للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(خِلَافًا لَهُمَا وَبِهِ) أَيْ بِقَوْلِهِمَا بِبَيْعِهِمَا لِلدَّيْنِ (يُفْتَى) اخْتِيَارٌ وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْقُدُورِيِّ، وَيَبِيعُ كُلَّ مَا لَا يَحْتَاجُهُ فِي الْحَالِ وَلَوْ أَقَرَّ بِمَالٍ يَلْزَمُهُ بَعْدَ الدُّيُونِ مَا لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا بِبَيِّنَةٍ أَوْ عِلْمِ قَاضٍ فَيُزَاحِمُ الْغُرَمَاءَ كَمَالٍ اسْتَهْلَكَهُ إذْ لَا حَجْرَ فِي الْفِعْلِ كَمَا مَرَّ. .

ــ

[رد المحتار]

أَقُولُ: وَرَأَيْت فِي الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ مِنْ الْمُجْتَبَى رَامِزًا مَا نَصُّهُ: وَجَدَ دَنَانِيرَ مَدْيُونِهِ وَلَهُ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ لِاتِّحَادِهِمَا جِنْسًا فِي الثَّمَنِيَّةِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْفَارِسِيِّ فِي بَابِ الْيَمِينِ فِي الْمُسَاوَمَةِ. [تَنْبِيهٌ] :

قَالَ الْحَمَوِيُّ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ نَقْلًا عَنْ الْعَلَّامَةِ الْمَقْدِسِيَّ عَنْ جَدِّهِ الْأَشْقَرِ عَنْ شَرْحِ الْقُدُورِيِّ لِلْأَخْصَبِ: إنَّ عَدَمَ جَوَازِ الْأَخْذِ مِنْ خِلَافِ الْجِنْسِ كَانَ فِي زَمَانِهِمْ لِمُطَاوَعَتِهِمْ فِي الْحُقُوقِ، وَالْفَتْوَى الْيَوْمَ عَلَى جَوَازِ الْأَخْذِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ مِنْ أَيِّ مَالٍ كَانَ لَا سِيَّمَا فِي دِيَارِنَا لِمُدَاوَمَتِهِمْ الْعُقُوقَ قَالَ الشَّاعِرُ:

عَفَاءٌ عَلَى هَذَا الزَّمَانِ فَإِنَّهُ ... زَمَانُ عُقُوقٍ لَا زَمَانُ حُقُوقِ

وَكُلُّ رَفِيقٍ فِيهِ غَيْرُ مُرَافِقٍ ... وَكُلُّ صَدِيقٍ فِيهِ غَيْرُ صَدُوقِ

ط.

(قَوْلُهُ: خِلَافًا لَهُمَا وَبِهِ يُفْتَى) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَقَالَا: يَبِيعُ وَبِهِ يُفْتَى كَمَا لَا يَخْفَى ح. (قَوْلُهُ: أَيْ بِقَوْلِهِمَا بِبَيْعِهِمَا) أَيْ الْعَرَضِ وَالْعَقَارِ، وَأَشَارَ بِهَذَا التَّفْسِيرِ إلَى أَنَّ مَا عَدَاهُ لَا خِلَافَ فِيهِ. (قَوْلُهُ: اخْتِيَارٌ) وَمِثْلُهُ فِي الْمُلْتَقَى. (قَوْلُهُ: وَيَبِيعُ كُلَّ مَا لَا يَحْتَاجُهُ فِي الْحَالِ) قَالَ فِي التَّبْيِينِ: ثُمَّ عِنْدَهُمَا يَبْدَأُ الْقَاضِي بِبَيْعِ النُّقُودِ، ثُمَّ الْعُرُوضِ، ثُمَّ الْعَقَارِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَبْدَأُ بِبَيْعِ مَا يُخْشَى عَلَيْهِ التَّوَى مِنْ عُرُوضِهِ، ثُمَّ بِمَا لَا يُخْشَى عَلَيْهِ، ثُمَّ بِالْعَقَارِ.

فَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ يَبِيعُ مَا كَانَ أَنْظَرَ لَهُ وَيُتْرَكُ عَلَيْهِ دَسْتُ مِنْ ثِيَابِهِ يَعْنِي بَدْلَةً وَقِيلَ: دَسْتَانِ لِأَنَّهُ إذَا غَسَلَ ثِيَابَهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مَلْبَسٍ وَقَالُوا: إذَا كَانَ يَكْتَفِي بِدُونِهَا تُبَاعُ، وَيُقْضَى الدَّيْنُ بِبَعْضِ ثَمَنِهَا، وَيَشْتَرِي بِمَا بَقِيَ ثَوْبًا يَلْبَسُهُ وَكَذَا يُفْعَلُ فِي الْمَسْكَنِ وَعَنْ هَذَا قَالُوا: يَبِيعُ مَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْحَالِ كَاللِّبْدِ فِي الصَّيْفِ وَالنِّطْعِ فِي الشِّتَاءِ، وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ وَعَلَى زَوْجَتِهِ وَأَطْفَالِهِ وَأَرْحَامِهِ مِنْ مَالِهِ اهـ مُلَخَّصًا قَالَ الرَّحْمَتِيُّ: وَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ إلَى أَنْ يَسْكُنَ بِالْأُجْرَةِ كَمَا قَالُوا فِي وُجُوبِ الْحَجِّ تَأَمَّلْ اهـ.

وَفِي حَاشِيَةِ الْمَدَنِيِّ أَقُولُ: وَكَذَا لَوْ كَانَ عِنْدَهُ عَقَارَاتُ وَقْفٍ سُلْطَانِيٍّ زَائِدَةٌ عَلَى سُكْنَاهُ أَوْ صَدَقَاتٌ فِي الدَّفَاتِرِ السُّلْطَانِيَّةِ لَا يُؤْمَرُ بِبَيْعِهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ اهـ أَيْ لَا يُؤْمَرُ بِالْفَرَاغِ عَنْهَا إذْ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا تَأَمَّلْ. مَطْلَبٌ: تَصَرُّفَاتُ الْمَحْجُورِ بِالدَّيْنِ كَالْمَرِيضِ.

(قَوْلُهُ: يَلْزَمُهُ بَعْدَ الدُّيُونِ) أَيْ يَقْضِيهِ بَعْدَ قَضَاءِ الدُّيُونِ الَّتِي حُجِرَ لِأَجْلِهَا وَنَحْوِهَا مِمَّا ذَكَرَهُ بَعْدُ وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ اسْتَفَادَ مَالًا بَعْدَ الْحَجْرِ، وَإِلَّا فَيَقْضِي مَا أَقَرَّ بِهِ مِنْهُ كَمَا فِي الْمَوَاهِبِ وَالْهِدَايَةِ، وَقَدَّمْنَاهُ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة وَشَرْحِ الْمُلْتَقَى وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة ثُمَّ إذَا صَحَّ الْحَجْرُ بِالدَّيْنِ صَارَ الْمَحْجُورُ كَمَرِيضٍ عَلَيْهِ دُيُونُ الصِّحَّةِ، فَكُلُّ تَصَرُّفٍ أَدَّى إلَى إبْطَالِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ، فَالْحَجْرُ يُؤَثِّرُ فِيهِ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ. وَأَمَّا الْبَيْعُ فَإِنْ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ جَازَ وَإِنْ بِغَبْنٍ فَلَا وَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ إزَالَةِ الْغَبْنِ وَبَيْنَ الْفَسْخِ كَبَيْعِ الْمَرِيضِ، فَإِنْ بَاعَ مِنْ الْغَرِيمِ وَقَاصَصَهُ بِالثَّمَنِ جَازَ لَوْ الْغَرِيمُ وَاحِدًا وَإِلَّا صَحَّ الْبَيْعُ مِنْ أَحَدِهِمْ لَوْ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ دُونَ الْمُقَاصَّةِ، وَكَذَا لَوْ قَضَى دَيْنَ الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ كَالْمَرِيضِ اهـ مُلَخَّصًا. (قَوْلُهُ: بِبَيِّنَةٍ) بِأَنْ شَهِدُوا عَلَى الِاسْتِقْرَاضِ أَوْ الشِّرَاءِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ تَتَارْخَانِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ عِلْمِ قَاضٍ) الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ جَوَازِ الْقَضَاءِ بِعِلْمِهِ ط. (قَوْلُهُ: كَمَالٍ اسْتَهْلَكَهُ) فَإِنَّ مَالِكَهُ يُزَاحِمُ الْغُرَمَاءَ، وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِمَهْرِ مِثْلِهَا ابْنُ مَالِكٍ وَالْمُرَادُ بِاسْتِهْلَاكِهِ الْمَالَ أَنَّهُ ثَبَتَ بِغَيْرِ إقْرَارِهِ مِمَّا مَرَّ، فَلَوْ بِهِ فَفِي التَّتَارْخَانِيَّة أَنَّهُ يُسْأَلُ عَنْ إقْرَارِهِ بَعْدَمَا صَارَ مُصْلِحًا أَنَّ مَا أَقَرَّ بِهِ كَانَ حَقًّا أَوْ لَا؟ فَإِنْ قَالَ نَعَمْ يُؤَاخَذُ بِهِ وَإِلَّا فَلَا، وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ فِي الصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ كَذَلِكَ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>