(وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى الزِّنَا لَا يُرَخَّصُ لَهُ) لِأَنَّ فِيهِ قَتْلَ النَّفْسِ بِضَيَاعِهَا لَكِنَّهُ لَا يُحَدُّ اسْتِحْسَانًا، بَلْ يَغْرَمُ الْمَهْرَ - وَلَوْ طَائِعَةً - لِأَنَّهُمَا لَا يَسْقُطَانِ جَمِيعًا. شَرْحُ وَهْبَانِيَّةٍ (وَفِي جَانِبِ الْمَرْأَةِ يُرَخَّصُ) لَهَا الزِّنَا (بِالْإِكْرَاهِ الْمُلْجِئِ) لِأَنَّ نَسَبَ الْوَلَدِ لَا يَنْقَطِعُ فَلَمْ يَكُنْ فِي مَعْنَى الْقَتْلِ مِنْ جَانِبِهَا بِخِلَافِ الرَّجُلِ (لَا بِغَيْرِهِ لَكِنَّهُ يُسْقِطُ الْحَدَّ فِي زِنَاهَا لَا زِنَاهُ) لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ الْمُلْجِئُ رُخْصَةً لَهُ لَمْ يَكُنْ غَيْرُ الْمُلْجِئِ شُبْهَةً لَهُ. [فَرْعٌ] :
ظَاهِرُ تَعْلِيلِهِمْ أَنَّ حُكْمَ اللِّوَاطَةِ كَحُكْمِ الْمَرْأَةِ لِعَدَمِ الْوَلَدِ فَتُرَخَّصُ بِالْمُلْجِئِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِكَوْنِهَا أَشَدَّ حُرْمَةً مِنْ الزِّنَا لِأَنَّهَا لَمْ تُبَحْ بِطَرِيقٍ مَا وَلِكَوْنِ قُبْحِهَا عَقْلِيًّا وَلِذَا لَا تَكُونُ فِي الْجَنَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ.
(وَصَحَّ نِكَاحُهُ وَطَلَاقُهُ وَعِتْقُهُ) لَوْ بِالْقَوْلِ لَا بِالْفِعْلِ كَشِرَاءِ قَرِيبِهِ ابْنُ كَمَالٍ (وَرَجَعَ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ وَنِصْفِ الْمُسَمَّى إنْ لَمْ يَطَأْ
ــ
[رد المحتار]
وَقَالَ زُفَرُ: يُقَادُ الْفَاعِلُ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ أُكْرِهَ) أَيْ بِمُلْجِئٍ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا يَجِيءُ. (قَوْلُهُ: بِضَيَاعِهَا) لِأَنَّ وَلَدَ الزِّنَا هَالِكٌ حُكْمًا لِعَدَمِ مَنْ يُرَبِّيهِ، فَلَا يُسْتَبَاحُ بِضَرُورَةٍ مَا كَالْقَتْلِ دُرَرٌ. (قَوْلُهُ: بَلْ يَغْرَمُ الْمَهْرَ) وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرَهِ بِشَيْءٍ، لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْوَطْءِ حَصَلَتْ لِلزَّانِي كَمَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَكْلِ طَعَامِ نَفْسِهِ جَائِعًا تَتَارْخَانِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا) أَيْ الْمَهْرَ وَالْحَدَّ لَا يَسْقُطَانِ جَمِيعًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ. (قَوْلُهُ: لَا يَنْقَطِعُ) أَيْ عَنْ الْأُمِّ. (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ يُسْقِطُ الْحَدَّ فِي زِنَاهَا) أَيْ بِغَيْرِ الْمُلْجِئِ، لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمُلْجِئُ رُخْصَةً لَهَا كَانَ غَيْرُهُ شُبْهَةً لَهَا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ الْمُلْجِئُ رُخْصَةً لَهُ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ لَا زِنَاهُ، وَإِذَا لَمْ يُرَخَّصْ لَهُ يَأْثَمُ فِي الْإِقْدَامِ عَلَيْهِ وَأَمَّا الْمَرْأَةُ هَلْ تَأْثَمُ ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ إنْ أُكْرِهَتْ عَلَى أَنْ تُمَكِّنَ مِنْ نَفْسِهَا، فَمَكَّنَتْ تَأْثَمُ وَإِنْ لَمْ تُمَكِّنْ وَزَنَى بِهَا فَلَا وَهَذَا لَوْ بِمُلْجِئٍ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ بِلَا خِلَافٍ لَا عَلَيْهَا وَلَكِنَّهَا تَأْثَمُ هِنْدِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ تَعْلِيلِهِمْ) أَيْ بِأَنَّهُ لَا يُرَخَّصُ لِلرَّجُلِ، لِأَنَّ فِيهِ قَتْلَ النَّفْسِ وَيُرَخَّصُ لِلْمَرْأَةِ لِعَدَمِ قَطْعِ النَّسَبِ مِنْهَا. (قَوْلُهُ: أَنَّ حُكْمَ اللِّوَاطَةِ) أَيْ مِنْ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ وَلَوْ بِرَجُلٍ ط. (قَوْلُهُ: فَتُرَخَّصُ بِالْمُلْجِئِ) فِي بَابِ الْإِكْرَاهِ مِنْ النُّتَفِ لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الزِّنَا وَاللُّوَاطَةِ لَا يَسَعُهُ وَإِنْ قُتِلَ اهـ فَمَنَعَ اللِّوَاطَةَ مَعَ أَنَّهَا لَا تُؤَدِّي إلَى هَلَاكِ الْوَلَدِ وَلَا تُفْسِدُ الْفِرَاشَ اهـ سَرَى الدَّيْنِ وَظَاهِرُ إطْلَاقِ النُّتَفِ يَعُمُّ الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ ط وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْمِنَحِ أَيْضًا عِبَارَةَ النُّتَفِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَمْ تُبَحْ بِطَرِيقٍ مَا) بِخِلَافِ الْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ فَإِنَّهُ يُسْتَبَاحُ بِعَقْدٍ وَبِمِلْكٍ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: وَلِكَوْنِ قُبْحِهَا عَقْلِيًّا) لِأَنَّ فِيهَا إذْلَالًا لِلْمَفْعُولِ وَيَأْبَى الْعَقْلُ ذَلِكَ، وَقَدْ انْضَمَّ قُبْحُهَا الْعَقْلِيُّ إلَى قُبْحِهَا طَبْعًا - فَإِنَّهُ مَحَلُّ نَجَاسَةٍ وَفَرْثٍ وَإِخْرَاجٍ لَا مَحَلُّ حَرْثٍ وَإِدْخَالٍ وَطَهَارَةٍ -، وَإِلَى قُبْحِهَا شَرْعًا ط
(قَوْلُهُ: وَصَحَّ نِكَاحُهُ) فَلَوْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ بِالزِّيَادَةِ بَطَلَتْ الزِّيَادَةُ وَأَوْجَبَهَا الطَّحَاوِيُّ، وَقَالَ: يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْمُكْرِهِ بَزَّازِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: لَوْ بِالْقَوْلِ لَا بِالْفِعْلِ إلَخْ) تَبِعَ ابْنَ الْكَمَالِ فِي ذِكْرِهِ ذَلِكَ هُنَا، وَصَوَابُهُ ذِكْرُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ وَرَجَعَ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ، لِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي الرُّجُوعِ وَعَدَمِهِ لَا فِي صِحَّةِ الْعِتْقِ، وَعِبَارَةُ الْأَشْبَاهِ سَالِمَةٌ مِنْ هَذَا الِاشْتِبَاهِ حَيْثُ قَالَ: أُكْرِهَ عَلَى الْإِعْتَاقِ فَلَهُ تَضْمِينُ الْمُكْرِهِ إلَّا إذَا أُكْرِهَ عَلَى شِرَاءِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِالْيَمِينِ أَوْ بِالْقَرَابَةِ اهـ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ أُكْرِهَ عَلَى شِرَاءِ ذِي رَحِمِهِ أَوْ مَنْ حَلَفَ بِعِتْقِهِ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ بِعَشَرَةِ آلَافٍ، فَاشْتَرَى عَتَقَ وَلَزِمَهُ أَلْفٌ لَا عَشَرَةٌ، لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ الْقِيمَةُ لَا الثَّمَنُ، وَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ عَلَى الْمُكْرِهِ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ قَبْلَ مَا خَرَجَ اهـ. (قَوْلُهُ: وَرَجَعَ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ) يَعْنِي فِي صُورَةِ الْإِكْرَاهِ عَلَى الْإِعْتَاقِ لِأَنَّهُ صَلَحَ لَهُ آلَةً فِيهِ مِنْ حَيْثُ الْإِتْلَافُ فَانْضَافَ إلَيْهِ ابْنُ كَمَالٍ وَالْوَلَاءُ لِلْمَأْمُورِ لِمَا مَرَّ عَنْ الْأَتْقَانِيِّ، وَيَرْجِعُ بِالْقِيمَةِ عَلَيْهِ وَلَوْ مُعْسِرًا لِأَنَّهُ ضَمَانُ إتْلَافٍ، وَلَا يَرْجِعُ الْمُكْرِهُ عَلَى الْعَبْدِ بِمَا ضَمِنَ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ بِفِعْلِهِ، وَلَا سِعَايَةَ عَلَى الْعَبْدِ وَتَمَامُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ. (قَوْلُهُ: وَنِصْفِ الْمُسَمَّى إنْ لَمْ يَطَأْ) لِأَنَّ مَا عَلَيْهِ كَانَ عَلَى شَرَفِ السُّقُوطِ بِوُقُوعِ الْفُرْقَةِ مِنْ جِهَتِهَا بِمَعْصِيَةٍ كَالِارْتِدَادِ وَتَقْبِيلِ ابْنِ الزَّوْجِ، وَقَدْ تَأَكَّدَ ذَلِكَ بِالطَّلَاقِ، فَكَانَ تَقْرِيرًا لِلْمَالِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَيُضَافُ تَقْرِيرُهُ إلَى الْمُكْرِهِ، وَالتَّقْرِيرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute