للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمُصَحَّحِ الْمُعْتَمَدِ، كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ.

وَنَقَلَ الْحَلَبِيُّ عَنْ الْحَاوِي أَنَّ عَلَيْهِ الْفَتْوَى (وَغُرُوبٍ، إلَّا عَصْرَ يَوْمِهِ) فَلَا يُكْرَهُ فِعْلُهُ لِأَدَائِهِ كَمَا وَجَبَ

ــ

[رد المحتار]

قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: فِي إسْنَادِهِ انْقِطَاعٌ، وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ لَهُ شَوَاهِدَ ضَعِيفَةً إذَا ضُمَّتْ قَوِيَ. اهـ.

(قَوْلُهُ: الْمُصَحَّحِ الْمُعْتَمَدِ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الْمُتُونَ وَالشُّرُوحَ عَلَى خِلَافِهِ.

(قَوْلُهُ: وَنَقَلَ الْحَلَبِيُّ) أَيْ صَاحِبُ الْحِلْيَةِ الْعَلَّامَةُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ أَمِيرٍ حَاجٍّ عَنْ الْحَاوِي: أَيْ الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ كَمَا رَأَيْته فِيهِ، لَكِنَّ شُرَّاحَ الْهِدَايَةِ انْتَصَرُوا لِقَوْلِ الْإِمَامِ. وَأَجَابُوا عَنْ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ بِأَحَادِيثِ النَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ وَقْتَ الِاسْتِوَاءِ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ. وَأَجَابَ فِي الْفَتْحِ بِحَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَظَاهِرُهُ تَرْجِيحُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَوَافَقَهُ فِي الْحِلْيَةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ، لَكِنْ لَمْ يُعَوِّلْ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ وَالْإِمْدَادِ، عَلَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُحْمَلُ فِيهَا الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كُتُبِ الْأُصُولِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ حَدِيثَ النَّهْيِ صَحِيحٌ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ فَيُقَدَّمُ بِصِحَّتِهِ، وَاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ عَلَى الْعَمَلِ بِهِ وَكَوْنِهِ حَاظِرًا، وَلِذَا مَنَعَ عُلَمَاؤُنَا عَنْ سُنَّةِ الْوُضُوءِ وَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْحَاظِرَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُبِيحِ.

[تَنْبِيهٌ] عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ الْمَنْعُ عِنْدَنَا وَإِنْ لَمْ أَرَهُ مِمَّا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيَّةُ مِنْ إبَاحَةِ الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ فِي حَرَمِ مَكَّةَ اسْتِدْلَالًا بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ وَصَلَّى أَيَّةَ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ» ) فَهُوَ مُقَيَّدٌ عِنْدَنَا بِغَيْرِ أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ، لِمَا عَلِمْته مِنْ مَنْعِ عُلَمَائِنَا عَنْ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ فِيهَا وَإِنْ جَوَّزُوا نَفْسَ الطَّوَافِ فِيهَا خِلَافًا لِمَالِكٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِهِ اللُّبَابَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ثُمَّ رَأَيْت الْمَسْأَلَةَ عِنْدَنَا قَالَ فِي الضِّيَاءِ مَا نَصُّهُ: وَقَدْ قَالَ أَصْحَابُنَا: إنَّ الصَّلَاةَ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ مَمْنُوعٌ مِنْهَا بِمَكَّةَ وَغَيْرِهَا اهـ. وَرَأَيْت فِي الْبَدَائِعِ أَيْضًا مَا نَصُّهُ: مَا وَرَدَ مِنْ النَّهْيِ إلَّا بِمَكَّةَ شَاذٌّ لَا يُقْبَلُ فِي مُعَارِضِهِ الْمَشْهُورِ، وَكَذَا رِوَايَةُ اسْتِثْنَاءِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ غَرِيبٌ فَلَا يَجُوزُ تَخْصِيصُ الْمَشْهُورِ بِهِ اهـ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

