للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ كِتَابًا وَلَوْ شِعْرًا لِيَقْرَأَهُ أَوْ مُصْحَفًا شَرْحُ وَهْبَانِيَّةٍ (وَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْهَا بِرَاكِبٍ وَلَابِسٍ أَرْكَبَ وَأَلْبَسَ مَنْ شَاءَ) وَتَعَيَّنَ أَوَّلُ رَاكِبٍ وَلَابِسٍ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ مَنْ يَرْكَبُهَا فَسَدَتْ لِلْجَهَالَةِ وَتَنْقَلِبُ صَحِيحَةً بِرُكُوبِهَا (وَإِنْ قَيَّدَ بِرَاكِبٍ أَوْ لَابِسٍ فَخَالَفَ ضَمِنَ إذَا عَطِبَتْ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ وَإِنْ سَلَّمَ) بِخِلَافِ حَانُوتٍ أَقْعَدَ فِيهِ حَدَّادًا مَثَلًا حَيْثُ يَجِبُ الْأَجْرُ إذَا سَلَّمَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا سَلَّمَ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُخَالِفْ، وَأَنَّهُ مِمَّا لَا يُوهِنُ الدَّارَ كَمَا فِي الْغَايَةِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ الضَّمَانِ مُمْتَنِعٌ (وَمِثْلُهُ) فِي الْحُكْمِ (كُلُّ مَا يَخْتَلِفُ بِالْمُسْتَعْمِلِ) كَالْفُسْطَاطِ (وَفِيمَا لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ بَطَلَ تَقْيِيدُهُ بِهِ كَمَا لَوْ شَرَطَ سُكْنَى وَاحِدٍ لَهُ أَنْ يُسْكِنَ غَيْرَهُ)

ــ

[رد المحتار]

فَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الْمُسْلَمَ غَيْرُ قَيْدٍ وَأَنَّ الْعِلَّةَ غَيْرُ مَا ذَكَرَهُ، وَمَفَادُهُ عَدَمُ الْجَوَازِ وَإِنْ بَيَّنَ الْمُدَّةَ. (قَوْلُهُ أَوْ كِتَابًا إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ إنْ كَانَتْ طَاعَةً كَالْقُرْآنِ أَوْ مَعْصِيَةً كَالْغِنَاءِ فَالْإِجَارَةُ عَلَيْهَا لَا تَجُوزُ، وَإِنْ كَانَتْ مُبَاحَةً كَالْأَدَبِ وَالشِّعْرِ فَهَذَا مُبَاحٌ لَهُ قَبْلَ الْإِجَارَةِ فَلَا تَجُوزُ، وَلَوْ انْعَقَدَتْ تَنْعَقِدُ عَلَى الْحَمْلِ وَتَقْلِيبِ الْأَوْرَاقِ، وَالْإِجَارَةُ عَلَيْهِ لَا تَنْعَقِدُ وَلَوْ نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَلْوَالَجِيَّةٌ

١ -

(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْهَا) صَادِقٌ بِالْإِطْلَاقِ كَقَوْلِهِ لِلرُّكُوبِ أَوْ اللُّبْسِ مَثَلًا وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ، وَبِالتَّعْمِيمِ كَقَوْلِهِ: عَلَيَّ أَنْ أُرْكِبَ أَوْ أُلْبِسَ مَنْ شِئْتُ، هَذَا هُوَ الْمُرَادُ هُنَا، كَمَا أَنَّ الْمُرَادَ الْأَوَّلُ بِقَوْلِ الشَّارِحِ بَعْدَهُ وَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ، وَلَكِنْ فِي التَّعْبِيرَيْنِ خَفَاءٌ فَافْهَمْ.

وَالْفَرْقُ أَنَّهُ فِي الْإِطْلَاقِ صَارَ الرُّكُوبَانِ مَثَلًا مِنْ شَخْصَيْنِ كَالْجِنْسَيْنِ فَيَكُونُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مَجْهُولًا، وَفِي التَّعْمِيمِ رَضِيَ الْمَالِكُ بِالْقَدْرِ الَّذِي يَحْصُلُ فِي ضِمْنِ الرُّكُوبِ فَصَارَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مَعْلُومًا أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ. (قَوْلُهُ فَسَدَتْ) وَمِثْلُهُ الْحَمْلُ لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ: اسْتَأْجَرَ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا يَحْمِلُ فَسَدَتْ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ لِيَطْحَنَ بِهَا كُلَّ يَوْمٍ بِدِرْهَمٍ وَبَيَّنَ مَا يَطْحَنُ مِنْ الشَّعِيرِ أَوْ نَحْوِهِ ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ مِقْدَارَهُ.

