أَيْ مُسَافِرًا (فَ) يُلَازَمُ أَوْ يُكَفَّلُ (إلَى انْتِهَاءِ مَجْلِسِ الْقَاضِي) دَفْعًا لِلضَّرَرِ، حَتَّى لَوْ عَلِمَ وَقْتَ سَفَرِهِ يَكْفُلُهُ إلَيْهِ وَيَنْظُرُ فِي زِيِّهِ أَوْ يَسْتَخْبِرُ رُفَقَاءَهُ لَوْ أَنْكَرَ الْمُدَّعِي بَزَّازِيَّةٌ.
(قَالَ لَا بَيِّنَةَ لِي وَطَلَبَ يَمِينَهُ فَحَلَّفَهُ الْقَاضِي ثُمَّ بَرْهَنَ) عَلَى دَعْوَاهُ بَعْدَ الْيَمِينِ (قُبِلَ ذَلِكَ) الْبُرْهَانُ عِنْدَ الْإِمَامِ (مِنْهُ) وَكَذَا لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي كُلُّ بَيِّنَةٍ أَتَى بِهَا فَهِيَ شُهُودُ زُورٍ أَوْ قَالَ إذَا حَلَفْت فَأَنْتِ بَرِيءٌ مِنْ الْمَالِ فَحَلَفَ ثُمَّ بَرْهَنَ عَلَى الْحَقِّ قُبِلَ خَانِيَةٌ، وَبِهِ جَزَمَ فِي السِّرَاجِ كَمَا مَرَّ (وَقِيلَ لَا) يُقْبَلُ قَائِلُهُ مُحَمَّدٌ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ، وَعَكْسُهُ ابْنُ مَلَكٍ، وَكَذَا الْخِلَافُ لَوْ قَالَ لَا دَفْعَ لِي ثُمَّ أَتَى بِدَفْعٍ، أَوْ قَالَ الشَّاهِدُ: لَا شَهَادَةَ لِي ثُمَّ شَهِدَ. وَالْأَصَحُّ الْقَبُولُ لِجَوَازِ النِّسْيَانِ ثُمَّ التَّذَكُّرِ كَمَا فِي الدُّرَرِ، وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ. .
(ادَّعَى الْمَدْيُونُ الْإِيصَالَ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعِي) ذَلِكَ (وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ) عَلَى مُدَّعَاهُ (فَطَلَبَ يَمِينَهُ فَقَالَ الْمُدَّعِي اجْعَلْ حَقِّي فِي الْخَتْمِ ثُمَّ اسْتَحْلِفْنِي لَهُ ذَلِكَ) قُنْيَةٌ.
(وَالْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى) لِحَدِيثِ «مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ لِيَذَرْ» وَهُوَ قَوْلُ وَاَللَّهِ خِزَانَةٌ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ حَلَّفَهُ بِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ يَمِينًا، وَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا بَحْرٌ.
(لَا بِطَلَاقٍ وَعَتَاقٍ) وَإِنْ أَلَحَّ الْخَصْمُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى تَتَارْخَانِيَّةٌ، لِأَنَّ التَّحْلِيفَ بِهَا حَرَامٌ خَانِيَةٌ (وَقِيلَ إنْ مَسَّتْ الضَّرُورَةُ فُوِّضَ إلَى الْقَاضِي) اتِّبَاعًا لِلْبَعْضِ (فَلَوْ حَلَّفَهُ) الْقَاضِي (بِهِ فَنَكَلَ فَقَضَى عَلَيْهِ) بِالْمَالِ (لَمْ يَنْفُذْ) قَضَاؤُهُ (عَلَى) قَوْلِ (الْأَكْثَرِ) كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ، أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّحْلِيفِ بِهِمَا فَيُعْتَبَرُ نُكُولُهُ وَيُقْضَى بِهِ وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ بَحْرٌ، وَاعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ.
قُلْت: وَلَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا مَالَ عَلَيْهِ ثُمَّ بَرْهَنَ الْمُدَّعِي عَلَى الْمَالِ، إنْ شَهِدُوا عَلَى السَّبَبِ كَالْإِقْرَاضِ لَا يُفَرَّقُ، وَإِنْ شَهِدُوا عَلَى قِيَامِ الدَّيْنِ يُفَرَّقُ لِأَنَّ السَّبَبَ لَا يَسْتَلْزِمُ قِيَامَ الدَّيْنِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى قِيَامِ الْمَالِ لَا يَحْنَثُ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ، كَذَا فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ لِلشُّرُنْبُلَالِيِّ
ــ
[رد المحتار]
قَوْلُهُ أَيْ مُسَافِرًا) تَفْسِيرٌ مُرَادٌ.
(قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ عَلِمَ) بِأَنْ قَالَ أَخْرُجُ غَدًا مَثَلًا (قَوْلُهُ يَكْفُلُهُ) أَيْ إلَى وَقْتِ سَفَرِهِ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَحْلِفَ عِنْدَ غَيْرِ قَاضٍ إلَخْ، لَكِنْ هُنَاكَ الْيَمِينُ مِنْ الْمُدَّعِي وَكَمَا مَرَّ عِنْدَ قَوْلِهِ وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ لَوْ أَقَامَهَا بَعْدَ يَمِينٍ.
(قَوْلُهُ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعِي) أَيْ مُدَّعِي الدَّيْنِ. (قَوْلُهُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ) أَيْ لِمُدَّعِي الْإِيصَالِ. (قَوْلُهُ فَطَلَبَ يَمِينَهُ) أَيْ يَمِينَ الدَّائِنِ (قَوْلُهُ فَقَالَ الْمُدَّعِي) أَيْ مُدَّعِي الدَّيْنِ. (قَوْلُهُ اجْعَلْ حَقِّي فِي الْخَتْمِ) أَيْ الصَّكِّ، وَمَعْنَاهُ اُكْتُبْ لِي الصَّكَّ بِالْبَيِّنَةِ ثُمَّ اسْتَحْلِفْنِي مَدَنِيٌّ، أَوْ الْمُرَادُ إحْضَارُ نَفْسِ الْحَقِّ فِي شَيْءٍ مَخْتُومٍ وَهُوَ الْأَظْهَرُ. وَفِي حَاشِيَةِ الْفَتَّالِ عَنْ الْفَتَاوَى الْأَنْقِرَوِيَّةِ: يَعْنِي أَحْضِرْ حَقِّي ثُمَّ اسْتَحْلِفْنِي، وَمِثْلُهُ بِخَطٍّ لِلسَّائِحَانِيِّ، وَمِثْلُهُ فِي الْحَامِدِيَّةِ.
(قَوْلُهُ أَنَّهُ لَوْ حَلَّفَهُ بِغَيْرِهِ) كَالرَّحْمَنِ وَالرَّحِيمِ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ وَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا) فِيهِ أَنَّ قَوْلَهُمْ فِي التَّغْلِيظِ وَيَجْتَنِبُ الْعَطْفَ كَيْ لَا تَتَكَرَّرَ الْيَمِينُ كَمَا يَأْتِي، وَصَاحِبُ الْبَحْرِ نَفْسُهُ صَرَّحَ بِهِ، وَقَوْلُهُمْ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ: وَالْقَسَمُ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ كَالرَّحْمَنِ وَالرَّحِيمِ وَالْحَقِّ أَوْ بِصِفَةٍ يُحْلَفُ بِهَا مِنْ صِفَاتِهِ تَعَالَى كَعِزَّةِ اللَّهِ وَجَلَالِ اللَّهِ وَكِبْرِيَائِهِ وَعَظَمَتِهِ وَقُدْرَتِهِ يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ يَمِينًا اهـ شَيْخُنَا. وَالْعَجَبُ مِنْ صَاحِبِ الْمِنَحِ حَيْثُ نَقَلَهُ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ وَكَذَا الشَّارِحُ، ثُمَّ رَأَيْت مِثْلَ مَا قَدَّمْته مَنْقُولًا عَنْ الْمَقْدِسِيَّ وَكَتَبْته فِي هَامِشِ الْبَحْرِ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ) تَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِيمَا إذَا كَانَ جَاهِلًا بِعَدَمِ اعْتِبَارِ نُكُولِهِ فَإِذَا طَلَبَ حَلِفَهُ بِهِ رُبَّمَا يَمْتَنِعُ وَيُقِرُّ بِالْمُدَّعَى دُرَرُ الْبِحَارِ.
(قَوْلُهُ وَاعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ) لَكِنَّ عِبَارَةَ ابْنِ الْكَمَالِ: فَإِنْ أَلَحَّ الْخَصْمُ قِيلَ صَحَّ بِهِمَا فِي زَمَانِنَا لَكِنْ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ لِأَنَّهُ امْتَنَعَ عَمَّا هُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ شَرْعًا، وَلَوْ قُضِيَ عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ لَا يَنْفُذُ انْتَهَتْ، وَمِثْلُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ وَشَرْحِ دُرَرِ الْبِحَارِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْقَائِلَ بِالتَّحْلِيفِ بِهِمَا يَقُولُ إنَّهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ وَلَكِنْ يُعْرَضُ عَلَيْهِ لَعَلَّهُ يَمْتَنِعُ، فَإِنَّ مَنْ لَهُ أَدْنَى دِيَانَةٍ لَا يَحْلِفُ بِهِمَا كَاذِبًا فَإِنَّهُ يُؤَدِّي إلَى طَلَاقِ الزَّوْجَةِ وَعِتْقِ الْأَمَةِ أَوْ إمْسَاكِهِمَا بِالْحَرَامِ، بِخِلَافِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ يُتَسَاهَلُ بِهِ فِي زَمَانِنَا كَثِيرًا تَأَمَّلْ، وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ امْتَنَعَ عَمَّا هُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ شَرْعًا.