للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ السَّاكِنِ؛ لِأَنَّهُ فَرْدٌ ذَخِيرَةٌ وَبِقَوْلِهِ (وَلَا يَعْتِقُ قَرِيبُ الْمُؤَجِّرِ لَوْ كَانَ أُجْرَةً) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ بِالْعَقْدِ، وَالْمُرَادُ مِنْ تَمَكُّنِهِ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ تَسْلِيمُ الْمَحَلِّ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِحَيْثُ لَا مَانِعَ مِنْ الِانْتِفَاعِ

(فَلَوْ سَلَّمَهُ) الْعَيْنَ الْمُؤَجَّرَةَ (بَعْدَ مُضِيِّ بَعْضِ الْمُدَّةِ) الْمُؤَجَّرَةِ (فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِامْتِنَاعُ) مِنْ التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ فِي بَاقِي الْمُدَّةِ (إذَا لَمْ يَكُنْ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَقْتٌ يُرْغَبُ فِيهَا لِأَجْلِهِ، فَإِنْ كَانَ فِيهَا) أَيْ فِي الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ (وَقْتٌ كَذَلِكَ) كَبُيُوتِ مَكَّةَ وَمِنًى وَحَوَانِيتِهِمَا زَمَنَ الْمَوْسِمِ فَإِنَّهُ لَا يُرْغَبُ فِيهَا بَعْدَ الْمَوْسِمِ، فَلَوْ لَمْ يُسَلِّمْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُرْغَبُ لِأَجْلِهِ (خُيِّرَ فِي قَبْضِ الْبَاقِي) كَمَا فِي الْبَيْعِ كَذَا فِي الْبَحْرِ وَلَوْ سَلَّمَهُ الْمِفْتَاحَ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْفَتْحِ لِضَيَاعِهِ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ الْفَتْحُ بِلَا كُلْفَةٍ وَجَبَ الْأَجْرُ وَإِلَّا لَا أَشْبَاهٌ.

ــ

[رد المحتار]

وَفِي الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ فِي الِاخْتِلَافِ مِنْ التَّتَارْخَانِيَّة: الِاخْتِلَافُ هُنَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا فِي مِقْدَارِ الْمُدَّةِ بِأَنْ قَالَ الْمُؤَجِّرُ انْقَطَعَ الْمَاءُ خَمْسَةَ أَيَّامٍ وَالْمُسْتَأْجِرُ عَشَرَةً، وَإِمَّا فِي أَصْلِ الِانْقِطَاعِ بِأَنْ قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ انْقَطَعَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَأَنْكَرَهُ الْمُؤَجِّرُ، فَفِي أَوَّلِ الْقَوْلِ لِلْمُسْتَأْجِرِ مَعَ يَمِينِهِ، وَفِي الثَّانِي يُحَكَّمُ الْحَالُ، إنْ كَانَ الْمَاءُ جَارِيًا وَقْتَ الْخُصُومَةِ فَالْقَوْلُ لِلْمُؤَجِّرِ مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنْ مُنْقَطِعًا وَقْتَهَا فَلِلْمُسْتَأْجِرِ اهـ مُلَخَّصًا: وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَلِذَا قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَلَوْ أَقَامَ الْمُسْتَأْجِرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْمَاءَ كَانَ مُنْقَطِعًا فِيمَا مَضَى يَقْضِي بِهَا وَإِنْ كَانَ جَارِيًا لِلْحَالِ اهـ وَسَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ الْمَسْأَلَةَ آخِرَ بَابِ ضَمَانِ الْأَجِيرِ (قَوْلُهُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ السَّاكِنُ إلَخْ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْغَصْبِ يَعْنِي لَوْ آجَرَهُ الدَّارَ وَفِيهَا شَخْصٌ سَاكِنٌ وَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فَقَالَ بَعْدَ الْمُدَّةِ مَنَعَنِي السَّكَنَ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ وَالسَّاكِنُ مُقِرٌّ أَوْ جَاحِدٌ لَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِ السَّاكِنِ؛ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ عَلَى الْغَيْرِ أَوْ مُقِرٌّ وَشَهَادَةُ الْفَرْدِ وَالْإِقْرَارُ عَلَى الْغَيْرِ لَا يُقْبَلُ، فَبَقِيَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمَا، فَيُنْظَرُ إنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ هُوَ السَّاكِنُ حَالَ الْمُنَازَعَةِ فَالْقَوْلُ لِلْمُؤَجِّرِ، وَإِنْ كَانَ السَّاكِنُ غَيْرَهُ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ ذَخِيرَةٌ

١ -

(قَوْلُهُ وَبِقَوْلِهِ) عَطْفٌ عَلَى بِقَوْلِهِ السَّابِقِ فَيُفِيدُ أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى التَّمَكُّنِ أَيْضًا مَعَ أَنَّهُ مِنْ فُرُوعِ قَوْلِهِ وَلَا يَلْزَمُ بِالْعَقْدِ فَكَانَ عَلَيْهِ إبْقَاءُ الْمَتْنِ عَلَى حَالِهِ وَجَعْلُهَا مَسْأَلَةً مُسْتَقِلَّةً (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ بِالْعَقْدِ) فَإِنْ قِيلَ يُشْكِلُ عَلَيْهِ صِحَّةُ الْإِبْرَاءِ عَنْ الْأُجْرَةِ وَالْكَفَالَةِ وَالرَّهْنِ بِهَا.

قُلْتُ: لَا إذْ ذَلِكَ بِنَاءٌ عَلَى وُجُودِ السَّبَبِ فَصَارَ كَالْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ بَعْدَ الْجَرْحِ إتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ مِنْ تَمَكُّنِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ مَا فِي الْمَتْنِ تَفْرِيعٌ عَلَى مُقَدَّرٍ (قَوْلُهُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ) يَشْمَلُ الْوَكِيلَ بِالِاسْتِئْجَارِ، لَكِنْ لَوْ سَكَنَهَا الْوَكِيلُ بِنَفْسِهِ قَالَ الثَّانِي لَا أَجْرَ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ عَلَى الْمُوَكِّلِ،؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْوَكِيلِ كَقَبْضِهِ فَوَقَعَ الْقَبْضُ أَوَّلًا لِلْمُوَكِّلِ وَصَارَ الْوَكِيلُ بِالسُّكْنَى غَاصِبًا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَجْرُ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْغَصْبَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ يُسْقِطُ الْأَجْرَ بَزَّازِيَّةٌ

(قَوْلُهُ فَلَوْ سَلَّمَهُ) أَيْ أَرَادَ تَسْلِيمَهُ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ الْمُؤَجَّرَةَ) مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ ح أَيْ الْمُؤَجَّرَ فِيهَا بِخِلَافِ الْمُؤَجَّرِ الْأَوَّلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ كَمَا فِي الْبَيْعِ) أَيْ إذَا اشْتَرَى نَحْوَ بُيُوتِ مَكَّةَ قَبْلَ زَمَنِ الْمَوْسِمِ فَلَمْ يَقَعْ التَّسْلِيمُ إلَّا بَعْدَ فَوْتِهِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يُخَيَّرُ لِفَوَاتِ الرَّغْبَةِ ط وَلَمْ يَعْزُهُ لِأَحَدٍ فَلْيُرَاجَعْ.

وَقَالَ ح: يَعْنِي إذَا اُسْتُحِقَّ بَعْضُ الْمَبِيعِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يُتَخَيَّرُ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ اهـ.

قَالَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الرَّحْمَتِيُّ: وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْخِيَارُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ وَقْتًا يُرْغَبُ فِيهِ أَوْ لَا لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ: وَلِأَنَّهُ حَيْثُ مَنَعَهُ مِنْ التَّسْلِيمِ فِي أَوَّلِ الْمُدَّةِ رُبَّمَا يَكُونُ مُضْطَرًّا إلَى الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ فَيَسْتَأْجِرُ غَيْرَهَا، فَإِذَا أَلْزَمَهَا بَعْدَ مُضِيِّ بَعْضِ الْمُدَّةِ رُبَّمَا يَتَضَرَّرُ بِذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.

وَالْأَظْهَرُ مَا قَالَهُ أَبُو الطَّيِّبِ: أَيْ إذَا لَمْ يُوجَدْ فِي الْبَيْعِ الصِّفَةُ الَّتِي اشْتَرَاهَا لِلرَّغْبَةِ فِيهَا كَالْخِيَاطَةِ وَالْكِتَابَةِ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ لِضَيَاعِهِ) عِلَّةٌ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ. وَعِبَارَةُ الذَّخِيرَةِ: وَفِي الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ: آجَرَ مِنْ آخَرَ حَانُوتًا وَدَفَعَ إلَيْهِ الْمِفْتَاحَ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى فَتْحِهِ وَضَلَّ الْمِفْتَاحَ أَيَّامًا ثُمَّ وَجَدَهُ، فَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ فَتْحُهُ بِهِ فَعَلَيْهِ أَجْرُ مَا مَضَى وَإِلَّا فَلَا.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>