للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ إنْ ظَهَرَ الْمَغْصُوبُ، فَلِلْغَاصِبِ أَخْذُهُ وَدَفْعُ قِيمَتِهِ أَوْ رَدُّهُ وَأَخْذُ الْقِيمَةِ وَهِيَ مِنْ خَوَاصِّ كِتَابِنَا فَلْتُحْفَظْ (فَإِنْ ظَهَرَ) الْمَغْصُوبُ (وَهِيَ) أَيْ قِيمَتُهُ (أَكْثَرُ مِمَّا ضَمِنَ) أَوْ مِثْلَهُ أَوْ دُونَهُ عَلَى الْأَصَحِّ عِنَايَةٌ فَالْأَوْلَى تَرْكُ قَوْلِهِ وَهِيَ أَكْثَرُ (وَقَدْ ضَمِنَ بِقَوْلِهِ أَخَذَهُ الْمَالِكُ وَرَدَّ عِوَضَهُ أَوْ أَمْضَى) الضَّمَانَ، وَلَا خِيَارَ لِلْغَاصِبِ وَلَوْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ لِلُزُومِهِ بِإِقْرَارِهِ ذَكَرَهُ الْوَانِيُّ نَعَمْ مَتَى مَلَكَهُ بِالضَّمَانِ فَلَهُ خِيَارُ عَيْبٍ وَرُؤْيَةٍ مُجْتَبًى (وَلَوْ ضَمِنَ بِقَوْلِ الْمَالِكِ أَوْ بِرِهَانِهِ أَوْ نُكُولِ الْغَاصِبِ فَهُوَ لَهُ وَلَا خِيَارَ لِلْمَالِكِ) لِرِضَاهُ حَيْثُ ادَّعَى هَذَا الْمِقْدَارَ فَقَطْ

(وَإِنْ بَاعَ) الْغَاصِبُ (الْمَغْصُوبَ

ــ

[رد المحتار]

الْمُتَبَايِعَانِ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ، أَوْ الْمَبِيعِ تَحَالَفَا مَعَ أَنَّ أَحَدَهُمَا مُدَّعٍ، وَالْآخَرُ مُنْكِرٌ وَهِيَ مِنْ مَسَائِلِ الْمُتُونِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي وَجُهْدُ الْمُقِلِّ دُمُوعُهُ هَذَا وَذَكَرَ الْبِيرِيُّ فِي دَعْوَى الْأَشْبَاهِ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة أَنَّ الْحَاكِمَ أَبَا مُحَمَّدٍ طَعَنَ عَلَى مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ الْيَمِينَ لَمْ تُشْرَعْ عِنْدَنَا لِلْمُدَّعِي وَقَالَ الْجَوَابُ الصَّحِيحُ عِنْدِي أَنْ يَقُولَ الْقَاضِي لِلْغَاصِبِ بَعْدَ مَا امْتَنَعَ عَنْ الْبَيَانِ: أَكَانَتْ قِيمَتُهُ مِائَةً أَكَانَتْ خَمْسِينَ أَكَانَتْ ثَلَاثِينَ إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى أَقَلَّ مَا لَا يَنْقُصُ مِنْهُ قِيمَتُهُ فِي الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ، فَإِذَا انْتَهَى إلَى ذَلِكَ لَزِمَهُ وَجَعَلَ الْقَوْلَ لَهُ فِي الزِّيَادَةِ مَعَ يَمِينِهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا أَقَرَّ بِحَقٍّ مَجْهُولٍ فِي عَيْنٍ فِي يَدِهِ لِغَيْرِهِ يُسَمِّي لَهُ الْقَاضِي السِّهَامَ حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى أَقَلِّ مَا لَا يَقْصِدُونَهُ بِالتَّمْلِيكِ عُرْفًا وَعَادَةً وَيُلْزِمُهُ بِهِ اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ ظَهَرَ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ مَا يَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدُ،؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ ضَمِنَ بِقَوْلِ الْمَالِكِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فَلَا خِيَارَ لِلْمَالِكِ ط.

