فَبَرْهَنَ الْمُدَّعِي قَضَى عَلَيْهِ) بِلَا طَلَبِ الْمُدَّعِي (وَإِلَّا) يُبَرْهِنُ (حَلَّفَهُ) الْحَاكِمُ (بَعْدَ طَلَبِهِ) إذْ لَا بُدَّ مِنْ طَلَبِهِ الْيَمِينَ فِي جَمِيعِ الدَّعَاوَى إلَّا عِنْدَ الثَّانِي فِي أَرْبَعٍ عَلَى مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، قَالَ: وَأَجْمَعُوا عَلَى التَّحْلِيفِ بِلَا طَلَبٍ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ عَلَى الْمَيِّتِ.
(وَإِذَا قَالَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (لَا أُقِرَّ وَلَا أُنْكِرُ لَا يُسْتَحْلَفُ بَلْ يُحْبَسُ لِيُقِرَّ أَوْ يُنْكِرَ) دُرَرٌ، وَكَذَا لَوْ لَزِمَ السُّكُوتَ بِلَا آفَةٍ عِنْدَ الثَّانِي خُلَاصَةٌ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَبِهِ أَفْتَيْت لِمَا أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ الثَّانِي فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْقَضَاءِ اهـ. ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الْبَدَائِعِ: الْأَشْبَهُ أَنَّهُ إنْكَارٌ فَيُسْتَحْلَفُ، قَيَّدْنَا بِتَحْلِيفِ الْحَاكِمِ لِأَنَّهُمَا لَوْ (اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَحْلِفَ عِنْدَ غَيْرِ قَاضٍ وَيَكُونُ بَرِيئًا فَهُوَ بَاطِلٌ) لِأَنَّ الْيَمِينَ حَقُّ الْقَاضِي مَعَ طَلَبِ الْخَصْمِ وَلَا عِبْرَةَ بِالْيَمِينِ وَلَا نُكُولَ عِنْدَ غَيْرِ الْقَاضِي (فَلَوْ بَرْهَنَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى حَقِّهِ (يُقْبَلُ وَإِلَّا يُحَلِّفُهُ ثَانِيًا عِنْدَ قَاضٍ) بَزَّازِيَّةٌ
ــ
[رد المحتار]
شَمْسُ الْإِسْلَامِ فِيمَنْ قَالَ كَفَلَ كَفَالَةً صَحِيحَةً أَنَّهُ لَا يَصِحُّ كَالسَّلَمِ لِأَنَّهُ لَعَلَّهُ صَحِيحٌ فِي اعْتِقَادِهِ لَا عِنْدَ الْحَنَفِيِّ الْمُعْتَقِدِ عَدَمَهَا بِلَا قَبُولٍ، فَيَقُولُ كَفَلَ وَقِيلَ الْمَكْفُولُ لَهُ فِي الْمَجْلِسِ وَيَذْكُرُ فِي الْقَرْضِ وَأَقْرَضَهُ مَنْ نَالَ نَفْسَهُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا وَهُوَ سَفِيرٌ لَا يَمْلِكُ الطَّلَبَ وَيَذْكُرُ أَنَّهُ قَبَضَهُ وَصَرَفَهُ فِي حَوَائِجِهِ لِيَكُونَ دَيْنًا إجْمَاعًا لِأَنَّهُ عِنْدَ الثَّانِي مَوْقُوفٌ عَلَى صَرْفِهِ وَاسْتِهْلَاكِهِ بَزَّازِيَّةٌ مُلَخَّصًا.
(قَوْلُهُ فَبَرْهَنَ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تُقَامُ عَلَى مُقِرٍّ. قَالَ فِي الْبَحْرِ إلَّا فِي أَرْبَعٍ فَرَاجِعْهُ، وَفِيهِ لَوْ أَقَرَّ بَعْدَ الْبَيِّنَةِ يُقْضَى بِهِ لَا بِهَا، وَأَنَّهُ لَوْ سَكَتَ عَنْ الْجَوَابِ يُحْبَسُ إلَى أَنْ يُجِيبَ رَاجِعْهُ.
(قَوْلُهُ حَلَّفَهُ الْحَاكِمُ) وَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ بِيَمِينِهِ، لَكِنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ مَا لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى وَفْقِ دَعْوَاهُ، فَإِنْ وَجَدَهَا أَقَامَهَا وَقُضِيَ لَهُ بِهَا دُرَرٌ كَذَا فِي الْهَامِشِ.
