وَقَعَ (عَلَيْهَا بِأَحَدِهِمَا) أَوْ بِإِقْرَارٍ، لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ يَأْخُذُهَا عَنْ الْمَالِ فَيُؤَاخَذُ بِزَعْمِهِ.
(وَمَا اُسْتُحِقَّ مِنْ الْمُدَّعِي رَدَّ الْمُدَّعِي حِصَّتَهُ مِنْ الْعِوَضِ وَرَجَعَ بِالْخُصُومَةِ فِيهِ) فَيُخَاصِمُ الْمُسْتَحِقَّ لِخُلُوِّ الْعِوَضِ عَنْ الْغَرَضِ (وَمَا اُسْتُحِقَّ مِنْ الْبَدَلِ رَجَعَ إلَى الدَّعْوَى فِي كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ) هَذَا إذَا لَمْ يَقَعْ الصُّلْحُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ فَإِنْ وَقَعَ بِهِ رَجَعَ بِالْمُدَّعِي نَفْسِهِ لَا بِالدَّعْوَى؛ لِأَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى الْمُبَايَعَةِ إقْرَارٌ بِالْمِلْكِيَّةِ عَيْنِيٌّ وَغَيْرُهُ.
(وَهَلَاكُ الْبَدَلِ) كُلًّا أَوْ بَعْضًا (قَبْلَ التَّسْلِيمِ لَهُ) أَيْ لِلْمُدَّعِي (كَاسْتِحْقَاقِهِ) كَذَلِكَ (فِي الْفَصْلَيْنِ) أَيْ مَعَ إقْرَارٍ أَوْ سُكُوتٍ وَإِنْكَارٍ وَهَذَا لَوْ الْبَدَلُ مِمَّا يَتَعَيَّنُ، وَإِلَّا لَمْ يَبْطُلْ بَلْ يَرْجِعُ بِمِثْلِهِ عَيْنِيٌّ.
(صَالَحَ عَنْ) كَذَا نُسَخُ الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ وَصَوَابُهُ عَلَى (بَعْضِ مَا يَدَّعِيهِ) أَيَّ عَيْنٍ يَدَّعِيهَا لِجَوَازِهِ فِي الدَّيْنِ كَمَا سَيَجِيءُ فَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ دَارًا فَصَالَحَهُ عَلَى بَيْتٍ مَعْلُومٍ مِنْهَا فَلَوْ مِنْ غَيْرِهَا صَحَّ قُهُسْتَانِيٌّ (لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّ مَا قَبَضَهُ مِنْ عَيْنِ حَقِّهِ، وَإِبْرَاءٌ عَنْ الْبَاقِي، وَالْإِبْرَاءُ عَنْ الْأَعْيَانِ بَاطِلٌ قُهُسْتَانِيٌّ وَحِيلَةُ صِحَّتِهِ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (إلَّا بِزِيَادَةِ شَيْءٍ) آخَر كَثَوْبٍ وَدِرْهَمٍ (فِي الْبَدَلِ) فَيَصِيرُ ذَلِكَ عِوَضًا عَنْ حَقِّهِ فِيمَا بَقِيَ (أَوْ) يَلْحَقُ بِهِ (الْإِبْرَاءُ عَنْ دَعْوَى الْبَاقِي)
ــ
[رد المحتار]
قَوْلُهُ: بِأَحَدِهِمَا) أَيْ الْإِنْكَارِ وَالسُّكُوتِ.
(قَوْلُهُ: لِخُلُوِّ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ رَدَّ الْمُدَّعِي حِصَّتَهُ (قَوْلُهُ: رَجَعَ) أَيْ الْمُدَّعِي (قَوْلُهُ: إلَى الدَّعْوَى) إلَّا إذَا كَانَ مِمَّا لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ، وَهُوَ مِنْ جِنْسِ الْمُدَّعَى بِهِ، فَحِينَئِذٍ يَرْجِعُ بِمِثْلِ مَا اسْتَحَقَّ وَلَا يَبْطُلُ الصُّلْحُ كَمَا إذَا ادَّعَى أَلْفًا فَصَالَحَهُ عَلَى مِائَةٍ، وَقَبَضَهَا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمِائَةٍ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِهَا، سَوَاءٌ كَانَ الصُّلْحُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ أَوْ قَبْلَهُ كَمَا لَوْ وَجَدَهَا سَتُّوقَةً أَوْ نَبَهْرَجَةً بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ كَالدَّنَانِيرِ هُنَا إذَا اُسْتُحِقَّتْ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ، فَإِنَّ الصُّلْحَ يَبْطُلُ وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ رَجَعَ بِمِثْلِهَا وَلَا يَبْطُلُ الصُّلْحُ كَالْفُلُوسِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: رَجَعَ إلَى الدَّعْوَى) إلَّا إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ مِمَّا لَا يَقْبَلُ النَّقْضَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ كَالْقِصَاصِ وَالْعِتْقِ وَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ عَنْ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ، وَتَمَامُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ فِي حَاشِيَةِ الْحَمَوِيِّ (قَوْلُهُ فِي كُلِّهِ) إنْ اسْتَحَقَّ كُلَّ الْعِوَضِ (قَوْلُهُ أَوْ بَعْضَهُ) إنْ اسْتَحَقَّ بَعْضَهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ إقْدَامَهُ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ بِالْمِلْكِيَّةِ) أَيْ لِلْمُدَّعِي بِخِلَافِ الصُّلْحِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَقَرَّ بِالْمِلْكِ لَهُ؛ إذْ الصُّلْحُ قَدْ يَقَعُ لِدَفْعِ الْخُصُومَةِ.
(قَوْلُهُ كَاسْتِحْقَاقِهِ) فَيَرْجِعُ بِالْمُدَّعِي أَوْ بِالدَّعْوَى دُرٌّ مُنْتَقًى كَذَا فِي الْهَامِشِ (قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا.
(قَوْلُهُ بَعْضُ مَا يَدَّعِيهِ) أَيْ وَهُوَ قَائِمٌ، وَيَأْتِي حُكْمُ مَا إذَا كَانَ هَالِكًا عِنْدَ قَوْلِ الْمَاتِنِ، وَالصُّلْحُ عَنْ الْمَغْصُوبِ الْهَالِكِ وَقَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ بِهَذَا الصُّلْحِ اسْتَوْفَى بَعْضَ حَقِّهِ وَأَبْرَأَ عَنْ الْبَاقِي، وَالْإِبْرَاءُ عَنْ الْأَعْيَانِ بَاطِلٌ اهـ مَدَنِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ يَلْحَقَ) مَنْصُوبٌ بِأَنْ مِثْلَ أَوْ يُرْسِلَ (قَوْلُهُ: عَنْ دَعْوَى الْبَاقِي) قُيِّدَ بِالْإِبْرَاءِ عَنْ دَعْوَاهُ، لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ عَنْ عَيْنِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ ابْنُ مَلَكٍ بِأَنْ يَقُولَ: بَرِئْتُ عَنْهَا أَوْ عَنْ خُصُومَتِي فِيهَا أَوْ عَنْ دَعْوَى هَذِهِ الدَّارِ، فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَلَا بَيِّنَتُهُ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ أَبْرَأْتُكَ عَنْهَا أَوْ عَنْ خُصُومَتِي فِيهَا فَإِنَّهُ بَاطِلٌ، وَلَهُ أَنْ يُخَاصِمَ كَمَا لَوْ قَالَ لِمَنْ بِيَدِهِ عَبْدٌ بَرِئْتُ مِنْهُ، فَإِنَّهُ يَبْرَأُ وَلَوْ قَالَ أَبْرَأْتُكَ لَا لِأَنَّهُ إنَّمَا أَبْرَأَهُ عَنْ ضَمَانِهِ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ أَحْكَامِ الدَّيْنِ.
قُلْت: فَفَرَّقُوا بَيْنَ أَبْرَأْتُكَ، وَبَرِئْت أَوْ أَنَا بَرِيءٌ لِإِضَافَةِ الْبَرَاءَةِ لِنَفْسِهِ فَتَعُمُّ، بِخِلَافِ أَبْرَأْتُكَ لِأَنَّهُ خِطَابُ الْوَاحِدِ، فَلَهُ مُخَاصَمَةُ غَيْرِهِ كَمَا فِي حَاشِيَتِهَا مَعْزِيًّا للولوالجية شَرْحُ الْمُلْتَقَى. وَفِي الْبَحْرِ: الْإِبْرَاءُ إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْإِنْشَاءِ، فَإِنْ كَانَ عَنْ الْعَيْنِ بَطَلَ مِنْ حَيْثُ الدَّعْوَى، فَلَهُ الدَّعْوَى بِهَا عَلَى الْمُخَاطَبِ وَغَيْرِهِ، وَيَصِحُّ مِنْ حَيْثُ نَفْيُ الضَّمَانِ، فَإِنْ كَانَ عَنْ دَعْوَاهَا فَإِنْ أَضَافَ الْإِبْرَاءَ إلَى الْمُخَاطَبِ كَأَبْرَأْتُكَ عَنْ هَذِهِ الدَّارِ أَوْ عَنْ خُصُومَتِي فِيهَا أَوْ عَنْ دَعْوَى فِيهَا لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ عَلَى الْمُخَاطَبِ فَقَطْ، وَإِنْ أَضَافَهُ إلَى نَفْسِهِ كَقَوْلِهِ: بَرِئْتُ عَنْهَا أَوْ أَنَا بَرِيءٌ فَلَا تُسْمَعُ مُطْلَقًا هَذَا لَوْ عَلَى طَرِيقِ الْخُصُوصِ: أَيْ عَيْنٌ مَخْصُوصَةٌ فَلَوْ عَلَى الْعُمُومِ، فَلَهُ الدَّعْوَى عَلَى الْمُخَاطَبِ وَغَيْرِهِ كَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute