للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِمَا مَرَّ أَنَّ التَّقْيِيدَ غَيْرُ مُفِيدٍ (وَإِنْ سَمَّى نَوْعًا أَوْ قَدْرًا كَكُرِّ بُرٍّ لَهُ حَمْلُ مِثْلِهِ وَأَخَفَّ لَا أَضَرَّ كَالْمِلْحِ) وَالْأَصْلُ أَنَّ مَنْ اسْتَحَقَّ مَنْفَعَةً مُقَدَّرَةً بِالْعَقْدِ فَاسْتَوْفَاهَا أَوْ مِثْلَهَا أَوْ دُونَهَا جَازَ، وَلَوْ أَكْثَرَ لَمْ يَجُزْ، وَمِنْهُ تَحْمِيلُ وَزْنِ الْبُرِّ قُطْنًا لَا شَعِيرًا فِي الْأَصَحِّ.

(وَلَوْ أَرْدَفَ مَنْ يَسْتَمْسِكُ بِنَفْسِهِ وَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ يَضْمَنُ النِّصْفَ) وَلَا اعْتِبَارَ لِلثِّقَلِ؛ لِأَنَّ الْآدَمِيَّ غَيْرُ مَوْزُونٍ، وَهَذَا (إنْ كَانَتْ) الدَّابَّةُ (تُطِيقُ حَمْلَ الِاثْنَيْنِ وَإِلَّا فَالْكُلُّ) بِكُلِّ حَالٍ (كَمَا لَوْ حَمَلَهُ) الرَّاكِبُ (عَلَى عَاتِقِهِ) فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الْكُلَّ (وَإِنْ كَانَتْ تُطِيقُ حَمْلَهُمَا) لِكَوْنِهِ فِي مَكَان وَاحِدٍ (وَإِنْ كَانَ) الرَّدِيفُ

ــ

[رد المحتار]

كَانَ ظَاهِرًا لَكِنْ قَدْ يُقَالُ مَعْنَى كَلَامِهِمْ أَنَّ لَهُ أَنْ يُسْكِنَ غَيْرَهُ فِي بَقِيَّةِ بُيُوتِ الدَّارِ؛ لِأَنَّهُ إذَا سَكَنَ فِي بَيْتٍ مِنْهَا وَتَرَكَ الْبَاقِيَ خَالِيًا يَلْزَمُ الضَّرَرُ لِعَدَمِ تَفَقُّدِهِ مِنْ وَكَفِ الْمَطَرِ وَنَحْوِهِ بِمَا يُخَرِّبُهَا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ أَوَّلَ الْبَابِ

(قَوْلُهُ كَكُرِّ بُرٍّ) الْكُرُّ قَدْرٌ وَالْبُرُّ نَوْعٌ.

وَالْكُرُّ: سِتُّونَ قَفِيزًا. وَثَمَانِيَةُ مَكَاكِيكَ.

وَالْمَكُّوكُ: صَاعٌ وَنِصْفٌ فَيَكُونُ اثْنَيْ عَشَرَ وَسْقًا مِصْبَاحٌ، وَهَذَا عِنْدَ أَهْلِ بَغْدَادَ وَالْكُوفَةِ ط عَنْ الْحَمَوِيِّ. (قَوْلُهُ لَهُ حَمْلُ مِثْلِهِ) أَيْ فِي الضَّرَرِ بِشَرْطِ التَّسَاوِي فِي الْوَزْنِ، وَمَا فِي الدُّرَرِ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ تَسَاوَيَا فِي الْوَزْنِ.

قَالَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ: الْوَاوُ فِيهِ زَائِدَةٌ. (قَوْلُهُ مُقَدَّرَةً) أَيْ مُعَيَّنَةً قَدْرًا فَدَخَلَ فِيهِ زِرَاعَةُ الْأَرْضِ إذَا عَيَّنَ نَوْعًا لِلزِّرَاعَةِ لَهُ أَنْ يَزْرَعَ مِثْلَهُ أَخَفَّ لَا أَضَرَّ كَمَا فِي الْبَحْرِ. (قَوْلُهُ أَوْ مِثْلَهَا) كَمَا لَوْ حَمَّلَ كُرَّ بُرٍّ لِغَيْرِهِ بَدَلَ كُرِّ بُرٍّ.

قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَغَلِطَ مَنْ مَثَّلَ بِالشَّعِيرِ لِلْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِحَمْلِ كُرِّ شَعِيرٍ لَهُ أَنْ يَحْمِلَ حِنْطَةً، وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ فَوْقَهُ. (قَوْلُهُ أَوْ دُونَهَا) كَكُرِّ شَعِيرٍ بَدَلَ كُرِّ بُرٍّ؛ لِأَنَّهُ أَخَفُّ وَزْنًا. (قَوْلُهُ وَمِنْهُ) أَيْ مِمَّا لَمْ يَخْرُجْ (قَوْلُهُ لَا شَعِيرًا فِي الْأَصَحِّ) أَيْ لَوْ عَيَّنَ قَدْرًا مِنْ الْحِنْطَةِ فَحَمَلَ مِثْلَ وَزْنِهِ شَعِيرًا جَازَ، فَلَا يَضْمَنُ لَوْ عَطِبَتْ اسْتِحْسَانًا وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّ ضَرَرَ الشَّعِيرِ فِي حَقِّ الدَّابَّةِ عِنْدَ اسْتِوَائِهَا وَزْنًا أَخَفُّ مِنْ ضَرَرِ الْحِنْطَةِ؛ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ ظَهْرِ الدَّابَّةِ أَكْثَرَ مِمَّا تَأْخُذُهُ الْحِنْطَةُ فَيَكُونُ أَخَفَّ عَلَيْهَا بِالِانْبِسَاطِ، بِخِلَافِ إذَا حَمَلَ مِثْلَ وَزْنِ الْحِنْطَةِ قُطْنًا؛ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ ظَهْرِهَا أَكْثَرَ مِنْ الْحِنْطَةِ وَفِيهِ حَرَارَةٌ فَكَانَ أَضَرَّ عَلَيْهَا مِنْ الْحِنْطَةِ، فَصَارَ كَمَا إذَا حَمَلَ عَلَيْهَا تِبْنًا أَوْ حَطَبًا، وَكَذَا لَوْ حَمَلَ مِثْلَ وَزْنِهَا حَدِيدًا أَوْ مِلْحًا؛ لِأَنَّهُ يَجْتَمِعُ فِي مَكَان وَاحِدٍ مِنْ ظَهْرِهَا فَيَضُرُّهَا، فَحَاصِلُهُ مَتَى كَانَ ضَرَرُ أَحَدِهِمَا فَوْقَ ضَرَرِ الْآخَرِ مَنْ وَجْهٍ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ أَخَفَّ ضَرَرًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، كَذَا أَفَادَهُ الزَّيْلَعِيُّ. أَقُولُ: وَلَمْ يَذْكُرْ مَا يَضْمَنُ فِي هَذِهِ الْأَوْجُهِ.

وَحَاصِلُ مَا فِي الْبَدَائِعِ أَنَّ الْخِلَافَ الْمُوجِبَ لِلضَّمَانِ إمَّا فِي الْجِنْسِ أَوْ فِي الْقَدْرِ أَوْ الصِّفَةِ.

فَالْأَوَّلُ كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَهَا لِحَمْلِ كُرِّ شَعِيرٍ فَحَمَلَ كُرَّ حِنْطَةٍ يَضْمَنُ كُلَّ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهَا جِنْسٌ آخَرُ وَأَثْقُلُ فَصَارَ غَاصِبًا وَلَا أَجْرَ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ.

وَالثَّانِي كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ عَشَرَةَ أَقْفِزَةٍ حِنْطَةً فَحَمَلَ أَحَدَ عَشَرَ، فَإِنْ سَلِمَتْ لَزِمَ الْمُسَمَّى وَإِلَّا ضَمِنَ جُزْءًا مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ قِيمَتِهَا.

وَالثَّالِثُ كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ مِائَةَ رِطْلِ قُطْنٍ فَحَمَلَ مِثْلَ وَزْنِهِ أَوْ أَقَلَّ حَدِيدًا يَضْمَنُ قِيمَتَهَا؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ لَيْسَ لِلثِّقَلِ فَلَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا، وَلَا أَجْرَ لِمَا قُلْنَا وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ

(قَوْلُهُ وَلَوْ أَرْدَفَ) الرَّدِيفُ: مَنْ تَحْمِلُهُ خَلْفَكَ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ، وَاحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ أَقْعَدَهُ فِي السَّرْجِ وَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهِ. (قَوْلُهُ يَضْمَنُ النِّصْفَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ أَخَفَّ أَوْ أَثْقَلَ إتْقَانِيٌّ؛ لِأَنَّ رُكُوبَ أَحَدِهِمَا مَأْذُونٌ فِيهِ دُونَ الْآخَرِ وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ وَزِيَادَةً، غَيْرَ أَنَّ الزِّيَادَةَ اُسْتُوْفِيَتْ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ فَلَا يَجِبُ لَهَا الْأَجْرُ بَدَائِعُ. (قَوْلُهُ وَلَا اعْتِبَارَ لِلثِّقَلِ) أَيْ فَلَا يَضْمَنُ بِقَدْرِ مَا زَادَ وَزْنًا، فَصَارَ كَحَائِطٍ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ أَثْلَاثًا أُشْهِدَ عَلَى أَحَدِهِمَا فَوَقَعَتْ مِنْهُ آجُرَّةٌ عَلَى رَجُلٍ فَعَلَى الْمُشْهَدِ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَإِنْ كَانَ نَصِيبُهُ مِنْ الْحَائِطِ أَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ؛ لِأَنَّ التَّلَفَ مَا حَصَلَ بِالثِّقَلِ بَلْ بِالْجُرْحِ وَالْجِرَاحَةُ الْيَسِيرَةُ كَالْكَثِيرَةِ فِي الضَّمَانِ، كَمَنْ جَرَحَ إنْسَانًا جِرَاحَةً وَجَرَحَهُ آخَرُ جِرَاحَتَيْنِ فَمَاتَ ضَمِنَا نِصْفَيْنِ بَدَائِعُ. (قَوْلُهُ بِكُلِّ حَالٍ) أَيْ وَإِنْ كَانَ لَا يَسْتَمْسِكُ ط. (قَوْلُهُ لِكَوْنِهِ فِي مَكَان وَاحِدٍ)

<<  <  ج: ص:  >  >>