للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَا كُلُّ مَنْ لِعَمَلِهِ أَثَرٌ، وَمَا لَا أَثَرَ لَهُ كَجَمَّالٍ لَهُ الْأَجْرُ كَمَا فَرَغَ وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ بَحْرٌ (وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (عَمِلَ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ نَعَمْ لَوْ سُرِقَ) بَعْدَ مَا خَاطَ بَعْضَهُ أَوْ انْهَدَمَ مَا بَنَاهُ فَلَهُ الْأَجْرُ بِحِسَابِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ بَحْرٌ وَابْنُ كَمَالٍ (ثَوْبٌ خَاطَهُ الْخَيَّاطُ بِأَجْرٍ فَفَتَقَهُ رَجُلٌ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ رَبُّ الثَّوْبِ فَلَا أَجْرَ لَهُ) بَلْ لَهُ تَضْمِينُ الْفَاتِقِ (وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْإِعَادَةِ، وَإِنْ كَانَ الْخَيَّاطُ هُوَ الْفَاتِقُ فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ) كَأَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ، بِخِلَافِ فَتْقِ الْأَجْنَبِيِّ وَهَلْ لِلْخَيَّاطِ أَجْرُ التَّفْصِيلِ بِلَا خِيَاطَةٍ؟ الْأَصَحُّ لَا أَشْبَاهٌ لَكِنَّ حَاشِيَتَهَا مَعْزِيًّا لِلْمُضْمَرَاتِ، الْمُفْتَى بِهِ نَعَمْ.

وَقَالَ الْمُصَنِّفُ: يَنْبَغِي أَنْ يَحْكُمَ الْعُرْفُ اهـ.

ثُمَّ رَأَيْتُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة مَعْزِيًّا لِلْكُبْرَى أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى الْأَوَّلِ فَتَأَمَّلْ (وَ) لِلْخَبَّازِ طَلَبُ الْأَجْرِ (لِلْخُبْزِ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ بَعْدَ إخْرَاجِهِ مِنْ التَّنُّورِ) ؛ لِأَنَّ تَمَامَهُ بِذَلِكَ وَبِإِخْرَاجِ بَعْضِهِ بِحِسَابِهِ جَوْهَرَةٌ (فَإِنْ احْتَرَقَ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ

ــ

[رد المحتار]

وَخَالَفَهُمْ صَاحِبَا الْهِدَايَةِ وَالتَّجْرِيدِ فَقَالَا: لَا يَجِبُ.

قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَهُوَ الْأَقْرَبُ إلَى الْمَرْوِيِّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فِي الْقَوْلِ الْمَرْجُوعِ إلَيْهِ، وَعَلَى مَا ذَكَرُوهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْكُلِّ اهـ، وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ تَقْيِيدَ الْمُصَنِّفِ بِالْفَرَاغِ وَالتَّسْلِيمِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالتَّسْلِيمُ يَشْمَلُ الْحَقِيقِيَّ وَالْحُكْمِيَّ وَهُوَ مَا عَبَّرَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ عَمِلَ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ، فَلَوْ قَالَ وَلَوْ حُكْمًا لَكَانَ أَخَصْرَ وَأَظْهَرَ، وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ مَنْ قَالَ لَا مَعْنَى لَهُ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ وَكَذَا كُلُّ مَنْ لِعَمَلِهِ أَثَرٌ) أَيْ فِي أَنَّهُ لَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ لَا أَجْرَ لَهُ وَسَيَذْكُرُ الشَّارِحُ بَعْدَ وَرَقَةٍ الْمُرَادَ بِالْأَثَرِ. (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ سُرِقَ إلَخْ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِينَ مِنْ وُجُوبِ الْأَجْرِ عَلَى بَعْضِ الْعَمَلِ بِالتَّسْلِيمِ وَلَوْ حُكْمًا، وَأَرَادَ بِهِ الِاسْتِدْرَاكَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِمَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ، حَيْثُ قَالَ وَتَبِعَهُ الْعَلَّامَةُ الطُّورِيُّ وَتِلْمِيذُهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِهِ مَسْأَلَةَ الْبِنَاءِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهَا فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ يَجِبُ الْأَجْرُ بِالْبَعْضِ لِكَوْنِهِ مُسَلَّمًا إلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَنَقَلَهُ الْكَرْخِيُّ عَنْ أَصْحَابِنَا، وَجَزَمَ بِهِ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ رَادًّا عَلَى الْهِدَايَةِ فَكَانَ هُوَ الْمَذْهَبُ، وَلِذَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ: أَيْ صَاحِبُ الْكَنْزِ فِي الْمُسْتَصْفَى وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَتُهُ هُنَا مُطْلَقَةً اهـ.