(قَوْلُهُ فِي أَرْبَعٍ) فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي بِاَللَّهِ مَا رَضِيت بِالْعَيْبِ، وَالشَّفِيعُ بِاَللَّهِ مَا أَبْطَلْت شُفْعَتَك، وَالْمَرْأَةُ إذَا طَلَبَتْ فَرْضَ النَّفَقَةِ عَلَى زَوْجِهَا الْغَائِبِ تَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا خَلَفَ لَك زَوْجُك شَيْئًا وَلَا أَعْطَاك النَّفَقَةَ، وَالرَّابِعُ يَحْلِفُ الْمُسْتَحِقُّ بِاَللَّهِ مَا بَايَعْت ح كَذَا فِي الْهَامِشِ: وَفِيهِ: فَرْعٌ رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ كَانَ لِأَبِي عَلَيْك مِائَةُ دِينَارٍ وَقَدْ مَاتَ أَبِي قَبْلَ اسْتِيفَاءِ شَيْءٍ مِنْهَا وَصَارَتْ مِيرَاثًا لِي بِمَوْتِهِ وَطَالَبَهُ بِتَسْلِيمِ الْمِائَةِ دِينَارًا فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ كَانَ لِأَبِيك عَلَيَّ مِائَةُ دِينَارٍ إلَّا أَنَّنِي أَدَّيْت مِنْهَا ثَمَانِينَ دِينَارًا إلَى أَبِيك فِي حَيَاتِهِ وَقَدْ أَقَرَّ أَبُوك بِالْقَبْضِ بِبَلْدَةِ سَمَرْقَنْدَ فِي بَيْتِي فِي يَوْمِ كَذَا بِأَلْفَاظٍ فَارِسِيَّةٍ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَقَالَ الْمُدَّعِي لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنَّك مُبْطِلٌ فِي دَعْوَاك إقْرَارَ أَبِي بِقَبْضِ ثَمَانِينَ دِينَارًا مِنْك، لِمَا أَنَّ أَبِي كَانَ غَائِبًا عَنْ بَلْدَةِ سَمَرْقَنْدَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي ادَّعَيْت إقْرَارَهُ فِيهِ وَكَانَ بِبَلْدَةٍ كَبِيرَةٍ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً هَلْ تَنْدَفِعُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِبَيِّنَةِ الْمُدَّعِي؟ فَقِيلَ لَا إلَّا أَنْ تَكُونَ غَيْبَةُ أَبِي الْمُدَّعِي عَنْ سَمَرْقَنْدَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي شَهِدَ شُهُودُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى إقْرَارِهِ بِالِاسْتِيفَاءِ بِسَمَرْقَنْدَ وَكَوْنُهُ بِبَلْدَةٍ كَبِيرَةٍ ظَاهِرًا مُسْتَفِيضًا يَعْرِفُهُ كُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ وَكُلُّ عَالِمٍ وَجَاهِلٍ، فَحِينَئِذٍ الْقَاضِي يَدْفَعُ بِبَيِّنَتِهِ بَيِّنَةَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ مِنْ الْبَابِ التَّاسِعِ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَأَجْمَعُوا) الْأَنْسَبُ أَنْ يَقُولَ وَإِلَّا فِي دَعْوَى الدَّيْنِ عَلَى الْمَيِّتِ اتِّفَاقًا.
وَصُورَةُ التَّحْلِيفِ أَنْ يَقُولَ لَهُ الْقَاضِي: بِاَللَّهِ مَا اسْتَوْفَيْت مِنْ الدُّيُونِ وَلَا مِنْ أَحَدٍ أَدَّاهُ إلَيْك عَنْهُ وَلَا قَبَضَهُ لَك قَابِضٌ بِأَمْرِك وَلَا أَبْرَأْته مِنْهُ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ وَلَا أَحَلْت بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَحَدًا وَلَا عِنْدَك بِهِ وَلَا بِشَيْءٍ مِنْهُ رَهْنٌ، كَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ ح وَيَحْلِفُ، وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة وَقَدَّمَهُ الشَّارِحُ قُبَيْلَ بَابِ التَّحْكِيمِ مِنْ الْقَضَاءِ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ نُقِلَ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ. قَالَ فِي الْهَامِشِ: قَوْلُهُ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الْبَدَائِعِ: الْمُتَبَادَرُ أَنَّهُ رَاجِعٌ إلَى مَسْأَلَةِ السُّكُوتِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ رَاجِعٌ إلَى الْمَتْنِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَفِي الْمَجْمَعِ، وَلَوْ قَالَ لَا أُقِرُّ وَلَا أُنْكِرُ فَالْقَاضِي لَا يَسْتَحْلِفُهُ. قَالَ الشَّارِحُ: بَلْ يَحْبِسُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يُنْكِرَ. وَقَالَا يُسْتَحْلَفُ: وَفِي الْبَدَائِعِ أَنَّهُ إنْكَارٌ وَهُوَ تَصْحِيحٌ لِقَوْلِهِمَا كَمَا لَا يَخْفَى، فَإِنَّ الْأَشْبَهَ مِنْ أَلْفَاظِ التَّصْحِيحِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ ح