للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(قِيلَ) قَائِلُهُ الْأُسْرُوشَنِيُّ وَعِمَادُ الدِّينِ فِي فَصُولَيْهِمَا (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ) أَيْ الْعَقَارُ (يُضْمَنُ بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ وَ) كَذَا (بِالْجُحُودِ فِي) الْعَقَارِ (الْوَدِيعَةِ وَبِالرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ) بَعْدَ الْقَضَاءِ وَفِي الْأَشْبَاهِ الْعَقَارُ لَا يُضْمَنُ إلَّا فِي مَسَائِلَ وَعَدَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ (وَإِذَا نَقَصَ) الْعَقَارُ (بِسُكْنَاهُ وَزِرَاعَتِهِ ضَمِنَ النُّقْصَانَ) بِالْإِجْمَاعِ فَيُعْطِي مَا زَادَ الْبَذْرُ وَصَحَّحَهُ فِي الْمُجْتَبَى وَعَنْ الثَّانِي مِثْلُ بَذْرِهِ وَفِي الصَّيْرَفِيَّةِ هُوَ الْمُخْتَارُ وَلَوْ ثَبَتَ لَهُ قَلْعُهُ

ــ

[رد المحتار]

لَكَانَ الْمُسْتَحِقُّ لِلْأُجْرَةِ الْمَالِكُ لَا الْغَاصِبُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ قِيلَ إلَخْ) هَذِهِ عِبَارَةُ مَتْنِ الدُّرَرِ وَتَعْبِيرُهُ بِقِيلِ رُبَّمَا يُشْعِرُ بِالضَّعْفِ، وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْفُصُولِ، ثُمَّ قَوْلُهُ الْأَصَحُّ إلَخْ يُفِيدُ الِاخْتِلَافَ فِيهِ، وَقَوْلُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: يَضْمَنُ بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ بِالِاتِّفَاقِ وَالْعَقَارُ يُضْمَنُ بِالْإِنْكَارِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَتَّى لَوْ أَوْدَعَ رَجُلًا وَجَحَدَ الْوَدِيعَةَ هَلْ يَضْمَنُ فِيهِ رِوَايَتَانِ أَيْضًا عَنْهُ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَضْمَنُ بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ بِالْجُحُودِ أَيْضًا اهـ يُفِيدُ أَوَّلُهُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ وَآخِرُهُ أَنَّ فِيهِ خِلَافًا شُرُنْبُلَالِيَّةٌ.

أَقُولُ: تَعْبِيرُهُ بِقِيلَ مُنَاسِبٌ؛ لِأَنَّ الْمُتُونَ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ مِنْ أَنَّ الْغَصْبَ لَا يَتَحَقَّقُ فِي الْعَقَارِ، وَذِكْرُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ كَالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ لَمْ يَضْمَنْ، وَقَوْلُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَالْأَصَحُّ إلَخْ أَيْ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ وَأَبِي يُوسُفَ، فَيَكُونُ مُوَافِقًا لِقَوْلِ مُحَمَّدٍ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ قَبْلَهُ بِالِاتِّفَاقِ: أَيْ بَيْنَ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثِ فَتَدَبَّرْ. نَعَمْ صُحِّحَ فِي الْهِدَايَةِ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْغَصْبِ. قَالَ الْأَتْقَانِيُّ احْتِرَازًا عَنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ إنَّهَا بِالِاتِّفَاقِ، وَفِي التَّبْيِينِ وَمَسْأَلَةُ الْوَدِيعَةِ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْأَصَحِّ، وَلَئِنْ سَلَّمَ أَيْ أَنَّهَا عَلَى الِاتِّفَاقِ فَالضَّمَانُ فِيهَا بِتَرْكِ الْحِفْظِ الْمُلْتَزَمِ بِالْجُحُودِ وَالشُّهُودُ إنَّمَا يَضْمَنُونَ الْعَقَارَ بِالرُّجُوعِ،؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ إتْلَافٍ لَا ضَمَانُ غَصْبٍ اهـ. وَظَاهِرُهُ تَسْلِيمُ أَنَّ مَسْأَلَةَ الشُّهُودِ عَلَى الْوِفَاقِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ) يَعْنِي إذَا بَاعَهُ الْغَاصِبُ وَسَلَّمَهُ؛ لِأَنَّهُ اسْتِهْلَاكٌ خَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ فِي الْعَقَارِ الْوَدِيعَةِ) الَّذِي فِي أَغْلَبِ النُّسَخِ الْوَدِيعَةِ بِالْعَطْفِ وَلَا مَحَلَّ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ جُحُودُ الْعَقَارِ إذَا كَانَ وَدِيعَةً (قَوْلُهُ وَبِالرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ) بِأَنَّ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ بِالدَّارِ ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْقَضَاءِ ضَمِنَا دُرَرٌ (قَوْلُهُ وَعَدَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ) الضَّمَانُ فِيهَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ إتْلَافًا لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ غَصْبًا كَمَا أَفَادَهُ تَعْلِيلُهُمْ ط وَزَادَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى الْوَقْفُ وَمَالُ الْيَتِيمِ وَالْمُعَدُّ لِلِاسْتِغْلَالِ قَالَ فَهِيَ سِتَّةٌ اهـ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ ضَمِنَ النُّقْصَانَ بِالْإِجْمَاعِ) ؛ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ وَقَدْ يَضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ مَا لَا يَضْمَنُ بِالْغَصْبِ أَصْلُهُ الْحُرُّ أَتْقَانِيٌّ.

وَاخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ النُّقْصَانِ قَالَ نُصَيْرُ بْنُ يَحْيَى: إنَّهُ يَنْظُرُ بِكَمْ تَسْتَأْجِرُ هَذِهِ الْأَرْضَ قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ وَبَعْدَهُ، فَيَضْمَنُ مَا تَفَاوَتَ بَيْنَهُمَا مِنْ النُّقْصَانِ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ: يُعْتَبَرُ ذَلِكَ بِالشِّرَاءِ يَعْنِي أَنَّهُ يَنْظُرُ بِكَمْ تُبَاعُ قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ وَبِكَمْ تُبَاعُ بَعْدَهُ فَنُقْصَانُهَا مَا تَفَاوَتَ مِنْ ذَلِكَ فَيَضْمَنُهُ وَهُوَ الْأَقْيَسُ. قَالَ الْحَلْوَانِيُّ: وَهُوَ الْأَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ وَبِهِ يُفْتَى كَمَا فِي الْكُبْرَى؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لَقِيمَةِ الْعَيْنِ لَا الْمَنْفَعَةِ ثُمَّ يَأْخُذُ الْغَاصِبُ رَأْسَ مَالِهِ وَهُوَ الْبَذْرُ وَمَا غَرِمَ مِنْ النُّقْصَانِ، وَمَا أَنْفَقَ عَلَى الزَّرْعِ وَيَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَمُحَمَّدٍ فَلَوْ غَصَبَ أَرْضًا فَزَرَعَهَا كُرَّيْنِ فَأَخْرَجَتْ ثَمَانِيَةً، وَلَحِقَهُ مِنْ الْمُؤْنَةِ قَدْرَ كُرٍّ وَنَقَصَهَا قَدْرَ كُرٍّ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ أَرْبَعَةَ أَكْرَارٍ وَيَتَصَدَّقُ بِالْبَاقِي، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ وَبَيَانُهُ فِي التَّبْيِينِ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى: وَأَفَادَ أَنَّهُ لَا يَصْرِفُهُ لِحَاجَتِهِ إلَّا إذَا كَانَ فَقِيرًا كَالْغَنِيِّ لَوْ تَصَرَّفَ تَصَدَّقَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ أَدَّى لِمَالِكِهِ حَلَّ لَهُ التَّنَاوُلُ لِزَوَالِ الْخُبْثِ وَلَا يَصِيرُ حَلَالًا بِتَكْرَارِ الْعُقُودِ وَتَدَاوُلِ الْأَلْسِنَةِ ذَكَرَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ (قَوْلُهُ فَيُعْطِي مَا زَادَ الْبَذْرَ) التَّفْرِيعُ غَيْرُ ظَاهِرٍ. قَالَ فِي الْمِنَحِ عَنْ الْمُجْتَبَى: زَرَعَ أَرْضَ غَيْرِهِ وَنَبَتَ، فَلِلْمَالِكِ أَنْ يَأْمُرَهُ بِقَلْعِهِ فَإِنْ أَبَى يَقْلَعُهُ بِنَفْسِهِ، وَقَبْلَ النَّبَاتِ تَرَكَ الْأَرْضَ حَتَّى تَنْبُتَ، فَيَأْمُرُهُ بِقَلْعِهِ أَوْ أَعْطَاهُ مَا زَادَ الْبَذْرَ، فَتُقَوَّمُ مَبْذُورَةً بِبَذْرِ غَيْرِهِ لَهُ حَقُّ الْقَلْعِ، وَتُقَوَّمُ غَيْرَ مَبْذُورَةٍ فَيُعْطِي فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>