لِرُجُوعِ الضَّمِيرِ إلَيْهَا فِي كُلِّ ذَلِكَ عَزْمِي زَادَهُ، فَكَانَ جَوَابًا، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِهْزَاءِ، فَإِنْ كَانَ وَشَهِدَ الشُّهُودُ بِذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ: أَمَّا لَوْ ادَّعَى الِاسْتِهْزَاءَ لَمْ يُصَدَّقْ (وَبِلَا ضَمِيرٍ) مِثْلُ اتَّزَنَ إلَخْ وَكَذَا نَتَحَاسَبُ أَوْ مَا اسْتَقْرَضْتُ مِنْ أَحَدٍ سِوَاكَ أَوْ غَيْرِكَ أَوْ قَبْلَك أَوْ بَعْدَك (لَا) يَكُونُ إقْرَارًا لِعَدَمِ انْصِرَافِهِ إلَى الْمَذْكُورِ فَكَانَ كَلَامًا مُبْتَدَأً، وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَا يَصْلُحُ جَوَابًا لَا ابْتِدَاءً يُجْعَلُ جَوَابًا، وَمَا يَصْلُحُ لِلِابْتِدَاءِ لَا لِلْبِنَاءِ أَوْ يَصْلُحُ لَهُمَا يُجْعَلُ ابْتِدَاءً لِئَلَّا يَلْزَمَهُ الْمَالُ بِالشَّكِّ اخْتِيَارٌ وَهَذَا إذَا كَانَ الْجَوَابُ مُسْتَقِلًّا فَلَوْ غَيْرَ مُسْتَقِلٍّ كَقَوْلِهِ: نَعَمْ كَانَ إقْرَارًا مُطْلَقًا حَتَّى لَوْ قَالَ أَعْطِنِي ثَوْبَ عَبْدِي هَذَا، أَوْ افْتَحْ لِي بَابَ دَارِي هَذِهِ أَوْ جَصِّصْ لِي دَارِي هَذِهِ أَوْ أَسْرِجْ دَابَّتِي هَذِهِ أَوْ أَعْطِنِي سَرْجَهَا أَوْ لِجَامَهَا فَقَالَ نَعَمْ كَانَ إقْرَارًا مِنْهُ بِالْعَبْدِ وَالدَّارِ وَالدَّابَّةِ كَافِي
(قَالَ أَلَيْسَ لِي عَلَيْك أَلْفٌ فَقَالَ بَلَى فَهُوَ إقْرَارٌ لَهُ بِهَا وَإِنْ قَالَ نَعَمْ لَا) وَقِيلَ نَعَمْ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ يُحْمَلُ عَلَى الْعُرْفِ لَا عَلَى دَقَائِقِ الْعَرَبِيَّةِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ بَلَى جَوَابُ الِاسْتِفْهَامِ الْمَنْفِيِّ بِالْإِثْبَاتِ وَنَعَمْ جَوَابُهُ بِالنَّفْيِ (وَالْإِيمَاءُ بِالرَّأْسِ) مِنْ النَّاطِقِ (لَيْسَ بِإِقْرَارٍ بِمَالٍ وَعِتْقٍ وَطَلَاقٍ وَبَيْعٍ وَنِكَاحٍ وَإِجَارَةٍ وَهِبَةٍ بِخِلَافِ إفْتَاءٍ وَنَسَبٍ وَإِسْلَامٍ وَكُفْرٍ) وَأَمَانِ كَافِرٍ وَإِشَارَةِ مُحْرِمٍ لِصَيْدٍ وَالشَّيْخِ بِرَأْسِهِ فِي رِوَايَةِ الْحَدِيثِ وَالطَّلَاقِ فِي أَنْتِ طَالِقٌ هَكَذَا، وَأَشَارَ بِثَلَاثٍ إشَارَةً الْأَشْبَاهُ وَيُزَادُ الْيَمِينُ كَحَلِفِهِ لَا يَسْتَخْدِمُ فُلَانًا أَوْ لَا يُظْهِرُ سِرَّهُ أَوْ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَأَشَارَ حَنِثَ عِمَادِيَّةٌ فَتَحَرَّرَ بُطْلَانُ إشَارَةِ النَّاطِقِ إلَّا فِي تِسْعٍ فَلْيُحْفَظْ
(وَإِنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ وَادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ حُلُولَهُ) لَزِمَهُ الدَّيْنُ (حَالًّا) وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مُؤَجَّلًا بِيَمِينِهِ (كَإِقْرَارِهِ بِعَبْدٍ فِي يَدِهِ أَنَّهُ لِرَجُلٍ وَأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ مِنْهُ) فَلَا يُصَدَّقُ فِي تَأْجِيلِ إجَارَةٍ لِأَنَّهُ دَعْوَى بِلَا حُجَّةٍ (وَ) حِينَئِذٍ (يُسْتَحْلَفُ الْمُقَرُّ لَهُ فِيهِمَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ بِالدَّرَاهِمِ السُّودِ فَكَذَّبَهُ فِي صِفَتِهَا) حَيْثُ (يَلْزَمُهُ مَا أَقَرَّ فَقَطْ) لِأَنَّ السُّودَ نَوْعٌ، وَالْأَجَلُ عَارِضٌ لِثُبُوتِهِ بِالشَّرْطِ وَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ فِي النَّوْعِ وَلِلْمُنْكِرِ فِي الْعَوَارِضِ (كَإِقْرَارِ الْكَفِيلِ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ) فَإِنَّ الْقَوْلَ لَهُ فِي الْأَجَلِ لِثُبُوتِهِ فِي كَفَالَةِ الْمُؤَجَّلِ بِلَا شَرْطٍ (وَشِرَاؤُهُ) أَمَةً -
