بَلْ قَرَابَةٌ حُكْمِيَّةٌ تَصْلُحُ سَبَبًا لِلْإِرْثِ (وَسَبَبُهُ الْعِتْقُ عَلَى مِلْكِهِ) لَا الْإِعْتَاقُ لِأَنَّ بِالِاسْتِيلَادِ وَإِرْثِ الْقَرِيبِ يَحْصُلُ الْعِتْقُ بِلَا إعْتَاقٍ، وَأَمَّا حَدِيثُ «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» فَجَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ
(مَنْ عَتَقَ) أَيْ حَصَلَ لَهُ عِتْقٌ (بِإِعْتَاقٍ) فَوَلَاؤُهُ وَلَوْ مِنْ وَصِيَّةٍ (أَوْ بِفَرْعٍ لَهُ) كَكِتَابَةٍ وَتَدْبِيرٍ وَاسْتِيلَادٍ (أَوْ بِمِلْكِ قَرِيبٍ) فَوَلَاؤُهُ لِسَيِّدِهِ (وَلَوْ امْرَأَةً أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ مَيِّتًا حَتَّى تَنْفُذَ وَصَايَاهُ وَتُقْضَى دُيُونُهُ) مِنْهُ (وَلَوْ شَرَطَ عَدَمَهُ) لِمُخَالَفَتِهِ لِلشَّرْعِ فَيَبْطُلُ.
(وَمَنْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ وَ) الْحَالُ (أَنَّ زَوْجَهَا قِنُّ) الْغَيْرِ (فَوَلَدَتْ) لِأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ حَوْلٍ مُذْ عَتَقَتْ (لَا يَنْتَقِلُ وَلَاءُ الْحَمْلِ) الْمَوْجُودِ عِنْدَ الْعِتْقِ (عَنْ مَوَالِي الْأُمِّ أَبَدًا وَكَذَا لَوْ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ أَحَدَهُمَا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَالْآخَرَ لِأَكْثَرَ مِنْهُ، وَبَيْنَهُمَا أَقَلُّ مِنْ نِصْفِ حَوْلٍ)
ــ
[رد المحتار]
النُّصْرَةِ وَلَا نُصْرَةَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ قَالَهُ ابْنُ الْكَمَالِ وَسَيُشِيرُ إلَيْهِ الشَّارِحُ، وَأَيْضًا فَإِنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مُفْضٍ إلَى الدَّوْرِ لِأَخْذِهِ الْوَلَاءَ فِي تَعْرِيفِهِ.
(قَوْلُهُ: بَلْ قَرَابَةٌ حُكْمِيَّةٌ) أَيْ حَاصِلَةٌ مِنْ الْعِتْقِ أَوْ الْمُوَالَاةِ كَنْزٌ. (قَوْلُهُ: تَصْلُحُ سَبَبًا لِلْإِرْثِ) أَتَى بِلَفْظٍ " تَصْلُحُ " لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ سَبَبًا لِلْإِرْثِ دَائِمًا كَمَا عَلِمْته آنِفًا، وَلِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ عَدَمِ الْعَصَبَةِ النَّسَبِيَّةِ. (قَوْلُهُ: لَا الْإِعْتَاقُ) خِلَافًا لِلْجُمْهُورِ مُسْتَدِلِّينَ بِحَدِيثِ «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» فَإِنَّ تَرْتِيبَ الْحُكْمِ عَلَى الْمُشْتَقِّ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَقَّ مِنْهُ عِلَّةُ الْحُكْمِ وَالْجَوَابُ: أَنَّ الْأَصْلَ فِي الِاشْتِقَاقِ هُوَ مَصْدَرُ الثُّلَاثِيِّ وَهُوَ الْعِتْقُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ بِالِاسْتِيلَادِ) اسْمُ " أَنَّ " ضَمِيرُ الشَّأْنِ مَحْذُوفًا وَالْمُرَادُ بِهِ أَنْ تَكُونَ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدِهِ فَإِنَّهَا تَعْتِقُ عَلَيْهِ بِمَوْتِهِ لَا بِإِعْتَاقِهِ ط. (قَوْلُهُ: وَإِرْثِ الْقَرِيبِ) كَمَا لَوْ مَاتَ أَبُوهُ وَهُوَ مَالِكٌ لِأَخِيهِ لِأُمِّهِ. (قَوْلُهُ: فَجَرَى عَلَى الْغَالِبِ) أَوْ أَنَّ الْقَصْرَ إضَافِيٌّ حَمَوِيٌّ عَنْ الْمَقْدِسِيَّ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى: الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ لَا لِمَنْ شَرَطَ لِنَفْسِهِ مِنْ بَائِعٍ وَنَحْوِهِ كَوَاهِبٍ وَمُوصٍ أَبُو السُّعُودِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ وَصِيَّةٍ) كَمَا لَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُعْتَقَ عَبْدُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ يَشْتَرِيَ عَبْدًا مِنْ مَالِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ ثُمَّ يُعْتَقَ ح أَيْ لِانْتِقَالِ فِعْلِ الْوَصِيِّ إلَيْهِ زَيْلَعِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِفَرْعٍ لَهُ) أَيْ لِلْإِعْتَاقِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ امْرَأَةً) أَيْ وَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ امْرَأَةً وَأَتَى بِذَلِكَ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى مُخَالَفَتِهِ لِلْعَصَبَةِ النَّسَبِيَّةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهَا أُنْثَى. (قَوْلُهُ: أَوْ ذِمِّيًّا) وَإِنْ كَانَ لَا يَرِثُ الْعَتِيقَ الْمُسْلِمَ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَيِّتًا) أَشَارَ بِهِ إلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْكَمَالِ حَيْثُ قَالَ لَا يُقَالُ كَيْفَ يَكُونُ الْوَلَاءُ بِالتَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ لِلسَّيِّدِ، وَالْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ إنَّمَا يَعْتِقَانِ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ لِمَا عَرَفْت: أَنَّ الْوَلَاءَ لَيْسَ نَفْسَ الْمِيرَاثِ بَلْ قَرَابَةٌ حُكْمِيَّةٌ تَصْلُحُ سَبَبًا لَهُ، وَثُبُوتُهَا بِالتَّدْبِيرِ، وَالِاسْتِيلَادِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِتْقِ بِمَوْتِ الْمُدَبِّرِ وَالْمُتَوَلِّدِ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْمَبْسُوطِ حَيْثُ قَالَ: لِأَنَّ الْمُدَبَّرَ وَالْمُكَاتَبَ وَالْمُسْتَوْلَدَ اسْتَحَقَّ وَلَاءَهُمْ لَمَّا بَاشَرَ السَّبَبَ، وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّهُ مِيرَاثٌ فَمَعْنَى كَوْنِهِ لِلْمَوْلَى أَنَّهُ يَسْتَوْفِي مِنْهُ دُيُونَهُ، وَتَنْفُذُ وَصَايَاهُ وَلَوْ كَانَ لِوَرَثَتِهِ لَمَا كَانَ كَذَلِكَ وَبِمَا قَرَّرْنَا تَبَيَّنَ أَنَّ مَا ارْتَكَبُوهُ فِي دَفْعِ مَا ذُكِرَ مِنْ فَرْضِ ارْتِدَادِ الْمَوْلَى مَنْشَؤُهُ قِلَّةُ التَّدَبُّرِ بَلْ عَدَمُ التَّدَرُّبِ اهـ. (قَوْلُهُ: حَتَّى تَنْفُذَ وَصَايَاهُ إلَخْ) بِأَنْ مَاتَ بَعْدَهُ قَبْلَ قَبْضِ مِيرَاثِهِ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: لِمُخَالَفَتِهِ لِلشَّرْعِ) وَهُوَ مَا رُوِيَ أَنَّ «عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ لِتُعْتِقَهَا فَقَالَ أَهْلُهَا: عَلَى أَنَّ وَلَاءَهَا لَنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَمْنَعُكِ ذَلِكَ فَإِنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ» أَتْقَانِيٌّ.
(قَوْلُهُ: الْمَوْجُودِ عِنْدَ الْعِتْقِ) أَشَارَ بِهِ إلَى عِلَّةِ عَدَمِ الِانْتِقَالِ، وَإِلَّا فَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ فَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ حَوْلٍ، لَكِنْ يُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ بَعْدَ قَوْلِهِ أَبَدًا مَا نَصُّهُ: لِأَنَّ الْحَمْلَ كَانَ مَوْجُودًا وَقْتَ الْإِعْتَاقِ فَإِعْتَاقُهُ وَقَعَ قَصْدًا فَلَا يَنْتَقِلُ وَلَاؤُهُ عَنْ مُعْتِقِهِ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ اهـ قَالَ الطُّورِيُّ: وَأُورِدَ أَنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِمْ فِي كِتَابِ الْإِعْتَاقِ وَإِنْ أَعْتَقَ حَامِلًا عَتَقَ حَمْلُهَا تَبَعًا لَهَا اهـ.
قُلْت: قَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَرِدْ عَلَيْهِ الْإِعْتَاقُ بِخُصُوصِهِ، وَإِنَّمَا وَرَدَ عَلَى الْأُمِّ كَانَ تَبَعًا وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ جَزْءٌ مِنْهَا، إعْتَاقُهَا إعْتَاقٌ لِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا كَانَ مَقْصُودًا تَأَمَّلْ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ: لَمَّا لَمْ يُشْتَرَطْ فِي عِتْقِهِ وِلَادَتُهُ لِأَقَلِّ الْمُدَّةِ ذَكَرُوا التَّبَعِيَّةَ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْجُزْئِيَّةِ دَائِمًا وَلَمَّا كَانَ نَظَرُهُمْ هُنَا إلَى عَدَمِ انْتِقَالِ الْوَلَاءِ - وَالشَّرْطُ فِيهِ وِلَادَتُهُ لِلْأَقَلِّ - ذَكَرُوا الْقَصْدِيَّةَ لِتَحَقُّقِ الْجُزْئِيَّةِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: أَبَدًا) أَيْ وَلَوْ عَتَقَ أَبُوهُ حَتَّى لَوْ جَنَى الْوَلَدُ حُكِمَ بِجِنَايَتِهِ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute