للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَقَطَ أَصْلًا كَمَرِيضٍ وَمَرِيضَةٍ لَمْ يَجِدَا مَنْ يَحِلُّ جِمَاعُهُ (وَفَحْمٍ وَعَلَفِ حَيَوَانٍ) وَحَقِّ غَيْرٍ وَكُلِّ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ (فَلَوْ فَعَلَ أَجْزَأَهُ) مَعَ الْكَرَاهَةِ لِحُصُولِ الْإِنْقَاءِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ سُنَّةٌ لَا غَيْرُ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ مُقِيمًا لَهَا بِالْمَنْهِيِّ عَنْهُ

(كَمَا كُرِهَ) تَحْرِيمًا (اسْتِقْبَالُ قِبْلَةٍ وَاسْتِدْبَارُهَا لِ) أَجْلِ (بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ) فَلَوْ لِلِاسْتِنْجَاءِ لَمْ يُكْرَهْ (وَلَوْ فِي بُنْيَانٍ) لِإِطْلَاقِ النَّهْيِ (فَإِنْ جَلَسَ مُسْتَقْبِلًا لَهَا) غَافِلًا (ثُمَّ ذَكَرَهُ انْحَرَفَ) نَدْبًا لِحَدِيثِ الطَّبَرِيِّ «مَنْ جَلَسَ

ــ

[رد المحتار]

بِقُدْرَةِ الْغَيْرِ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: سَقَطَ أَصْلًا) أَيْ: بِالْمَاءِ وَالْحَجَرِ. (قَوْلُهُ: كَمَرِيضٍ إلَخْ) فِي التَّتَارْخَانِيَّة: الرَّجُلُ الْمَرِيضُ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ امْرَأَةٌ وَلَا أَمَةٌ وَلَهُ ابْنٌ أَوْ أَخٌ وَهُوَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْوُضُوءِ قَالَ يُوَضِّئُهُ ابْنُهُ أَوْ أَخُوهُ غَيْرَ الِاسْتِنْجَاءِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَمَسُّ فَرْجَهُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ وَالْمَرْأَةُ الْمَرِيضَةُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ وَهِيَ لَا تَقْدِرُ عَلَى الْوُضُوءِ وَلَهَا بِنْتٌ أَوْ أُخْتٌ تُوَضِّئُهَا وَيَسْقُطُ عَنْهَا الِاسْتِنْجَاءُ. اهـ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ يَجْرِي فِيمَنْ شُلَّتْ يَدَاهُ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمَرِيضِ. (قَوْلُهُ: وَحَقِّ غَيْرٍ) أَيْ: كَحَجَرِهِ وَمَائِهِ الْمُحْرَزِ لَوْ بِلَا إذْنِهِ وَمِنْهُ الْمُسَبَّلُ لِلشُّرْبِ فَقَطْ وَجِدَارٌ وَلَوْ لِمَسْجِدٍ أَوْ دَارٌ وَقْفٌ لَمْ يَمْلِكْ مَنَافِعَهَا كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَكُلِّ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ) أَيْ: لِإِنْسِيٍّ أَوْ جِنِّيٍّ أَوْ دَوَابِّهِمَا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مِمَّا لَا يَتْلَفُ بِأَنْ كَانَ يُمْكِنُ غَسْلُهُ. (قَوْلُهُ: مَعَ الْكَرَاهَةِ) أَيْ: التَّحْرِيمِيَّةِ فِي الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَالتَّنْزِيهِيَّةِ فِي غَيْرِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ أَوَّلًا، وَمَا ذَكَرَهُ الزَّاهِدِيُّ عَنْ النَّظْمِ مِنْ أَنَّهُ يَسْتَنْجِي بِثَلَاثَةِ أَمَدَارٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبِالْأَحْجَارِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبِثَلَاثَةِ أَكُفٍّ مِنْ تُرَابٍ لَا بِمَا سِوَاهَا مِنْ الْخِرْقَةِ وَالْقُطْنِ وَنَحْوِهِمَا؛ لِأَنَّهُ رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ يُورِثُ الْفَقْرَ. اهـ. قَالَ فِي الْحِلْيَةِ: إِنَّهُ غَيْرُ ظَاهِرِ الْوَجْهِ مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِعَامَّةِ الْكُتُبِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: لَا بِمَا سِوَاهَا إلَخْ. فَإِنَّ الْمَكْرُوهَ الْمُتَقَوِّمُ لَا مُطْلَقًا، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْحَدِيثِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ اهـ مُلَخَّصًا. (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ إلَخْ) كَذَا فِي الْبَحْرِ. وَأَجَابَ فِي النَّهْرِ بِأَنَّ الْمَسْنُونَ إنَّمَا هُوَ الْإِزَالَةُ، وَنَحْوُ الْحَجَرِ لَمْ يُقْصَدْ بِذَاتِهِ بَلْ؛ لِأَنَّهُ مُزِيلٌ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الْإِزَالَةَ بِهَذَا الْخَاصِّ مَنْهِيٌّ وَذَا لَا يَنْفِي كَوْنَهُ مُزِيلًا. وَنَظِيرُهُ لَوْ صَلَّى السُّنَّةَ فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ كَانَ آتِيًا بِهَا مَعَ ارْتِكَابِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ. اهـ.

