للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ضَمِنَ قِيمَتَهُ لِلْبَائِعِ) بِقَبْضِهِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ (وَ) الْبَائِعُ الْمُكْرَهُ (لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ أَيًّا شَاءَ) مِنْ الْمُكْرِهِ - بِالْكَسْرِ - وَالْمُشْتَرِي (فَإِنْ ضَمَّنَ الْمُكْرِهَ رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِقِيمَتِهِ، وَإِنْ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ نَفَذَ) يَعْنِي جَازَ لِمَا مَرَّ (كُلُّ شِرَاءٍ بَعْدَهُ وَلَا يَنْفُذُ مَا قَبْلَهُ) لَوْ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ الثَّانِيَ مَثَلًا لِصَيْرُورَتِهِ مِلْكَهُ فَيَجُوزُ مَا بَعْدَهُ لَا مَا قَبْلَهُ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي الضَّامِنُ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَجَازَ الْمَالِكُ أَحَدَ الْبِيَاعَاتِ حَيْثُ يَجُوزُ الْجَمِيعُ وَيَأْخُذُ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ لِزَوَالِ الْمَانِعِ بِالْإِجَازَةِ.

(فَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى أَكْلِ مَيْتَةٍ أَوْ دَمٍ أَوْ لَحْمِ خِنْزِيرٍ أَوْ شُرْبِ خَمْرٍ بِإِكْرَاهٍ) غَيْرِ مُلْجِئٍ (بِحَبْسٍ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ قَيْدٍ لَمْ يَحِلَّ) إذْ لَا ضَرُورَةَ فِي إكْرَاهٍ غَيْرِ مُلْجِئٍ. نَعَمْ لَا يُحَدُّ لِلشُّرْبِ لِلشُّبْهَةِ

(وَ) إنْ أُكْرِهَ بِمُلْجِئٍ (بِقَتْلٍ أَوْ قَطْعِ) عُضْوٍ أَوْ ضَرْبٍ مُبَرِّحٍ ابْنُ كَمَالٍ

ــ

[رد المحتار]

فَلَوْ كَانَ مُكْرَهًا أَيْضًا فَقَدْ مَرَّ فِي قَوْلِهِ الثَّمَنُ وَالْمُثَمَّنُ أَمَانَةٌ وَفِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي مُكْرَهًا دُونَ الْبَائِعِ فَهَلَكَ عِنْدَهُ بِلَا تَعَدٍّ يَهْلِكُ أَمَانَةً اهـ وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ أُكْرِهَ الْبَائِعُ فَقَطْ لَمْ يَصِحَّ إعْتَاقُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَفِي عَكْسِهِ نَفَذَ إعْتَاقُ كُلٍّ قَبْلَهُ وَإِنْ أَعْتَقَا مَعًا قَبْلَهُ فَإِعْتَاقُ الْبَائِعِ أَوْلَى. (قَوْلُهُ: ضَمِنَ قِيمَتَهُ) لَوْ قَالَ " ضَمِنَ بَدَلَهُ " كَانَ أَوْلَى لِأَنَّهُ يَشْمَلُ الْمِثْلِيَّ وَالْقِيَمِيَّ طُورِيٌّ. (قَوْلُهُ: بِقَبْضِهِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ) أَيْ بِسَبَبِ قَبْضِهِ مُخْتَارًا عَلَى سَبِيلِ التَّمَلُّكِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ. (قَوْلُهُ: لَهُ أَنْ يَضْمَنَ أَيًّا شَاءَ) لِأَنَّ الْمُكْرِهَ كَالْغَاصِبِ وَالْمُشْتَرِيَ كَغَاصِبِ الْغَاصِبِ وَإِنْ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرِهِ زَيْلَعِيٌّ. (قَوْلُهُ: رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِقِيمَتِهِ) لِأَنَّهُ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ مَلَكَهُ فَقَامَ مَقَامَ الْمَالِكِ الْمُكْرَهِ فَيَكُونُ مَالِكًا مِنْ وَقْتِ وُجُوبِ السَّبَبِ بِالِاسْتِنَادِ زَيْلَعِيٌّ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي جَازَ) الْمُرَادُ هُنَا بِالْجَوَازِ الصِّحَّةُ لَا الْحِلُّ كَمَا لَا يَخْفَى فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) مِنْ أَنَّهُ نَافِذٌ قَبْلَ الْإِجَازَةِ وَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهَا اللُّزُومُ بِمَعْنَى الصِّحَّةِ بِنَاءً عَلَى مَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَقَدْ مَرَّ الْكَلَامُ فِيهِ. (قَوْلُهُ: كُلُّ شِرَاءٍ بَعْدَهُ) أَيْ لَوْ تَعَدَّدَ الشِّرَاءُ وَكَذَا نَفَذَ شِرَاءُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْمُكْرَهِ وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ ذَكَرَهَا الزَّيْلَعِيُّ مُسْتَقِلَّةً مَوْضُوعُهَا لَوْ تَدَاوَلَتْهُ الْأَيْدِي وَمَا قَبْلَهَا مَوْضُوعُهَا فِي مُشْتَرٍ وَاحِدٍ جَمَعَهُمَا الْمُصَنِّفُ فِي كَلَامٍ وَاحِدٍ اخْتِصَارًا. (قَوْلُهُ: لَوْ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ الثَّانِيَ مَثَلًا) أَفَادَ بِقَوْلِهِ مَثَلًا أَنَّ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ أَيًّا شَاءَ مِنْ الْمُشْتَرِينَ فَأَيُّهُمْ ضَمِنَهُ مَلَكَهُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ. (قَوْلُهُ: أَحَدَ الْبِيَاعَاتِ) وَلَوْ الْعَقْدَ الْأَخِيرَ أَبُو السُّعُودِ. (قَوْلُهُ: لِزَوَالِ الْمَانِعِ بِالْإِجَازَةِ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: لِأَنَّ الْبَيْعَ كَانَ مَوْجُودًا وَالْمَانِعَ مِنْ النُّفُوذِ حَقُّهُ وَقَدْ زَالَ الْمَانِعُ بِالْإِجَازَةِ فَجَازَ الْكُلُّ، وَأَمَّا إذَا ضَمَّنَهُ فَإِنَّهُ لَمْ يُسْقِطْ حَقَّهُ، لِأَنَّ أَخْذَ الْقِيمَةِ كَاسْتِرْدَادِ الْعَيْنِ فَتَبْطُلُ الْبِيَاعَاتِ الَّتِي قَبْلَهُ؛ وَلَا يَكُونُ أَخْذُ الثَّمَنِ اسْتِرْدَادًا لِلْبَيْعِ بَلْ إجَازَةً فَافْتَرَقَا.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى أَكْلِ مَيْتَةٍ إلَخْ) الْإِكْرَاهُ عَلَى الْمَعَاصِي أَنْوَاعٌ: نَوْعٌ يُرَخَّصُ لَهُ فِعْلُهُ، وَيُثَابُ عَلَى تَرْكِهِ كَإِجْرَاءِ كَلِمَةِ الْكُفْرِ، وَشَتْمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَرْكِ الصَّلَاةِ، وَكُلُّ مَا ثَبَتَ بِالْكِتَابِ، وَقِسْمٌ: يَحْرُمُ فِعْلُهُ وَيَأْثَمُ بِإِتْيَانِهِ كَقَتْلِ مُسْلِمٍ أَوْ قَطْعِ عُضْوِهِ أَوْ ضَرْبِهِ ضَرْبًا مُتْلِفًا أَوْ شَتْمِهِ أَوْ أَذِيَّتِهِ وَالزِّنَا، وَقِسْمٌ يُبَاحُ فِعْلُهُ وَيَأْثَمُ بِتَرْكِهِ: كَالْخَمْرِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ طُورِيٌّ عَنْ الْمَبْسُوطِ وَزَادَ فِي الْخَانِيَّةِ رَابِعًا: وَهُوَ مَا يَكُونُ الْفِعْلُ وَعَدَمُهُ سَوَاءً كَالْإِكْرَاهِ عَلَى إتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ لَكِنَّهُ مُخَالِفُ لِمَا سَيَأْتِي كَمَا سَنُنَبِّهُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ شُرْبِ خَمْرٍ) عِبَارَةُ ابْنِ الْكَمَالِ: أَوْ شُرْبِ دَمٍ أَوْ خَمْرٍ، وَكَتَبَ فِي هَامِشِهِ: الدَّمُ مِنْ الْمَشْرُوبِ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ: ذُكِرَ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: مَنْ اُضْطُرَّ إلَى مَيْتَةٍ أَوْ لَحْمِ خِنْزِيرٍ أَوْ دَمٍ وَلَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ فَمَاتَ دَخَلَ النَّارَ. (قَوْلُهُ: بِحَبْسٍ) قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ: إنَّ مُحَمَّدًا أَجَابَ هَكَذَا بِنَاءً عَلَى مَا كَانَ مِنْ الْحَبْسِ فِي زَمَانِهِ، فَأَمَّا الْحَبْسُ الَّذِي أَحْدَثُوهُ الْيَوْمَ فِي زَمَانِنَا فَإِنَّهُ يُبِيحُ التَّنَاوُلَ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ ضَرْبٍ) إلَّا عَلَى الْمَذَاكِيرِ وَالْعَيْنِ كَمَا مَرَّ فَإِنَّهُ يُخَافُ مِنْهُ التَّلَفُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ ضَرْبٍ مُبَرِّحٍ) قَدَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِأَدْنَى الْحَدِّ وَهُوَ أَرْبَعُونَ سَوْطًا، وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِلتَّقْدِيرِ بِالرَّأْيِ وَالنَّاسُ مُخْتَلِفَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمُوتُ بِأَدْنَى مِنْهُ، فَلَا طَرِيقَ سِوَى الرُّجُوعِ إلَى رَأْيِ الْمُبْتَلَى كَمَا فِي التَّبْيِينِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>