للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: وَكَذَا لَوْ عَجَزَ الْمُسْتَأْجِرُ عَنْ الْفَتْحِ بِهَذَا الْمِفْتَاحِ لَمْ يَكُنْ تَسْلِيمًا؛ لِأَنَّ التَّخْلِيَةَ لَمْ تَصِحَّ صَيْرَفِيَّةٌ وَلَوْ اخْتَلَفَا بِحُكْمِ الْحَالِ، وَلَوْ بَرْهَنَا فَبَيِّنَةُ الْمُؤَجِّرِ ذَخِيرَةٌ وَكَذَا الْبَيْعُ.

وَقِيلَ إنْ قَالَ لَهُ اقْبِضْ الْمِفْتَاحَ وَافْتَحْ الْبَابَ فَهُوَ تَسْلِيمٌ وَإِلَّا لَا كَمَا بَسَطَهُ الْمُصَنِّفُ

(وَلِلْمُؤَجِّرِ طَلَبُ الْأَجْرِ لِلدَّارِ وَالْأَرْضِ) كُلَّ يَوْمٍ (وَلِلدَّابَّةِ كُلَّ مَرْحَلَةٍ) إذَا أَطْلَقَهُ، وَلَوْ بَيَّنَ تَعَيَّنَ وَلِلْخِيَاطَةِ (وَنَحْوِهَا) مِنْ الصَّنَائِعِ (إذَا فَرَغَ وَسَلَّمَهُ) فَهَلَكَهُ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ يَسْقُطُ الْأَجْرُ،

ــ

[رد المحتار]

إنْ قَدَرَ عَلَى الْفَتْحِ بِلَا مُؤْنَةٍ لَزِمَ الْأَجْرُ وَإِلَّا فَلَا، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْتَجَّ وَيَقُولَ هَلَّا كَسَرْتَ الْغَلَقَ وَدَخَلْتَ (قَوْلُهُ وَلَوْ اخْتَلَفَا) أَيْ فِي الْعَجْزِ وَعَدَمِهِ يُحَكَّمُ الْحَالُ.

قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَلَوْ اخْتَلَفَا وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا يُنْظَرُ إلَى الْمِفْتَاحِ الَّذِي دُفِعَ إلَيْهِ لِلْحَالِ، إنْ لَاءَمَ هَذَا الْغَلَقَ وَأَمْكَنَ فَتْحُهُ بِهِ فَالْقَوْلُ لِلْمُؤَجِّرِ وَإِلَّا فَلِلْمُسْتَأْجِرِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بَرْهَنَا فَبَيِّنَةُ الْمُؤَجِّرِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمِفْتَاحُ لَا يُلَائِمُ؛ لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ لِتَحْكِيمِ الْحَالِ مَتَى جَاءَتْ الْبَيِّنَةُ بِخِلَافِهِ كَمَسْأَلَةِ الطَّاحُونَةِ، وَإِنَّمَا تُقْبَلُ إذَا كَانَ الْمُؤَجِّرُ يَدَّعِي أَنَّهُ كَانَ يُلَائِمُ الْغَلَقَ وَلَكِنْ غَيَّرَهُ وَالْمُسْتَأْجِرُ يَقُولُ لَا بَلْ لَمْ يَكُنْ مُلَائِمًا مِنْ الْأَصْلِ ذَخِيرَةٌ (قَوْلُهُ وَكَذَا الْبَيْعُ) أَيْ إذَا اشْتَرَى دَارًا وَقَبَضَ مِفْتَاحَهَا وَلَمْ يَذْهَبْ إلَيْهَا، فَإِنْ كَانَ الْمِفْتَاحُ بِحَالِهِ يَتَهَيَّأُ لَهُ أَنْ يَفْتَحَهُ مِنْ غَيْرِ كُلْفَةٍ يَكُونُ قَابِضًا وَإِلَّا فَلَا مِنَحٌ.

وَقَدْ ظَهَرَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ تَسْلِيمَ الْمِفْتَاحِ مَعَ التَّخْلِيَةِ بَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ وَالدَّارِ وَإِمْكَانَ الْفَتْحِ بِهِ بِلَا كُلْفَةٍ تَسْلِيمٌ لِلدَّارِ فَيَجِبُ الْأَجْرُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَإِنْ لَمْ يَسْكُنْ، وَقَيَّدَهُ فِي الْقُنْيَةِ بِأَنْ يَكُونَ فِي الْمِصْرِ حَيْثُ قَالَ: وَتَسْلِيمُ الْمِفْتَاحِ فِي السَّوَادِ لَيْسَ بِتَسْلِيمٍ لِلدَّارِ وَإِنْ حَضَرَ فِي الْمِصْرِ وَالْمِفْتَاحُ فِي يَدِهِ، وَأَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ وَالْمِنَحِ، لَكِنَّهُ بِخِلَافِ مَا أَفْتَى بِهِ قَارِئُ الْهِدَايَةِ وَأَقَرَّهُ مُحَشُّو الْأَشْبَاهِ كَمَا سَيَأْتِي قُبَيْلَ مَسَائِلَ شَتَّى

(قَوْلُهُ لِلدَّارِ وَالْأَرْضِ إلَخْ) الْمُرَادُ كُلُّ مَا تَقَعُ الْإِجَارَةُ فِيهِ عَلَى الْمَنْفَعَةِ أَوْ عَلَى قَطْعِ الْمَسَافَةِ أَوْ عَلَى الْعَمَلِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بَيَّنَ تَعَيَّنَ) أَيْ لَوْ بَيَّنَ وَقْتَ الِاسْتِحْقَاقِ فِي الْعَقْدِ تَعَيَّنَ، وَلِذَا قَالَ فِي الْعَزْمِيَّةِ هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْأُجْرَةُ مُعَجَّلَةً أَوْ مُؤَجَّلَةً أَوْ مُنَجَّمَةً وَهَذَا قَوْلُهُمْ جَمِيعًا عَلَى مَا قُرِّرَ فِي الْخُلَاصَةِ اهـ فَالْمُرَادُ فِيمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مَا إذَا سَكَتَ عَنْ الْبَيَانِ (قَوْلُهُ إذَا فَرَغَ وَسَلَّمَهُ) اعْلَمْ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ كَانَ أَوَّلًا يَقُولُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ مِنْ الْأُجْرَةِ مَا لَمْ يَسْتَوْفِ جَمِيعَ الْمَنْفَعَةِ وَالْعَمَلِ؛ لِأَنَّهُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فَلَا يَتَوَزَّعُ الْأَجْرُ عَلَى الْأَجْزَاءِ كَالثَّمَنِ فِي الْمَبِيعِ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: إنْ وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى الْمُدَّةِ كَمَا فِي إجَارَةِ الدَّارِ وَالْأَرْضِ أَوْ قَطْعِ الْمَسَافَةِ كَمَا فِي الدَّابَّةِ وَجَبَ بِحِصَّةِ مَا اسْتَوْفَى لَوْ لَهُ أُجْرَةٌ مَعْلُومَةٌ بِلَا مَشَقَّةٍ فَفِي الدَّارِ لِكُلِّ يَوْمٍ وَفِي الْمَسَافَةِ لِكُلِّ مَرْحَلَةٍ.

وَالْقِيَاسُ أَنْ يَجِبَ فِي كُلِّ سَاعَةٍ بِحِسَابِهِ تَحْقِيقًا لِلْمُسَاوَاةِ لَكِنْ فِيهِ حَرَجٌ، وَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى الْعَمَلِ كَالْخِيَاطَةِ وَالْقِصَارَةِ فَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ مَا لَمْ يَفْرُغْ مِنْهُ فَيَسْتَحِقُّ الْكُلَّ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ فِي الْبَعْضِ غَيْرُ مُنْتَفَعٍ بِهِ، وَكَذَا إذَا عَمِلَ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَمْ يَفْرُغْ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ الْأُجْرَةِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالتَّجْرِيدِ.

وَذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ وَالْفَوَائِدِ الظَّهْرِيَّةِ وَالذَّخِيرَةِ وَمَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَشَرْحِ الْجَامِعِ لِفَخْرِ الْإِسْلَامِ وَقَاضِي خَانْ والتمرتاشي أَنَّهُ إذَا خَاطَ الْبَعْضَ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ يَجِبُ الْأَجْرُ بِحِسَابِهِ، حَتَّى إذَا سُرِقَ الثَّوْبُ بَعْدَ مَا خَاطَ بَعْضَهُ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ بِبَعْضِ الْعَمَلِ فِي كُلِّ مَا مَرَّ لَكِنْ بِشَرْطِ التَّسْلِيمِ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ، فَفِي سُكْنَى الدَّارِ وَقَطْعِ الْمَسَافَةِ صَارَ مُسْلِمًا بِمُجَرَّدِ تَسْلِيمِ الدَّارِ وَقَطْعِ الْمَسَافَةِ فِي الْخِيَاطَةِ بِالتَّسْلِيمِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَأَنْ خَاطَهُ فِي مَنْزِلِ الْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّ مَنْزِلَهُ فِي يَدِهِ زَيْلَعِيٌّ مُلَخَّصًا.

وَحَاصِلُهُ أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ إنَّهُ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ عَلَى الْبَعْضِ بِلَا تَسْلِيمٍ أَصْلًا، وَأَمَّا مَعَ التَّسْلِيمِ فَيَجِبُ الْأَجْرُ عَلَى الْبَعْضِ فِي سُكْنَى الدَّارِ وَقَطْعِ الْمَسَافَةِ.

وَاخْتَلَفُوا عَلَى قَوْلِهِ فِي الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْعَمَلِ كَالْخِيَاطَةِ فَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ أَيْضًا بِالتَّسْلِيمِ، وَلَوْ حُكْمًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>