ــ
[رد المحتار]
جَعَلَهُ إقْرَارًا سَائِحَانِيٌّ وَفِي الْعَيْنِيِّ عَنْ الْكَافِي زِيَادَةٌ، وَنَقَلَهُ الْفَتَّالُ وَذَكَرَ فِي الْمِنَحِ جُمْلَةً مِنْهَا فَرَاجِعْهَا (قَوْلُهُ لِرُجُوعِ الضَّمِيرِ إلَيْهَا) فَكَأَنَّهُ قَالَ أَتَزِنُ الْأَلْفَ الَّتِي لَك عَلَيَّ (قَوْلُهُ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِهْزَاءِ) أَيْ بِالْقَرَائِنِ (قَوْلُهُ إلَى الْمَذْكُورِ) أَيْ انْصِرَافًا مُتَعَيِّنًا، وَإِلَّا فَهُوَ مُحْتَمَلٌ (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَا يَصْلُحُ إلَخْ) كَالْأَلْفَاظِ الْمَارَّةِ، وَعِبَارَةُ الْكَافِي بَعْدَ هَذَا كَمَا فِي الْمِنَحِ فَإِنْ ذَكَرَ الضَّمِيرَ صَلُحَ جَوَابًا لَا ابْتِدَاءً، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ لَا يَصْلُحُ جَوَابًا أَوْ يَصْلُحُ جَوَابًا وَابْتِدَاءً فَلَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالشَّكِّ (قَوْلُهُ جَوَابًا) وَمِنْهُ مَا إذَا تَقَاضَاهُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَقَالَ قَضَيْتُكَهَا أَوْ أَبْرَأْتَنِي (قَوْلُهُ لَا لِلْبِنَاءِ) أَيْ عَلَى كَلَامٍ سَابِقٍ بِأَنْ يَكُونَ جَوَابًا عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ التَّفْصِيلُ بَيْنَ ذِكْرِ الضَّمِيرِ وَعَدَمِهِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِمَّا نَقَلْنَاهُ قَبْلُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ ذِكْرُ الضَّمِيرِ كَقَوْلِهِ نَعَمْ هُوَ عَلَيَّ أَوْ لَمْ يَذْكُرْهُ كَمَا مُثِّلَ
(قَوْلُهُ: لَا يَسْتَخْدِمُ فُلَانًا) أَيْ فَأَشَارَ إلَى خِدْمَتِهِ كَذَا فِي الْهَامِشِ وَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ (قَوْلُهُ إلَّا فِي تِسْعٍ) يَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ تَعْدِيلُ الشَّاهِدِ مِنْ الْعَالِمِ بِالْإِشَارَةِ فَإِنَّهَا تَكْفِي كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي الشَّهَادَاتِ فَتَّالٌ.
[فَرْعٌ ذَكَرَهُ فِي الْهَامِشِ]
ادَّعَى بَعْضُ الْوَرَثَةِ بَعْدَ الِاقْتِسَامِ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ يُقْبَلُ، وَلَا يَكُونُ الِاقْتِسَامُ إبْرَاءً عَنْ الدَّيْنِ لِأَنَّ حَقَّهُ غَيْرُ مُتَعَلِّقٍ بِالْغَيْرِ، فَلَمْ يَكُنْ الرِّضَا بِالْقِسْمَةِ إقْرَارًا بِعَدَمِ التَّعَلُّقِ، بِخِلَافِ مَا إذَا ادَّعَى بَعْدَ الْقِسْمَةِ عَيْنًا مِنْ أَعْيَانِ التَّرِكَةِ حَيْثُ لَا تُسْمَعُ، لِأَنَّ حَقَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ صُورَةً وَمَعْنًى فَانْتَظَمَتْ الْقِسْمَةُ بِانْقِطَاعِ حَقِّهِ عَنْ التَّرِكَةِ صُورَةً وَمَعْنًى؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ تَسْتَدْعِي عَدَمَ اخْتِصَاصِهِ بِهِ بَزَّازِيَّةٌ اهـ.
(قَوْلُهُ بِلَا شَرْطٍ) فَالْأَجَلُ فِيهَا نَوْعٌ فَكَانَتْ الْكَفَالَةُ الْمُؤَجَّلَةُ أَحَدَ نَوْعَيْ الْكَفَالَةِ، فَيُصَدَّقُ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِأَحَدِ النَّوْعَيْنِ لَا يُجْعَلُ إقْرَارًا بِالنَّوْعِ الْآخَرِ غَايَةُ الْبَيَانِ وَقَدْ مَرَّتْ الْمَسْأَلَةُ فِي الْكَفَالَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ لَك مِائَةُ دِرْهَمٍ إلَى شَهْرٍ (قَوْلُهُ وَشِرَاؤُهُ أَمَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute