(أَحَدُ الْوَرَثَةِ
ــ
[رد المحتار]
وَسَقَطَ الدَّيْنُ، لِأَنَّ الْكِتَابَةَ الْمَرْسُومَةَ الْمُعَنْوَنَةَ كَالنُّطْقِ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ وَلَا دَعْوَى الْإِبْرَاءِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْكِتَابَةُ بِطَلَبِ الدَّائِنِ أَوْ لَا بِطَلَبِهِ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ آخِرِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ الدَّعْوَى، وَفِي أَحْكَامِ الْكِتَابَةِ مِنْ الْأَشْبَاهِ إذَا كَتَبَ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا لَا تَحِلُّ الشَّهَادَةُ قَالَ الْقَاضِي النَّسَفِيُّ: إنْ كَتَبَ مُصَدَّرًا يَعْنِي كَتَبَ فِي صَدْرِهِ أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ لَهُ عَلَيَّ كَذَا أَوْ أَمَّا بَعْدُ فَلِفُلَانٍ عَلَيَّ كَذَا يَحِلُّ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ أَشْهَدَ عَلَيَّ بِهِ، وَالْعَامَّةُ عَلَى خِلَافِهِ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ قَدْ تَكُونُ لِلتَّجْرِبَةِ، وَلَوْ كَتَبَ وَقَرَأَهُ عِنْدَ الشُّهُودِ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْهُمْ وَلَوْ كَتَبَ عِنْدَهُمْ وَقَالَ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِيهِ إنْ عَلِمُوا بِمَا فِيهِ كَانَ إقْرَارًا وَإِلَّا فَلَا وَذَكَرَ الْقَاضِي ادَّعَى عَلَى آخَرَ مَالًا وَأَخْرَجَ خَطًّا وَقَالَ إنَّهُ خَطُّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِهَذَا الْمَالِ فَأَنْكَرَ كَوْنَهُ خَطَّهُ، فَاسْتَكْتَبَ، وَكَانَ بَيْنَ الْخَطَّيْنِ مُشَابَهَةٌ ظَاهِرَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمَا خَطُّ كَاتِبٍ وَاحِدٍ، لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْمَالِ فِي الصَّحِيحِ، لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى أَنْ يَقُولَ: هَذَا خَطِّي، وَأَنَا حَرَّرْتُهُ لَكِنْ لَيْسَ عَلَى هَذَا الْمَالِ وَثَمَّةَ لَا يَجِبُ كَذَا هُنَا إلَّا فِي دَفْتَرِ السِّمْسَارِ وَالْبَيَّاعِ وَالصَّرَّافِ اهـ وَقَدَّمْنَا شَيْئًا مِنْ الْكَلَامِ عَلَيْهَا فِي بَابِ كِتَابِ الْقَاضِي، وَفِي أَثْنَاءِ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ.
وَقَالَ السَّائِحَانِيُّ وَفِي الْمَقْدِسِيَّ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ قَالَ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِي أَنَّ لَهُ عَلَيَّ أَلْفًا أَوْ وَجَدْتُ فِي ذِكْرِي أَوْ فِي حِسَابِي أَوْ بِخَطِّي أَوْ قَالَ كَتَبْت بِيَدِي أَنَّ لَهُ عَلَيَّ كَذَا كُلُّهُ بَاطِلٌ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ بَلْخٍ قَالُوا فِي دَفْتَرِ الْبَيَّاعِ إنَّ مَا وُجِدَ فِيهِ بِخَطِّ الْبَيَّاعِ فَهُوَ لَازِمٌ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَا يَكْتُبُ إلَّا مَا عَلَى النَّاسِ لَهُ وَمَا لِلنَّاسِ عَلَيْهِ صِيَانَةً عَنْ النِّسْيَانِ، وَالْبِنَاءُ عَلَى الْعَادَةِ الظَّاهِرَةِ وَاجِبٌ اهـ.
فَقَدْ اسْتَفَدْنَا مِنْ هَذَا أَنَّ قَوْلَ أَئِمَّتِنَا لَا يُعْمَلُ بِالْخَطِّ يَجْرِي عَلَى عُمُومِهِ، وَاسْتِثْنَاءُ دَفْتَرِ السِّمْسَارِ وَالْبَيَّاعِ لَا يَظْهَرُ بَلْ الْأَوْلَى أَنْ يُعْزَى إلَى جَمَاعَةٍ مِنْ أَئِمَّةِ بَلْخٍ، وَأَنْ يُقَيَّدَ بِكَوْنِهِ فِيمَا عَلَيْهِ، وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّ رَدَّ الطَّرَسُوسِيِّ الْعَمَلَ بِهِ مُؤَيَّدٌ بِالذَّهَبِ فَلَيْسَ إلَى غَيْرِهِ نَذْهَبُ. وَانْظُرْ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي بَابِ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي
(قَوْلُهُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ) وَإِنْ صَدَّقُوا جَمِيعًا لَكِنْ عَلَى التَّفَاوُتِ كَرَجُلٍ مَاتَ عَنْ ثَلَاثَةِ بَنِينَ وَثَلَاثَةِ آلَافٍ فَاقْتَسَمُوهَا وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ أَلْفًا، فَادَّعَى رَجُلٌ عَلَى أَبِيهِمْ ثَلَاثَةَ آلَافٍ فَصَدَّقَهُ الْأَكْبَرُ فِي الْكُلِّ وَالْأَوْسَطُ فِي الْأَلْفَيْنِ وَالْأَصْغَرُ فِي الْأَلْفِ أَخَذَ مِنْ الْأَكْبَرِ أَلْفًا وَمِنْ الْأَوْسَطِ خَمْسَةَ أَسْدَاسِ الْأَلْفِ، وَمِنْ الْأَصْغَرِ ثُلُثَ أَلْفٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْغَرِ وَالْأَكْبَرِ كَذَلِكَ، وَالْأَوْسَطُ يَأْخُذُ الْأَلْفَ وَوَجْهُ كُلٍّ فِي الْكَافِي.
[تَنْبِيهٌ]
لَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عِنْدَ الْقَاضِي كُلُّ مَا يُوجَدُ فِي تَذْكِرَةِ الْمُدَّعِي بِخَطِّهِ فَقَدْ الْتَزَمْتُهُ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute