فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بَقِيَ لَوْ آجَرَ الْغَاصِبُ أَحَدَهَا فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْمُسَمَّى لَا أَجْرَ الْمِثْلِ وَلَا يَلْزَمُ الْغَاصِبَ الْأَجْرُ بَلْ يَرُدُّ مَا قَبَضَهُ لِلْمَالِكِ أَشْبَاهٌ وَقُنْيَةٌ وَفِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ وَيَنْظُرُ مَا لَوْ عَطَّلَ الْمَنْفَعَةَ هَلْ يَضْمَنُ الْأُجْرَةَ كَمَا لَوْ سَكَنَ
(وَ) بِخِلَافِ (خَمْرِ الْمُسْلِمِ وَخِنْزِيرِهِ) بِأَنْ أَسْلَمَ وَهُمَا فِي يَدِهِ (إذَا أَتْلَفَهُمَا) مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ فَلَا ضَمَانَ (وَضَمِنَ) الْمُتْلِفُ الْمُسْلِمُ قِيمَتهَا؛ لِأَنَّ الْخَمْرَ
ــ
[رد المحتار]
أَيْ ظَهَرَ أَنَّ الْبَيْتَ لِغَيْرِ الرَّاهِنِ حَالَ كَوْنِهِ مُعَدًّا لِلْإِجَارَةِ ح (قَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْكُنْهَا مُلْتَزِمًا لِلْأَجْرِ كَمَا لَوْ رَهَنَهَا الْمَالِكُ فَسَكَنَهَا الْمُرْتَهِنُ قُنْيَةٌ.
أَقُولُ: بَلْ الْأَجْرُ عَلَى الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ فَتَأَمَّلْهُ بِيرِيٌّ (قَوْلُهُ بَقِيَ لَوْ آجَرَ الْغَاصِبُ أَحَدَهَا) أَيْ أَحَدَ مَا مَنَافِعُهُ مَضْمُونَةً مِنْ مَالِ وَقْفٍ أَوْ يَتِيمٍ أَوْ مُعَدٍّ لِلِاسْتِغْلَالِ أَشْبَاهٌ (قَوْلُهُ فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْمُسَمَّى) أَيْ لِلْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ الْعَاقِدُ (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ الْغَاصِبَ الْأَجْرُ) أَيْ أَجْرُ الْمِثْلِ كَمَا هُوَ فِي عِبَارَةِ الْأَشْبَاهِ (قَوْلُهُ بَلْ يَرُدُّ مَا قَبَضَهُ لِلْمَالِكِ) حَاصِلُهُ: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا الَّذِي آجَرَ بِهِ وَإِنْ كَانَ دُونَ أَجْرِ الْمِثْلِ حَمَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَقُنْيَةٌ) عِبَارَتُهَا وَلَوْ غَصَبَ دَارًا مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ أَوْ مَوْقُوفَةً أَوْ لِيَتِيمٍ وَآجَرَهَا وَسَكَنَهَا الْمُسْتَأْجِرُ يَلْزَمُهُ الْمُسَمَّى لَا أَجْرُ الْمِثْلِ قِيلَ لَهُ وَهَلْ يَلْزَمُ الْغَاصِبَ الْأَجْرُ لِمَنْ لَهُ الدَّارُ؟ فَكَتَبَ لَا وَلَكِنْ يَرُدُّ مَا قَبَضَ عَلَى الْمَالِكِ وَهُوَ الْأَوْلَى. ثُمَّ سُئِلَ: يَلْزَمُ الْمُسَمَّى لِلْمَالِكِ أَمْ لِلْعَاقِدِ؟ فَقَالَ: لِلْعَاقِدِ، وَلَا يَطِيبُ لَهُ بَلْ يَرُدُّهُ عَلَى الْمَالِكِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يَتَصَدَّقُ بِهِ اهـ.
قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبِيرِيُّ: الصَّوَابُ أَنَّ هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَأَمَّا عَلَى مَا عَلَيْهِ الْمُتَأَخِّرُونَ فَعَلَى الْغَاصِبِ أَجْرُ الْمِثْلِ اهـ أَيْ إنْ كَانَ مَا قَبَضَهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَجْرَ الْمِثْلِ أَوْ دُونَهُ فَلَوْ أَكْثَرَ يَرُدُّ الزَّائِدَ أَيْضًا لِعَدَمِ طِيبِهِ لَهُ كَمَا حَرَّرَهُ الْحَمَوِيُّ وَأَقَرَّهُ أَبُو السُّعُودِ (قَوْلُهُ وَفِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ إلَخْ) عِبَارَتُهَا إلَّا إذَا سَكَنَ بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ أَوْ عَقْدٍ، وَيُنْظَرُ مَا لَوْ عَطَّلَ إلَخْ. أَقُولُ إنْ كَانَ الضَّمِيرُ فِي عُطْلٍ لِلسَّاكِنِ، فَلَا مَعْنَى لَهُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَوْفٍ لَا مُعَطَّلٍ، وَإِنْ كَانَ لِمَنْ لَهُ تَأْوِيلُ مِلْكٍ فَلَا وَجْهَ لِلتَّوَقُّفِ؛ لِأَنَّهُ إذَا سَكَنَ وَاسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ لَا يَلْزَمُهُ أَجْرٌ فَكَيْفَ يَلْزَمُهُ إذَا عَطَّلَهَا، وَإِنْ كَانَ لِلْغَاصِبِ أَيْ لَوْ عَطَّلَ غَاصِبٌ مَنْفَعَةَ أَحَدِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَلَمْ يَسْتَوْفِهَا فَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَصَاحِبِ الدُّرَرِ؛ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ مِنْ قَوْلِهِ سَابِقًا اسْتَوْفَاهَا أَوْ عَطَّلَهَا يُفِيدُ أَنَّهَا مَضْمُونَةٌ بِالِاسْتِيفَاءِ أَوْ التَّعْطِيلِ تَأَمَّلْ.
وَسُئِلَ فِي الْحَامِدِيَّةِ عَنْ حَانُوتِ وَقْفٍ عَطَّلَهُ زَيْدٌ مُدَّةً فَأَفْتَى بِلُزُومِ أَجْرِ الْمِثْلِ مُسْتَدِلًّا بِعِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ، وَأَمَّا عَوْدُ الضَّمِيرِ لِلْمُسْتَأْجِرِ مِنْ الْغَاصِبِ فَلَا مَسَاغَ لَهُ فَإِنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَافْهَمْ
(قَوْلُهُ بِأَنْ أَسْلَمَ وَهُمَا فِي يَدِهِ) وَكَذَا لَوْ حَصَّلَهُمَا وَهُوَ مُسْلِمٌ، فَإِنَّ الْحُكْمَ لَا يَخْتَلِفُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ تَحْسِينًا لِلظَّنِّ بِالْمُسْلِمِ ط.
وَفِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى: مُسْلِمٌ غَصَبَ مِنْ مُسْلِمٍ خَمْرًا هَلْ يَجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ أَدَاءِ الْخَمْرِ إلَيْهِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَرُدَّهُ يُؤَاخَذُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إذَا عَلِمَ قَطْعًا أَنَّهُ يَسْتَرِدُّهَا لِيُخَلِّلَهَا يَقْضِي بِرَدِّهَا إلَيْهِ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَسْتَرِدُّهَا لِيَشْرَبَهَا يُؤْمَرُ الْغَاصِبُ بِالْإِرَاقَةِ كَمَنْ فِي يَدِهِ سَيْفٌ لِرَجُلٍ فَجَاءَ مَالِكُهُ لِيَأْخُذَهُ مِنْهُ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَأْخُذُهُ لِيَقْتُلَ بِهِ مُسْلِمًا يُمْسِكُهُ إلَى أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ تَرَكَ هَذَا الرَّأْيَ اهـ مِنَحٌ (قَوْلُهُ فَلَا ضَمَانَ) نَتِيجَةُ قَوْلِهِ وَبِخِلَافِ إلَخْ وَوَجْهُهُ عَدَمُ تَقَوُّمِهَا فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّهُ بِاعْتِبَارِ دَيْنِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ: وَكَذَا لَا يَضْمَنُ الزِّقَّ بِشَقِّهِ لِإِرَاقَةِ الْخَمْرِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْبُرْهَانِ اهـ وَهَذَا حُكْمُ الدُّنْيَا بَقِيَ حُكْمُ الْآخِرَةِ فَإِنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ خَلًّا لَاتَّخَذَا الْعَصِيرَ لِلْخَلِّ فَعَلَى الْغَاصِبِ إثْمُ الْغَصْبِ، وَإِنْ اتَّخَذَهَا لِلشُّرْبِ، فَلَا حَقَّ لَهُ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ كَمَا فِي الْمِنَحِ عَنْ جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى (قَوْلُهُ الْمُسْلِمَ) أَمَّا الذِّمِّيُّ فَيَضْمَنُ مِثْلَ الْخَمْرِ وَقِيمَةَ الْخِنْزِيرِ ابْنُ مَلَكٍ (قَوْلُهُ قِيمَتَهُمَا) أَيْ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ قِيمَتَهَا بِلَا ضَمِيرِ تَثْنِيَةٍ أَيْ قِيمَةَ الْخَمْرِ وَالْأَوْلَى هِيَ الْمُوَافَقَةُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَ الْكَنْزِ وَالْقُدُورِيِّ لَوْ كَانَا لِذِمِّيٍّ بِالتَّثْنِيَةِ، وَالثَّانِيَةُ مُوَافِقَةٌ لِتَعْلِيلِ الشَّارِحِ وَلِمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ عَنْ شَرْحِ الْكَافِي إذَا أَتْلَفَ الْمُسْلِمُ الْخِنْزِيرَ عَلَى ذِمِّيٍّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute