للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ خِلَافِهِ فَقِيَاسٌ وَالِاسْتِحْسَانُ وُقُوعُهُ، وَالْأَصْلُ عِنْدَنَا أَنَّ كُلَّ مَا يَصِحُّ مَعَ الْهَزْلِ يَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ لِأَنَّ مَا يَصِحُّ مَعَ الْهَزْلِ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ وَكُلُّ مَا لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الْإِكْرَاهُ وَعَدَّهَا أَبُو اللَّيْثِ فِي خِزَانَةِ الْفِقْهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَعَدَّيْنَاهَا فِي بَابِ الطَّلَاقِ نَظْمًا عِشْرِينَ.

(لَا) يَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ (إبْرَاؤُهٌ مَدْيُونَهُ أَوْ) إبْرَائِهِ (كَفِيلَهُ) بِنَفْسٍ أَوْ مَالٍ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ لَا تَصِحُّ مَعَ الْهَزْلِ، وَكَذَا لَوْ أُكْرِهَ الشَّفِيعُ أَنْ يَسْكُتَ عَنْ طَلَبِ الشُّفْعَةِ فَسَكَتَ لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ (وَ) لَا (رِدَّتُهُ) بِلِسَانِهِ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ (فَلَا تَبِينُ زَوْجَتُهُ) لِأَنَّهُ لَا يُكَفَّرُ بِهِ

ــ

[رد المحتار]

فِي الطَّلَاقِ تَجِدُهَا فِي النِّكَاحِ فَيَكُونُ حُكْمُهَا وَاحِدًا تَأَمَّلْ اهـ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمُكْرَهَ يَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرِهِ اسْتِحْسَانًا وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ، وَلَوْ أُكْرِهَ بِمُلْجِئٍ عَلَى تَوْكِيلِ هَذَا بِبَيْعِ عَبْدِهِ بِأَلْفٍ، وَعَلَى الدَّفْعِ إلَيْهِ فَبَاعَ الْوَكِيلُ وَأَخَذَ الثَّمَنَ فَهَلَكَ الْعَبْدُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَهُوَ وَالْوَكِيلُ طَائِعَانِ ضَمَّنَ أَيَّ الثَّلَاثَةِ شَاءَ، فَإِنْ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ لَا يَرْجِعُ بِالْقِيمَةِ عَلَى أَحَدٍ بَلْ بِالثَّمَنِ عَلَى الْوَكِيلِ، وَإِنْ ضَمَّنَ الْوَكِيلَ رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْقِيمَةِ، وَهُوَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ، فَيَتَقَاصَّانِ وَيَتَرَادَّانِ الْفَضْلَ، وَإِنْ ضَمَّنَ الْمُكْرِهَ رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَوْ عَلَى الْوَكِيلِ وَلَوْ الْإِكْرَاهُ بِغَيْرِ مُلْجِئٍ لَمْ يَضْمَنْ الْمُكْرِهُ شَيْئًا وَإِنَّمَا لِلْمَوْلَى تَضْمِينُ الْوَكِيلِ الْقِيمَةَ وَيَتَقَاصُّ مَعَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ أَوْ تَضْمِينُ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ لَا رُجُوعَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى أَحَدٍ اهـ مُلَخَّصًا مِنْ الْهِنْدِيَّةِ عَنْ الْمُحِيطِ. (قَوْلُهُ: وَمَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ خِلَافِهِ) وَهُوَ عَدَمُ الْوُقُوعِ بِطَلَاقِ الْوَكِيلِ وَإِعْتَاقِهِ. (قَوْلُهُ: يَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ) أَيْ فِيمَا عَدَا مَسْأَلَةَ الْوَكَالَةِ لِمَا عَلِمْت مِنْ خُرُوجِهَا عَنْ الْقِيَاسِ. (قَوْلُهُ: لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الْإِكْرَاهُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ مَنْعُ الصِّحَّةِ، لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ يُفَوِّتُ الرِّضَا، وَفَوَاتُهُ يُؤَثِّرُ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ، وَعَدَمُهُ يُمَكِّنُ الْمُكْرَهَ مِنْ الْفَسْخِ، فَالْإِكْرَاهُ يُمَكِّنُ الْمُكْرَهَ مِنْ الْفَسْخِ بَعْدَ التَّحَقُّقِ فَمَا لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ لَا يَعْمَلُ فِيهِ الْإِكْرَاهُ مِنَحٌ. (قَوْلُهُ: وَعَدَّيْنَاهَا) صَوَابُهُ " عَدَدْنَاهَا " لِأَنَّهُ مِنْ الْعَدِّ لَا مِنْ التَّعْدِيَةِ. (قَوْلُهُ: نَظْمًا) هُوَ لِصَاحِبِ النَّهْرِ وَعِبَارَتُهُ هُنَاكَ نَظَمَ فِي النَّهْرِ مَا يَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ فَقَالَ:

طَلَاقٌ وَإِيلَاءٌ ظِهَارٌ وَرَجْعَةٌ ... نِكَاحٌ مَعَ اسْتِيلَادٍ عَفْوٌ عَنْ الْعَمْدِ

رَضَاعٌ وَأَيْمَانٌ وَفَيْءٌ وَنَذْرُهُ ... قَبُولٌ لِإِيدَاعٍ كَذَا الصُّلْحُ عَنْ عَمْدِ

طَلَاقٌ عَلَى جُعْلٍ يَمِينٌ بِهِ أَتَتْ ... كَذَا الْعِتْقُ وَالْإِسْلَامُ تَدْبِيرٌ لِلْعَبْدِ

وَإِيجَابُ إحْسَانٍ وَعِتْقٌ فَهَذِهِ ... تَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ عِشْرِينَ فِي الْعَدِّ

أَقُولُ: وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهَا خَمْسَةَ عَشَرَ لِلتَّدَاخُلِ، وَلِأَنَّ قَبُولَ الْإِيدَاعِ لَيْسَ مِنْهَا كَمَا فِي النَّهْرِ وَالْمَذْكُورُ مِنْهَا فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ عَشَرَةٌ نَظَمَهَا ابْنُ الْهُمَامِ بِقَوْلِهِ:

يَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ عِتْقٌ وَرَجْعَةٌ ... نِكَاحٌ وَإِيلَاءٌ طَلَاقُ مُفَارِقِ

وَفَيْءٌ ظِهَارٌ وَالْيَمِينُ وَنَذْرُهُ ... وَعَفْوٌ لِقَتْلِ شَابٍّ مِنْهُ مُفَارِقِ

وَزِدْت عَلَيْهِ الْخَمْسَةَ الْبَاقِيَةَ بِقَوْلِي:

رَضَاعٌ وَتَدْبِيرٌ قَبُولٌ لِصُلْحِهِ ... كَذَلِكَ إيلَادٌ وَالْإِسْلَامُ فَارِقُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ إبْرَاؤُهُ كَفِيلَهُ) وَكَذَا قَبُولُ الْكَفَالَةِ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ الْحَامِدِيُّ وَغَيْرُهُ، وَكَذَا قَبُولُ الْحَوَالَةِ عَلَى مَا فِي حَوَالَةِ الْبَحْرِ سَائِحَانِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ تَصِحُّ مَعَ الْهَزْلِ) لِأَنَّهَا إقْرَارٌ بِفَرَاغِ الذِّمَّةِ فَيُؤَثِّرُ فِيهَا الْإِكْرَاهُ. (قَوْلُهُ: لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ) فَإِذَا زَالَ الْإِكْرَاهُ فَإِنْ طَلَبَ عِنْدَ ذَلِكَ وَإِلَّا بَطَلَتْ، وَكَذَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى تَسْلِيمِهَا بَعْدَ طَلَبِهَا لَا تَبْطُلُ هِنْدِيَّةٌ وَغَيْرُهَا. (قَوْلُهُ: وَلَا رِدَّتُهُ إلَخْ) ذَكَرَهُ لِيُفَرِّعَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ فَلَا تَبِينُ زَوْجَتُهُ وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ مَا يُغْنِي عَنْهُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يُكَفَّرُ بِهِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>