للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى الْمُعْتَمَدِ (وَمَخْرَجٌ) دُبُرٌ أَوْ قُبُلٌ (بِنَحْوِ حَجَرٍ) مِمَّا هُوَ عَيْنٌ طَاهِرَةٌ قَالِعَةٌ لَا قِيمَةَ لَهَا كَمَدَرٍ (مُنَقٍّ) ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ، فَيَخْتَارُ الْأَبْلَغَ وَالْأَسْلَمَ عَنْ التَّلْوِيثِ، وَلَا يَتَقَيَّدُ بِإِقْبَالٍ وَإِدْبَارٍ شِتَاءً وَصَيْفًا (وَلَيْسَ الْعَدَدُ) ثَلَاثًا (بِمَسْنُونٍ فِيهِ) بَلْ مُسْتَحَبٌّ (وَالْغَسْلُ) بِالْمَاءِ إلَى أَنْ يَقَعَ فِي قَلْبِهِ

ــ

[رد المحتار]

أَقُولُ: وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ إنْ تَجَاوَزَ عَنْ مَوْضِعِهِ بِالْقِيَامِ أَكْثَرَ مِنْ الدِّرْهَمِ أَوْ جَفَّ بِحَيْثُ لَا يُزِيلُهُ الْحَجَرُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْمَاءِ إذَا أَرَادَ إزَالَتَهُ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ) كَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ جَزْمِهِ بِهِ فِي الْبَحْرِ، وَتَعْبِيرِ السِّرَاجِ عَنْ مُقَابِلِهِ بِقِيلَ. (قَوْلُهُ: مِمَّا هُوَ عَيْنٌ طَاهِرَةٌ إلَخْ) قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: السُّنَّةُ هُوَ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْأَشْيَاءِ الطَّاهِرَةِ مِنْ الْأَحْجَارِ وَالْأَمْدَادِ وَالتُّرَابِ وَالْخِرَقِ الْبَوَالِي اهـ. (قَوْلُهُ: لَا قِيمَةَ لَهَا) يُسْتَثْنَى مِنْهُ الْمَاءُ كَمَا فِي حَاشِيَةِ أَبِي السُّعُودِ. (قَوْلُهُ: كَمَدَرٍ) بِالتَّحْرِيكِ: قِطَعُ الطِّينِ الْيَابِسِ قَامُوسٌ وَمِثْلُهُ الْجِدَارُ إلَّا جِدَارَ غَيْرِهِ كَالْوَقْفِ وَنَحْوِهِ كَمَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْقَارِي، لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ هُنَا جَوَازَهُ بِالْجِدَارِ مُطْلَقًا، وَذَكَرَ فِي بَابِ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ أَنَّ لِلْمُسْتَأْجِرِ الِاسْتِنْجَاءَ بِالْحَائِطِ وَلَوْ الدَّارُ مُسَبَّلَةً. اهـ. قَالَ شَيْخُنَا: وَتَزُولُ الْمُخَالَفَةُ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَأْجِرًا أَبُو السُّعُودِ. مَطْلَبٌ إذَا دَخَلَ الْمُسْتَنْجِي فِي مَاءٍ قَلِيلٍ (قَوْلُهُ: مُنَقٍّ) بِتَشْدِيدِ الْقَافِ مَعَ فَتْحِ النُّونِ أَوْ تَخْفِيفِهَا مَعَ سُكُونِهَا مِنْ التَّنْقِيَةِ أَوْ الْإِنْقَاءِ: أَيْ: مُنَظِّفٍ غُرَرُ الْأَفْكَارِ. قَالَ فِي السِّرَاجِ: وَلَمْ يُرِدْ بِهِ حَقِيقَةَ الْإِنْقَاءِ بَلْ تَقْلِيلَ النَّجَاسَةِ اهـ وَلِذَا يَتَنَجَّسُ الْمَاءُ الْقَلِيلُ إذَا دَخَلَهُ الْمُسْتَنْجِي. وَلِقَائِلٍ مَنْعُهُ لِجَوَازِ اعْتِبَارِ الشَّرْعِ طَهَارَتَهُ بِالْمَسْحِ كَالنَّعْلِ وَقَدَّمْنَا حِكَايَةَ الرِّوَايَتَيْنِ فِي نَحْوِ الْمَنِيِّ إذَا فُرِكَ ثُمَّ أَصَابَهُ الْمَاءُ، وَأَنَّ الْمُخْتَارَ عَدَمُ عَوْدِهِ نَجِسًا وَقِيَاسُهُ أَنْ يَجْرِيَا أَيْضًا هُنَا، وَأَنْ لَا يَتَنَجَّسَ الْمَاءُ عَلَى الرَّاجِحِ. وَأَجْمَعَ الْمُتَأَخِّرُونَ عَلَى أَنْ لَا يَتَنَجَّسَ بِالْعَرَقِ، حَتَّى لَوْ سَالَ مِنْهُ وَأَصَابَ الثَّوْبَ أَوْ الْبَدَنَ أَكْثَرُ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ لَا يَمْنَعُ، وَيَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ الشَّرْعِ طَهَارَتَهُ بِالْحَجَرِ مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَصَحَّحَهُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى أَنْ يُسْتَنْجَى بِرَوْثٍ أَوْ عَظْمٍ، وَقَالَ: إنَّهُمَا لَا يُطَهِّرَانِ» اهـ مُلَخَّصًا مِنْ الْفَتْحِ، وَتَبِعَهُ فِي الْبَحْرِ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَهَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ لِمَا فِي الْكِتَابِ.

وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَهُوَ الْأَصَحُّ. وَنَقَلَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة اخْتِلَافَ التَّصْحِيحِ، لَكِنْ قَدَّمْنَا قُبَيْلَ بَحْثِ الدِّبَاغَةِ أَنَّ الْمَشْهُورَ فِي الْكُتُبِ تَصْحِيحُ النَّجَاسَةِ - وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ -. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ) أَيْ: لِأَنَّ الْإِنْقَاءَ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ الِاسْتِنْجَاءِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَقَيَّدُ إلَخْ) أَيْ: بِنَاءً عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الْإِنْقَاءُ، فَلَيْسَ لَهُ كَيْفِيَّةٌ خَاصَّةٌ، وَهَذَا عِنْدَ بَعْضِهِمْ. وَقِيلَ: كَيْفِيَّتُهُ فِي الْمَقْعَدَةِ فِي الصَّيْفِ لِلرَّجُلِ إدْبَارُ الْحَجَرِ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ وَإِقْبَالُ الثَّانِي، وَفِي الشِّتَاءِ بِالْعَكْسِ، وَهَكَذَا تَفْعَلُ الْمَرْأَةُ فِي الزَّمَانَيْنِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَهُ كَيْفِيَّاتٌ أُخَرُ فِي النَّظْمِ وَالظَّهِيرِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا، وَفِي الذَّكَرِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِشِمَالٍ وَيُمِرَّهُ عَلَى حَجَرٍ أَوْ جِدَارٍ أَوْ مَدَرٍ كَمَا فِي الزَّاهِدِيِّ. اهـ. قُهُسْتَانِيٌّ.

وَاخْتَارَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي الْمُجْتَبَى وَالْفَتْحِ وَالْبَحْرِ. وَقَالَ فِي الْحِلْيَةِ: إنَّهُ الْأَوْجَهُ. وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: وَلَمْ أَرَ لِمَشَايِخِنَا فِي حَقِّ الْقُبُلِ لِلْمَرْأَةِ كَيْفِيَّةً مُعَيَّنَةً فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالْأَحْجَارِ. اهـ. قُلْت: بَلْ صَرَّحَ فِي الْغَزْنَوِيَّةِ بِأَنَّهَا تَفْعَلُ كَمَا يَفْعَلُ الرَّجُلُ إلَّا فِي الِاسْتِبْرَاءِ فَإِنَّهَا لَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا، بَلْ كَمَا فَرَغَتْ مِنْ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ تَصْبِرُ سَاعَةً لَطِيفَةً ثُمَّ تَمْسَحُ قُبُلَهَا وَدُبُرَهَا بِالْأَحْجَارِ ثُمَّ تَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ اهـ. (قَوْلُهُ: بَلْ مُسْتَحَبٌّ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ نَفْيُ السُّنَّةِ الْمُؤَكَّدَةِ لَا أَصْلِهَا، لِمَا وَرَدَ مِنْ الْأَمْرِ بِالِاسْتِنْجَاءِ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، وَلَمْ نَقُلْ إنَّ الْأَمْرَ لِلْوُجُوبِ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ، فَمَنْ فَعَلَ فَحَسَنٌ، وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ» دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ.

فَحُمِلَ الْأَمْرُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ تَوْفِيقًا، وَتَمَامُ الْكَلَامِ فِي الْحِلْيَةِ وَشَرْحِ الْهِدَايَةِ لِلْعَيْنِيِّ. (قَوْلُهُ: وَالْغَسْلُ بِالْمَاءِ) أَيْ: الْمُطْلَقِ وَإِنْ صَحَّ عِنْدَنَا بِمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ كُلِّ مَائِعٍ طَاهِرٍ مُزِيلٍ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ بِلَا ضَرُورَةٍ كَمَا فِي الْحِلْيَةِ. (قَوْلُهُ: إلَى أَنْ يَقَعَ إلَخْ)

<<  <  ج: ص:  >  >>