قَضَاءِ الْبَحْرِ وَتَمَامُهُ ثَمَّةَ وَاسْتَثْنَى ثَمَّةَ مَسْأَلَتَيْنِ مِنْ الْإِبْرَاءِ: وَهُمَا إبْرَاءُ الْكَفِيلِ لَا يَرْتَدُّ وَإِبْرَاءُ الْمَدْيُونِ بَعْدَ قَوْلِهِ أَوْ أَبْرِئْنِي فَأَبْرَأَهُ لَا يَرْتَدُّ فَالْمُسْتَثْنَى عَشَرَةٌ فَلْتُحْفَظْ وَفِي وَكَالَةِ الْوَهْبَانِيَّةِ وَمَتَى صَدَّقَهُ فِيهَا ثُمَّ رَدَّهُ لَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ وَهَلْ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الرَّدِّ مَجْلِسُ الْإِبْرَاءِ خِلَافٌ؟ وَالضَّابِطُ أَنَّ مَا فِيهِ تَمْلِيكُ مَالٍ مِنْ وَجْهٍ يَقْبَلُ الرَّدَّ، وَإِلَّا فَلَا كَإِبْطَالِ شُفْعَةٍ وَطَلَاقٍ وَعَتَاقٍ لَا يَقْبَلُ الرَّدَّ وَهَذَا ضَابِطٌ جَيِّدٌ فَلْيُحْفَظْ.
(صَالَحَ أَحَدَ الْوَرَثَةِ وَأَبْرَأَهُ إبْرَاءً عَامًّا) أَوْ قَالَ لَمْ يَبْقَ لِي حَقٌّ مِنْ تَرِكَةِ أَبِي عِنْدَ الْوَصِيِّ أَوْ قَبَضْتُ الْجَمِيعَ وَنَحْوَ ذَلِكَ (ثُمَّ ظَهَرَ فِي) يَدِ وَصِيِّهِ مِنْ (التَّرِكَةِ شَيْءٌ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ الصُّلْحِ) وَتَحَقَّقَهُ (تُسْمَعُ دَعْوَى حِصَّتِهِ مِنْهُ عَلَى الْأَصَحِّ) صُلْحُ الْبَزَّازِيَّةِ وَلَا تَنَاقُضَ لِحَمْلِ قَوْلِهِ لَمْ يَبْقَ لِي حَقٌّ أَيْ مِمَّا قَبَضْتُهُ عَلَى أَنَّ الْإِبْرَاءَ
ــ
[رد المحتار]
بِالْوَقْفِ لَا فِي الْوَقْفِ، وَأَيْضًا الْكَلَامُ فِيمَا لَا يَرْتَدُّ وَلَوْ قَبْلَ الْقَبُولِ عَلَى أَنَّ عِبَارَةَ الْإِسْعَافِ عَلَى مَا فِي الْأَشْبَاهِ وَالْمِنَحِ أَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ إذَا رَدَّهُ ثُمَّ صَدَّقَهُ صَحَّ ح (قَوْلُهُ قَضَاءِ الْبَحْرِ) وَعِبَارَتُهُ: قُيِّدَ بِالْإِقْرَارِ بِالْمَالِ احْتِرَازًا عَنْ الْإِقْرَارِ بِالرِّقِّ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالنَّسَبِ وَالْوَلَاءِ فَإِنَّهَا لَا تُرَدُّ بِالرَّدِّ. أَمَّا الثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ فَفِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ لِآخَرَ: أَنَا عَبْدُكَ فَرَدَّ الْمُقَرُّ لَهُ ثُمَّ عَادَ إلَى تَصْدِيقِهِ فَهُوَ عَبْدُهُ، وَلَا يَبْطُلُ الْإِقْرَارُ بِالرِّقِّ بِالرَّدِّ كَمَا لَا يَبْطُلُ بِجُحُودِ الْمَوْلَى بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ بِالْعَيْنِ وَالدَّيْنِ حَيْثُ يَبْطُلُ بِالرَّدِّ، وَالطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ لَا يَبْطُلَانِ بِالرَّدِّ، لِأَنَّهُمَا إسْقَاطٌ يَتِمُّ بِالْمُسْقِطِ وَحْدَهُ وَأَمَّا الْإِقْرَارُ بِالنَّسَبِ وَوَلَاءِ الْعَتَاقَةِ فَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ مِنْ الْوَلَاءِ، وَأَمَّا الْإِقْرَارُ بِالنِّكَاحِ فَلَمْ أَرَهُ الْآنَ اهـ وَتَمَامُهُ هُنَاكَ (قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى ثَمَّةَ) لَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهِمَا هُنَا فَإِنَّهُمَا لَيْسَتَا مِمَّا نَحْنُ فِيهِ ح أَيْ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْإِقْرَارِ وَمَا ذُكِرَ فِي الْإِبْرَاءِ (قَوْلُهُ: مَسْأَلَتَيْنِ) حَيْثُ قَالَ: ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْإِبْرَاءَ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ إلَّا فِيمَا إذَا قَالَ الْمَدْيُونُ أَبْرِئْنِي فَأَبْرَأَهُ فَإِنَّهُ لَا يَرْتَدُّ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَكَذَا إبْرَاءُ الْكَفِيلِ لَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ فَالْمُسْتَثْنَى مَسْأَلَتَانِ كَمَا أَنَّ قَوْلَهُمْ: إنَّ الْإِبْرَاءَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ يَخْرُجُ عَنْهُ الْإِبْرَاءُ عَنْ بَدَلِ الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ لِيُبْطِلَاهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي بَابِ السَّلَمِ (قَوْلُهُ فِيهَا) أَيْ فِي الْوَكَالَةِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ) عُطِفَ عَلَى صَالِحٍ لِأَنَّهَا مَسْأَلَةٌ أُخْرَى فِي أَوَائِلِ الثُّلُثِ الثَّالِثِ مِنْ فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ كَلَامٌ طَوِيلٌ فِي الْبَرَاءَةِ الْعَامَّةِ فَرَاجِعْهُ. وَفِي الْخَانِيَّةِ: وَصِيُّ الْمَيِّتِ إذَا دَفَعَ مَا كَانَ فِي يَدِهِ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ إلَى وَلَدِ الْمَيِّتِ وَأَشْهَدَ الْوَلَدَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ قَبَضَ التَّرِكَةَ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْ تَرِكَةِ وَالِدِهِ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ إلَّا قَدْ اسْتَوْفَاهُ ثُمَّ ادَّعَى فِي يَدِ الْوَصِيِّ شَيْئًا، وَقَالَ مِنْ تَرِكَةِ وَالِدِي وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً، وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ الْوَارِثُ أَنَّهُ قَبَضَ جَمِيعَ مَا عَلَى النَّاسِ مِنْ تَرِكَةِ وَالِدِهِ ثُمَّ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ دَيْنًا لِوَالِدِهِ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ.
قُلْتُ: وَوَجْهُ سَمَاعِهَا أَنَّ إقْرَارَ الْوَلَدِ لَمْ يَتَضَمَّنْ إبْرَاءَ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ وَكَذَا إقْرَارُ الْوَارِثِ بِقَبْضِهِ جَمِيعَ مَا عَلَى النَّاسِ لَيْسَ فِيهِ إبْرَاءٌ وَلَوْ تَنَزَّلْنَا لِلْبَرَاءَةِ فَهِيَ غَيْرُ صَحِيحَةٍ فِي الْأَعْيَانِ شَرْحُ وَهْبَانِيَّةٍ لِلشُّرُنْبُلَالِيِّ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ عَدَمَ صِحَّتِهَا مَعْنَاهُ أَنْ لَا تَصِيرَ مِلْكًا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَإِلَّا فَالدَّعْوَى لَا تُسْمَعُ كَمَا يَأْتِي فِي الصُّلْحِ (قَوْلُهُ صُلْحُ الْبَزَّازِيَّةِ) وَعِبَارَةُ الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ تَاجُ الْإِسْلَامِ وَاحِدٌ صَالَحَ الْوَرَثَةَ وَأَبْرَأَ إبْرَاءً عَامًّا ثُمَّ ظَهَرَ فِي التَّرِكَةِ شَيْءٌ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ الصُّلْحِ لَا رِوَايَةَ فِي جَوَازِ الدَّعْوَى: وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: تَجُوزُ دَعْوَى حِصَّتِهِ فِيهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ لَا اهـ وُلِلشُّرُنْبُلَالِيِّ رِسَالَةٌ سَمَّاهَا: تَنْقِيحُ الْأَحْكَامِ فِي الْإِقْرَارِ وَالْإِبْرَاءِ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute