لَوْ أَطْعَمَهُ فَأَكَلَهُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ زَيْلَعِيٌّ (أَوْ) يَجِبُ رَدُّ (مِثْلِهِ إنْ هَلَكَ وَهُوَ مِثْلِيٌّ وَإِنْ انْقَطَعَ الْمِثْلُ) بِأَنْ لَا يُوجَدَ فِي السُّوقِ الَّذِي يُبَاعُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ يُوجَدُ فِي الْبُيُوتِ ابْنُ كَمَالٍ (فَقِيمَتُهُ يَوْمُ الْخُصُومَةِ) أَيْ وَقْتُ الْقَضَاءِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَوْمُ الْغَصْبِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَوْمُ الِانْقِطَاعِ وَرَجَّحَهُ قُهُسْتَانِيُّ (وَتَجِبُ الْقِيمَةُ فِي الْقِيَمِيِّ يَوْمَ غَصْبِهِ) إجْمَاعًا (وَالْمِثْلِيُّ الْمَخْلُوطُ بِخِلَافِ جِنْسِهِ) كَبُرٍّ مَخْلُوطٍ بِشَعِيرٍ وَشَيْرَجٍ مَخْلُوطٍ بِزَيْتٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَدُهْنٍ نَجِسٍ (قِيَمِيٍّ) فَتَجِبُ قِيمَتُهُ يَوْمَ غَصْبِهِ وَكَذَا كُلُّ مَوْزُونٍ يَخْتَلِفُ بِالصَّنْعَةِ كَقُمْقُمٍ وَقِدْرٍ دُرَرٌ وَدِبْسٍ ذَكَرَهُ فِي الْجَوَاهِرِ زَادَ الْمُصَنِّفُ: وَرُبٍّ وَقِطْرٍ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَتَفَاوَتُ بِالصَّنْعَةِ وَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهَا وَلَا تُثْبِتُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ.
ــ
[رد المحتار]
لَبِسَ ثَوْبَ غَيْرِهِ ثُمَّ نَزَعَهُ وَوَضَعَهُ فِي مَكَانِهِ فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ وَهَذَا فِي لُبْسِهِ عَلَى الْعَادَةِ، فَإِنْ كَانَ قَمِيصًا فَوَضَعَهُ عَلَى عَاتِقِهِ ثُمَّ أَعَادَهُ إلَى مَكَانِهِ لَا يَضْمَنُ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ حِفْظٌ لَا اسْتِعْمَالٌ اهـ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْأَكْلِ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ كَانَ بُرًّا فَطَحَنَهُ وَخَبَزَهُ وَأَطْعَمَهُ مَالِكُهُ أَوْ تَمْرًا فَنَبَذَهُ وَسَقَاهُ إيَّاهُ أَوْ كِرْبَاسًا فَقَطَعَهُ وَخَاطَهُ وَأَكْسَاهُ إيَّاهُ لَمْ يَبْرَأْ إذْ مِلْكُهُ زَالَ بِمَا فَعَلَ
(قَوْلُهُ وَهُوَ مِثْلِيٌّ) سَنَذْكُرُ بَيَانَ الْمِثْلِيِّ فِي آخِرِ سِوَادَةِ الشَّارِحِ الْآتِيَةِ (قَوْلُهُ ابْنُ كَمَالٍ) وَمِثْلُهُ فِي التَّبْيِينِ عَنْ النِّهَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْبَلْخِيّ (قَوْلُهُ يَوْمَ الْخُصُومَةِ) أَيْ الْمُعْتَبَرَةِ وَهِيَ مَا تَكُونُ عِنْدَ الْقَاضِي وَلِذَا قَالَ: أَيْ وَقْتُ الْقَضَاءِ (قَوْله وَرَجَّحَا) أَيْ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَيْضًا أَيْ كَمَا رَجَّحَ قَوْلَ الْإِمَامِ ضِمْنًا لِمَشْيِ الْمُتُونِ عَلَيْهِ وَصَرِيحًا. قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْخِزَانَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي التُّحْفَةِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَوْمَ الْغَصْبِ، وَهُوَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ عَلَى مَا قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَوْمَ الِانْقِطَاعِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي ذَخِيرَةِ الْفَتَاوَى، وَبِهِ أَفْتَى كَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ (قَوْلُهُ يَوْمَ غَصْبِهِ إجْمَاعًا) هَذَا فِي الْهَلَاكِ كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ. قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: أَمَّا إذَا اُسْتُهْلِكَتْ فَكَذَلِكَ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يَوْمَ الِاسْتِهْلَاكِ اهـ. وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: غَصَبَ شَاةً فَسَمِنَتْ، ثُمَّ ذَبَحَهَا ضَمِنَ قِيمَتَهَا يَوْمَ غَصْبٍ لَا يَوْمَ ذَبْحِهِ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يَوْمَ ذَبْحِهِ، وَلَوْ تَلِفَ بِلَا إهْلَاكِهِ ضَمِنَ قِيمَتَهَا يَوْمَ غَصْبٍ اهـ (قَوْلُهُ وَشَيْرَجٍ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا تَعَسَّرَ تَمْيِيزُهُ أَوْ تَعَذَّرَ (قَوْلُهُ كَدُهْنٍ نَجَسٍ) فَإِنَّهُ قِيَمِيٌّ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ الْمُتَنَجِّسَ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِيمَا يَأْتِي قَرِيبًا؛ لِأَنَّهُ الْمُتَقَوِّمُ. قَالَ الشَّارِحُ فِي بَابِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ: وَنُجِيزُ بَيْعَ الدُّهْنِ الْمُتَنَجِّسِ وَالِانْتِفَاعَ بِهِ فِي غَيْرِ الْأَكْلِ بِخِلَافِ الْوَدَكِ اهـ. أَيْ؛ لِأَنَّهُ جَزْءُ الْمَيْتَةِ: نَعَمْ قَدَّمَ فِي بَابِ الْأَنْجَاسِ جَوَازَ الِاسْتِصْبَاحِ بِالْوَدَكِ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ تَقَوُّمُهُ، نَعَمْ قَدَّمْنَا قُبَيْلَ الشَّهَادَاتِ عِنْدَ قَوْلِهِ صَبَّ دُهْنًا لِإِنْسَانِ وَقَالَ كَانَتْ نَجِسَةً عَنْ الشَّيْخِ شَرَفِ الدَّيْنِ أَنَّهُ يَضْمَنُ الْقِيمَةَ لَا الْمِثْلَ.
بَقِيَ مَا لَوْ كَانَ طَاهِرًا فَنَجَّسَهُ فَفِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ نَظَرَ إلَى دُهْنِ غَيْرِهِ وَهُوَ مَائِعٌ حِينَ أَرَادَ الشِّرَاءَ فَوَقَعَ مِنْ أَنْفِهِ دَمٌ وَتَنَجَّسَ، إنْ بِإِذْنِهِ لَا يَضْمَنُ، وَإِلَّا فَإِنَّ الدُّهْنَ مَأْكُولًا ضَمِنَ مِثْلَ ذَلِكَ الْقَدْرِ وَالْوَزْنِ وَإِنْ غَيْرَ مَأْكُولٍ يَضْمَنُ النُّقْصَانَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ كَقُمْقُمٍ وَقِدْرٍ) وَكَذَا الْقُلْبُ بِالضَّمِّ وَهُوَ السِّوَارُ الْمَفْتُولُ مِنْ طَاقَيْنِ، لَكِنْ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: إذَا غَصَبَ قُلْبَ فِضَّةٍ إنْ شَاءَ الْمَالِكُ أَخَذَهُ مَكْسُورًا وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ وَأَخَذَ قِيمَتَهُ مِنْ الذَّهَبِ، وَإِنْ كَانَ الْقُلْبُ مِنْ الذَّهَبِ يَضْمَنُ مِنْ الدَّرَاهِمِ قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: إذْ لَوْ أَوْجَبْنَا مِثْلَ الْقِيمَةِ مِنْ جِنْسِهِ أَدَّى إلَى الرِّبَا أَوْ مِثْلَ وَزْنِهِ أَبْطَلْنَا حَقَّ الْمَالِكِ فِي الْجَوْدَةِ وَالصَّنْعَةِ اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ وَرُبٍّ وَقِطْرٍ) فِي الْقَامُوسِ: الرُّبُّ بِالضَّمِّ سُلَافَةُ خَثَارَةِ كُلِّ ثَمَرَةٍ بَعْدَ اعْتِصَارِهَا وَالْقِطْرُ مَا قُطِرَ الْوَاحِدَةُ قَطْرَةٌ وَبِالْكَسْرِ النُّحَاسُ الذَّائِبُ وَبِالضَّمِّ النَّاحِيَةُ اهـ وَهُوَ فِي عُرْفِ مِصْرَ وَالشَّامِ السُّكَّرُ الْمُذَابُ عَلَى النَّارِ (قَوْلُهُ يَتَفَاوَتُ بِالصَّنْعَةِ) قَالَ فِي حَاوِي الزَّاهِدِيِّ: أَتْلَفَ دُبْسَهُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا كَانَ مِنْ صَنِيعِ الْعِبَادِ لَا يُمْكِنُهُمْ مُرَاعَاةُ الْمُمَاثَلَةِ لِتَفَاوُتِهِمْ فِي الْحَذَاقَةِ، وَلَوْ جَعَلَ الدَّابِسُ أُجْرَةً فِي الْإِجَارَاتِ لَا يَجُوزُ ثُمَّ رَمَزَ أَنَّهُ يَجُوزُ اسْتِقْرَاضُهُ وَقَالَ فَعَلَيْهِ هُوَ مِثْلِيٌّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute