للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فُصُولَيْنِ (وَ) لَيْسَ مِنْهُ مَا (إذَا أَقَرَّ الدَّائِنُ أَنَّ الدَّيْنَ لِفُلَانٍ وَأَنَّ اسْمَهُ) فِي كِتَابِ الدَّيْنِ (عَارِيَّةٌ) حَيْثُ (صَحَّ) إقْرَارُهُ لِكَوْنِهِ إخْبَارًا لَا تَمْلِيكًا فَلِلْمُقَرِّ لَهُ قَبْضُهُ بَزَّازِيَّةٌ وَتَمَامُهُ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ أَحْكَامِ الدَّيْنِ وَكَذَا لَوْ قَالَ الدَّيْنُ الَّذِي لِي عَلَى فُلَانٍ لِفُلَانٍ بَزَّازِيَّةٌ وَغَيْرُهَا.

قُلْت: وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ مَعَ الْإِضَافَةِ إلَى نَفْسِهِ يَكُونُ تَمْلِيكًا، وَتَمْلِيكُ الدَّيْنِ مِمَّنْ لَيْسَ عَلَيْهِ بَاطِلٌ، فَتَأَمَّلْهُ.

وَفِي الْأَشْبَاهِ فِي قَاعِدَةِ تَصَرُّفِ الْإِمَامِ مَعْزِيًّا لِصُلْحِ الْبَزَّازِيَّةِ اصْطَلَحَا أَنْ يُكْتَبَ اسْمُ أَحَدِهِمَا فِي الدِّيوَانِ فَالْعَطَاءُ لِمَنْ كُتِبَ اسْمُهُ إلَخْ

(وَالصَّدَقَةُ كَالْهِبَةِ) بِجَامِعِ التَّبَرُّعِ، وَحِينَئِذٍ (لَا تَصِحُّ غَيْرَ مَقْبُوضَةٍ وَلَا فِي مَشَاعٍ يُقْسَمُ، وَلَا رُجُوعَ فِيهَا) وَلَوْ عَلَى غَنِيٍّ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِيهَا الثَّوَابُ لَا الْعِوَضُ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْوَاهِبُ هِبَةٌ، وَالْآخَرُ صَدَقَةٌ فَالْقَوْلُ لِلْوَاهِبِ خَانِيَّةٌ.

[فُرُوعٌ] كَتَبَ قِصَّةً إلَى السُّلْطَانِ يَسْأَلُهُ تَمْلِيكَ أَرْضٍ مَحْدُودَةٍ فَأَمَرَ السُّلْطَانُ بِالتَّوْقِيعِ فَكَتَبَ كَاتِبُهُ جَعَلْتهَا مِلْكًا لَهُ هَلْ يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ فِي الْمَجْلِسِ؟ الْقِيَاسُ: نَعَمْ لَكِنْ لَمَّا تَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ أُقِيمَ السُّؤَالُ بِالْقِصَّةِ مَقَامَ حُضُورِهِ.

أَعْطَتْ زَوْجَهَا مَالًا بِسُؤَالِهِ لِيَتَوَسَّعَ فَظَفِرَ بِهِ بَعْضُ غُرَمَائِهِ إنْ كَانَتْ وَهَبَتْهُ أَوْ أَقْرَضَتْهُ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَسْتَرِدَّ مِنْ الْغَرِيمِ، وَإِنْ أَعْطَتْهُ لِيَتَصَرَّفَ فِيهِ عَلَى مِلْكِهَا فَلَهَا ذَلِكَ لَا لَهُ.

دَفَعَ لِابْنِهِ مَالًا لِيَتَصَرَّفَ فِيهِ فَفَعَلَ وَكَثُرَ ذَلِكَ فَمَاتَ الْأَبُ إنْ أَعْطَاهُ هِبَةً فَالْكُلُّ لَهُ، وَإِلَّا فَمِيرَاثٌ وَتَمَامُهُ فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. .

بَعَثَ إلَيْهِ بِهَدِيَّةٍ فِي إنَاءٍ هَلْ يُبَاحُ أَكْلُهَا فِيهِ إنْ كَانَ ثَرِيدًا وَنَحْوَهُ مِمَّا لَوْ حَوَّلَهُ إلَى إنَاءٍ آخَرَ ذَهَبَتْ لَذَّتُهُ يُبَاحُ وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا انْبِسَاطٌ يُبَاحُ أَيْضًا وَإِلَّا فَلَا.

ــ

[رد المحتار]

عَلَى أَنْ يَكُونَ مَا عَلَى الْمُشْتَرِي لِلْوَكِيلِ لَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ تَمْلِيكِ الدَّيْنِ مِمَّنْ لَيْسَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَتَأَمَّلْهُ) يُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ الدَّيْنُ الَّذِي لِي عَلَى فُلَانٍ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ هُوَ لِفُلَانٍ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، فَلَا إشْكَالَ، فَتَدَبَّرْ ح.

أَقُولُ: وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَبْنِيًّا عَلَى الْخِلَافِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ - رَاقِمًا لِعَلِيٍّ السَّعْدِيِّ -: إقْرَارُ الْأَبِ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ بِعَيْنٍ مِنْ مَالِهِ تَمْلِيكٌ، إنْ أَضَافَهُ إلَى نَفْسِهِ فِي الْإِقْرَارِ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَإِقْرَارٌ كَمَا فِي سُدُسِ دَارِي وَسُدُسِ هَذِهِ الدَّارِ، ثُمَّ رَقَمَ لِنَجْمِ الْأَئِمَّةِ الْبُخَارِيِّ: إقْرَارٌ فِي الْحَالَتَيْنِ لَا تَمْلِيكٌ اهـ.

قَالَ فِي إقْرَارِ الْمِنَحِ فَيُفِيدُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا، وَلَكِنَّ الْأَصْلَ الْمَذْكُورَ هُوَ الْمَشْهُورُ وَعَلَيْهِ فُرُوعٌ فِي الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْإِضَافَةَ فِي قَوْلِهِ: الدَّيْنُ الَّذِي لِي إضَافَةُ نِسْبَةٍ لَا مِلْكٍ كَمَا أَجَابَ بِهِ الشَّارِحُ فِي الْإِقْرَارِ عَنْ قَوْلِهِمْ: جَمِيعُ مَا فِي بَيْتِي لِفُلَانٍ فَإِنَّهُ إقْرَارٌ وَكَذَا قَالُوا: مِنْ أَلْفَاظِ الْإِقْرَارِ جَمِيعُ مَا يُعْرَفُ بِي أَوْ جَمِيعُ مَا يُنْسَبُ إلَيَّ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. وَقَدْ مَرَّتْ الْمَسْأَلَةُ قُبَيْلَ إقْرَارِ الْمَرِيضِ وَأَجَبْنَا عَنْهُ بِأَحْسَنَ مِمَّا هُنَا فَرَاجِعْهُ.

(قَوْلُهُ غَيْرَ مَقْبُوضَةٍ) فَإِنْ قُلْت: قَدَّمَ أَنَّ الصَّدَقَةَ لِفَقِيرَيْنِ جَائِزَةٌ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ بِقَوْلِهِ: وَصَحَّ تَصَدُّقُ عَشَرَةٍ لِفَقِيرَيْنِ.

قُلْت: الْمُرَادُ هُنَا مِنْ الْمَشَاعِ أَنْ يَهَبَ بَعْضَهُ لِوَاحِدٍ فَقَطْ فَحِينَئِذٍ هُوَ مَشَاعٌ يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ بِخِلَافِ الْفَقِيرَيْنِ فَإِنَّهُ لَا شُيُوعَ كَمَا تَقَدَّمَ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَى غَنِيٍّ) اخْتَارَهُ فِي الْهِدَايَةِ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ بِالصَّدَقَةِ عَلَى الْغَنِيِّ الثَّوَابَ لِكَثْرَةِ عِيَالِهِ بَحْرٌ، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ قُبَيْلَ بَابِ الرُّجُوعِ مِنْ أَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْغَنِيِّ هِبَةٌ وَلَعَلَّهُمَا قَوْلَانِ، تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: فَأَمَرَ السُّلْطَانُ) هَذَا إنَّمَا يَتِمُّ فِي أَرْضٍ مَوَاتٍ أَوْ مِلْكِ السُّلْطَانِ أَمَّا إذَا أَقْطَعَهُ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ فَلِلْإِمَامِ أَنْ يُخْرِجَهُ مَتَى شَاءَ كَمَا سَلَفَ ذَلِكَ فِي الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ ط.

(قَوْلُهُ: أَوْ أَقْرَضَتْهُ) وَسَيَأْتِي مَا لَوْ تَصَرَّفَ فِي مَالِهَا وَادَّعَى أَنَّهُ بِإِذْنِهَا

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَمِيرَاثٌ) بِأَنْ دَفَعَ إلَيْهِ لِيَعْمَلَ لِلْأَبِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>