للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(عِنْدِي أَوْ مَعِي أَوْ فِي بَيْتِي أَوْ) فِي (كِيسِي أَوْ) فِي (صُنْدُوقِي) إقْرَارًا بِالْأَمَانَةِ عَمَلًا بِالْعُرْفِ (جَمِيعُ مَالِي أَوْ مَا أَمْلِكُهُ لَهُ) أَوْ لَهُ مِنْ مَالِي أَوْ مِنْ دَرَاهِمِي كَذَا فَهُوَ (هِبَةٌ لَا إقْرَارٌ) وَلَوْ عَبَّرَ بِفِي مَالِي أَوْ بِفِي دَرَاهِمِي كَانَ إقْرَارًا بِالشَّرِكَةِ (فَلَا بُدَّ) لِصِحَّةِ الْهِبَةِ (مِنْ التَّسْلِيمِ) بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ. وَالْأَصْلُ أَنَّهُ مَتَى أَضَافَ الْمُقَرَّ بِهِ إلَى مِلْكِهِ كَانَ هِبَةً وَلَا يَرِدُ مَا فِي بَيْتِي لِأَنَّهَا إضَافَةُ نِسْبَةٍ لَا مِلْكٍ، وَلَا الْأَرْضُ الَّتِي حُدُودُهَا كَذَا لِطِفْلِي فُلَانٍ فَإِنَّهُ هِبَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ، لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ، فَيُشْتَرَطُ قَبْضُهُ -

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ: عِنْدِي أَوْ مَعِي) كَأَنَّهُ فِي عُرْفِهِمْ كَذَلِكَ أَمَّا الْعُرْفُ الْيَوْمَ فِي عِنْدِي وَمَعِي لِلدَّيْنِ لَكِنْ ذَكَرُوا عِلَّةً أُخْرَى تُفِيدُ عَدَمَ اعْتِبَارِ عُرْفِنَا. قَالَ السَّائِحَانِيُّ نَقْلًا عَنْ الْمَقْدِسِيَّ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَوَاضِعَ مَحَلُّ الْعَيْنِ لَا الدَّيْنِ؛ إذْ مَحَلُّهُ الذِّمَّةُ، وَالْعَيْنُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مَضْمُونَةً وَأَمَانَةً وَالْأَمَانَةُ أَدْنَى، فَحُمِلَ عَلَيْهَا وَالْعُرْفُ يَشْهَدُ لَهُ أَيْضًا فَإِنْ قِيلَ: لَوْ قَالَ عَلَيَّ مِائَةٌ وَدِيعَةُ دَيْنٍ أَوْ دَيْنُ وَدِيعَةٍ لَا تَثْبُتُ الْأَمَانَةُ مَعَ أَنَّهَا أَقَلُّهُمَا، أُجِيبَ: بِأَنَّ أَحَدَ اللَّفْظَيْنِ إذَا كَانَ لِلْأَمَانَةِ، وَالْآخَرُ لِلدَّيْنِ، فَإِذَا اجْتَمَعَا فِي الْإِقْرَارِ يَتَرَجَّحُ الدَّيْنُ اهـ أَيْ بِخِلَافِ اللَّفْظِ الْوَاحِدِ الْمُحْتَمِلِ لِمَعْنَيَيْنِ (قَوْلُهُ بِالشَّرِكَةِ) قَالَ الْمَقْدِسِيَّ ثُمَّ إنْ كَانَ مُتَمَيِّزًا فَوَدِيعَةٌ وَإِلَّا فَشَرِكَةٌ سَائِحَانِيٌّ، فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ أَوْ الْوَدِيعَةِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ) فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ إقْرَارًا لَا يَحْتَاجُ إلَى التَّسْلِيمِ (قَوْلُهُ: مَتَى أَضَافَ) يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَأْتِ بِلَفْظِ فِي كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: الْمُقَرَّ بِهِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ (قَوْلُهُ كَانَ هِبَةً) لِأَنَّ قَضِيَّةَ الْإِضَافَةِ تُنَافِي حَمْلَهُ عَلَى الْإِقْرَارِ الَّذِي هُوَ إخْبَارٌ لَا إنْشَاءٌ، فَيُجْعَلُ إنْشَاءً فَيَكُونُ هِبَةً فَيُشْتَرَطُ فِيهِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الْهِبَةِ مِنَحٌ إذَا قَالَ: اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ أَوْصَيْتُ لِفُلَانٍ بِأَلْفٍ، وَأَوْصَيْت أَنَّ لِفُلَانِ فِي مَالِي أَلْفًا فَالْأُولَى وَصِيَّةٌ، وَالْأُخْرَى إقْرَارٌ.

وَفِي الْأَصْلِ: إذَا قَالَ فِي وَصِيَّتِهِ سُدُسُ دَارِي لِفُلَانٍ فَهُوَ وَصِيَّةٌ، وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ سُدُسٌ فِي دَارِي فَإِقْرَارٌ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ جَعَلَ لَهُ سُدُسَ دَارٍ جَمِيعًا مُضَافٌ إلَى نَفْسِهِ وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ بِقَصْدِ التَّمْلِيكِ، وَفِي الثَّانِي: جَعَلَ دَارَ نَفْسِهِ ظَرْفًا لِلسُّدُسِ الَّذِي كَانَ لِفُلَانٍ وَإِنَّمَا تَكُونُ دَارُهُ ظَرْفًا لِذَلِكَ السُّدُسِ إذَا كَانَ السُّدُسُ مَمْلُوكًا لِفُلَانٍ قَبْلَ ذَلِكَ فَيَكُونُ إقْرَارًا. أَمَّا لَوْ كَانَ إنْشَاءً لَا يَكُونُ ظَرْفًا لِأَنَّ الدَّارَ كُلَّهَا لَهُ، فَلَا يَكُونُ الْبَعْضُ ظَرْفًا لِلْبَعْضِ، وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ لَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِي فَهُوَ وَصِيَّةٌ اسْتِحْسَانًا إذَا كَانَ فِي ذِكْرِ الْوَصِيَّةِ وَإِنْ قَالَ: فِي مَالِي فَهُوَ إقْرَارٌ اهـ. مِنْ النِّهَايَةِ أَوَّلَ كِتَابِ الْوَصِيَّةِ، فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَهُوَ هِبَةٌ أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي ذِكْرِ الْوَصِيَّةِ، وَفِي هَذَا الْأَصْلِ خِلَافٌ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمِنَحِ وَسَيَأْتِي فِي مُتَفَرِّقَاتِ الْهِبَةِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا الدَّيْنُ الَّذِي لِي عَلَى فُلَانٍ لِفُلَانٍ أَنَّهُ إقْرَارٌ وَاسْتَشْكَلَهُ الشَّارِحُ هُنَاكَ وَأَوْضَحْنَاهُ ثَمَّةَ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَرِدُ) أَيْ عَلَى مَنْطُوقِ الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ وَقَوْلُهُ وَلَا الْأَرْضُ: أَيْ لَا يَرِدُ عَلَى مَفْهُومِهِ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُضِفْهُ كَانَ إقْرَارًا، وَقَوْلُهُ لِلْإِضَافَةِ تَقْدِيرًا عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَلَا الْأَرْضُ (قَوْلُهُ مَا فِي بَيْتِي) وَكَذَا مَا فِي مَنْزِلِي وَيَدْخُلُ فِيهِ الدَّوَابُّ الَّتِي يَبْعَثُهَا بِالنَّهَارِ لِلْمُسَاوَمِ إلَيْهِ بِاللَّيْلِ وَكَذَا الْعَبِيدُ كَذَلِكَ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة أَيْ فَإِنَّهُ إقْرَارٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا إضَافَةُ) أَيْ فَإِنَّهُ أَضَافَ الظَّرْفَ لَا الْمَظْرُوفَ الْمُقَرَّ بِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا الْأَرْضُ) لَا وُرُودَ لَهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ؛ إذْ الْإِضَافَةُ فِيهَا إلَى مِلْكِهِ. نَعَمْ نَقَلَهَا فِي الْمِنَحِ عَنْ الْخَانِيَّةِ عَلَى أَنَّهَا تَمْلِيكٌ. ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الْمُنْتَقَى نَظِيرَتُهَا عَلَى أَنَّهَا إقْرَارٌ، وَكَذَا نُقِلَ عَنْ الْقُنْيَةِ مَا يُفِيدُ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: إقْرَارُ الْأَبِ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ بِعَيْنٍ مِنْ مَالِهِ تَمْلِيكٌ إنْ أَضَافَهُ إلَى نَفْسِهِ فِي الْإِقْرَارِ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَإِقْرَارٌ كَمَا فِي: سُدُسُ دَارِي وَسُدُسُ هَذِهِ الدَّارِ، ثُمَّ نُقِلَ عَنْهَا مَا يُخَالِفُهُ.

ثُمَّ قَالَ قُلْت: بَعْضُ هَذِهِ الْفُرُوعِ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْإِضَافَةِ وَعَدَمِهَا فَيُفِيدُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا، وَمَسْأَلَةُ الِابْنِ الصَّغِيرِ يَصِحُّ فِيهَا الْهِبَةُ بِدُونِ الْقَبْضِ: لِأَنَّ كَوْنَهُ فِي يَدِهِ قَبْضٌ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِقْرَارِ وَالتَّمْلِيكِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ، وَلَوْ كَانَ فِي مَسْأَلَةِ الصَّغِيرِ شَيْءٌ مِمَّا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ ظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِقْرَارِ وَالتَّمْلِيكِ فِي حَقِّهِ أَيْضًا لِافْتِقَارِهِ إلَى الْقَبْضِ مُفْرَزًا اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>