فَلِكَلَامِ الشَّارِحِ وَجْهٌ وَجِيهٌ كَمَا عَلِمْتَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ خَفَاءٌ فَافْهَمْ، لَكِنْ فِي كَوْنِ مَا فِي الْهِدَايَةِ خِلَافَ الْمَذْهَبِ تَأَمُّلٌ يَظْهَرُ مِمَّا مَرَّ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ، فَلَوْ جَعَلَهُ خِلَافَ الْأَصَحِّ لَكَانَ أَنْسَبَ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ بَعْدَ مَا خَاطَ بَعْضَهُ) يَعْنِي فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ، فَلَوْ فِي بَيْتِ الْأَجِيرِ لَا أَجْرَ لَهُ اتِّفَاقًا لِعَدَمِ التَّسْلِيمِ أَصْلًا. (قَوْلُهُ أَوْ انْهَدَمَ مَا بَنَاهُ) أَيْ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْهُ

١ -

(قَوْلُهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ رَبُّ الثَّوْبِ) قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ الْعَمَلَ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ تَسْلِيمٌ. (قَوْلُهُ فَلَا أَجْرَ لَهُ) ؛ لِأَنَّ الْخِيَاطَةَ مِمَّا لَهُ أَثَرٌ فَلَا أَجْرَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ كَمَا فِي الْمَبِيعِ. (قَوْلُهُ بَلْ لَهُ) أَيْ لِلْخَيَّاطِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ مَا أَتْلَفَهُ عَلَيْهِ حَتَّى سَقَطَتْ أُجْرَتُهُ بَحْرٌ (قَوْلُهُ تَضْمِينُ الْفَاتِقِ) أَيْ قِيمَةَ خِيَاطَتِهِ لَا الْمُسَمَّى،؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا لَزِمَ بِالْعَقْدِ وَلَا عَقْدَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْفَاتِقِ رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَا يُجْبَرُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْعَمَلَ وَوَفَّى بِهِ رَحْمَتِيٌّ. (قَوْلُهُ كَأَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ) فَلَمْ يُوَفِّ مَا الْتَزَمَهُ مِنْ الْعَمَلِ فَيُجْبَرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْإِجَارَةِ لَازِمٌ رَحْمَتِيٌّ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ فَتْقِ الْأَجْنَبِيِّ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ

١ -

ط (قَوْلُهُ الْأَصَحُّ لَا) كَذَا صَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ، وَفَرَضُوا الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا دَفَعَ إلَيْهِ الثَّوْبَ فَقَطَعَهُ وَمَاتَ مِنْ غَيْرِ خِيَاطَةٍ وَعَلَّلُوهَا بِأَنَّ الْأَجْرَ فِي الْعَادَةِ لِلْخِيَاطَةِ لَا لِلْقَطْعِ.

قُلْتُ: فَلَوْ بَقِيَ حَيًّا لَا تَظْهَرُ الثَّمَرَةُ؛ لِأَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْخِيَاطَةِ، لَكِنْ لَوْ تَفَاسَخَا الْعَقْدَ بَعْدَ الْقَطْعِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَهُ كَالْمَوْتِ تَأَمَّلْ، وَيَظْهَرُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ دَفَعَهُ لِلتَّفْصِيلِ فَقَطْ يَلْزَمُهُ أَجْرُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَرَدَ عَلَيْهِ فَقَطْ (قَوْلُهُ لَكِنْ فِي حَاشِيَتِهَا) أَيْ لِلشَّيْخِ شَرَفِ الدِّينِ الْغَزِّيِّ حَيْثُ قَالَ.

قُلْتُ: وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالظَّهِيرِيَّةِ قَطَعَ الْخَيَّاطُ الثَّوْبَ وَمَاتَ قَبْلَ الْخِيَاطَةِ لَهُ أَجْرُ الْقَطْعِ هُوَ الصَّحِيحُ.

وَفِي جَامِعِ الْمُضْمَرَاتِ وَالْمُشْكَلَاتِ عَنْ الْكُبْرَى وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.

وَيَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ لِتَأَيُّدِهِ بِأَنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ اهـ.

(قَوْلُهُ إنَّ الْفَتْوَى عَلَى الْأَوَّلِ) صَوَابُهُ عَلَى الثَّانِي لِمَا سَمِعْتَ آنِفًا مِنْ عِبَارَةِ الْكُبْرَى، وَهُوَ الَّذِي فِي التتارخانية (قَوْلُهُ جَوْهَرَةٌ) وَمِثْلُهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>