للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحِيلَةُ كُلِّهِ أَنْ يَشْتَرِيَ الذِّرَاعَ أَوْ السَّهْمَ بِكُلِّ الثَّمَنِ إلَّا دِرْهَمًا ثُمَّ الْبَاقِيَ بِالْبَاقِي، وَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُهُ بِاَللَّهِ مَا أَرَدْت بِهِ إبْطَالَ شُفْعَتِي، وَلَهُ تَحْلِيفُهُ بِاَللَّهِ إنَّ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ مَا كَانَ تَلْجِئَةً مُؤَيَّدُ زَادَهْ مَعْزِيًّا لِلْوَجِيزِ (وَإِنْ) (ابْتَاعَهُ بِثَمَنٍ) كَثِيرٍ (ثُمَّ دَفَعَ ثَوْبًا عَنْهُ فَالشُّفْعَةُ بِالثَّمَنِ لَا بِالثَّوْبِ) فَلَا يَرْغَبُ فِيهِ، وَهَذِهِ حِيلَةٌ تَعُمُّ الشَّرِيكَ وَالْجَارَ لَكِنَّهَا تَضُرُّ بِالْبَائِعِ، إذْ يَلْزَمُهُ كُلُّ الثَّمَنِ إذَا اسْتَحَقَّ الْمَنْزِلَ، فَالْأَوْلَى بَيْعُ دَرَاهِمِ الثَّمَنِ بِدِينَارٍ لِيَبْطُلَ الصَّرْفُ إذَا اُسْتُحِقَّ.

وَحِيلَةٌ أُخْرَى أَحْسَنُ وَأَسْهَلُ وَهِيَ الْمُتَعَارَفَةُ فِي الْأَمْصَارِ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ (وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ)

ــ

[رد المحتار]

أَيْ نَظَرًا إلَى مَا قَبْلَ الْأَخْذِ مِنْهُ. قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: لِأَنَّهُ حِينَ اشْتَرَى الْبَاقِيَ كَانَ شَرِيكًا بِشِرَاءِ الْجُزْءِ الْأَوَّلِ، وَاسْتِحْقَاقُ الشَّفِيعِ الْجُزْءَ الْأَوَّلَ لَا يُبْطِلُ شُفْعَةَ الْمُشْتَرِي فِي الْجُزْءِ الثَّانِي قَبْلَ الْخُصُومَةِ لِكَوْنِهِ فِي مِلْكِهِ بَعْدُ فَيَتَقَدَّمُ عَلَى الْجَارِ اهـ.

قُلْت: وَنَظِيرُهُ مَا ذَكَرَهُ الْأَتْقَانِيُّ إذَا اشْتَرَى دَارًا لَصِيقَ دَارِهِ ثُمَّ بَاعَ دَارِهِ الْأُولَى ثُمَّ حَضَرَ جَارٌ آخَرُ لِلثَّانِيَةِ يُقْضَى بِهِ بِالنِّصْفِ (قَوْلُهُ وَحِيلَةُ كُلِّهِ) أَيْ حِيلَةُ مَنْعِ الشُّفْعَةِ فِي كُلِّ الْعَقَارِ أَيْ لِأَنَّهُ وَإِنْ ثَبَتَ لَهُ الشُّفْعَةُ فِي السَّهْمِ الْأَوَّلِ، لَكِنَّهُ إذَا رَآهُ بِيعَ بِمُعْظَمِ الثَّمَنِ تَقِلُّ رَغْبَتُهُ فَيَمْتَنِعُ عَنْ أَخْذِهِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْأُولَى حِيلَةُ كُلِّهِ أَيْضًا لِأَنَّ مُشْتَرِيَ الذِّرَاعِ صَارَ شَرِيكًا فِي الْحُقُوقِ فَيُقَدَّمُ عَلَى الْجَارِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فَكَلَامُهُ بِالنَّظَرِ إلَى الثَّانِيَةِ فَقَطْ (قَوْلُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ الذِّرَاعَ أَوْ السَّهْمَ) أَيْ يَشْتَرِيَ جُزْءًا مُعَيَّنًا كَذِرَاعٍ مَثَلًا مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانَتْ أَوْ جُزْءًا شَائِعًا كَتِسْعٍ أَوْ عَشْرٍ.

أَقُولُ: وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي كَلَامِهِمْ مِنْ حَمْلِ الذِّرَاعِ عَلَى الْمَذْكُورِ فِي الْحِيلَةِ الْأُولَى فَفِيهِ نَظَرٌ لِاسْتِقْلَالِهِ فِيهَا بِمَنْعِ الشَّفِيعِ عَنْ الْكُلِّ بِلَا وَقْفٍ عَلَى كَثْرَةِ الثَّمَنِ فَافْهَمْ.

وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْحِيلَةَ لِتَقْلِيلِ رَغْبَةِ الشَّفِيعِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَالْأُولَى لِإِبْطَالِ شُفْعَتِهِ، وَأَنَّ هَذِهِ الْحِيلَةَ مُضِرَّةٌ لِلْمُشْتَرِي لَوْ كَانَتْ الدَّارُ لِصَغِيرٍ لِعَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ الْبَاقِي بِالْبَاقِي لِمَا فِيهِ مِنْ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ فَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ السَّهْمُ بِالثَّمَنِ الْكَثِيرِ، وَلَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ لِلْبَاقِي كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ.

[فَائِدَةٌ]

إذَا خَافَ أَحَدُهُمَا أَنْ لَا يُوفِيَ صَاحِبَهُ يَشْتَرِطُ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِذَا لَمْ يُوفِ لَهُ فِي الْمُدَّةِ فَسَخَ فِيهَا وَإِنْ خَافَا شَرَطَ كُلٌّ مِنْهَا الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ يُجِيزَانِ مَعًا، وَإِنْ خَافَ كُلٌّ مِنْهُمَا إذَا أَجَازَ أَنْ لَا يُجِيزَ صَاحِبُهُ يُوَكِّلُ كُلٌّ مِنْهُمَا وَكِيلًا وَيَشْتَرِطُ عَلَيْهِ أَنْ يُجِيزَ بِشَرْطِ أَنْ يُجِيزَ صَاحِبُهُ زَيْلَعِيٌّ بِزِيَادَةٍ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُهُ إلَخْ) سَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ تَحْقِيقُ ذَلِكَ بِمَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ مَا كَانَ تَلْجِئَةً) بَيْعُ التَّلْجِئَةِ: هُوَ أَنْ يُظْهِرَا عَقْدًا وَهُمَا لَا يُرِيدَانِهِ يُلْجِئُ إلَيْهِ خَوْفُ عَدُوِّهِ وَهُوَ لَيْسَ بِبَيْعٍ فِي الْحَقِيقَةِ، بَلْ كَالْهَزْلِ كَمَا تَقَدَّمَ قُبَيْلَ كِتَابِ الْكَفَالَةِ ح (قَوْلُهُ وَإِنْ ابْتَاعَهُ) أَيْ ابْتَاعَ الْعَقَارَ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الشَّرْحِ، وَلَا مَانِعَ مِنْ إرْجَاعِ الضَّمِيرِ إلَى السَّهْمِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِثَمَنٍ كَثِيرٍ) كَأَضْعَافِ قِيمَتِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ دَفَعَ ثَوْبًا عَنْهُ) أَيْ دَفَعَ عَنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ الْكَثِيرِ أَيْ بَدَلَهُ ثَوْبًا قِيمَتُهُ كَقِيمَةِ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ لَا بِالثَّوْبِ) لِأَنَّ الثَّوْبَ عِوَضٌ عَمَّا فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي فَيَكُونُ الْبَائِعُ مُشْتَرِيًا لِلثَّوْبِ بِعَقْدٍ آخَرَ غَيْرِ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ فَلَا يَرْغَبُ) أَيْ الشَّفِيعُ فِي ذَلِكَ الْمَبِيعِ لِكَثْرَةِ الثَّمَنِ، وَأَشَارَ إلَى أَنَّ هَذِهِ الْحِيلَةَ لَا تُبْطِلُ شُفْعَتَهُ إذْ لَوْ رَضِيَ بِدَفْعِ ذَلِكَ الثَّمَنِ لَهُ الْأَخْذُ، بِخِلَافِ الْحِيلَةِ الْأُولَى كَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ وَهَذِهِ حِيلَةٌ تَعُمُّ الشَّرِيكَ وَالْجَارَ) أَيْ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهَا فَإِنَّهُمَا لَا يُحْتَالُ بِهِمَا فِي حَقِّ الشَّرِيكِ، أَمَّا الْأُولَى فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلِأَنَّ لِلشَّرِيكِ أَخْذَ نِصْفِ الْبَاقِي بِنِصْفِ الْبَاقِي مِنْ الثَّمَنِ الْقَلِيلِ (قَوْلُهُ لَكِنَّهَا تَضُرُّ بِالْبَائِعِ) الْأَوْلَى قَدْ تَضُرُّ (قَوْلُهُ إذْ يَلْزَمُهُ كُلُّ الثَّمَنِ إلَخْ) لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ بِالْبَيْعِ الثَّانِي ثُمَّ بَرَاءَتُهُ، كَأَنْ حَصَلَتْ بِطَرِيقِ الْمُقَاصَّةِ بِثَمَنِ الْعَقَارِ، فَإِذَا اُسْتُحِقَّ بَطَلَتْ الْمُقَاصَّةُ زَيْلَعِيٌّ

(قَوْلُهُ بِدِينَارٍ) الْأَوْلَى بِدَنَانِيرَ بِقَدْرِ قِيمَةِ الْعَقَارِ كَمَا عَبَّرَ الزَّيْلَعِيُّ (قَوْلُهُ لِيُبْطِلَ الصَّرْفَ إذَا اُسْتُحِقَّ) لِأَنَّهُ يَكُونُ صَرْفًا بِمَا فِي ذِمَّتِهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ، فَإِذَا اسْتَحَقَّ الْعَقَارَ تَبَيَّنَ أَنْ لَا دَيْنَ عَلَى الْمُشْتَرِي فَيَبْطُلُ الصَّرْفُ لِلِافْتِرَاقِ قَبْلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>