للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَأَرْكَانُهُ) أَرْبَعَةٌ شَخْصٌ (مُسْتَنْجٍ، وَ) شَيْءٌ (مُسْتَنْجًى بِهِ) كَمَاءٍ وَحَجَرٍ (وَ) نَجَسٌ (خَارِجٌ) مِنْ أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ، وَكَذَا لَوْ أَصَابَهُ مِنْ خَارِجٍ وَإِنْ قَامَ مِنْ مَوْضِعِهِ

ــ

[رد المحتار]

أَقُولُ: لَا شَكَّ أَنَّ غَسْلَ مَا عَلَى الْمَخْرَجِ فِي الْجَنَابَةِ يُسَمَّى إزَالَةَ نَجَسٍ عَنْ سَبِيلٍ، فَقَدْ صَدَقَ عَلَيْهِ تَعْرِيفُ الِاسْتِنْجَاءِ وَإِنْ كَانَ فَرْضًا. وَأَمَّا إذَا تَجَاوَزَتْ النَّجَاسَةُ مَخْرَجَهَا، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ غَسْلَ الْمُتَجَاوِزِ إذَا زَادَ عَلَى الدِّرْهَمِ، فَكَوْنُهُ تَسَامُحًا ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ التَّعْرِيفُ الْمَذْكُورُ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ غَسْلَ مَا عَلَى الْمَخْرَجِ عِنْدَ التَّجَاوُزِ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ الْآتِي فَلَا تَسَامُحَ، يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي الِاخْتِيَارِ مِنْ أَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ: اثْنَانِ وَاجِبَانِ:

أَحَدُهُمَا: غَسْلُ نَجَاسَةِ الْمَخْرَجِ فِي الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ كَيْ لَا تَشِيعَ فِي بَدَنِهِ.

وَالثَّانِي: إذَا تَجَاوَزَتْ مَخْرَجَهَا يَجِبُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَهُوَ الْأَحْوَطُ؛ لِأَنَّهُ يَزِيدُ عَلَى قَدْرِ الدِّرْهَمِ، وَعِنْدَهُمَا يَجِبُ إذَا جَاوَزَتْ قَدْرَ الدِّرْهَمِ؛ لِأَنَّ مَا عَلَى الْمَخْرَجِ سَقَطَ اعْتِبَارُهُ، وَالْمُعْتَبَرُ مَا وَرَاءَهُ.

وَالثَّالِثُ: سُنَّةٌ، وَهُوَ إذَا لَمْ تَتَجَاوَزْ النَّجَاسَةُ مَخْرَجَهَا.

وَالرَّابِعُ: مُسْتَحَبٌّ، وَهُوَ مَا إذَا بَالَ وَلَمْ يَتَغَوَّطْ فَيَغْسِلُ قُبُلَهُ. وَالْخَامِسُ: بِدْعَةٌ، وَهُوَ الِاسْتِنْجَاءُ مِنْ الرِّيحِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَأَرْكَانُهُ) قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِهِ وَلَمْ أُسْبَقْ إلَى بَيَانِهَا فِيمَا عَلِمْت اهـ وَفِيهِ تَسَامُحٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَرْبَعَةَ شُرُوطٌ لِلْوُجُودِ فِي الْخَارِجِ لَا أَرْكَانٌ، لِمَا فِي الْحِلْيَةِ: رُكْنُ الشَّيْءِ جَانِبُهُ الْأَقْوَى. وَفِي الِاصْطِلَاحِ: مَاهِيَّةُ الشَّيْءِ أَوْ جَزْءٌ مِنْهَا يَتَوَقَّفُ تَقَوُّمُهَا عَلَيْهِ، فَالشَّرْطُ وَالرُّكْنُ مُتَبَايِنَانِ، لِاعْتِبَارِ الْخُرُوجِ عَنْ مَاهِيَّةِ الْمَشْرُوطِ فِي مَاهِيَّةِ الشَّرْطِ؛ وَكَوْنِ الرُّكْنِ نَفْسَ الشَّيْءِ أَوْ جُزْأَهُ الدَّاخِلَ فِيهِ. اهـ. قَالَ ح: وَحَقِيقَةُ الِاسْتِنْجَاءِ الَّذِي هُوَ إزَالَةُ نَجَسٍ عَنْ سَبِيلٍ لَا تَتَقَوَّمُ وَلَا بِوَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ.

فَإِنْ قُلْت: قَدْ ذَكَرَ النَّجَسَ فِي التَّعْرِيفِ فَهُوَ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَاهِيَّةِ قُلْت: أَجْزَاءُ التَّعْرِيفِ الْإِزَالَةُ وَإِضَافَتُهَا إلَى النَّجَسِ لَا نَفْسُ النَّجَسِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي قَوْلِهِمْ: الْعَمَى عَدَمُ الْبَصَرِ، فَإِنَّ أَجْزَاءَ التَّعْرِيفِ الْعَدَمُ وَإِضَافَتُهُ إلَى الْبَصَرِ لَا نَفْسُ الْبَصَرِ، وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي قَوْلِهِ عَنْ سَبِيلٍ، فَإِنَّ جَزْءَ التَّعْرِيفِ الْإِزَالَةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالسَّبِيلِ لَا السَّبِيلُ، وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ تَكُونَ الذَّوَاتُ أَجْزَاءً مِنْ الْمَعْنَى، وَلَلَزِمَ أَنْ يُقَالَ: أَرْكَانُ التَّيَمُّمِ مُتَيَمِّمٌ، مُتَيَمَّمٌ بِهِ إلَخْ، وَكَذَا فِي الْوُضُوءِ وَغَيْرِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَنَجَسٌ خَارِجٌ إلَخْ) أَيْ: وَلَوْ غَيْرَ مُعْتَادٍ كَدَمٍ أَوْ قَيْحٍ خَرَجَ مِنْ أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ فَيَطْهُرُ بِالْحِجَارَةِ عَلَى الصَّحِيحِ زَيْلَعِيٌّ. وَقِيلَ: لَا يَطْهُرُ إلَّا بِالْمَاءِ وَبِهِ جَزَمَ فِي السِّرَاجِ نَهْرٌ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ أَصَابَهُ مِنْ خَارِجٍ) أَيْ: فَيَطْهُرُ بِالْحِجَارَةِ. وَقِيلَ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَطْهُرُ إلَّا بِالْغَسْلِ زَيْلَعِيٌّ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَقَدْ نَقَلُوا هَذَا التَّصْحِيحَ هُنَا بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ فَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ اهـ. قَالَ نُوحٌ أَفَنْدِي: وَيُوهَمُ أَنَّهُمْ نَقَلُوهُ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ بِهَا مَعَ أَنَّ شَارِحَ الْمَجْمَعِ وَالنُّقَايَةِ نَقَلَاهُ عَنْ الْقُنْيَةِ بِدُونِهَا اهـ.

أَقُولُ: يُؤَيِّدُهُ أَنَّ الِاكْتِفَاءَ بِالْحِجَارَةِ وَارِدٌ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ لِلضَّرُورَةِ، وَالضَّرُورَةُ فِيمَا يَكْثُرُ لَا فِيمَا يَنْدُرُ كَهَذِهِ الصُّورَةِ، ثُمَّ رَأَيْت مَا بَحَثْته فِي الْحِلْيَةِ حَيْثُ نَقَلَ مَا فِي الْقُنْيَةِ. ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ الْأَحْسَنُ؛ لِأَنَّ مَا وَرَدَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ يُقْتَصَرُ فِيهِ عَلَى الْوَارِدِ اهـ. لَكِنْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ زَادِ الْفَقِيرِ أَنَّ مَا نَقَلَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ الْقُنْيَةِ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِيهَا، وَأَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى وَمُخْتَارَاتِ النَّوَازِلِ أَنَّ الْأَصَحَّ طَهَارَتُهُ بِالْمَسْحِ، وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَامَ) أَيْ: الْمُسْتَنْجِي مِنْ مَوْضِعِهِ فَإِنَّهُ يَطْهُرُ بِالْحَجَرِ أَيْضًا قَالَ فِي السِّرَاجِ: قِيلَ إنَّمَا يُجْزِئُ الْحَجَرُ إذَا كَانَ الْغَائِطُ رَطْبًا لَمْ يَجِفَّ وَلَمْ يَقُمْ مِنْ مَوْضِعِهِ، أَمَّا إذَا قَامَ مِنْ مَوْضِعِهِ أَوْ جَفَّ الْغَائِطُ فَلَا يَجْزِيهِ إلَّا الْمَاءُ؛ لِأَنَّهُ بِقِيَامِهِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَنْجِيَ بِالْحَجَرِ يَزُولُ الْغَائِطُ عَنْ مَوْضِعِهِ وَيَتَجَاوَزُ مَخْرَجَهُ، وَبِجَفَافِهِ لَا يُزِيلُهُ الْحَجَرُ فَوَجَبَ الْمَاءُ فِيهِ. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>