(قَوْلُهُ: وَغُرُوبٍ) أَرَادَ بِهِ التَّغَيُّرَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْخَانِيَّةِ حَيْثُ قَالَ عِنْدَ احْمِرَارِ الشَّمْسِ إلَى أَنْ تَغِيبَ بَحْرٌ وَقُهُسْتَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ: إلَّا عَصْرَ يَوْمِهِ) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّ عَصْرَ أَمْسِهِ لَا يَجُوزُ وَقْتَ التَّغَيُّرِ لِثُبُوتِهِ فِي الذِّمَّةِ كَامِلًا، لِاسْتِنَادِ السَّبَبِيَّةِ فِيهِ إلَى جَمِيعِ الْوَقْتِ كَمَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يُكْرَهُ فِعْلُهُ) لِأَنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ إثْبَاتُ الْكَرَاهَةِ لِلشَّيْءِ مَعَ الْأَمْرِ بِهِ، وَقِيلَ الْأَدَاءُ أَيْضًا مَكْرُوهٌ. اهـ. كَافِي النَّسَفِيِّ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي الْكَرَاهَةِ فِي التَّأْخِيرِ فَقَطْ دُونَ الْأَدَاءِ أَوْ فِيهِمَا، فَقِيلَ بِالْأَوَّلِ وَنَسَبَهُ فِي الْمُحِيطِ وَالْإِيضَاحِ إلَى مَشَايِخِنَا، وَقِيلَ بِالثَّانِي وَعَلَيْهِ مَشَى فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَالتُّحْفَةِ وَالْبَدَائِعِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهَا عَلَى أَنَّهُ الْمَذْهَبُ بِلَا حِكَايَةِ خِلَافٍ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِ، يَجْلِسُ يَرْقُبُ الشَّمْسَ حَتَّى إذَا كَانَتْ بَيْنَ قَرْنَيْ الشَّيْطَانِ قَامَ يَنْقُرُ أَرْبَعًا لَا يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهَا إلَّا قَلِيلًا» اهـ حِلْيَةٌ، وَتَبِعَهُ فِي الْبَحْرِ.

وَلَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ مَاشٍ عَلَى الْأَوَّلِ لَا الثَّانِي، فَافْهَمْ، قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: وَيَسْتَوْفِي سُنَّةَ الْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ فِي التَّأْخِيرِ لَا فِي الْوَقْتِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: لِأَدَائِهِ كَمَا وَجَبَ) لِأَنَّ السَّبَبَ هُوَ الْجُزْءُ الَّذِي يَتَّصِلُ بِهِ الْأَدَاءُ، وَهُوَ هُنَا نَاقِصٌ فَقَدْ وَجَبَ نَاقِصًا فَيُؤَدَّى كَذَلِكَ. وَأَمَّا عَصْرُ أَمْسِهِ فَقَدْ وَجَبَ كَامِلًا؛ لِأَنَّ السَّبَبَ فِيهِ جَمِيعُ الْوَقْتِ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ الْأَدَاءُ فِي جُزْءٍ مِنْهُ، لَكِنَّ الصَّحِيحَ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ أَنَّهُ لَا نُقْصَانَ فِي ذَلِكَ الْجُزْءِ نَفْسِهِ بَلْ فِي الْأَدَاءِ فِيهِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ بِعَبَدَةِ الشَّمْسِ، وَلَمَّا كَانَ الْأَدَاءُ وَاجِبًا فِيهِ تَحَمَّلَ ذَلِكَ النُّقْصَانَ، أَمَّا إذَا لَمْ يُؤَدِّ فِيهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا نَقْصَ فِي الْوَقْتِ أَصْلًا وَجَبَ الْكَامِلُ، وَلِهَذَا كَانَ الصَّحِيحُ وُجُوبَ الْقَضَاءِ فِي كَامِلٍ عَلَى مَنْ بَلَغَ وَأَسْلَمَ فِي نَاقِصٍ وَلَمْ يُصَلِّ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ.

وَالْحَاصِلُ كَمَا فِي الْفَتْحِ أَنَّ مَعْنَى نُقْصَانِ الْوَقْتِ نُقْصَانُ مَا اتَّصَلَ بِهِ فِعْلُ الْأَرْكَانِ الْمُسْتَلْزِمِ لِلتَّشَبُّهِ بِالْكُفَّارِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>