للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّهُ طَهُرَ مَا لَمْ يَكُنْ مُوَسْوِسًا فَيُقَدَّرُ بِثَلَاثٍ كَمَا مَرَّ (بَعْدَهُ) أَيْ: الْحَجَرِ (بِلَا كَشْفِ عَوْرَةٍ) عِنْدَ أَحَدٍ، أَمَّا مَعَهُ فَيَتْرُكُهُ كَمَا مَرَّ؛ فَلَوْ كَشَفَ لَهُ صَارَ فَاسِقًا لَا لَوْ كَشَفَ لِاغْتِسَالٍ أَوْ تَغَوُّطٍ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ (سُنَّةٌ) مُطْلَقًا بِهِ يُفْتَى سِرَاجٌ

(وَيَجِبُ) أَيْ: يُفْرَضُ غَسْلُهُ (إنْ جَاوَزَ الْمَخْرَجَ نَجَسٌ) مَائِعٌ

ــ

[رد المحتار]

هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ. وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ الصَّبُّ ثَلَاثًا، وَقِيلَ: سَبْعًا، وَقِيلَ: عَشْرًا، وَقِيلَ: فِي الْإِحْلِيلِ ثَلَاثًا، وَفِي الْمَقْعَدَةِ خَمْسًا خُلَاصَةٌ. (قَوْلُهُ: فَيُقَدَّرُ بِثَلَاثٍ) وَقِيلَ: بِسَبْعٍ لِلْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِي وُلُوغِ الْكَلْبِ مِعْرَاجٌ عَنْ الْمَبْسُوطِ. (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ: فِي تَطْهِيرِ النَّجَاسَةِ الْغَيْرِ الْمَرْئِيَّةِ قَالَ فِي الْمِعْرَاجِ: لِأَنَّ الْبَوْلَ غَيْرُ مَرْئِيٍّ، وَالْغَائِطُ وَإِنْ كَانَ مَرْئِيًّا فَالْمُسْتَنْجِي لَا يَرَاهُ، فَكَانَ بِمَنْزِلَتِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ أَحَدٍ) أَيْ: مِمَّنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ جِمَاعُهُ وَلَوْ أَمَتَهُ الْمَجُوسِيَّةَ أَوْ الَّتِي زَوَّجَهَا لِلْغَيْرِ أَفَادَهُ ح. (قَوْلُهُ: أَمَّا مَعَهُ) أَيْ: مَعَ الْكَشْفِ الْمَذْكُورِ أَوْ مَعَ الْأَحَدِ. (قَوْلُهُ: فَيَتْرُكُهُ) أَيْ: الِاسْتِنْجَاءَ بِالْمَاءِ وَإِنْ تَجَاوَزَتْ الْمَخْرَجَ وَزَادَتْ عَلَى قَدْرِ الدِّرْهَمِ وَلَمْ يَجِدْ سَاتِرًا أَوْ لَمْ يَكُفُّوا بَصَرَهُمْ عَنْهُ بَعْدَ طَلَبِهِ مِنْهُمْ، فَحِينَئِذٍ يُقَلِّلُهَا بِنَحْوِ حَجَرٍ وَيُصَلِّي. وَهَلْ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ؟ الْأَشْبَهُ نَعَمْ، كَمَا إذَا مُنِعَ عَنْ الِاغْتِسَالِ بِصُنْعِ عَبْدٍ فَتَيَمَّمَ وَصَلَّى كَمَا مَرَّ، أَفَادَهُ فِي الْحِلْيَةِ، وَذَكَرْنَا خِلَافَهُ فِي بَحْثِ الْغُسْلِ فَرَاجِعْهُ.

(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ: قُبَيْلَ سُنَنِ الْغُسْلِ، حَيْثُ قَالَ: وَأَمَّا الِاسْتِنْجَاءُ فَيَتْرُكُهُ مُطْلَقًا اهـ أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى، بَيْنَ رِجَالٍ أَوْ نِسَاءٍ أَوْ خَنَاثَى، أَوْ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ، أَوْ رِجَالٍ وَخَنَاثَى، أَوْ نِسَاءٍ وَخَنَاثَى، أَوْ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ وَخَنَاثَى، فَهِيَ إحْدَى وَعِشْرُونَ صُورَةً. اهـ. ح. (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَشَفَ لَهُ إلَخْ) أَيْ: لِلِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ قَالَ نُوحٌ أَفَنْدِي: لِأَنَّ كَشْفَ الْعَوْرَةِ حَرَامٌ وَمُرْتَكِبُ الْحَرَامِ فَاسِقٌ، سَوَاءٌ تَجَاوَزَ النَّجَسُ الْمَخْرَجَ أَوْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُجَاوِزُ أَكْثَرَ مِنْ الدِّرْهَمِ أَوْ أَقَلَّ، وَمَنْ فَهِمَ غَيْرَ هَذَا فَقَدْ سَهَا لِمَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّ النَّهْيَ رَاجِعٌ عَلَى الْأَمْرِ.

