للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَعَا قَوْمًا إلَى طَعَامٍ وَفَرَّقَهُمْ عَلَى أَخْوِنَةٍ لَيْسَ لِأَهْلِ خِوَانٍ مُنَاوَلَةُ أَهْلِ خِوَانٍ آخَرَ، وَلَا إعْطَاءُ سَائِلٍ وَخَادِمٍ وَهِرَّةٍ لِغَيْرِ رَبِّ الْمَنْزِلِ وَلَا كَلْبٍ، وَلَوْ لِرَبِّ الْمَنْزِلِ إلَّا أَنْ يُنَاوِلَهُ الْخُبْزَ الْمُحْتَرِقَ لِلْإِذْنِ عَادَةً، وَتَمَامُهُ فِي الْجَوْهَرَةِ.

وَفِي الْأَشْبَاهِ لَا جَبْرَ عَلَى الصِّلَاتِ إلَّا فِي أَرْبَعٍ: شُفْعَةٌ وَنَفَقَةُ زَوْجَةٍ وَعَيْنٌ مُوصًى بِهَا، وَمَالُ وَقْفٍ

وَقَدْ حَرَّرْت أَبْيَاتِ الْوَهْبَانِيَّةِ عَلَى وَقْفِ مَا فِي شَرْحِهَا لِلشُّرُنْبُلَالِيِّ فَقُلْت:

وَوَاهِبُ دَيْنٍ لَيْسَ يَرْجِعُ مُطْلَقًا ... وَإِبْرَاءُ ذِي نِصْفٍ يَصِحُّ الْمُحَرَّرُ

عَلَى حَجِّهَا أَوْ تَرْكِهِ ظُلْمَهُ لَهَا ... إذَا وَهَبَتْ مَهْرًا وَلَمْ يُوفِ يَخْسَرُ

مُعَلِّقُ تَطْلِيقٍ بِإِبْرَاءِ مَهْرِهَا ... وَإِنْكَاحِ أُخْرَى لَوْ بِرَدٍّ فَيَظْفَرُ

ــ

[رد المحتار]

فُرُوعٌ] .

دَفَعَ دَرَاهِمَ إلَى رَجُلٍ وَقَالَ: أَنْفِقْهَا فَفَعَلَ فَهُوَ قَرْضٌ، وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ ثَوْبًا، وَقَالَ: أَلْبِسْهُ نَفْسَك، فَهُوَ هِبَةٌ، وَالْفَرْقُ مَعَ أَنَّهُ تَمْلِيكٌ فِيهِمَا أَنَّ التَّمْلِيكَ قَدْ يَكُونُ بِعِوَضٍ، وَهُوَ أَدْنَى مِنْ تَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ، وَقَدْ أَمْكَنَ فِي الْأَوَّلِ لِأَنَّ قَرْضَ الدَّرَاهِمِ يَجُوزُ، بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ، وَلْوَالِجِيَّةٌ، وَفِيهَا: قَالَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِلْآخَرِ: وَهَبْتُك حِصَّتِي مِنْ الرِّبْحِ، وَالْمَالُ قَائِمٌ لَا تَصِحُّ، لِأَنَّهَا هِبَةُ مَشَاعٍ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ وَلَوْ كَانَ اسْتَهْلَكَهُ الشَّرِيكُ صَحَّتْ.

رَجُلٌ اشْتَرَى حُلِيًّا وَدَفَعَهُ إلَى امْرَأَتِهِ وَاسْتَعْمَلَتْهُ، ثُمَّ مَاتَتْ ثُمَّ اخْتَلَفَ الزَّوْجُ وَوَرَثَتُهَا أَنَّهَا هِبَةٌ أَوْ عَارِيَّةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ مَعَ الْيَمِينِ أَنَّهُ دَفَعَ ذَلِكَ إلَيْهَا عَارِيَّةً؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِلْهِبَةِ مِنَحٌ وَانْظُرْ مَا كَتَبْنَاهُ أَوَّلَ كِتَابِ الْهِبَةِ عَنْ خِزَانَةِ الْفَتَاوَى، قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَهَذَا صَرِيحٌ فِي رَدِّ كَلَامِ أَكْثَرِ الْعَوَامّ أَنَّ تَمَنُّعَ الْمَرْأَةِ يُوجِبُ التَّمْلِيكَ وَلَا شَكَّ فِي فَسَادِهِ اهـ وَسَبَقَهُ إلَى هَذَا صَاحِبُ الْبَحْرِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ فِي بَابِ التَّحَالُفِ، وَكَتَبْنَا هُنَاكَ عَنْ الْبَدَائِعِ: أَنَّ الْمَرْأَةَ إنْ أَقَرَّتْ أَنَّ هَذَا الْمَتَاعَ اشْتَرَاهُ لِي سَقَطَ قَوْلُهَا؛ لِأَنَّهَا أَقَرَّتْ بِالْمِلْكِ لِزَوْجِهَا ثُمَّ ادَّعَتْ الِانْتِقَالَ إلَيْهَا فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ اهـ وَظَاهِرُهُ شُمُولُ ثِيَابِ الْبَدَنِ، وَلَعَلَّهُ فِي غَيْرِ الْكِسْوَةِ الْوَاجِبَةِ، وَهُوَ الزَّائِدُ عَلَيْهَا، تَأَمَّلْ وَرَاجِعْ. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا مَرَّ أَوَّلَ الْهِبَةِ مِنْ قَوْلِهِ: اتَّخَذَ لِوَلَدِهِ ثِيَابًا إلَخْ فَحَيْثُ لَا رُجُوعَ لَهُ هُنَاكَ مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِالْعَارِيَّةِ فَهُنَا أَوْلَى. .

(قَوْلُهُ خِوَانٍ) بِكَسْرِ الْخَاءِ وَأَخْوِنَةٍ قَبْلَهَا بِكَسْرِ التَّاءِ مُنَوَّنَةً (قَوْلُهُ عَلَى الصِّلَاتِ) بِكَسْرِ الصَّادِ.

(قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ قَبِلَ الْمَدْيُونُ أَوْ لَا، وَقِيلَ: لَا بُدَّ مِنْ الْقَبُولِ، وَيَظْهَرُ لَك مِنْهُ مَا فِي كَلَامِ الْبَحْرِ حَيْثُ قَالَ أَوَّلَ بَابِ الرُّجُوعِ: وَأَطْلَقَ الْهِبَةَ فَانْصَرَفَتْ إلَى الْأَعْيَانِ، فَلَا رُجُوعَ فِي هِبَةِ الدَّيْنِ لِلْمَدْيُونِ بَعْدَ الْقَبُولِ، بِخِلَافِهِ قَبْلَهُ لِكَوْنِهَا إسْقَاطًا اهـ وَكَأَنَّهُ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الرَّدُّ بِالرُّجُوعِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَإِبْرَاءُ ذِي نِصْفٍ إلَخْ) قَالَ قَاضِي خَانْ: وَإِذَا كَانَ دَيْنٌ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَوَهَبَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ الْمَدْيُونِ جَازَ، وَإِنْ وَهَبَ نِصْفَ الدَّيْنِ مُطْلَقًا يَنْفُذُ فِي الرُّبْعِ كَمَا لَوْ وَهَبَ نِصْفَ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ اهـ كَذَا فِي الْهَامِشِ (قَوْلُهُ: عَلَى حَجِّهَا إلَخْ) اشْتَمَلَ الْبَيْتُ عَلَى مَسْأَلَتَيْنِ: الْأُولَى امْرَأَةٌ تَرَكَتْ مَهْرَهَا لِلزَّوْجِ عَلَى أَنْ يَحُجَّ بِهَا، فَلَمْ يَحُجَّ بِهَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ: إنَّهَا تَعُودُ بِمَهْرِهَا؛ لِأَنَّ الرِّضَا بِالْهِبَةِ كَانَ بِشَرْطِ الْعِوَضِ، فَإِذَا انْعَدَمَ الْعِوَضُ انْعَدَمَ الرِّضَا، وَالْهِبَةُ لَا تَصِحُّ بِدُونِ الرِّضَا.

وَالثَّانِيَةُ: إذَا قَالَتْ لِزَوْجِهَا: وَهَبْت مَهْرِي مِنْك عَلَى أَنْ لَا تَظْلِمَنِي فَقَبِلَ صَحَّتْ الْهِبَةُ فَلَوْ ظَلَمَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَالْهِبَةُ مَاضِيَةٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَهْرُهَا بَاقٍ إنْ ظَلَمَهَا كَذَا فِي الْهَامِشِ (قَوْلُهُ: مُعَلِّقُ تَطْلِيقٍ إلَخْ) الْبَيْتَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ نَظَمَ فِيهِ مَسْأَلَةً سُئِلَ عَنْهَا وَهِيَ قَالَ لَهَا مَتَى نَكَحْت عَلَيْك أُخْرَى، وَأَبْرَأْتِنِي مِنْ مَهْرِك فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَهَلْ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ أَوْفَاهَا الْمَهْرَ فَلَمْ يَبْقَ مَا تُبْرِئُهُ عَنْهُ، وَأَنْكَرَتْ يُقْبَلُ فِي عَدَمِ الْحِنْثِ، وَإِنْ لَمْ يُقْبَلْ بِالنَّظَرِ بِسُقُوطِ حَقِّهَا كَمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: لَوْ اخْتَلَفَا فِي وُجُودِ الشَّرْطِ؟ فَأَجَابَ: إنْ رَدَّ الَإِبْرَاءَ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَمَا ادَّعَتْ فَرَدُّهُ أَبْطَلَهُ، وَإِنْ كَانَ كَمَا ادَّعَى فَالرَّدُّ مُعْتَبَرٌ لِبُطْلَانِ الْإِبْرَاءِ الْمُقْتَضِي لِلْحِنْثِ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ الرَّدُّ مَعَ دَعْوَى الدَّفْعِ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُ إذَا قَبَضَ دَيْنَهُ ثُمَّ أَبْرَأَ غَرِيمَهُ وَقَبِلَ، صَحَّ الْإِبْرَاءُ، وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا قَبَضَ. اهـ مُلَخَّصًا، وَمَفْهُومُهُ: أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>