للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ صَبِيًّا (فِي صَرْفٍ وَسَلَمٍ فَيَبْطُلُ الْعَقْدُ بِمُفَارَقَتِهِ صَاحِبَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ) ؛ لِأَنَّهُ الْعَاقِدُ، وَالْمُرَادُ بِالسَّلَمِ الْإِسْلَامُ لَا قَبُولُ السَّلَمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ ابْنُ كَمَالٍ (وَالرَّسُولُ فِيهِمَا) أَيْ الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ (لَا تُعْتَبَرُ مُفَارَقَتُهُ بَلْ مُفَارَقَةُ مُرْسِلِهِ) ؛ لِأَنَّ الرِّسَالَةَ فِي الْعَقْدِ لَا الْقَبْضِ، وَاسْتُفِيدَ صِحَّةُ التَّوْكِيلِ بِهِمَا.

(وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ عَشْرَةِ أَرْطَالِ لَحْمٍ بِدِرْهَمٍ فَاشْتَرَى ضِعْفَهُ بِدِرْهَمٍ مِمَّا يُبَاعُ مِنْهُ عَشْرَةٌ بِدِرْهَمٍ لَزِمَ الْمُوَكِّلَ مِنْهُ عَشْرَةٌ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ) خِلَافًا لَهُمَا وَالثَّلَاثَةِ.

قُلْنَا إنَّهُ مَأْمُورٌ بِأَرْطَالٍ مُقَدَّرَةٍ فَيَنْفُذُ الزَّائِدُ عَلَى الْوَكِيلِ، وَلَوْ شَرَى مَا لَا يُسَاوِي ذَلِكَ وَقَعَ لِلْوَكِيلِ إجْمَاعًا كَغَيْرِ مَوْزُونٍ

(وَلَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ) بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِالنِّكَاحِ إذَا تَزَوَّجَهَا لِنَفْسِهِ صَحَّ مُنْيَةٌ، وَالْفَرْقُ فِي الْوَانِيِّ (غَيْرِ الْمُوَكِّلِ لَا يَشْتَرِيهِ لِنَفْسِهِ) وَلَا لِمُوَكِّلٍ آخَرَ

ــ

[رد المحتار]

صَاحِبُ النِّهَايَةِ إلَى الْإِمَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ.

وَاسْتَشْكَلَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَصَاحِبُ الْعِنَايَةِ بِأَنَّ الْوَكِيلَ أَصِيلٌ فِي بَابِ الْبَيْعِ حَضَرَ الْمُوَكِّلُ الْعَقْدَ أَوْ لَمْ يَحْضُرْ.

وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَإِطْلَاقُ الْمَبْسُوطِ وَسَائِرِ الْكُتُبِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مُفَارَقَةَ الْمُوَكِّلِ لَا تُعْتَبَرُ أَصْلًا وَلَوْ كَانَ حَاضِرًا وَهَذَا مَنْشَأُ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلْبَحْرِ، لَكِنْ أَجَابَ الْعَيْنِيُّ عَنْ الْإِشْكَالِ بِأَنَّ الْوَكِيلَ نَائِبٌ فَإِذَا حَضَرَ الْأَصِيلُ فَلَا يُعْتَبَرُ النَّائِبُ اهـ.

وَتَعَقَّبَهُ الْحَمَوِيُّ بِأَنَّ الْوَكِيلَ نَائِبٌ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ أَصِيلٌ فِي الْحُقُوقِ فَلَا اعْتِبَارَ بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ، وَبِهِ عَلِمْتَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ: أَيْ الْعَيْنِيُّ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ.

قُلْتُ: وَاَلَّذِي يَدْفَعُ الْإِشْكَالَ مِنْ أَصْلِهِ مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْجَوْهَرَةِ مِنْ أَنَّ الْعُهْدَةَ عَلَى آخِذِ الثَّمَنِ لَا الْعَاقِدِ لَوْ حَضَرَا فِي أَصَحِّ الْأَقَاوِيلِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْعَيْنِيُّ وَصَاحِبُ الْعِنَايَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ مِنْ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِحَضْرَتِهِ وَهُوَ مَا مَشَى عَلَيْهِ فِي الْمَتْنِ سَابِقًا فَتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ وَلَوْ صَبِيًّا) أَتَى بِالْمُبَالَغَةِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلٌّ مُوهِمٌ حَيْثُ لَا تَرْجِعُ الْحُقُوقُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ فَيَبْطُلُ الْعَقْدُ إلَخْ) كَذَا قَالَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَسَائِرُ الْمُتَأَخِّرِينَ دُرَرٌ، وَهُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ بِمُفَارَقَتِهِ) أَيْ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ صَاحِبَهُ) وَهُوَ الْعَاقِدُ مِنَحٌ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ إلَخْ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَهَذَا فِي الصَّرْفِ مَجْرَاهُ عَلَى إطْلَاقِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِيهِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ.

وَأَمَّا فِي السَّلَمِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِدَفْعِ رَأْسِ الْمَالِ فَقَطْ، وَأَمَّا مَا يَأْخُذُهُ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ إذَا قَبَضَ رَأْسَ الْمَالِ يَبْقَى الْمُسْلَمُ فِيهِ فِي ذِمَّتِهِ وَهُوَ مَبِيعٌ وَرَأْسُ الْمَالِ ثَمَنُهُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ الْإِنْسَانُ مَالَهُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ لِغَيْرِهِ كَمَا فِي بَيْعِ الْعَيْنِ، وَإِذَا بَطَلَ التَّوْكِيلُ كَانَ الْوَكِيلُ عَاقِدًا لِنَفْسِهِ فَيَجِبُ الْمُسْلَمُ فِيهِ فِي ذِمَّتِهِ، وَرَأْسُ الْمَالِ مَمْلُوكٌ لَهُ، وَإِذَا سَلَّمَهُ إلَى الْآمِرِ عَلَى وَجْهِ التَّمْلِيكِ مِنْهُ كَانَ قَرْضًا اهـ.

(قَوْلُهُ ضِعْفَهُ) احْتَرَزَ عَنْ الزِّيَادَةِ الْقَلِيلَةِ كَعَشَرَةِ أَرْطَالٍ وَنِصْفٍ فَإِنَّهَا لَازِمَةٌ لِلْآمِرِ؛ لِأَنَّهَا تَدْخُلُ بَيْنَ الْوَزْنَيْنِ فَلَا يَتَحَقَّقُ حُصُولُ الزِّيَادَةِ بَحْرٌ عَنْ غَايَةِ الْبَيَانِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لَهُمَا) فَعِنْدَهُمَا يَلْزَمُهُ الْعِشْرُونَ بِدِرْهَمٍ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ الْمَأْمُورَ وَزَادَهُ خَيْرًا مِنَحٌ (قَوْلُهُ كَغَيْرِ مَوْزُونٍ) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّ فِي الْقِيَمِيَّاتِ لَا يَنْفُذُ شَيْءٌ عَلَى الْمُوَكِّلِ مِنَحٌ.

(قَوْلُهُ بِخِلَافٍ إلَخْ) مَحَلُّ هَذَا بَعْدَ قَوْلِهِ لَا يَشْتَرِيهِ لِنَفْسِهِ ح (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ فِي الْوَانِيِّ) ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ أَيْضًا.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ النِّكَاحَ الدَّاخِلَ تَحْتَ الْوَكَالَةِ نِكَاحٌ مُضَافٌ إلَى الْمُوَكِّلِ فَيَنْعَزِلُ إذَا خَالَفَهُ وَأَضَافَهُ إلَى نَفْسِهِ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ فَإِنَّهُ مُطْلَقٌ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِالْإِضَافَةِ إلَى كُلِّ أَحَدٍ اهـ.

(قَوْلُهُ غَيْرِ الْمُوَكِّلِ) بِالْجَرِّ صِفَةُ شَيْءٍ مُخَصِّصَةٌ وَبِالنَّصْبِ اسْتِثْنَاءٌ مِنْهُ أَوْ حَالٌ.

قَالَ فِي الْمِنَحِ: وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِغَيْرِ الْمُوَكِّلِ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا وَكَّلَ الْعَبْدُ مَنْ يَشْتَرِيهِ لَهُ مِنْ مَوْلَاهُ أَوْ وَكَّلَ الْعَبْدُ بِشِرَائِهِ لَهُ مِنْ مَوْلَاهُ فَاشْتَرَى فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ لِلْآمِرِ مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ الْمَوْلَى أَنَّهُ يَشْتَرِيهِ فِيهِمَا لِلْآمِرِ مَعَ أَنَّهُ وَكِيلٌ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ كَمَا سَيَأْتِي اهـ وَكَأَنَّ وَجْهَ الِاحْتِرَازِ عَمَّا ذَكَرَهُ مِنْ الصُّورَتَيْنِ بِاعْتِبَارِ احْتِمَالِ لَفْظِ الْمُوَكِّلِ لِاسْمِ الْفَاعِلِ وَاسْمِ الْمَفْعُولِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ، فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ غَيْرِ الْمُوَكِّلِ وَالْمُوَكِّلِ اهـ (قَوْلُهُ لَا يَشْتَرِيهِ لِنَفْسِهِ) أَيْ بِلَا حُضُورِهِ بَاقَانِيٌّ

<<  <  ج: ص:  >  >>