قُلْت: وَأَصْلُ الْجَوَابِ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي كَافِي النَّسَفِيِّ حَيْثُ قَالَ: لِأَنَّ النَّهْيَ فِي غَيْرِهِ، فَلَا يَنْفِي مَشْرُوعِيَّتَهُ كَمَا لَوْ تَوَضَّأَ بِمَاءٍ مَغْصُوبٍ أَوْ اسْتَنْجَى بِحَجَرٍ مَغْصُوبٍ.

قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْمَشْرُوعِيَّةِ الصِّحَّةَ، لَكِنْ يُقَالُ عَلَيْهِ: إنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ السُّنَّةِ الثَّوَابُ وَهُوَ مُنَافٍ لِلنَّهْيِ، بِخِلَافِ الْفَرْضِ فَإِنَّهُ مَعَ النَّهْيِ يَحْصُلُ بِهِ سُقُوطُ الْمُطَالَبَةِ، كَمَنْ تَوَضَّأَ بِمَاءٍ مَغْصُوبٍ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ وَإِنْ أَثِمَ، بِخِلَافِ مَا إذَا جَدَّدَ بِهِ الْوُضُوءَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ وَإِنْ صَحَّ لَمْ يَكُنْ لَهُ ثَوَابٌ

(قَوْلُهُ: اسْتِقْبَالُ قِبْلَةٍ) أَيْ: جِهَتِهَا كَمَا فِي الصَّلَاةِ فِيمَا يَظْهَرُ. وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ اسْتَقْبَلَهَا بِصَدْرِهِ وَحَوَّلَ ذَكَرَهُ عَنْهَا وَبَالَ لَمْ يُكْرَهْ بِخِلَافِ عَكْسِهِ. اهـ. أَيْ: فَالْمُعْتَبَرُ الِاسْتِقْبَالُ بِالْفَرْجِ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ " يُكْرَهُ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ بِالْفَرْجِ فِي الْخَلَاءِ " وَهَلْ يَلْزَمُهُ التَّحَرِّي لَوْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ؟ الظَّاهِرُ نَعَمْ، وَلَوْ هَبَّتْ رِيحٌ عَنْ يَمِينِ الْقِبْلَةِ وَيَسَارِهَا وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَوْدُ النَّجَاسَةِ عَلَيْهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ اسْتِدْبَارُ الْقِبْلَةِ حَيْثُ أَمْكَنَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِقْبَالَ أَفْحَشُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ -. (قَوْلُهُ: وَاسْتِدْبَارُهَا) هُوَ الصَّحِيحُ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَحِلُّ الِاسْتِدْبَارُ. (قَوْلُهُ: لَمْ يُكْرَهْ) أَيْ: تَحْرِيمًا، لِمَا فِي الْمُنْيَةِ أَنَّ تَرْكَهُ أَدَبٌ، وَلِمَا مَرَّ فِي الْغُسْلِ أَنَّ مِنْ آدَابِهِ أَنْ لَا يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ غَالِبًا مَعَ كَشْفِ الْعَوْرَةِ، حَتَّى لَوْ كَانَتْ مَسْتُورَةً لَا بَأْسَ بِهِ، وَلِقَوْلِهِمْ يُكْرَهُ مَدُّ الرِّجْلَيْنِ إلَى الْقِبْلَةِ فِي النَّوْمِ وَغَيْرِهِ عَمْدًا، وَكَذَا فِي حَالَ مُوَاقَعَةِ أَهْلِهِ. مَطْلَبٌ الْقَوْلُ الْمُرَجَّحُ عَلَى الْفِعْلِ (قَوْلُهُ: لِإِطْلَاقِ النَّهْيِ) وَهُوَ قَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا أَتَيْتُمْ الْغَائِطَ فَلَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا، وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا» رَوَاهُ السِّتَّةُ، وَفِيهِ رَدٌّ لِرِوَايَةِ حِلِّ الِاسْتِدْبَارِ، وَلِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ فِي الْبُنْيَانِ أَخْذًا مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>