للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِإِيصَالٍ قِطٍّ) أَيْ كِتَابٍ (أَوْ زَادٍ إلَى زَيْدٍ، إنْ رَدَّهُ) أَيْ الْمَكْتُوبَ أَوْ الزَّادَ (لِمَوْتِهِ) أَيْ زَيْدٍ (أَوْ غَيْبَتِهِ لَا شَيْءَ لَهُ) ؛ لِأَنَّهُ نَقَضَهُ بِعَوْدِهِ كَالْخَيَّاطِ إذَا خَاطَ ثُمَّ فَتَقَ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ: اسْتَأْجَرَهُ لِيَذْهَبَ لِمَوْضِعِ كَذَا وَيَدْعُوَ فُلَانًا بِأَجْرٍ مُسَمًّى فَذَهَبَ لِلْمَوْضِعِ فَلَمْ يَجِدْ فُلَانًا وَجَبَ الْأَجْرُ (فَإِذَا دَفَعَ الْقِطَّ إلَى وَرَثَتِهِ) فِي صُورَةِ الْمَوْتِ (أَوْ مَنْ يُسَلَّمُ إلَيْهِ إذَا حَضَرَ) فِي صُورَةِ غَيْبَتِهِ (وَجَبَ الْأَجْرُ بِالذَّهَابِ) وَهُوَ نِصْفُ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى كَذَا فِي الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ، وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ، وَلَكِنْ تَعَقَّبَهُ الْمُحَشُّونَ وَعَدَلُوا عَلَى لُزُومِ كُلِّ الْأَجْرِ، لَكِنْ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ النِّهَايَةِ أَنَّهُ إنْ شَرَطَ الْمَجِيءَ بِالْجَوَابِ فَنِصْفُهُ وَإِلَّا فَكُلُّهُ فَلْيَكُنْ التَّوْفِيقُ (وَإِنْ وَجَدَهُ وَلَمْ يُوَصِّلْهُ إلَيْهِ لَمْ يَجِبْ لَهُ شَيْءٌ) لِانْتِفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْإِيصَالُ وَاخْتُلِفَ فِيمَا لَوْ مَزَّقَهُ.

(مُتَوَلِّي أَرْضِ الْوَقْفِ آجَرَهَا

ــ

[رد المحتار]

مِنْهُمْ أَخَفُّ مِنْ حِفْظِ الْكُلِّ حَمَوِيٌّ بَحْثًا ط

(قَوْلُهُ لِإِيصَالِ قِطٍّ) بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيدِ وَالْمُرَادُ لِإِيصَالِ شَيْءٍ مِمَّا لَيْسَ لَهُ مُؤْنَةٌ، وَقَوْلُهُ أَوْ زَادَ أَيْ مِمَّا لَهُ مُؤْنَةٌ. (قَوْلُهُ لَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ مِنْ أُجْرَةِ الذَّهَابِ وَالْمَجِيءِ لِلزَّادِ بِلَا خِلَافٍ وَلِلْكِتَابِ عِنْدَهُمَا.

وَأَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَأُجْرَةُ الذَّهَابِ وَاجِبَةٌ سَوَاءٌ شَرَطَ الْمَجِيءَ بِالْجَوَابِ أَمْ لَا كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَغَيْرِهَا، فَمِنْ الظَّنِّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّقْيِيدِ بِالْمَجِيءِ بِالْجَوَابِ حَتَّى يَتَأَتَّى خِلَافُ مُحَمَّدٍ وَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ تَمَامُ الْأُجْرَةِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ قُهُسْتَانِيٌّ أَقُولُ: نَعَمْ، وَلَكِنَّ التَّقْيِيدَ بِهِ كَمَا وَقَعَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالْهِدَايَةِ وَالْكَنْزِ لَازِمٌ بِالنَّظَرِ لِلْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ عَنْ الدُّرَرِ كَمَا سَيَظْهَرُ، وَمَبْنَى الْخِلَافِ بَيْنَ مُحَمَّدٍ وَشَيْخَيْهِ أَنَّ الْأَجْرَ مُقَابَلٌ عِنْدَهُ بِقَطْعِ الْمَسَافَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ دُونَ حَمْلِ الْكِتَابِ، بِخِلَافِ حَمْلِ الطَّعَامِ فَإِنَّهُ مُقَابَلٌ فِيهِ بِالْحَمْلِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُؤْنَةِ دُونَ قَطْعِ الْمَسَافَةِ، وَعِنْدَهُمَا مُقَابَلٌ بِالنَّقْلِ فِيهِمَا؛ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ إلَى الْمَقْصُودِ وَهُوَ وَضْعُ الطَّعَامِ هُنَاكَ وَعِلْمُ مَا فِي الْكِتَابِ، فَإِذَا رَدَّهُ فَقَدْ نَقَصَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَيَدْعُو فُلَانًا) صَوَّرَهَا قَاضِي خَانْ فِي تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ إيصَالِ الْكِتَابِ بِأَنَّ الرِّسَالَةَ قَدْ تَكُونُ سِرًّا لَا يَرْضَى الْمُرْسِلُ بِأَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهَا غَيْرُهُ؛ أَمَّا الْكِتَابُ فَمَخْتُومٌ، فَلَوْ تَرَكَهُ مَخْتُومًا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ اهـ.