قُلْت: قَصَدَ الشَّارِحُ ذِكْرَ عِبَارَةِ الْبَحْرِ بِتَمَامِهَا مَعَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يُصَرِّحْ، بِخِيَارِ الْغَاصِبِ بَلْ نَفَى خِيَارَ الْمَالِكِ وَلَا تَلَازُمَ بَيْنَهُمَا عَلَى أَنَّ فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلْغَاصِبِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ كَلَامًا سَنَذْكُرُهُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَدَفْعُ قِيمَتِهِ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ دَفَعَهَا (قَوْلُهُ وَأَخَذَ الْقِيمَةَ) أَيْ إنْ كَانَ دَفَعَهَا (قَوْلُهُ وَهِيَ مِنْ خَوَاصِّ كِتَابِنَا) قَدْ ذَكَرْنَا سَابِقًا أَنَّ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ مِنْ جُمْلَةِ الْمَنْقُولِ قَبْلَهُ وَوَجْهُ الْخُصُوصِيَّةِ تَضَمُّنُهَا وُرُودَ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعِي، فَإِنَّهُ لَمْ يَشْتَهِرْ فِي الْكُتُبِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ مِثْلَهُ أَوْ دُونَهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ،؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ رِضَاهُ حَيْثُ لَمْ يُعْطِ مَا يَدَّعِيهِ وَالْخِيَارُ لِفَوَاتِ الرِّضَا خِلَافًا لِقَوْلِ الْكَرْخِيِّ إنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ فَالْأَوْلَى تَرْكُ قَوْلِهِ وَهِيَ أَكْثَرُ) أَوْ يَفْعَلُ كَمَا فَعَلَ الْقُدُورِيُّ وَصَاحِبُ الْكَنْزِ وَالْمُلْتَقَى حَيْثُ قَدَّمُوا ذِكْرَ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْأُولَى، وَجَعَلَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ ذَلِكَ قَيْدًا لِلسَّابِقَةِ فَقَطْ، وَلَكِنْ الْأَوْلَى كَمَا قَالَ الشَّارِحِ تَبَعًا لِلْقُهُسْتَانِيِّ فَإِنَّهُ لَيْسَ قَيْدًا فِيهِمَا (قَوْلُهُ وَقَدْ ضَمِنَ بِقَوْلِهِ) أَيْ الْغَاصِبِ مَعَ يَمِينِهِ (قَوْلُهُ أَخَذَهُ الْمَالِكُ) وَلِلْغَاصِبِ حَبْسُهُ حَتَّى يَأْخُذَ مَا دَفَعَهُ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَا خِيَارَ لِلْغَاصِبِ إلَخْ) فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَا بَحَثَهُ فِي الْيَعْقُوبِيَّةِ بِأَنَّهُ عَلَى التَّعْلِيلِ بِعَدَمِ رِضَا الْمَالِكِ يَنْبَغِي ثُبُوتُ الْخِيَارِ لِلْغَاصِبِ لَوْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ لِعَدَمِ رِضَاهُ أَيْضًا وَلِذَا قَالَ وَلَوْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لِلُزُومِهِ بِإِقْرَارِهِ) أَقُولُ: وَلِأَنَّهُ ظَالِمٌ بِغَصْبِهِ وَتَغْيِيبِهِ، وَلِأَنَّ تَمَامَ مِلْكِهِ كَانَ مُتَوَقِّفًا عَلَى رِضَا الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَقَدْ وُجِدَ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ أَوْ نُكُولِ الْغَاصِبِ) أَيْ عَنْ الْحَلِفِ بِأَنَّ الْقِيمَةَ لَيْسَتْ كَمَا يَدَّعِي الْمَالِكُ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ فَهُوَ لَهُ وَلَا خِيَارَ لِلْمَالِكِ) وَكَذَا لَا خِيَارَ لِلْغَاصِبِ لِرِضَاهُ حَيْثُ أَقْدَمَ عَلَى الْغَصْبِ رَحْمَتِيٌّ وَذَكَرَ ط أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ فِي الْأُولَى، وَلَا خِيَارَ لِلْغَاصِبِ بِطَرِيقِ الْإِشَارَةِ اهـ.

وَأَقُولُ: قَدْ رَاجَعْت كَثِيرًا فَلَمْ أَظْفَرْ بِصَرِيحِ النَّقْلِ فِي ذَلِكَ، وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ مَا قَالَهُ الرَّحْمَتِيُّ، فَإِنَّ الْغَاصِبَ ظَالِمٌ بِالْغَصْبِ وَبِالتَّغْيِيبِ عَنْ الْمَالِكِ فَإِصْرَارُهُ عَلَى ذَلِكَ دَلِيلُ الرِّضَا وَحَيْثُ كَانَ ظَالِمًا لَا يُرَاعَى جَانِبُهُ يَدُلُّ عَلَيْهِ اقْتِصَارُهُمْ عَلَى بَيَانِ الْخِيَارِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ مِنْ جَانِبِ الْمَالِكِ فَقَطْ لِكَوْنِهِ مَظْلُومًا وَلِذَا قَالَ الْأَتْقَانِيُّ فِي تَعْلِيلِ خِيَارِ الْمَالِكِ فِي الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ كَالْمُكْرَهِ عَلَى نَقْلِ حَقِّهِ مِنْ الْعَيْنِ إلَى بَدَلٍ لَمْ يَرْضَ بِهِ وَالْمُكْرَهُ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ فِي الْفَسْخِ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>