للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشُّفْعَةُ وَالْوَصِيُّ كَالْأَبِ.

قُلْت: لَكِنْ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ مَا يُخَالِفُهُ فَتَنَبَّهْ.

لَوْ كَانَتْ دَارُ الشَّفِيعِ مُلَاصِقَةً لِبَعْضِ الْمَبِيعِ كَانَ لَهُ الشُّفْعَةُ فِيمَا لَاصَقَهُ فَقَطْ وَلَوْ فِيهِ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ.

الْإِبْرَاءُ الْعَامُّ مِنْ الشَّفِيعِ يُبْطِلُهَا قَضَاءً مُطْلَقًا لَا دِيَانَةً إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا. .

ــ

[رد المحتار]

وَحَاصِلُهُ أَنَّ لِلْمُسْتَأْجِرِ الشُّفْعَةَ سَوَاءٌ أَجَازَ الْبَيْعَ صَرِيحًا أَوْ ضِمْنًا بِخِلَافِ الْكَفِيلِ، فَلَا رَكَاكَةَ فِي كَلَامِهِمْ بَعْدَ الْوُقُوفِ عَلَى مَرَامِهِمْ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ الشُّفْعَةُ) فَيَقُولُ اشْتَرَيْت وَأَخَذْت بِالشُّفْعَةِ فَتَصِيرُ الدَّارُ لَهُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَضَاءِ خَانِيَّةٌ، وَقَيَّدَهُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمِعْرَاجِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ لِلصَّبِيِّ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ كَمَا فِي شِرَائِهِ مَالَ ابْنِهِ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَالْوَصِيُّ كَالْأَبِ) أَيْ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ لِلْوَصِيِّ شِرَاءُ مَالِ الْيَتِيمِ لِنَفْسِهِ، وَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ فَلَهُ الشُّفْعَةُ أَيْضًا، لَكِنْ يَقُولُ اشْتَرَيْت وَطَلَبْت الشُّفْعَةَ ثُمَّ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي لِيَنْصِبَ قَيِّمًا عَنْ الصَّغِيرِ فَيَأْخُذَ الْوَصِيُّ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ وَيُسَلِّمَ الثَّمَنَ إلَيْهِ ثُمَّ هُوَ يُسَلِّمُ الثَّمَنَ إلَى الْوَصِيِّ وَلْوَالِجِيَّةٌ وَخَانِيَّةٌ وَقُنْيَةٌ (قَوْلُهُ لَكِنْ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ مَا يُخَالِفُهُ) حَيْثُ قَالَ: وَقَيَّدَ بِالْأَبِ لِأَنَّ الْوَصِيَّ لَا يَمْلِكُ أَخْذَهَا لِنَفْسِهِ اتِّفَاقًا، لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الشِّرَاءِ وَلَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَشْتَرِيَ مَالَ الْيَتِيمِ لِنَفْسِهِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي دُرَرِ الْبِحَارِ وَالْخَانِيَّةِ أَيْضًا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَكِنْ بِلَا ذِكْرِ الِاتِّفَاقِ.

وَيُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بِلَا رَفْعٍ إلَى الْقَاضِي وَنَصْبِ قَيِّمٍ، لَكِنْ فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ أَنَّ الْوَصِيَّ يَطْلُبُ وَيُشْهِدَ وَيُؤَخِّرُ الْخُصُومَةَ لِبُلُوغِ الصَّغِيرِ، وَهُوَ مَا يَأْتِي عَنْ الْمَنْظُومَةِ الْوَهْبَانِيَّةِ، وَبِهِ وَفَّقَ الطَّرَسُوسِيُّ فَحَمَلَ مَا مَرَّ آنِفًا عَلَى نَفْيِ طَلَبِ التَّمَلُّكِ لِلْحَالِ كَمَا نَقَلَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ.

أَقُولُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لُزُومُ التَّأْخِيرِ الْمَذْكُورِ إذَا لَمْ يُرْفَعْ الْأَمْرُ إلَى الْقَاضِي، وَبِهِ يُوَفَّقُ بَيْنَ مَا فِي الْخِزَانَةِ وَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ وَغَيْرِهَا.

هَذَا: وَقَدْ ذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمِعْرَاجِ وَتَبِعَهُمَا الزَّيْلَعِيُّ تَفْصِيلًا آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ الْوَصِيَّ لَهُ الْأَخْذُ إذَا كَانَ فِيهِ لِلصَّغِيرِ نَفْعٌ ظَاهِرٌ بِأَنْ كَانَ فِي الشِّرَاءِ غَبْنٌ يَسِيرٌ وَإِلَّا بِأَنْ وَقَعَ الشِّرَاءُ لِلصَّغِيرِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ فَلَا بِالِاتِّفَاقِ، كَمَا فِي شِرَائِهِ مَالَ صَغِيرٍ لِنَفْسِهِ اهـ مُلَخَّصًا. وَمِثْلُهُ فِي الذَّخِيرَةِ والتتارخانية، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ النُّقُولِ السَّابِقَةِ أَيْضًا.

وَاَلَّذِي تَحَرَّرَ مِنْ هَذَا كُلِّهِ أَنَّ لِلْوَصِيِّ الشُّفْعَةَ إنْ كَانَ ثَمَّةَ نَفْعٌ ظَاهِرٌ لِلصَّغِيرِ بِشَرْطِ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي وَأَلَّا يُؤَخِّرَ الْخُصُومَةَ إلَى الْبُلُوغِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ نَفْعٌ ظَاهِرٌ فَلَا، فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّوْفِيقَ الْمُفْرَدَ بَيْنَ كَلَامِهِمْ الْمُبَدَّدِ (قَوْلُهُ لِبَعْضِ الْمَبِيعِ) كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ، وَمَعْنَاهُ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مُتَعَدِّدًا كَدَارَيْنِ لَهُ جِوَارٌ بِإِحْدَاهُمَا كَمَا ذَكَرَهُ الْحَمَوِيُّ وَغَيْرُهُ؛ وَقَدَّمْنَا عَنْ الْأَتْقَانِيُّ: لَوْ كَانَ أَحَدُ الْجَارَيْنِ مُلَاصِقًا لِلْمَبِيعِ مِنْ جَانِبٍ وَالْآخَرُ مِنْ ثَلَاثٍ فَهُمَا سَوَاءٌ فَتَنَبَّهْ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: قَرْيَةٌ خَاصَّةٌ بَاعَهَا بِدُورِهَا وَنَاحِيَةٌ مِنْهَا تَلِي أَرْضَ إنْسَانٍ فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ النَّاحِيَةِ الَّتِي تَلِيهِ اهـ أَيْ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الْمُتَعَدِّدِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ الْإِبْرَاءُ الْعَامُّ مِنْ الشَّفِيعِ) كَمَا إذَا قَالَ لَهُ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي أُبْرِئْنَا مِنْ كُلِّ خُصُومَةٍ لَك قِبَلَنَا وَلْوَالِجِيَّةٌ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّهُ وَجَبَتْ لَهُ قِبَلَهُمَا شُفْعَةٌ أَوْ لَا (قَوْلُهُ لَا دِيَانَةً إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا) قَالَ فِي زَوَاهِرِ الْجَوَاهِرِ: هَذَا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ، أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فَيَبْرَأُ قَضَاءً وَدِيَانَةً فِي الْبَرَاءَةِ مِنْ الْمَجْهُولِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ وَالْخُلَاصَةِ اهـ ح.

أَقُولُ: عَلَّلَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ عَدَمَ الْبَرَاءَةِ دِيَانَةً بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ لَوْ عَلِمَ بِذَلِكَ الْحَقِّ لَمْ يُبَرِّئْهُمَا قَالَ: وَنَظِيرُهُ لَوْ قَالَ الْآخَرُ اجْعَلْنِي فِي حِلٍّ لَا يَبْرَأُ دِيَانَةً إذَا كَانَ بِحَالٍ لَوْ عَلِمَ ذَلِكَ الْحَقَّ لَمْ يُبَرِّئْهُ اهـ فَتَأَمَّلْ. هَذَا وَاسْتَشْكَلَ الْمَسْأَلَةَ الْحَمَوِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>