْتِدَاءً بِبَعْضِ الْعِلَّةِ ثُمَّ يَبْقَى بِبَقَاءِ بَعْضِ الْعِلَّةِ، كَابْتِدَاءِ الْحَوْلِ لَا يَنْعَقِدُ عَلَى بَعْضِ النِّصَابِ وَيَبْقَى مُنْعَقِدًا بِبَقَاءِ بَعْضِ النِّصَابِ مِنَحٌ.

(قَوْلُهُ لَمْ يَضْمَنْ) أَيْ الرَّاجِعُ (قَوْلُهُ ضَمِنَا النِّصْفَ) وَفِي الْمَقْدِسِيَّ، فَإِنْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ الرَّاجِعُ الثَّانِي فَقَطْ لِأَنَّ التَّلَفَ أُضِيفَ إلَيْهِ. قُلْنَا التَّلَفُ مُضَافٌ إلَى الْمَجْمُوعِ إلَّا أَنَّ رُجُوعَ الْأَوَّلِ لَمْ يَظْهَرْ أَثَرُهُ لِمَانِعٍ وَهُوَ مَنْ بَقِيَ فَإِذَا رَجَعَ الثَّانِي ظَهَرَ أَنَّ التَّلَفَ بِهِمَا.

أَقُولُ: تَقَدَّمَ فِي الْحُدُودِ عَنْ الْمُحِيطِ إذَا شَهِدَ عَلَى حَدِّ الرَّجْمِ خَمْسَةٌ فَرَجَعَ الْخَامِسُ لَا ضَمَانَ، وَإِنْ رَجَعَ الرَّابِعُ ضَمِنَا الرُّبْعَ، وَإِنْ رَجَعَ ثَالِثٌ يَضْمَنُ الرَّابِعُ، فَقَوْلُهُ يَضْمَنُ الثَّالِثُ الرُّبْعَ مُخَالِفٌ لِمَا هُنَا لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْ بَابِ الرُّجُوعِ فِي الشَّهَادَةِ أَنَّ الْخَامِسَ وَالرَّابِعَ وَالثَّالِثَ يَضْمَنُونَ النِّصْفَ أَثْلَاثًا، فَمَا فِي الْمُحِيطِ إمَّا غَلَطٌ أَوْ ضَعِيفٌ أَوْ غَيْرُ مَشْهُورٍ. وَإِذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى شَخْصٍ بِأَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَقُضِيَ بِهَا فَرَجَعَ أَحَدُهُمْ عَنْ مِائَةٍ وَآخَرُ عَنْ تِلْكَ الْمِائَةِ وَمِائَةٍ أُخْرَى وَآخَرُ عَنْ تِلْكَ الْمِائَتَيْنِ وَمِائَةٍ أُخْرَى فَعَلَى الرَّاجِعِينَ خَمْسُونَ أَثْلَاثًا لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَرْجِعْ إلَّا عَنْ مِائَةٍ فَبَقِيَ شَاهِدًا بِثَلَاثِمِائَةٍ، وَالرَّابِعَ الَّذِي لَمْ يَرْجِعْ شَاهِدٌ بِالثَّلَاثِمِائَةِ كَمَا هُوَ شَاهِدٌ بِالْمِائَةِ الرَّابِعَةِ أَيْضًا فَوُجِدَ نِصَابُ الشِّهَادِ فِي الثَّلَاثَمِائَة فَلَا ضَمَانَ فِيهَا. وَأَمَّا الْمِائَةُ الرَّابِعَةُ لَمَّا بَقِيَ الرَّابِعُ شَاهِدًا بِهَا وَرَجَعَ الْبَقِيَّةُ تَنَصَّفَتْ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِمَنْ بَقِيَ فَيَضْمَنُونَ نِصْفَهَا وَهُوَ الْخَمْسُونَ أَثْلَاثًا، فَإِنْ رَجَعَ الرَّابِعُ عَنْ الْجَمِيعِ ضَمِنُوا الْمِائَةَ أَرْبَاعًا يَعْنِي الْمِائَةَ الَّتِي اتَّفَقُوا عَلَى الرُّجُوعِ عَنْهَا، وَغَيْرُ الْأَوَّلِ يَضْمَنُ الْخَمْسِينَ الَّتِي اتَّفَقُوا عَلَى الرُّجُوعِ عَنْهَا أَثْلَاثًا. وَوَجْهُ عَدَمِ ضَمَانِ الْمِائَتَيْنِ وَالْخَمْسِينَ أَنَّ الْأَوَّلَ بَقِيَ شَاهِدًا بِثَلَاثِمِائَةٍ وَالثَّالِثَ بَقِيَ شَاهِدًا بِمِائَتَيْنِ فَالْمِائَتَانِ تَمَّ عَلَيْهَا النِّصَابُ وَبَقِيَ عَلَى الثَّالِثَةِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ لَمْ يَرْجِعْ،

<<  <  ج: ص:  >  >>