لِلْمَنْفَعَةِ (أَوْ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ) إلَّا فِي ثَلَاثٍ مَذْكُورَةٍ فِي الْأَشْبَاهِ.
ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى هَذَا بِقَوْلِهِ (فَيَجِبُ الْأَجْرُ لِدَارٍ قُبِضَتْ وَلَمْ تُسْكَنْ) لِوُجُودِ تَمَكُّنِهِ مِنْ الِانْتِفَاعِ، وَهَذَا (إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً، أَمَّا فِي الْفَاسِدَةِ فَلَا) يَجِبُ الْأَجْرُ (إلَّا بِحَقِيقَةِ الِانْتِفَاعِ) كَمَا بَسَطَ فِي الْعِمَادِيَّةِ، وَظَاهِرُ مَا فِي الْإِسْعَافِ إخْرَاجُ الْوَقْفِ فَتَجِبُ أُجْرَتُهُ فِي الْفَاسِدِ بِالتَّمَكُّنِ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ.
ــ
[رد المحتار]
مُعْظَمَ الْأُجْرَةِ لِلسَّنَةِ الْأَخِيرَةِ وَالْبَاقِي لِمَا قَبْلَهَا، أَمَّا اسْتِثْنَاءُ الْأَيَّامِ فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا قَادِرًا عَلَى الْفَسْخِ، وَأَمَّا جَعْلُ الْأُجْرَةِ الْقَلِيلَةِ لِمَا عَدَا الْأَخِيرَةَ فَلِئَلَّا يَفْسَخَ الْمُؤَجِّرُ الْإِجَارَةَ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ، فَلَوْ أَمِنَا الْفَسْخَ لَا تَلْزَمُ الْقُيُودُ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُضَافَةَ لَازِمَةٌ، فَإِذَا احْتَاجَ النَّاظِرُ إلَى تَعْجِيلِ الْأُجْرَةِ يَعْقِدُ كَذَلِكَ، وَلَكِنْ أَوْرَدَ أَنَّهُ إنْ اُعْتُبِرَتْ عَقْدًا وَاحِدًا يَلْزَمُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَإِنْ عُقُودًا فَلَا تُمْلَكُ بِالتَّعْجِيلِ وَلَا بِاشْتِرَاطِهِ؛ لِأَنَّهَا مُضَافَةٌ فَيَفُوتُ الْغَرَضُ.
وَأُجِيبَ إنَّمَا اخْتَارَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ مِنْ أَنَّهَا تُجْعَلُ عَقْدًا وَاحِدًا فِي حَقِّ مِلْكِ الْأُجْرَةِ بِالتَّعْجِيلِ أَوْ اشْتِرَاطِهِ وَعُقُودًا فِي حَقِّ سَائِرِ الْأَحْكَامِ؛ وَبِأَنَّا لَمْ نَجْعَلْ تِلْكَ الْأَيَّامَ مُدَّةَ خِيَارٍ بَلْ خَارِجَةً عَنْ الْعَقْدِ، وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ غَيْرُ مُحَرَّرٍ (قَوْلُهُ أَوْ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ) فِي الْهِدَايَةِ: وَإِذَا قَبَضَ الْمُسْتَأْجِرُ الدَّارَ فَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ وَإِنْ لَمْ يَسْكُنْ.
قَالَ فِي النِّهَايَةِ: وَهَذِهِ مُقَيَّدَةٌ بِقُيُودٍ: أَحَدُهُمَا التَّمَكُّنُ، فَإِنْ مَنَعَهُ الْمَالِكُ أَوْ الْأَجْنَبِيُّ أَوْ سَلَّمَ الدَّارَ مَشْغُولَةً بِمَتَاعِهِ لَا تَجِبُ الْأُجْرَةُ.
الثَّانِي أَنْ تَكُونَ صَحِيحَةً، فَلَوْ فَاسِدَةً فَلَا بُدَّ مِنْ حَقِيقَةِ الِانْتِفَاعِ.
الثَّالِثُ أَنَّ التَّمَكُّنَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِي مَحَلِّ الْعَقْدِ، حَتَّى لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِلْكُوفَةِ فَأَسْلَمَهَا فِي بَغْدَادَ بَعْدَ الْمُدَّةِ فَلَا أَجْرَ.
الرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ مُتَمَكِّنًا فِي الْمُدَّةِ، فَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا إلَى الْكُوفَةِ فِي هَذَا الْيَوْمِ وَذَهَبَ بَعْدَ مُضِيِّ الْيَوْمِ بِالدَّابَّةِ وَلَمْ يَرْكَبْ لَمْ يَجِبْ الْأَجْرُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَمَكَّنَ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ طُورِيٌّ، وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الْأَوْلَى ذِكْرُ الْقُيُودِ فَيُسْتَغْنَى عَنْ قَوْلِهِ إلَّا فِي ثَلَاثٍ كَمَا سَيَظْهَرُ لَكَ (قَوْلُهُ إلَّا فِي ثَلَاثٍ) الْأُولَى إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً.
الثَّانِيَةُ إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ خَارِجَ الْمِصْرِ فَحَبَسَهَا عِنْدَهُ وَلَمْ يَرْكَبْهَا.
الثَّالِثَةُ اسْتَأْجَرَ ثَوْبًا كُلَّ يَوْمٍ بِدَانَقٍ فَأَمْسَكَهُ سِنِينَ مِنْ غَيْرِ لُبْسٍ لَمْ يَجِبْ أَجْرُ مَا بَعْدَ الْمُدَّةِ الَّتِي لَوْ لَبِسَهُ فِيهَا لَتَخَرَّقَ، وَفِي هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ نَظَرٌ،؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الصَّحِيحَةِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ الْمَتْنِ عَلَى أَنَّ الْفَاسِدَةَ سَيَذْكُرُهَا، وَلِأَنَّ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ يُسْتَغْنَى عَنْهُمَا بِذِكْرِ الْقُيُودِ السَّابِقَةِ لِلْمَسْأَلَةِ، فَإِنَّ الثَّانِيَةَ خَارِجَةٌ بِالْقَيْدِ الثَّالِثِ لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ فِي الْمَكَانِ الْمُضَافِ إلَيْهِ الْعَقْدُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِلرُّكُوبِ فِي الْمِصْرِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْهُ إتْقَانِي، وَالثَّالِثَةُ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا التَّمَكُّنُ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي سَقَطَ أَجْرُهَا فَهِيَ خَارِجَةٌ بِالرَّابِعِ (قَوْلُهُ ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى هَذَا) أَيْ الْأَخِيرِ وَهُوَ التَّمَكُّنُ مِنْ الِانْتِفَاعِ ط (قَوْلُهُ لِدَارٍ قُبِضَتْ) أَيْ خَالِيَةٍ مِنْ الْمَوَانِعِ (قَوْلُهُ إلَّا بِحَقِيقَةِ الِانْتِفَاعِ) أَيْ إذَا وُجِدَ التَّسْلِيمُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ جِهَةِ الْآخَرِ، أَمَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ مِنْ جِهَتِهِ فَلَا أَجْرَ وَإِنْ اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ إتْقَانِي.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَجْرَ الْوَاجِبَ فِي الْفَاسِدَةِ مُخْتَلِفٌ، تَارَةً يَكُونُ الْمُسَمَّى، وَتَارَةً يَكُونُ أَجْرَ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَتَارَةً لَا يَتَجَاوَزُ الْمُسَمَّى، وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي بَابِهَا (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ مَا فِي الْإِسْعَافِ) حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا أَوْ دَارًا وَقْفًا إجَارَةً فَاسِدَةً فَزَرَعَهَا أَوْ سَكَنَهَا يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مِثْلِهَا وَإِلَّا لَا عَلَى قَوْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ.
قَالَ فِي الْمِنَحِ: فَأَخَذَ مَوْلَانَا صَاحِبُ الْبَحْرِ مِنْ مَفْهُومِهِ مَا ذَكَرَهُ فَإِنَّهُ يُفِيدُ لُزُومَ الْأَجْرِ عَلَى قَوْلِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَهَذَا ظَاهِرٌ.
إذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ ظَهَرَ لَكَ أَنَّ مُنْلَا خُسْرو أَطْلَقَ فِي مَحَلِّ التَّقْيِيدِ اهـ.
وَلَا يَخْفَى عَلَيْكَ أَنَّهُ وَارِدٌ عَلَى مَتْنِهِ أَيْضًا.
وَتَعَقَّبَهُ الْعَلَّامَةُ الْبِيرِيُّ فَقَالَ: لَمْ نَرَ فِي الْمَسْأَلَةِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ كَلَامًا.
وَاَلَّذِي رَأَيْنَاهُ فِي وَقْفِ النَّاصِحِيِّ: وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً فَقَبَضَهَا الْمُسْتَأْجِرُ فَلَمْ يَزْرَعْ الْأَرْضَ أَوْ لَمْ يَسْكُنْ الدَّارَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: فَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