للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَقَطْ وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (لَا يَدَ لَهُمَا) وَإِنْ لَمْ يُوَقِّتَا فَقَدْ مَرَّ أَنَّ لِكُلٍّ نِصْفَهُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ (وَالشِّرَاءُ أَحَقُّ مِنْ هِبَةٍ وَصَدَقَةٍ) وَرَهْنٍ وَلَوْ مَعَ قَبْضٍ وَهَذَا (إنْ لَمْ يُؤَرِّخَا فَلَوْ أَرَّخَا وَاتَّحَدَ الْمُمَلَّكُ فَالْأَسْبَقُ أَحَقُّ) لِقُوَّتِهِ (وَلَوْ أَرَّخَتْ إحْدَاهُمَا فَقَطْ فَالْمُؤَرِّخَةُ أَوْلَى) ، وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمُمَلَّكُ اسْتَوَيَا وَهَذَا فِيمَا لَا يُقْسَمُ اتِّفَاقًا وَاخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ فِيمَا يُقْسَمُ كَالدَّارِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْكُلَّ لِمُدَّعِي الشِّرَاءِ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ مِنْ قَبِيلِ الشُّيُوعِ الْمُقَارِنِ لَا الطَّارِئِ هِبَةٌ الدُّرَرُ (وَالشِّرَاءُ وَالْمَهْرُ سَوَاءٌ) فَيُنَصَّفُ وَتَرْجِعُ هِيَ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ

ــ

[رد المحتار]

فِيهَا: لَا بُدَّ لِلْحُكَّامِ أَنْ لَا يُصْغُوا إلَى مِثْلِ هَذِهِ الدَّعَاوَى بَلْ يُعَزِّرُوا الْمُدَّعِيَ وَيَحْجِزُوهُ عَنْ التَّعَرُّضِ لِمِثْلِ ذَلِكَ الْغَمْرِ الْمُنْخَدِعِ، وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى صَاحِبُ تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ لِانْتِشَارِ ذَلِكَ فِي غَالِبِ الْقُرَى وَالْأَمْصَارِ. وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ فُرُوعٌ ذُكِرَتْ فِي بَابِ الدَّعْوَى تَتَعَلَّقُ بِاخْتِلَافِ حَالِ الْمُدَّعِي وَحَالِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَيَزِيدُ ذَلِكَ بَعْدَ شَهَادَةِ مَنْ بِعَشَائِهِ يَتَعَشَّى وَبِغَدَائِهِ يَتَغَدَّى فَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ - الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ - إنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ وَاَللَّهُ - تَعَالَى أَعْلَمُ فَتَاوَى خَيْرِيَّةٌ وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ فِي فَتَاوَاهُ بَعْدَ ذِكْرِ فَتْوَى أَبِي السُّعُودِ وَأَنَا أَقُولُ: إنْ كَانَ الرَّجُلُ مَعْرُوفًا بِالْفِسْقِ وَحُبِّ الْغِلْمَانِ وَالتَّحَيُّلِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَلَا يَلْتَفِتُ الْقَاضِي لَهَا، وَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالصَّلَاحِ وَالْفَلَاحِ فَلَهُ سَمَاعُهَا، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ

(قَوْلُهُ فَقَطْ) أَقُولُ: التَّارِيخُ فِي الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ لَا عِبْرَةَ بِهِ مِنْ طَرَفٍ وَاحِدٍ، بِخِلَافِهِ فِي الْمِلْكِ بِسَبَبٍ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ قَالَهُ شَيْخُ وَالِدِي مَدَنِيٌّ (قَوْلُهُ وَالشِّرَاءُ أَحَقُّ مِنْ هِبَةٍ) أَيْ لَوْ بَرْهَنَ خَارِجَانِ عَلَى ذِي يَدٍ أَحَدُهُمَا عَلَى الشِّرَاءِ مِنْهُ، وَالْآخَرُ عَلَى الْهِبَةِ مِنْهُ كَانَ الشِّرَاءُ أَوْلَى، لِأَنَّهُ أَقْوَى لِكَوْنِهِ مُعَاوَضَةً مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَلِأَنَّهُ يُثْبِتُ الْمِلْكَ بِنَفْسِهِ، وَالْمِلْكُ فِي الْهِبَةِ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبْضِ، فَلَوْ أَحَدُهُمَا ذَا يَدٍ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا يُقْضَى لِلْخَارِجِ أَوْ لِلْأَسْبَقِ تَارِيخًا وَإِنْ أَرَّخَتْ إحْدَاهُمَا فَلَا تَرْجِيحَ، وَلَوْ كُلٌّ مِنْهُمَا ذَا يَدٍ فَهُوَ لَهُمَا أَوْ لِلْأَسْبَقِ تَارِيخًا كَدَعْوَى مِلْكٍ مُطْلَقٍ وَأَطْلَقَ فِي الْهِبَةِ وَهِيَ مُقَيَّدَةٌ بِالتَّسْلِيمِ، وَبِأَنْ لَا تَكُونَ بِعِوَضٍ وَإِلَّا كَانَتْ بَيْعًا وَأَشَارَ إلَى اسْتِوَاءِ الصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ الْمَقْبُوضَتَيْنِ لِلِاسْتِوَاءِ فِي التَّبَرُّعِ، وَلَا تَرْجِيحَ لِلصَّدَقَةِ بِاللُّزُومِ، لِأَنَّهُ يَظْهَرُ فِي ثَانِي الْحَالِ، وَهُوَ عَدَمُ التَّمَكُّنِ مِنْ الرُّجُوعِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَالْهِبَةُ قَدْ تَكُونُ لَازِمَةً كَهِبَةِ مُحْرِمٍ، وَالصَّدَقَةُ قَدْ لَا تَلْزَمُ بِأَنْ كَانَتْ لِغِنًى اهـ مُلَخَّصًا مِنْ الْبَحْرِ وَفِيهِ: وَلَمْ أَرَ حُكْمَ الشِّرَاءِ الْفَاسِدِ مَعَ الْقَبْضِ وَالْهِبَةِ مَعَ الْقَبْضِ، فَإِنَّ الْمِلْكَ فِي كُلٍّ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْقَبْضِ وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الشِّرَاءِ لِلْمُعَاوَضَةِ وَرَدَّهُ الْمَقْدِسِيَّ بِأَنَّ الْأَوْلَى تَقْدِيمُ الْهِبَةِ لِكَوْنِهَا مَشْرُوعَةً (قَوْلُهُ وَلَوْ أَرَّخَتْ إحْدَاهُمَا) أَيْ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ (قَوْلُهُ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمُمَلَّكُ اسْتَوَيَا) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا خَصْمٌ عَنْ مُمَلَّكِهِ فِي إثْبَاتِ مِلْكِهِ، وَهُمَا فِيهِ سَوَاءٌ بِخِلَافِ مَا إذَا اتَّحَدَا لِاحْتِيَاجِهِمَا إلَى إثْبَاتِ السَّبَبِ وَفِيهِ يُقَدَّمُ الْأَقْوَى. وَفِي الْبَحْرِ لَوْ ادَّعَى الشِّرَاءَ مِنْ رَجُلٍ، وَآخَرُ الْهِبَةَ وَالْقَبْضَ مِنْ غَيْرِهِ، وَالثَّالِثُ الْمِيرَاثَ مِنْ أَبِيهِ، وَالرَّابِعُ الصَّدَقَةَ مِنْ آخَرَ قُضِيَ بَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا؛ لِأَنَّهُمْ يَتَلَقَّوْنَ الْمِلْكَ مِنْ مُمَلَّكِهِمْ، فَيُجْعَلُ كَأَنَّهُمْ حَضَرُوا وَأَقَامُوا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ اهـ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ اسْتِوَاؤُهُمَا فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَ الْمَلِكُ وَكَذَا لَوْ كَانَتْ الْعَيْنُ فِي أَيْدِيهِمَا وَلَمْ يَسْبِقْ تَارِيخُ أَحَدِهِمَا فَإِنَّهُمَا يَسْتَوِيَانِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ فِيمَا لَا يُقْسَمُ) كَالْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا قَالَهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ لِأَنَّ الشُّيُوعَ الطَّارِئَ لَا يُفْسِدُ الْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ وَيُفْسِدُ الرَّهْنَ اهـ وَأَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ وَصَدْرِ الشَّرِيعَةِ.

قَالَ الْمُصَنِّفُ نَقْلًا عَنْ الدُّرَرِ: عَدُّهُ صُورَةَ الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ أَمْثِلَةِ الشُّيُوعِ الطَّارِئِ غَيْرُ صَحِيحٍ وَالصَّحِيحُ مَا فِي الْكَافِي وَالْفُصُولَيْنِ فَإِنَّ الِاسْتِحْقَاقَ إذَا ظَهَرَ بِالْبَيِّنَةِ كَانَ مُسْتَنِدًا إلَى مَا قَبْلَ الْهِبَةِ فَيَكُونُ مُقَارِنًا لَهَا لَا طَارِئًا عَلَيْهَا اهـ أَيْ وَحَيْثُ كَانَ مِنْ قَبِيلِ الْمُقَارِنِ، وَهُوَ يُبْطِلُ الْهِبَةَ إجْمَاعًا يَنْفَرِدُ مُدَّعٍ لِلشِّرَاءِ بِالْبُرْهَانِ فَيَكُونُ أَوْلَى (قَوْلُهُ لَا الطَّارِئُ) لِأَنَّ الشُّيُوعَ الطَّارِئَ لَا يُفْسِدُ الْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ بِخِلَافِ الْمُقَارِنِ (قَوْلُهُ وَتَرْجِعُ هِيَ) أَيْ عَلَى الزَّوْجِ

<<  <  ج: ص:  >  >>