(قَوْلُهُ: لَا لَوْ كَشَفَ إلَخْ) أَمَّا التَّغَوُّطُ فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ طَبِيعِيٌّ ضَرُورِيٌّ لَا انْفِكَاكَ عَنْهُ، وَأَمَّا الِاغْتِسَالُ فَقَدْ ذَكَرَهُ قُبَيْلَ سُنَنِ الْغُسْلِ، وَبَيَّنَّا هُنَاكَ أَنَّ الصُّوَرَ إحْدَى وَعِشْرُونَ لَا يُغْتَسَلُ فِيهَا إلَّا فِي صُورَتَيْنِ: وَهُمَا رَجُلٌ بَيْنَ رِجَالٍ وَامْرَأَةٌ بَيْنَ نِسَاءٍ، فَيَجِبُ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَيْهِمَا فَقَطْ اهـ ح أَيْ: لِأَنَّ نَظَرَ الْجِنْسِ إلَى الْجِنْسِ أَخَفُّ وَقَدْ نَقَلَ فِي الْبَحْرِ لُزُومَ الِاغْتِسَالِ فِي الصُّورَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ عَنْ شَرْحِ النُّقَايَةِ وَقَدَّمْنَا هُنَاكَ نَقْلَهُ عَنْ الْقُنْيَةِ وَأَنَّ شَارِحَ الْمُنْيَةِ قَالَ: إنَّهُ غَيْرُ مُسَلَّمٍ؛ لِأَنَّ تَرْكَ الْمَنْهِيِّ مُقَدَّمٌ عَلَى فِعْلِ الْمَأْمُورِ وَلِلْغُسْلِ خَلَفٌ وَهُوَ التَّيَمُّمُ. وَقَدْ مَرَّ تَمَامُهُ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: سُنَّةٌ مُطْلَقًا) أَيْ: فِي زَمَانِنَا وَزَمَانِ الصَّحَابَةِ « {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: ١٠٨] قِيلَ: لَمَّا نَزَلَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَا أَهْلَ قُبَاءَ إنَّ اللَّهَ أَثْنَى عَلَيْكُمْ فَمَاذَا تَصْنَعُونَ عِنْدَ الْغَائِطِ؟ قَالُوا: نُتْبِعُ الْغَائِطَ الْأَحْجَارَ ثُمَّ نُتْبِعُ الْأَحْجَارَ الْمَاءَ» فَكَانَ الْجَمْعُ سُنَّةً عَلَى الْإِطْلَاقِ فِي كُلِّ زَمَانٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.

وَقِيلَ: ذَلِكَ فِي زَمَانِنَا؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَبْعَرُونَ اهـ إمْدَادٌ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْمَاءِ وَالْحَجَرِ أَفْضَلُ، وَيَلِيهِ فِي الْفَضْلِ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْمَاءِ، وَيَلِيهِ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْحَجَرِ وَتَحْصُلُ السُّنَّةُ بِالْكُلِّ وَإِنْ تَفَاوَتَ الْفَضْلُ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْإِمْدَادِ وَغَيْرِهِ

(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ أَيْ: يُفْرَضُ غَسْلُهُ) أَعَادَ الضَّمِيرَ عَلَى الْغَسْلِ دُونَ الِاسْتِنْجَاءِ؛ لِأَنَّ غَسْلَ مَا عَدَا الْمَخْرَجَ لَا يُسَمَّى اسْتِنْجَاءً، وَفُسِّرَ الْوُجُوبُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُجَاوَزَةِ مَا زَادَ مِنْ الدِّرْهَمِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ، وَلِقَوْلِهِ فِي الْمُجْتَبَى " لَا يَجِبُ الْغَسْلُ بِالْمَاءِ إلَّا إذَا تَجَاوَزَ مَا عَلَى نَفْسِ الْمَخْرَجِ وَمَا حَوْلَهُ مِنْ مَوْضِعِ الشَّرْجِ وَكَانَ الْمُجَاوِزُ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ ". اهـ. وَلِذَا قَيَّدَ الشَّارِحُ النَّجَسَ بِقَوْلِهِ مَائِعٌ. وَالشَّرَجُ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْجِيمِ: مَجْمَعُ حَلَقَةِ الدُّبُرِ الَّذِي يَنْطَبِقُ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ. (قَوْلُهُ: إنْ جَاوَزَ الْمَخْرَجَ) يَشْمَلُ الْإِحْلِيلَ، فَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَإِذَا أَصَابَ طَرَفَ الْإِحْلِيلِ مِنْ الْبَوْلِ أَكْثَرُ مِنْ الدِّرْهَمِ يَجِبُ غَسْلُهُ هُوَ الصَّحِيحُ. وَلَوْ مَسَحَهُ بِالْمَدَرِ، قِيلَ يُجْزِئُهُ قِيَاسًا عَلَى الْمَقْعَدَةِ، وَقِيلَ: لَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>