للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَنَكَلَ لِلْآخَرِ فَالْأَلْفُ لِمَنْ نَكَلَ لَهُ.

(دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفًا، وَقَالَ: ادْفَعْهَا الْيَوْمَ إلَى فُلَانٍ فَلَمْ يَدْفَعْهَا حَتَّى ضَاعَتْ لَمْ يَضْمَنْ) إذْ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ.

(كَمَا لَوْ قَالَ: احْمِلْ إلَيَّ الْوَدِيعَةَ فَقَالَ: أَفْعَلُ، وَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى مَضَى الْيَوْمُ) وَهَلَكَتْ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ التَّخْلِيَةُ عِمَادِيَّةٌ. .

(قَالَ) رَبُّ الْوَدِيعَةِ (لِلْمُودَعِ ادْفَعْ الْوَدِيعَةَ إلَى فُلَانٍ فَقَالَ: دَفَعْت وَكَذَّبَهُ) فِي الدَّفْعِ (فُلَانٌ) وَضَاعَتْ الْوَدِيعَةُ (صُدِّقَ الْمُودَعُ مَعَ يَمِينِهِ) لِأَنَّهُ أَمِينٌ سِرَاجِيَّةٌ.

(قَالَ) الْمُودَعُ ابْتِدَاءً (لَا أَدْرِي كَيْفَ ذَهَبَتْ لَا يَضْمَنُ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا لَوْ قَالَ ذَهَبَتْ وَلَا أَدْرِي كَيْفَ ذَهَبَتْ) فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: لَا أَدْرِي أَضَاعَتْ أَمْ لَمْ تَضِعْ أَوْ لَا أَدْرِي وَضَعْتهَا أَوْ دَفَنْتهَا فِي دَارِي أَوْ مَوْضِعٍ آخَرَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ مَكَانَ الدَّفْنِ لَكِنَّهُ قَالَ سُرِقَتْ مِنْ الْمَكَانِ الْمَدْفُونِ فِيهِ لَا يَضْمَنُ، وَتَمَامُهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ. .

ــ

[رد المحتار]

الرَّدَّ أَوْ الْهَلَاكَ، إمَّا لِنَفْيِ التُّهْمَةِ أَوْ لِإِنْكَارِهِ الضَّمَانَ، وَإِلَى أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لَهُمَا، وَإِلَى أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يَبْدَأَ بِأَيِّهِمَا شَاءَ، وَالْأَوْلَى الْقُرْعَةُ، وَإِلَى أَنَّهُ لَوْ نَكَلَ لِلْأَوَّلِ يَحْلِفُ لِلثَّانِي، وَلَا يَقْضِي بِالنُّكُولِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا لِأَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ بِنَفْسِهِ وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: وَنَكَلَ لِلْآخَرِ) فِي التَّحْلِيفِ لِلثَّانِي يَقُولُ: بِاَللَّهِ مَا هَذِهِ الْعَيْنُ لَهُ، وَلَا قِيمَتُهَا لِأَنَّهُ لَمَّا أَقَرَّ بِهَا لِلْأَوَّلِ ثَبَتَ لَهُ الْحَقُّ فِيهَا، فَلَا يُفِيدُ إقْرَارُهُ فِيهَا لِلثَّانِي، فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَوَّلِ لَكَانَ صَادِقًا بَحْرٌ. لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ فَأَرْسَلَ الدَّائِنُ إلَى مَدْيُونِهِ رَجُلًا لِيَقْبِضَهُ فَقَالَ الْمَدْيُونُ دَفَعْتُهُ إلَى الرَّسُولِ وَقَالَ دَفَعْتُهُ إلَى الدَّائِنِ وَأَنْكَرَ الدَّائِنُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّسُولِ مَعَ يَمِينِهِ. وَاَلَّذِي فِي نُورِ الْعَيْنِ فَالْقَوْلُ لِلْمُرْسِلِ بِيَمِينِهِ، تَأَمَّلْ. قَالَ الدَّائِنُ ابْعَثْ الدَّيْنَ مَعَ فُلَانٍ فَضَاعَ مِنْ يَدِ الرَّسُولِ ضَاعَ مِنْ الْمَدْيُونِ بَزَّازِيَّةٌ

(قَوْلُهُ وَضَاعَتْ) يَعْنِي غَابَتْ وَلَمْ تَظْهَرْ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) مُقْتَضَاهُ أَنَّ الْأَجِيرَ الْمُشْتَرَكَ لَا يَضْمَنُ. لَكِنْ أَفْتَى الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ بِالضَّمَانِ وَعَزَاهُ فِي حَاشِيَةِ الْفُصُولَيْنِ إلَى الْبَزَّازِيَّةِ مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ تَضْيِيعٌ فِي زَمَانِنَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ إلَخْ) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَنُورِ الْعَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ، وَهَكَذَا رَأَيْتُهُ فِي نُسْخَةِ الْمِنَحِ، لَكِنَّ لَفْظَةَ (لَا) مُلْحَقَةٌ بَيْنَ الْأَسْطُرِ وَكَأَنَّهَا سَاقِطَةٌ مِنْ النُّسَخِ فَنَقَلَهَا الشَّارِحُ هَكَذَا فَتَنَبَّهْ.

[فَرْعٌ] .

فِي الْهَامِشِ وَفِي النَّوَازِلِ: مَرَّ بِمَالِ الْيَتِيمِ عَلَى ظَالِمٍ، وَخَافَ إنْ لَمْ يُهْدِ إلَيْهِ هَدِيَّةً أَنْ يَأْخُذَهُ كُلَّهُ لَا يَضْمَنُ وَكَذَا الْمُضَارِبُ، وَالْمَشَايِخُ أَخَذُوا بِهَذَا الْقَوْلِ أَنْقِرْوِيٌّ. وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ: أَنْفَقَ الْوَصِيُّ عَلَى بَابِ الْقَاضِي يَضْمَنُ الْأَعْطَى عَلَى وَجْهِ الرِّشْوَةِ لَا عَلَى وَجْهِ الْإِجَارَةِ إذَا لَمْ يَزِدْ عَلَى أَجْرِ الْمِثْلِ أَنْقِرْوِيٌّ اهـ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَضْمَنُ) قَاضِي خَانْ قَالَ: وَضَعْتهَا فِي دَارِي فَنَسِيت الْمَكَانَ لَا يَضْمَنُ، وَلَوْ قَالَ: وَضَعْتهَا فِي مَكَان حَصِينٍ فَنَسِيت الْمَوْضِعَ ضَمِنَ، لِأَنَّهُ جَهِلَ الْأَمَانَةَ كَمَا لَوْ مَاتَ مُجْهِلًا صَحَّ. وَقِيلَ: لَا يَضْمَنُ كَقَوْلِهِ: ذَهَبَتْ، وَلَا أَدْرِي كَيْفَ ذَهَبَتْ، وَلَوْ قَالَ دُفِنَتْ فِي دَارِي أَوْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ ضَمِنَ، وَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ مَكَانَ الدَّفْنِ وَلَكِنَّهُ قَالَ سُرِقَتْ مِنْ مَكَان دُفِنَتْ فِيهِ لَمْ يَضْمَنْ، وَلَوْ دَفَنَهَا فِي الْأَرْضِ يَبْرَأُ لَوْ جَعَلَ هُنَالِكَ عَلَامَةً، وَإِلَّا فَلَا، وَفِي الْمَفَازَةِ ضَمِنَ مُطْلَقًا، وَلَوْ دَفَنَهَا فِي الْكَرْمِ يَبْرَأُ لَوْ حَصِينًا بِأَنْ كَانَ لَهُ بَابٌ مُغْلَقٌ، وَلَوْ وَضَعَهَا بِلَا دَفْنٍ بَرِئَ لَوْ مَوْضِعًا لَا يَدْخُلُ فِيهِ أَحَدٌ بِلَا إذْنٍ. تَوَجَّهَتْ اللُّصُوصُ نَحْوَهُ فِي مَفَازَةٍ فَدَفَنَهَا حَذَرًا فَلَمَّا رَجَعَ لَمْ يَظْفَرْ بِمَحَلِّ دَفْنِهِ لَوْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَجْعَلَ فِيهِ عَلَامَةً، وَلَمْ يَفْعَلْ ضَمِنَ وَكَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>