للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوْ سَبُّهُ أَوْ قَطْعُ عُضْوِهِ وَمَا لَا يُسْتَبَاحُ بِحَالٍ اخْتِيَارٌ.

(وَيُقَادُ فِي) الْقَتْلِ (الْعَمْدِ الْمُكْرِهُ) بِالْكَسْرِ لَوْ مُكَلَّفًا عَلَى مَا فِي الْمَبْسُوطِ خِلَافًا لِمَا فِي النِّهَايَةِ (فَقَطْ) لِأَنَّ الْقَاتِلَ كَالْآلَةِ وَأَوْجَبَهُ الشَّافِعِيُّ عَلَيْهِمَا وَنَفَاهُ أَبُو يُوسُفَ عَنْهُمَا لِلشُّبْهَةِ

ــ

[رد المحتار]

الْمُكْرِهِ وَالْإِتْلَافُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ بِأَنْ يَأْخُذَهُ وَيُلْقِيَهُ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ فَيُتْلِفَهُ، فَصَارَ كَأَنَّ الْمُكْرَهَ بَاشَرَهُ بِنَفْسِهِ فَلَزِمَهُ الضَّمَانُ بِخِلَافِ مَا لَا يَصْلُحُ آلَةً كَالْأَكْلِ وَالْوَطْءِ، وَالتَّكَلُّمِ، ولِذَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْإِعْتَاقِ ضَمَّنَ الْمُكْرِهَ لِأَنَّ الْمُكْرَهَ فِي حَقِّ الْإِتْلَافِ يَصْلُحُ آلَةً لَكِنَّ الْوَلَاءَ لِلْمُكْرَهِ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ آلَةً فِي حَقِّ التَّكَلُّمِ أَتْقَانِيٌّ. وَفِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ السِّرَاجِ: حَتَّى لَوْ حَمَلَهُ مَجُوسِيٌّ عَلَى ذَبْحِ شَاةِ الْغَيْرِ لَا يَحِلُّ أَكْلُهَا اهـ وَسَيَأْتِي خِلَافُهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ سَبُّهُ) مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْمُضْمَرَاتِ مِنْ أَنَّهُ بِالْمُلْجِئِ يُرَخَّصُ شَتْمُ الْمُسْلِمِ وَأَنَّهُ لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الِافْتِرَاءِ عَلَى مُسْلِمٍ يُرْجَى أَنْ يَسَعَهُ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ اهـ

وَقَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة: أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أُكْرِهَ بِمُتْلِفٍ أَنْ يَفْتَرِيَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى كَانَ فِي سَعَةٍ فَهُنَا أَوْلَى إلَّا أَنَّهُ عَلَّقَ الْإِبَاحَةَ بِالرَّجَاءِ، وَفِي الِافْتِرَاءِ عَلَى اللَّهِ لَمْ يُعَلِّقْ، لِأَنَّهَا هُنَاكَ ثَابِتَةٌ بِالنَّصِّ، وَهُنَا ثَبَتَ دَلَالَةً قَالَ مُحَمَّدٌ عَقِيبَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أُكْرِهَ بِوَعِيدِ تَلَفٍ عَلَى شَتْمِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ فِي سَعَةٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَطَرِيقُهُ مَا قُلْنَا وَلَوْ صَبَرَ حَتَّى قُتِلَ كَانَ مَأْجُورًا وَكَانَ أَفْضَلَ اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ قَطْعُ عُضْوِهِ) أَيْ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ الْمَقْطُوعُ غَيْرَ مُكْرَهٍ فَإِنْ قَطَعَ فَهُوَ آثِمٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْقَاطِعِ وَلَا عَلَى الْمُكْرِهِ، وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْقَتْلِ فَأَذِنَ لَهُ فَقَتَلَهُ أَثِمَ وَالدِّيَةُ فِي مَالِ الْآمِرِ تَتَارْخَانِيَّةٌ، لَكِنْ فِي الْخَانِيَّةِ قَالَ لَهُ السُّلْطَانُ: اقْطَعْ يَدَ فُلَانٍ، وَإِلَّا لَأَقْتُلَنَّكَ وَسِعَهُ أَنْ يَقْطَعَ وَعَلَى الْآمِرِ الْقِصَاصُ عِنْدَهُمَا وَلَا رِوَايَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ اهـ ثُمَّ رَأَيْت الطُّورِيَّ وَفَّقَ بِأَنَّهُ إنْ أُكْرِهَ عَلَى الْقَطْعِ بِأَغْلَظَ مِنْهُ وَسِعَهُ وَإِنْ بِقَطْعٍ أَوْ بِدُونِهِ فَلَا تَأَمَّلْ. وَأَتَى بِضَمِيرِ الْغَيْبَةِ الْعَائِدِ عَلَى غَيْرِهِ لِمَا فِي الْهِنْدِيَّةِ أُكْرِهَ بِالْقَتْلِ عَلَى قَطْعِ يَدِ نَفْسِهِ، وَسِعَهُ ذَلِكَ وَعَلَى الْمُكْرِهِ الْقَوَدُ وَلَوْ عَلَى قَتْلِ نَفْسِهِ فَقَتَلَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُكْرِهِ اهـ وَفِي الْمَجْمَعِ أُكْرِهَ عَلَى قَطْعِ يَدِهِ أَيْ يَدِ الْغَيْرِ فَفَعَلَ، ثُمَّ قَطَعَ رِجْلَهُ طَوْعًا فَمَاتَ يُوجِبُ أَبُو يُوسُفَ الدِّيَةَ فِي مَالَيْهِمَا وَأَوْجَبَا الْقِصَاصَ عَلَيْهِمَا.

(قَوْلُهُ: وَيُقَادُ فِي الْعَمْدِ الْمُكْرِهُ فَقَطْ) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُبَاحُ الْإِقْدَامُ عَلَى الْقَتْلِ بِالْمُلْجِئِ، وَلَوْ قَتَلَ أَثِمَ وَيُقْتَصُّ الْحَامِلُ وَيُحْرَمُ الْمِيرَاثَ لَوْ بَالِغًا وَيَقْتَصُّ الْمُكْرَهُ مِنْ الْحَامِلِ وَيَرِثُهُمَا شُرُنْبُلَالِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَا فِي النِّهَايَةِ) مِنْ قَوْلِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْآمِرُ بَالِغًا أَوْ لَا عَاقِلًا أَوْ مَعْتُوهًا فَالْقَوَدُ عَلَى الْآمِرِ وَعَزَاهُ لِلْمَبْسُوطِ وَرَدَّهُ فِي الْعِنَايَةِ تَبَعًا لِشَيْخِهِ الْكَاكِيِّ صَاحِبِ الْمِعْرَاجِ نَقْلًا عَنْ شَيْخِهِ عَلَاءِ الدِّينِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِأَنَّ عِبَارَةَ الْمَبْسُوطِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُكْرَهُ إلَخْ، وَهُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ فَتَوَهَّمَ أَنَّهُ بِالْكَسْرِ فَعَبَّرَ بِالْآمِرِ، وَهُوَ سَهْوٌ يُؤَيِّدُهُ مَا قَالَ أَبُو الْيُسْرِ فِي مَبْسُوطِهِ، وَلَوْ كَانَ الْمُكْرِهُ الْآمِرُ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا لَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ عَلَى أَحَدٍ، لِأَنَّ الْقَاتِلَ فِي الْحَقِيقَةِ هَذَا الصَّبِيُّ أَوْ الْمَجْنُونُ وَهُوَ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِوُجُوبِ الْعُقُوبَةِ عَلَيْهِ.

أَقُولُ: وَلَمْ يَذْكُرْ الشُّرَّاحُ حُكْمَ الدِّيَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَفِي الْخَانِيَّةِ تَجِبُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُكْرِهِ - أَيْ بِالْكَسْرِ - فِي ثَلَاثِ سِنِينَ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْقَاتِلَ كَالْآلَةِ) أَيْ فِيمَا يَصْلُحُ آلَةً وَهُوَ الْإِتْلَافُ بِخِلَافِ الْإِثْمِ لِأَنَّهُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى دِينِهِ، وَلَا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَجْنِي عَلَى دِينِ غَيْرِهِ، وَكَذَا لَوْ أَكْرَهَ مُسْلِمٌ مَجُوسِيًّا عَلَى ذَبْحِ شَاةٍ، فَإِنَّهُ يُنْقَلُ الْفِعْلُ إلَى الْمُسْلِمِ الْآمِرِ فِي حَقِّ الْإِتْلَافِ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ، وَلَا يُنْقَلُ فِي حَقِّ الْحِلِّ فِي الذَّبْحِ فِي الدِّينِ، وَبِالْعَكْسِ يَحِلُّ زَيْلَعِيٌّ، وَمِثْلُهُ فِي الْمِعْرَاجِ فَمَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ مِنْ عَكْسِهِ الْحُكْمَ سَهْوٌ فِي النَّقْلِ. (قَوْلُهُ: وَنَفَاهُ أَبُو يُوسُفَ عَنْهُمَا) لَكِنْ أَوْجَبَ الدِّيَةَ عَلَى الْآمِرِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ خَانِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: لِلشُّبْهَةِ) أَيْ شُبْهَةِ الْعَدَمِ فَإِنَّ أَحَدَهُمَا قَاتِلٌ حَقِيقَةً لَا حُكْمًا، وَالْآخَرَ بِالْعَكْسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>