(مُتَنَقِّبَةً إقْرَارٌ بِالْمِلْكِ لِلْبَائِعِ كَثَوْبٍ فِي جِرَابٍ كَذَا الِاسْتِيَامُ وَالِاسْتِيدَاعُ) وَقَبُولُ الْوَدِيعَةِ بَحْرٌ (وَالْإِعَارَةُ وَالِاسْتِيهَابُ وَالِاسْتِئْجَارُ وَلَوْ مِنْ وَكِيلٍ) فَكُلُّ ذَلِكَ إقْرَارٌ بِمِلْكِ ذِي الْيَدِ فَيُمْنَعُ دَعْوَاهُ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ بِوَكَالَةٍ أَوْ وِصَايَةٍ لِلتَّنَاقُضِ بِخِلَافِ إبْرَائِهِ عَنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى ثُمَّ الدَّعْوَى بِهِمَا لِعَدَمِ التَّنَاقُضِ ذَكَرَهُ فِي الدُّرَرِ قُبَيْلَ الْإِقْرَارِ وَصَحَّحَهُ فِي الْجَامِعِ خِلَافًا -
ــ
[رد المحتار]
مُتَنَقِّبَةً إلَخْ) وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ عَلَّلَ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ: وَالضَّابِطُ أَنَّ الشَّيْءَ إنْ كَانَ مِمَّا يُعْرَفُ وَقْتَ الْمُسَاوَمَةِ كَالْجَارِيَةِ الْقَائِمَةِ الْمُتَنَقِّبَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ لَا يُقْبَلُ إلَّا إذَا صَدَّقَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي عَدَمِ مَعْرِفَتِهِ إيَّاهَا فَيُقْبَلُ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعْرَفُ كَثَوْبٍ فِي مِنْدِيلٍ أَوْ جَارِيَةٍ قَاعِدَةٍ عَلَى رَأْسِهَا غِطَاءٌ لَا يُرَى مِنْهَا شَيْءٌ يُقْبَلُ وَلِهَذَا اخْتَلَفَتْ أَقَاوِيلُ الْعُلَمَاءِ اهـ وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ الثَّوْبَ فِي الْجِرَابِ كَهُوَ فِي الْمِنْدِيلِ سَائِحَانِيٌّ (قَوْلُهُ: كَثَوْبٍ) أَيْ كَشِرَاءِ ثَوْبٍ فِي جِرَابٍ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الِاسْتِيَامُ) اُنْظُرْ جَامِعَ الْفُصُولَيْنِ، وَنُورَ الْعَيْنِ فِي الْفَصْلِ الْعَاشِرِ وَحَاشِيَةَ الْفَتَّالِ.
[فَرْعٌ ذَكَرَهُ فِي الْهَامِشِ]
رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: لِي عَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَالَ لَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنْ حَلَفْتَ أَنَّهَا مَالُك عَلَيَّ دَفَعْتُهَا إلَيْكَ، فَحَلَفَ الْمُدَّعِي، وَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّرَاهِمَ قَالُوا: إنْ أَدَّى الدَّرَاهِمَ بِحُكْمِ الشَّرْطِ الَّذِي شَرَطَ فَهُوَ بَاطِلٌ وَلِلدَّافِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْهُ لِأَنَّ الشَّرْطَ بَاطِلٌ خَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَالْإِعَارَةُ) الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ الِاسْتِعَارَةُ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي الْعَاشِرِ كَذَا فِي الْهَامِشِ. [فَرْعٌ]
فِي الْهَامِشِ: شَرَاهُ فَشَهِدَ رَجُلٌ عَلَى ذَلِكَ وَخَتَمَ، فَهُوَ لَيْسَ بِتَسْلِيمٍ يُرِيدُ بِهِ أَنَّهُ إذَا شَهِدَ بِالشِّرَاءِ أَيْ كَتَبَ الشَّهَادَةَ فِي صَكِّ الشَّهَادَةِ، وَخَتَمَ عَلَى صَكِّ الشَّهَادَةِ ثُمَّ ادَّعَاهُ صَحَّ دَعْوَاهُ، وَلَمْ تَكُنْ كِتَابَةُ الشَّهَادَةِ إقْرَارًا بِأَنَّهُ لِلْبَائِعِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَبِيعُ مَالَ غَيْرِهِ كَمَالِ نَفْسِهِ، وَالشَّهَادَةُ بِالْبَيْعِ لَا تَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ فِي الرَّابِعَ عَشَرَ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ فِي الدُّرَرِ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ إلَى الْمَذْكُورِ مَتْنًا مِنْ قَوْلِهِ وَكَذَا إلَخْ سِوَى الْإِجَارَةِ، وَإِلَى الْمَذْكُورِ شَرْحًا فَجَمِيعُ ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِيهَا، وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ وَصَحَّحَهُ فِي الْجَامِعِ إلَخْ رَاجِعٌ إلَى مَا فِي الْمَتْنِ فَقَطْ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي الْمِنَحِ، وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِكَوْنِهِ إقْرَارًا مُنْلَا خُسْرو. وَفِي النَّظْمِ الْوَهْبَانِيِّ لِعَبْدِ الْبَرِّ خِلَافُهُ.
ثُمَّ قَالَ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ رِوَايَةَ الْجَامِعِ أَنَّ الِاسْتِيَامَ وَالِاسْتِئْجَارَ وَالِاسْتِعَارَةَ وَنَحْوَهَا إقْرَارٌ بِالْمِلْكِ لِلْمُسَاوَمِ مِنْهُ، وَالْمُسْتَأْجَرِ مِنْهُ، وَرِوَايَةُ الزِّيَادَاتِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ ذَلِكَ إقْرَارًا بِالْمِلْكِيَّةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ وَحَكَى فِيهَا اتِّفَاقَ الرِّوَايَاتِ عَلَى أَنَّهُ لَا مِلْكَ لِلْمُسَاوِمِ وَنَحْوِهِ فِيهِ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ يَنْبَغِي صِحَّةُ دَعْوَاهُ مِلْكًا لِمَا سَاوَمَ فِيهِ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ اهـ، وَإِنَّمَا جَزَمْنَا هُنَا بِكَوْنِهِ إقْرَارًا أَخْذًا بِرِوَايَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ اهـ. قَالَ السَّائِحَانِيُّ: وَيَظْهَرُ لِي أَنَّهُ إنْ أَبْدَى عُذْرًا يُفْتَى بِمَا فِي الزِّيَادَاتِ مِنْ أَنَّ الِاسْتِيَامَ وَنَحْوَهُ لَا يَكُونُ إقْرَارًا. وَفِي الْعِمَادِيَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَفِي السِّرَاجِيَّةِ أَنَّهُ الْأَصَحُّ، قَالَ الْأَنْقِرَوِيُّ: وَالْأَكْثَرُ عَلَى تَصْحِيحِ مَا فِي الزِّيَادَاتِ وَأَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَهُ فِي الْجَامِعِ) أَيْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، وَهَذِهِ رِوَايَةُ الْجَامِعِ لِلْإِمَامِ مُحَمَّدٍ وَالضَّمِيرُ فِي صَحَّحَهُ لِكَوْنِهِ إقْرَارًا بِالْمِلْكِ لِذِي الْيَدِ قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ: كَوْنُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ إقْرَارًا بِعَدَمِ الْمِلْكِ لِلْمُبَاشِرِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَأَمَّا كَوْنُهَا إقْرَارًا بِالْمِلْكِ لِذِي الْيَدِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ، عَلَى رِوَايَةِ الْجَامِعِ يُفِيدُ الْمِلْكَ لِذِي الْيَدِ وَعَلَى رِوَايَةِ الزِّيَادَاتِ لَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الصُّغْرَى: وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ صَحَّحَ رِوَايَةَ إفَادَتِهِ الْمِلْكَ فَاخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ لِلرِّوَايَتَيْنِ، وَيُبْتَنَى عَلَى عَدَمِ إفَادَتِهِ مِلْكَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ جَوَازُ دَعْوَى الْمُقِرِّ بِهَا لِغَيْرِهِ اهـ وَنَقَلَ السَّائِحَانِيُّ عَنْ الْأَنْقِرْوِيِّ أَنَّ الْأَكْثَرَ عَلَى تَصْحِيحِ مَا فِي الزِّيَادَاتِ، وَأَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ اهـ.
قُلْت: فَيُفْتَى بِهِ لِتَرَجُّحِهِ لِكَوْنِهِ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ وَإِنْ اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute