للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَمَاتَتْ وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ بِإِذْنِهَا وَأَنْكَرَ الْوَارِثُ فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ

(وَيَجِبُ رَدُّ عَيْنِ الْمَغْصُوبِ) مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ تَغَيُّرًا فَاحِشًا مُجْتَبًى (فِي مَكَانِ غَصْبِهِ) لِتَفَاوُتِ الْقِيَمِ بِاخْتِلَافِ الْأَمَاكِنِ (وَيَبْرَأُ بِرَدِّهَا وَلَوْ بِغَيْرِ عِلْمِ الْمَالِكِ) فِي الْبَزَّازِيَّةِ غَصَبَ دَرَاهِمَ إنْسَانٍ مِنْ كِيسِهِ ثُمَّ رَدَّهَا فِيهِ بِلَا عِلْمِهِ بَرِئَ وَكَذَا لَوْ سَلَّمَهُ إلَيْهِ بِجِهَةٍ أُخْرَى كَهِبَةٍ أَوْ إيدَاعٍ أَوْ شِرَاءٍ وَكَذَا

ــ

[رد المحتار]

وَنَصُّهَا: رَجُلٌ كَانَ يَتَصَرَّفُ فِي غَلَّاتِ امْرَأَتِهِ وَيَدْفَعُ ذَهَبَهَا بِالْمُرَابَحَةِ ثُمَّ مَاتَتْ فَادَّعَى وَرَثَتُهَا أَنَّك كُنْت تَتَصَرَّفُ فِي مَالِهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا فَعَلَيْك الضَّمَانُ فَقَالَ الزَّوْجُ: بَلْ بِإِذْنِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ،؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ شَاهِدٌ لَهُ أَيْ وَالظَّاهِرُ يَكْفِي لِلدَّفْعِ حَمَوِيٌّ.

قُلْت: وَسَيَأْتِي فِي شَتَّى الْوَصَايَا فِيمَا لَوْ عَمَّرَ دَارَ زَوْجَتِهِ أَنَّهُ لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْإِذْنِ وَعَدَمِهِ فَالْقَوْلُ لِمُنْكِرِهِ تَأَمَّلْ.

مَطْلَبٌ فِي رَدِّ الْمَغْصُوبِ وَفِيمَا لَوْ أَبَى الْمَالِكُ قَبُولَهُ (قَوْلُهُ وَيَجِبُ رَدُّ عَيْنِ الْمَغْصُوبِ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تَرُدَّ» وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا يَحِلُّ لِأَحَدِكُمْ أَنْ يَأْخُذَ مَالَ أَخِيهِ لَاعِبًا وَلَا جَادًّا، وَإِنْ أَخَذَهُ فَلْيَرُدَّهُ عَلَيْهِ» زَيْلَعِيٌّ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ رَدَّ الْعَيْنِ هُوَ الْوَاجِبُ الْأَصْلِيُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ وَسَنُوَضِّحُهُ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ تَغَيُّرًا فَاحِشًا) سَيَأْتِي تَفْسِيرُهُ بِأَنَّهُ مَا فَوَّتَ بَعْضَ الْعَيْنِ وَبَعْضَ نَفْعِهِ، وَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَتَسَلَّمُ الْغَاصِبُ الْعَيْنَ وَيَدْفَعُ قِيمَتَهَا، أَوْ يَدْفَعُهَا وَيَضْمَنُ نُقْصَانَهَا وَالْخِيَارُ فِي ذَلِكَ لِلْمَالِكِ رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ لِتَفَاوُتِ الْقِيَمِ إلَخْ) فَلَوْ غَصَبَ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ فَطَالَبَهُ الْمَالِكُ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى عَلَيْهِ تَسْلِيمُهَا، وَلَيْسَ لِلْمَالِكِ طَلَبُ الْقِيمَةِ وَإِنْ اخْتَلَفَ السِّعْرُ، وَلَوْ غَصَبَ عَيْنًا فَلَوْ الْقِيمَةُ فِي هَذَا الْمَكَانِ مِثْلُهَا فِي مَكَانِ الْغَصْبِ أَوْ أَكْثَرُ فَلِلْمَالِكِ أَخْذُ الْمَغْصُوبِ لَا الْقِيمَةِ، وَلَوْ الْقِيمَةُ أَقَلُّ أَخَذَ الْقِيمَةَ عَلَى سِعْرِ مَكَانِ الْغَصْبِ أَوْ انْتَظَرَ حَتَّى يَأْخُذَهُ فِي بَلَدِهِ، وَلَوْ وَجَدَهُ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ وَانْتَقَصَ السِّعْرُ يَأْخُذُ الْعَيْنَ لَا الْقِيمَةَ يَوْمَ الْغَصْبِ، وَإِنْ كَانَ هَلَكَ وَهُوَ مِثْلِيٌّ وَسِعْرُ الْمَكَانَيْنِ وَاحِدٌ يَبْرَأُ بِرَدِّ الْمِثْلِ، وَلَوْ سِعْرُ هَذَا الْمَكَانِ الَّذِي الْتَقَيَا فِيهِ أَقَلُّ أَخَذَ الْمَالِكُ الْقِيمَةَ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ وَقْتَ الْغَصْبِ أَوْ انْتَظَرَ، وَلَوْ الْقِيمَةُ فِي هَذَا الْمَكَانِ أَكْثَرُ أَعْطَاهُ الْغَاصِبُ مِثْلَهُ فِي مَكَانِ الْخُصُومَةِ أَوْ قِيمَتَهُ حَيْثُ غَصَبَ مَا لَمْ يَرْضَ الْمَالِكُ بِالتَّأْخِيرِ، وَلَوْ الْقِيمَةُ فِي الْمَكَانَيْنِ سَوَاءٌ لِلْمَالِكِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالْمِثْلِ مِنَحٌ عَنْ الْخَانِيَّةِ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ وَيَبْرَأُ بِرَدِّهَا) أَيْ رَدِّ الْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَيْ الْعَاقِلِ لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ غَصَبَ مِنْ صَبِيٍّ وَرَدَّهُ إلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْحِفْظِ يَصِحُّ الرَّدُّ وَإِلَّا لَا اهـ.

وَشَمَلَ الرَّدُّ حُكْمًا لِمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: وَضَعَ الْمَغْصُوبَ بَيْنَ يَدَيْ مَالِكِهِ بَرِئَ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ حَقِيقَةُ الْقَبْضِ وَكَذَا الْمُودَعُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَتْلَفَ غَصْبًا أَوْ وَدِيعَةً فَجَاءَ بِالْقِيمَةِ لَا يَبْرَأُ مَا لَمْ يُوجَدْ حَقِيقَةُ الْقَبْضِ، وَفِيهِ أَتَى بِقِيمَةِ الْمُتْلَفِ فَلَمْ يَقْبَلْهَا الْمَالِكُ قَالَ أَبُو نَصْرٍ: يُرْفَعُ الْأَمْرُ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يَأْمُرَهُ بِالْقَبُولِ فَيَبْرَأُ، وَفِيهِ جَاءَ بِمَا غَصَبَهُ فَلَمْ يَقْبَلْهُ مَالِكُهُ فَحَمَلَهُ الْغَاصِبُ إلَى بَيْتِهِ بَرِئَ وَلَمْ يَضْمَنْ، وَلَوْ وَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَمْ يَقْبَلْهُ فَحَمَلَهُ إلَى بَيْتِهِ ضَمِنَ، وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ يَتِمُّ الرَّدُّ فِي الثَّانِيَةِ بِوَضْعِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهُ فَإِذَا حَمَلَهُ بَعْدَهُ إلَى بَيْتِهِ غُصِبَ ثَانِيًا أَمَّا إذَا لَمْ يَضَعْهُ بَيْنَ يَدَيْهِ لَمْ يَتِمَّ الرَّدُّ اهـ وَالْمُرَادُ بِوَضْعِهِ وَضْعُهُ بِحَيْثُ تَنَالُهُ يَدُهُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَفِيهَا أَمَّا إذَا كَانَ فِي يَدِهِ وَلَمْ يَضَعْهُ عِنْدَ الْمَالِكِ فَقَالَ لِلْمَالِكِ: أَخَذَهُ فَلَمْ يَقْبَلْهُ صَارَ أَمَانَةً فِي يَدِهِ (قَوْلُهُ غَصَبَ دَرَاهِمَ إنْسَانٍ مِنْ كِيسِهِ) أَيْ أَخَذَ جَمِيعَ مَا فِيهِ لِمَا فِي الثَّالِثِ مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ أَيْضًا، وَلَوْ فِي كِيسِهِ أَلْفٌ أَخَذَ رَجُلٌ نِصْفَهَا ثُمَّ رَدَّ النِّصْفَ إلَى الْكِيسِ بَعْدَ أَيَّامٍ يَضْمَنُ النِّصْفَ الْمَأْخُوذَ الْمَرْدُودَ لَا غَيْرَ وَقِيلَ يَبْرَأُ بِرَدِّهَا إلَى الْكِيسِ اهـ تَأَمَّلْ. وَفِيهَا رَكِبَ دَابَّةَ غَيْرِهِ وَتَرَكَهَا مَكَانَهَا يَضْمَنُ عَلَى قَوْلِ الثَّانِي، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ الْإِمَامِ حَتَّى يُحَوِّلَهَا مِنْ مَوْضِعِهَا وَإِذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>