للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَكِنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ الصِّحَّةُ مُطْلَقًا شُرُنْبُلَالِيَّةٌ، وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الِاخْتِيَارِ وَعَزَاهُ فِي الْعَزْمِيَّةِ لِلْبَزَّازِيَّةِ وَفِي الْجَلَّالِيَّةِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ وَجَعَلَ مَا فِي الْمَتْنِ رِوَايَةَ ابْنِ سِمَاعَةَ وَقَوْلُهُمْ الْإِبْرَاءُ عَنْ الْأَعْيَانِ بَاطِلٌ مَعْنَاهُ: بَطَلَ الْإِبْرَاءُ عَنْ دَعْوَى الْأَعْيَانِ وَلَمْ يَصِرْ مِلْكًا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلِذَا لَوْ ظَفِرَ بِتِلْكَ الْأَعْيَانِ حَلَّ لَهُ أَخْذُهَا لَكِنْ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ فِي الْحُكْمِ، وَأَمَّا الصُّلْحُ عَلَى بَعْضِ الدَّيْنِ فَيَصِحُّ وَيَبْرَأُ عَنْ دَعْوَى الْبَاقِي أَيْ قَضَاءً لَا دِيَانَةً فَلِذَا لَوْ ظَفِرَ بِهِ أَخَذَهُ قُهُسْتَانِيٌّ وَتَمَامُهُ فِي أَحْكَامِ الدَّيْنِ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَقَدْ حَقَّقْته فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى. .

ــ

[رد المحتار]

لَوْ تَبَارَأَ الزَّوْجَانِ عَنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى، وَلَهُ أَعْيَانٌ قَائِمَةٌ لَهُ الدَّعْوَى بِهَا، لِأَنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى الدُّيُونِ لَا الْأَعْيَانِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْإِخْبَارِ كَقَوْلِهِ: هُوَ بَرِيءٌ مِمَّا لِي قِبَلَهُ فَهُوَ صَحِيحٌ مُتَنَاوِلٌ لِلدَّيْنِ وَالْعَيْنِ، فَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى، وَكَذَا لَا مِلْكَ لِي فِي هَذِهِ الْعَيْنِ ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ وَالْمُحِيطِ. فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ: لَا أَسْتَحِقُّ قِبَلَهُ حَقًّا مُطْلَقًا وَلَا دَعْوَى يَمْنَعُ الدَّعْوَى بِالْعَيْنِ وَالدَّيْنِ لِمَا فِي الْمَبْسُوطِ لَا حَقَّ لِي قِبَلَهُ يَشْمَلُ كُلَّ عَيْنٍ وَدَيْنٍ فَلَوْ ادَّعَى حَقًّا لَمْ يُسْمَعْ مَا لَمْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ اهـ مَا فِي الْبَحْرِ مُلَخَّصًا، وَقَوْلُهُ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ لَا حَقَّ لِي إبْرَاءٌ عَامٌّ لَا إقْرَارٌ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ وُجِدَ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ أَوْ لَمْ يُوجَدْ فَلَا يُسْمَعُ دَعْوَى الْبَاقِي ح.

(قَوْلُهُ وَقَوْلُهُمْ) جَوَابُ سُؤَالٍ وَارِدٍ عَلَى كَلَامِ الْمَاتِنِ لَا عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ؛ إذْ لَا تَعَرُّضَ لِلْإِبْرَاءِ فِيهَا وَمَا تَضَمَّنَهُ الصُّلْحُ إسْقَاطٌ لِلْبَاقِي لَا إبْرَاءٌ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ عَنْ دَعْوَى إلَخْ) كَذَا عِبَارَةُ الْقُهُسْتَانِيِّ وَيَجِبُ إسْقَاطُ لَفْظِ دَعْوَى بِقَرِينَةِ الِاسْتِدْرَاكِ الْآتِي. وَنَقَلَ الْحَمَوِيُّ عَنْ حَوَاشِي صَدْرِ الشَّرِيعَةِ لِلْحَفِيدِ مَعْنَى قَوْلِنَا: الْبَرَاءَةُ عَنْ الْأَعْيَانِ لَا تَصِحُّ: أَنَّ الْعَيْنَ لَا تَصِيرُ مِلْكًا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا أَنْ يَبْقَى الْمُدَّعِي عَلَى دَعْوَاهُ إلَخْ أَبُو السُّعُودِ وَهَذَا أَوْضَحُ مِمَّا هُنَا قَالَ السَّائِحَانِيُّ: وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ: الْإِبْرَاءُ عَنْ الْأَعْيَانِ بَاطِلٌ دِيَانَةً لَا قَضَاءً قَالَ فِي الْهَامِشِ وَعِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى مَعْنَاهُ: أَنَّ الْعَيْنَ لَا تَصِيرُ مِلْكًا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ، لَا أَنَّهُ يَبْقَى عَلَى دَعْوَاهُ، بَلْ تَسْقُطُ فِي الْحُكْمِ كَالصُّلْحِ عَنْ بَعْضِ الدَّيْنِ، فَإِنَّهُ إنَّمَا يَبْرَأُ عَنْ بَاقِيهِ فِي الْحُكْمِ لَا فِي الدِّيَانَةِ فَلَوْ ظَفِرَ بِهِ أَخَذَهُ ذَكَرَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ وَالْبُرْجُنْدِيُّ وَغَيْرُهُمَا. وَأَمَّا الْإِبْرَاءُ عَنْ دَعْوَى الْأَعْيَانِ فَصَحِيحٌ اهـ مَا فِي الْهَامِشِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا نَقَلْنَاهُ عَنْ شَرْحِ الْمُلْتَقَى آنِفًا وَفِي الْخُلَاصَةِ: أَبْرَأْتُكَ عَنْ هَذِهِ الدَّارِ أَوْ عَنْ خُصُومَتِي فِيهَا أَوْ عَنْ دَعْوَايَ فِيهَا فَهَذَا كُلُّهُ بَاطِلٌ حَتَّى لَوْ ادَّعَى بَعْدَهُ تُسْمَعُ، وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً تُقْبَلُ اهـ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الصُّلْحُ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ أَيْ عَيْنٌ يَدَّعِيهَا (قَوْلُهُ: بَعْضِ الدَّيْنِ) قَالَ الْمَقْدِسِيَّ عَنْ الْمُحِيطِ: لَهُ أَلْفٌ فَأَنْكَرَهُ الْمَطْلُوبُ فَصَالَحَهُ عَلَى ثَلَاثِمِائَةٍ مِنْ الْأَلْفِ صَحَّ، وَيَبْرَأُ عَنْ الْبَاقِي قَضَاءً لَا دِيَانَةً، وَلَوْ قَضَاهُ الْأَلْفَ فَأَنْكَرَ الطَّالِبُ فَصَالَحَهُ بِمِائَةٍ صَحَّ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُهَا دِيَانَةً فَيُؤْخَذُ مِنْ هُنَا. وَمِنْ أَنَّ الرِّبَا لَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ عَنْهُ مَا بَقِيَتْ عَيْنُهُ عَدَمُ صِحَّةِ بَرَاءَةِ عُلَمَاءِ قُضَاةِ زَمَانِنَا مِمَّا يَأْخُذُونَهُ، وَيَطْلُبُونَ الْإِبْرَاءَ فَيُبْرِءُونَهُمْ بَلْ مَا أَخَذُوهُ مِنْ الرِّبَا أَعْرَقُ بِجَامِعِ عَدَمِ الْحِلِّ فِي كُلٍّ.

وَاعْلَمْ أَنَّ عَدَمَ بَرَاءَتِهِ فِي الصُّلْحِ اسْتَثْنَى مِنْهُ فِي الْخَانِيَّةِ مَا لَوْ زَادَ وَأَبْرَأْتُكَ عَنْ الْبَقِيَّةِ سَائِحَانِيٌّ، وَيَظْهَرُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَا تَضَمَّنَهُ الصُّلْحُ مِنْ الْإِسْقَاطِ لَيْسَ إبْرَاءً مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ لِقَوْلِ أَبْرَأْتُكَ عَنْ الْبَقِيَّةِ (قَوْلُهُ أَيْ قَضَاءً) وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مِنْ الْأَشْبَاهِ) قَالَ فِيهَا عَنْ الْخَانِيَّةِ: الْإِبْرَاءُ عَنْ الْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ إبْرَاءً عَنْ ضَمَانِهَا، وَتَصِيرُ أَمَانَةً فِي يَدِ الْغَاصِبِ، وَلَوْ كَانَتْ الْعَيْنُ مُسْتَهْلَكَةً صَحَّ الْإِبْرَاءُ وَبَرِئَ مِنْ قِيمَتِهَا اهـ.

فَقَوْلُهُمْ: الْإِبْرَاءُ عَنْ الْأَعْيَانِ بَاطِلٌ مَعْنَاهُ: أَنَّهَا لَا تَكُونُ مِلْكًا لَهُ بِالْإِبْرَاءِ، وَإِلَّا فَالْإِبْرَاءُ عَنْهَا لِسُقُوطِ ضَمَانِهَا صَحِيحٌ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى الْأَمَانَةِ اهـ مُلَخَّصًا: أَيْ أَنَّ الْبُطْلَانَ عَنْ الْأَعْيَانِ مَحَلُّهُ إذَا كَانَتْ الْأَعْيَانُ أَمَانَةً، لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ أَمَانَةً لَا تَلْحَقُهُ عُهْدَتُهَا، فَلَا وَجْهَ لِلْإِبْرَاءِ عَنْهَا تَأَمَّلْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>