وَجَزَمَ الْحَلْوَانِيُّ بِأَنَّ الْكِتَابَ وَالرِّسَالَةَ سَوَاءٌ فِي الْحُكْمِ وَجَعَلَ الشَّارِحُ دُعَاءَهُ كَالرِّسَالَةِ ط.

قُلْتُ: أَيْ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَفْرَادِهَا تَأَمَّلْ.

وَقَدْ ذَكَرَ الشُّرَّاحُ أَنَّهُ لَوْ وَجَدَهُ وَلَمْ يُبَلِّغْهُ الرِّسَالَةَ وَرَجَعَ لَهُ الْأَجْرُ بِالْإِجْمَاعِ أَيْضًا.

وَوَجْهُهُ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ عَنْ الْمُحِيطِ أَنَّ الْأَجْرَ بِقَطْعِ الْمَسَافَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي وُسْعِهِ وَأَمَّا الْإِسْمَاعُ فَلَيْسَ فِي وُسْعِهِ فَلَا يُقَابِلُهُ الْأَجْرُ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَجَبَ الْأَجْرُ بِالذَّهَابِ) أَيْ إجْمَاعًا كَمَا ذَكَرَهُ الأتقاني وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَهُوَ نِصْفُ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى) اعْتَرَضَهُ فِي الْعَزْمِيَّةِ بِأَنَّهُ غَلَطٌ فَاحِشٌ، فَإِنَّ كَوْنَ أَجْرِ الذَّهَابِ وَأَجْرِ الْإِتْيَانِ سَوَاءً عَلَى سَبِيلِ الْمُنَاصَفَةِ مِمَّا لَا يَكَادُ يَتَّفِقُ، وَلَمْ نَجِدْ هَذِهِ الْعِبَارَةَ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ وَلَكِنْ تَعَقَّبَهُ الْمُحَشُّونَ إلَخْ) كَالْوَانِيِّ وَالشُّرُنْبُلالي.

قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ: فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ لَهُ الْأَجْرُ كَامِلًا، إذْ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ الْإِيصَالُ لَا غَيْرُ وَقَدْ وُجِدَ، فَمَا وَجْهُ التَّنْصِيفِ؟ عَلَى أَنَّ الْمَتْنَ صَادِقٌ بِوُجُوبِ تَمَامِ الْأَجْرِ، وَالْمَسْأَلَةُ فَرَضَهَا صَاحِبُ الْمَوَاهِبِ فِي الِاسْتِئْجَارِ لِلْإِيصَالِ وَرَدِّ الْجَوَابِ مَعًا اهـ. (قَوْلُهُ عَنْ النِّهَايَةِ) وَصَرَّحَ بِهِ فِي غَيْرِهَا (قَوْلُهُ فَلْيَكُنْ التَّوْفِيقُ) لَكِنَّ هَذَا لَا يَدْفَعُ الِاعْتِرَاضَ عَلَى صَاحِبِ الدُّرَرِ حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدْ بِرَدِّ الْجَوَابِ أَوَّلًا وَقَيَّدَ بِنِصْفِ الْأَجْرِ ثَانِيًا. (قَوْلُهُ وَاخْتُلِفَ فِيمَا لَوْ مَزَّقَهُ) قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: لَهُ الْأَجْرُ فِي قَوْلِهِمْ إذْ لَمْ يَنْقُضْ عَمَلَهُ.

وَقِيلَ إذَا مَزَّقَهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ الْأَجْرُ،؛ لِأَنَّهُ إذَا تَرَكَهُ ثَمَّةَ يَنْتَفِعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>