وَقَالَ خُوَاهَرْ زَادَهْ: لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ مِقْدَارِ مَا يَطْحَنُ كُلَّ يَوْمٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. (قَوْلُهُ وَتَنْقَلِبُ صَحِيحَةً بِرُكُوبِهَا) سَوَاءٌ رَكِبَهَا أَوْ أَرْكَبَهَا، وَيَجِبُ الْمُسَمَّى اسْتِحْسَانًا لِزَوَالِ الْجَهَالَةِ بِجَعْلِ التَّعْيِينِ انْتِهَاءً كَالتَّعْيِينِ ابْتِدَاءً، وَلَا ضَمَانَ بِالْهَلَاكِ لِعَدَمِ الْمُخَالَفَةِ زَيْلَعِيٌّ مُلَخَّصًا

١ -

(قَوْلُهُ ضَمِنَ) ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُتَعَدِّيًا؛ لِأَنَّ الرُّكُوبَ وَاللُّبْسَ مِمَّا يَتَفَاوَتُ فِيهِ النَّاسُ، فَرُبَّ خَفِيفٍ جَاهِلٍ أَضَرُّ عَلَى الدَّابَّةِ مِنْ ثَقِيلٍ عَالِمٍ. (قَوْلُهُ وَإِنْ سَلِمَ) ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ غَاصِبًا وَمَنَافِعُ الْغَصْبِ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ إلَّا فِيمَا اسْتَثْنَى ط. (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ مِمَّا لَا يُوهَنُ) أَيْ بِالْفِعْلِ وَإِنْ كَانَ مِمَّا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُوهَنَ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مَعَ الضَّمَانِ مُمْتَنِعٌ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ لَكِنَّهُ خَاصٌّ بِحَالَةِ الْعَطَبِ، فَإِنْ سَلِمَ فَقَدْ مَرَّ تَعْلِيلُهُ. (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ فِي الْحُكْمِ) أَيْ فِي كَوْنِهِ يَضْمَنُ إذَا عَطِبَتْ مَعَ الْمُخَالَفَةِ وَالتَّقْيِيدِ بَحْرٌ. (قَوْلُهُ كَالْفُسْطَاطِ) قَالَ فِي الدُّرَرِ: حَتَّى لَوْ اسْتَأْجَرَهُ فَدَفَعَهُ إلَى غَيْرِهِ إجَارَةً أَوْ إعَارَةً فَنَصَبَهُ وَسَكَنَ فِيهِ ضَمِنَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِتَفَاوُتِ النَّاسِ فِي نَصْبِهِ وَاخْتِيَارِ مَكَانِهِ وَضَرْبِ أَوْتَادِهِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لِلسُّكْنَى فَصَارَ كَالدَّارِ اهـ.

وَقَوْلُهُ ضَمِنَ عِنْدَ أَبِي يُوسُف وَقَالَ أَبُو السُّعُودِ: أَيْ إنْ كَانَ قَيَّدَ بِأَنْ يَسْتَعْمِلَهُ بِنَفْسِهِ حَمَوِيٌّ، وَكَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى مَا نَقَلَهُ شَيْخُنَا عَنْ الْمِفْتَاحِ اهـ.

وَفِي التتارخانية: اسْتَأْجَرَ قُبَّةً لِنَصْبِهَا فِي بَيْتِهِ شَهْرًا بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ جَازَ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ مَكَانَ النَّصْبِ، وَلَوْ نَصَبَهَا فِي الشَّمْسِ أَوْ الْمَطَرِ وَكَانَ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهَا ضَمِنَ وَلَا أَجْرَ، وَإِنْ سَلِمَتْ عَلَيْهِ الْأَجْرُ اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ نَصَبَهَا فِي دَارٍ أُخْرَى فِي ذَلِكَ الْمِصْرِ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ أَخْرَجَهَا إلَى السَّوَادِ لَا أَجْرَ سَلِمَتْ أَوْ هَلَكَتْ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ فُسْطَاطًا يَخْرُجُ بِهِ إلَى مَكَّةَ أَنْ يَسْتَظِلَّ بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ لِعَدَمِ التَّفَاوُتِ، وَلَوْ انْقَطَعَ أَطْنَابُهُ وَانْكَسَرَ عَمُودُهُ فَلَمْ يَسْتَطِعْ نَصْبَهُ لَا أَجْرَ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الِانْتِفَاعِ فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَإِنْ فِي أَصْلِهِ حُكْمُ الْحَالِ كَمَسْأَلَةِ الطَّاحُونِ وَتَمَامُهُ فِيهَا (قَوْلُهُ لَهُ أَنْ يُسْكِنَ غَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ ذَلِكَ الْوَاحِدِ.

وَفِي شَرْحِ الزَّيْلَعِيِّ أَوَّلَ الْبَابِ: وَلَهُ أَيْ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُسْكِنَ غَيْرَهُ مَعَهُ أَوْ مُنْفَرِدًا؛ لِأَنَّ كَثْرَةَ السُّكَّانِ لَا تَضُرُّ بِهَا بَلْ تَزِيدُ فِي عِمَارَتِهَا؛ لِأَنَّ خَرَابَ الْمَسْكَنِ بِتَرْكِ السَّكَنِ اهـ.

وَقَدَّمْنَا أَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ شَرَطَ أَنْ يَسْكُنَ وَحْدَهُ مُنْفَرِدًا، فَمَا قِيلَ إنَّ سُكْنَى الْوَاحِدِ لَيْسَ كَسُكْنَى الْجَمَاعَةِ بَحْثٌ مُعَارِضٌ لِلْمَنْقُولِ وَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>