للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَأَنْتَ وَكِيلِي فِي كُلِّ شَيْءٍ عَمَّ الْكُلَّ حَتَّى الطَّلَاقَ قَالَ الشَّهِيدُ: وَبِهِ يُفْتَى، وَخَصَّهُ أَبُو اللَّيْثِ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَعَتَاقٍ وَوَقْفٍ، وَاعْتَمَدَهُ فِي الْأَشْبَاهِ، وَخَصَّهُ قَاضِي خَانَ بِالْمُعَاوَضَاتِ، فَلَا يَلِي الْعِتْقَ وَالتَّبَرُّعَاتِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ كَمَا فِي تَنْوِيرِ الْبَصَائِرِ وَزَوَاهِرِ الْجَوَاهِرِ، وَسَيَجِيءُ أَنَّ بِهِ يُفْتَى، وَاعْتَمَدَهُ فِي الْمُلْتَقَطِ فَقَالَ: وَأَمَّا الْهِبَاتُ وَالْعَتَاقُ فَلَا يَكُونُ وَكِيلًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ.

وَفِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُوَكِّلِ صِنَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ فَالْوَكَالَةُ بَاطِلَةٌ (وَهُوَ إقَامَةُ الْغَيْرِ مَقَامَ نَفْسِهِ) تَرَفُّهًا أَوْ عَجْزًا (فِي تَصَرُّفٍ جَائِزٍ مَعْلُومٍ،

ــ

[رد المحتار]

الْوَجْهِ، وَحَبِيبٌ لَمْ يَسْمَعْ عِنْدِي مِنْ حَكِيمٍ إلَّا أَنَّ هَذَا دَاخِلٌ فِي الْإِرْسَالِ عِنْدَنَا فَيَصْدُقُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: أَيْ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ صَحَّ إذَا كَانَ حَبِيبٌ إمَامًا ثِقَةً فَتْحٌ

(قَوْلُهُ كَأَنْتَ وَكِيلِي فِي كُلِّ شَيْءٍ) نَقَلَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ وَغَيْرِهَا عَنْ قَاضِي خَانَ: لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَنْتِ وَكِيلِي فِي كُلِّ شَيْءٍ أَوْ قَالَ: أَنْتَ وَكِيلِي بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ يَكُونُ وَكِيلًا بِحِفْظٍ لَا غَيْرُ هُوَ الصَّحِيحُ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ وَكِيلِي فِي كُلِّ شَيْءٍ جَائِزٌ أَمْرُكَ يَصِيرُ وَكِيلًا فِي جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ كَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَهِبَةٍ وَصَدَقَةٍ.

وَاخْتَلَفُوا فِي طَلَاقٍ وَعَتَاقٍ وَوَقْفٍ، فَقِيلَ يَمْلِكُ ذَلِكَ لِإِطْلَاقِ تَعْمِيمِ اللَّفْظِ، وَقِيلَ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ إلَّا إذَا دَلَّ دَلِيلُ سَابِقَةِ الْكَلَامِ وَنَحْوِهِ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ اهـ.

وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ سَابِقًا وَلَاحِقًا فَتَدَبَّرْ، وَلِابْنِ نُجَيْمٍ رِسَالَةٌ سَمَّاهَا [الْمَسْأَلَةُ الْخَاصَّةُ فِي الْوَكَالَةِ الْعَامَّةِ] ذَكَرَ فِيهَا مَا فِي الْخَانِيَّةِ وَمَا فِي فَتَاوَى أَبِي جَعْفَرٍ.

ثُمَّ قَالَ: وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ أَنْتَ وَكِيلِي فِي كُلِّ شَيْءٍ جَائِزٌ أَمْرُكَ مَلَكَ الْحِفْظَ وَالْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ وَيَمْلِكُ الْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ، حَتَّى إذَا أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ جَازَ حَتَّى يَعْلَمَ خِلَافَهُ مِنْ قَصْدِ الْمُوَكِّلِ.

وَعَنْ الْإِمَامِ تَخْصِيصُهُ بِالْمُعَاوَضَاتِ، وَلَا يَلِي الْعِتْقَ وَالتَّبَرُّعَ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَكَذَا لَوْ قَالَ طَلَّقْتُ امْرَأَتَكَ وَوَهَبْتُ وَوَقَفْتُ أَرْضَكَ فِي الْأَصَحِّ لَا يَجُوزُ اهـ.

وَفِي الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ تَوْكِيلٌ بِالْمُعَاوَضَاتِ لَا بِالْإِعْتَاقِ وَالْهِبَاتِ، وَبِهِ يُفْتَى اهـ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَكِيلَ وَكَالَةً عَامَّةً يَمْلِكُ كُلَّ شَيْءٍ إلَّا الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ وَالْوَقْفَ وَالْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَمْلِكَ الْإِبْرَاءَ وَالْحَطَّ عَنْ الْمَدْيُونِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ قَبِيلِ التَّبَرُّعِ فَدَخَلَا تَحْتَ قَوْلِ الْبَزَّازِيِّ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ التَّبَرُّعَ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي مَرَّةٍ بَعْدَ أُخْرَى وَهَلْ لَهُ الْإِقْرَاضُ وَالْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ فَإِنَّهُمَا بِالنَّظَرِ إلَى الِابْتِدَاءِ تَبَرُّعٌ، فَإِنَّ الْقَرْضَ عَارِيَّةٌ ابْتِدَاءً، مُعَاوَضَةٌ انْتِهَاءً وَالْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ هِبَةٌ ابْتِدَاءً مُعَاوَضَةٌ انْتِهَاءً، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَمْلِكَهُمَا الْوَكِيلُ بِالتَّوْكِيلِ الْعَامِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُمَا إلَّا مَنْ يَمْلِكُ التَّبَرُّعَاتِ، وَلِذَا لَا يَجُوزُ إقْرَاضُ الْوَصِيِّ مَالَ الْيَتِيمِ وَلَا هِبَتُهُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ وَإِنْ كَانَتْ مُعَاوَضَةً فِي الِانْتِهَاءِ، وَظَاهِرُ الْعُمُومِ أَنَّهُ يَمْلِكُ قَبْضَ الدَّيْنِ وَاقْتِضَاءَهُ وَإِيفَاءَهُ وَالدَّعْوَى بِحُقُوقِ الْمُوَكِّلِ وَسَمَاعَ الدَّعْوَى بِحُقُوقٍ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَالْأَقَارِيرَ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِالدُّيُونِ، وَلَا يَخْتَصُّ بِمَجْلِسِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي الْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ لَا فِي الْعَامِّ.

فَإِنْ قُلْتَ: لَوْ وَكَّلَهُ بِصِيغَةِ وَكَّلْتُكَ وَكَالَةً مُطْلَقَةً عَامَّةً فَهَلْ يَتَنَاوَلُ الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ وَالتَّبَرُّعَاتِ؟ قُلْتُ: لَمْ أَرَهُ صَرِيحًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا عَلَى الْمُفْتَى بِهِ؛ لِأَنَّ مِنْ الْأَلْفَاظِ مَا صَرَّحَ قَاضِي خَانَ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ عَامٌّ وَمَعَ ذَلِكَ قَالُوا بِعَدَمِهِ اهـ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ نُجَيْمٍ فِي رِسَالَتِهِ مُلَخَّصًا، وَقَدْ سَاقَهَا الْفَتَّالُ فِي حَاشِيَتِهِ بِرُمَّتِهَا (قَوْلُهُ وَفِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ) عِبَارَتُهَا نَقْلًا عَنْ الْخَانِيَّةِ: وَفِي فَتَاوَى الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ: وَكَّلْتُكَ فِي جَمِيعِ أُمُورِي وَأَقَمْتُكَ مَقَامَ نَفْسِي لَا تَكُونُ الْوَكَالَةُ عَامَّةً، وَلَوْ قَالَ: وَكَّلْتُكَ فِي جَمِيعِ أُمُورِي الَّتِي يَجُوزُ بِهَا التَّوْكِيلُ كَانَتْ الْوَكَالَةُ عَامَّةً تَتَنَاوَلُ الْبِيَاعَاتِ وَالْأَنْكِحَةَ.

وَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ إذَا لَمْ تَكُنْ عَامَّةً يُنْظَرُ، إنْ كَانَ الرَّجُلُ يَخْتَلِفُ لَيْسَ لَهُ صِنَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ فَالْوَكَالَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>