إذَا صَبَغَ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ فَجَاءَ الشَّفِيعُ خُيِّرَ، إنْ شَاءَ أَعْطَاهُ مَا زَادَ الصَّبْغُ أَوْ تَرَكَ.
أَخَّرَ الْجَارُ طَلَبَهُ لِكَوْنِ الْقَاضِي لَا يَرَاهَا فَهُوَ مَعْذُورٌ.
يَهُودِيٌّ سَمِعَ بِالْبَيْعِ يَوْمَ السَّبْتِ فَلَمْ يَطْلُبْ لَمْ يَكُنْ عُذْرًا. قُلْت: يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْيَهُودِيَّ إذَا طَلَبَ خَصْمُهُ مِنْ الْقَاضِي إحْضَارَهُ يَوْمِ سَبْتِهِ فَإِنَّهُ يُكَلِّفُهُ الْحُضُورَ وَلَا يَكُونُ سَبْتُهُ عُذْرًا، وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى قَالَهُ الْمُصَنِّفُ. قُلْت: وَهِيَ فِي وَاقِعَاتِ الْحُسَامِيِّ.
ادَّعَى الشَّفِيعُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ احْتَالَ لِإِبْطَالِهَا يَحْلِفُ. وَفِي الْوَهْبَانِيَّةِ خِلَافُهُ. قُلْت: وَسَنَذْكُرُهُ لِأَنَّ ابْنَ الْمُصَنِّفِ فِي حَاشِيَتِهِ لِلْأَشْبَاهِ أَيَّدَهُ بِمَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ فَلْيُحْفَظْ.
ــ
[رد المحتار]
بِمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ: لَوْ قَالَ إنْ لَمْ أَجِئْ بِالثَّمَنِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ الشُّفْعَةِ فَلَمْ يَجِئْ. قَالَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ: لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، لِأَنَّهَا مَتَى ثَبَتَتْ بِطَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ وَتَقَرَّرَتْ بِالْإِشْهَادِ لَا تَبْطُلُ مَا لَمْ يُسَلِّمْ بِلِسَانِهِ اهـ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِالْإِبْرَاءِ الْخَاصِّ فَبِالْعَامِّ أَوْلَى اهـ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِهَذَا الِاسْتِشْكَالِ، لِأَنَّ غَايَةَ مَا اُسْتُفِيدَ مِنْ الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّ الشُّفْعَةَ لَا يُبْطِلُهَا الْإِبْرَاءُ الْعَامُّ فِي الصَّحِيحِ اهـ.
أَقُولُ: وَفِيهِ غَفْلَةٌ عَنْ كَوْنِ هَذَا الْمُسْتَفَادِ هُوَ مَنْشَأُ الْإِبْرَادِ. وَقَدْ يُجَابُ عَنْ الْإِشْكَالِ بِأَنَّ مَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الشُّفْعَةِ بِالطَّلَبَيْنِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَسْأَلَتَنَا فِيمَا قَبْلَ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ إذَا صَبَغَ الْمُشْتَرِي إلَخْ) مُسْتَدْرَكٌ هُوَ وَمَا بَعْدَهُ بِمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الطَّلَبِ أَفَادَهُ ط (قَوْلُهُ أَخَّرَ الْجَارُ طَلَبَهُ إلَخْ) قَدَّمْنَا أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ الْمُفْتَى بِهِ (قَوْلُهُ يَهُودِيٌّ سَمِعَ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ قَيْدٌ اتِّفَاقِيٌّ فَلَيْسَ الْأَحَدُ عُذْرًا لَهُ لِلنَّصْرَانِيِّ، وَلَكِنَّ تَخْصِيصَ الْيَهُودِيِّ بِالذِّكْرِ أَنَّهُمْ نُهُوا عَنْ الْأَعْمَالِ يَوْمَ السَّبْتِ وَلَمْ تُنْهَ النَّصَارَى عَنْهَا يَوْمَ الْأَحَدِ لَكِنَّهُ نُسِخَ فِي شَرْعِنَا حَمَوِيٌّ (قَوْلُهُ لَمْ يَكُنْ عُذْرًا) وَكَذَا لَوْ كَانَ الشَّفِيعُ فِي عَسْكَرِ الْخَوَارِجِ أَوْ أَهْلِ الْبَغْيِ فَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَدْخُلَ فِي عَسْكَرِ الْعَدْلِ فَلَمْ يَطْلُبْهَا بَطَلَتْ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْذُورٍ خَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ) . أَيْ قُبَيْلَ بَابِ مَا تَثْبُتُ هِيَ فِيهِ أَوْ لَا ح
(قَوْلُهُ وَسَنَذْكُرُهُ) أَيْ كَلَامَ الْوَهْبَانِيَّةِ قَرِيبًا ح (قَوْلُهُ لِأَنَّ ابْنَ الْمُصَنِّفِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ عِلَّةٌ لِلْإِعَادَةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَسَنَذْكُرُهُ فَإِنَّهَا تَقْتَضِي الْعِنَايَةَ وَالتَّأْكِيدَ ط (قَوْلُهُ أَيَّدَهُ) حَيْثُ قَالَ. أَقُولُ: مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ وَهْبَانَ أَوْلَى مِنْ جِهَةِ الْفِقْهِ، لِأَنَّهُ قَالَ: كُلُّ مَوْضِعٍ لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لَوْ أَنْكَرَهُ لَا يَحْلِفُ، وَهُنَا لَوْ أَقَرَّ بِالْحِيلَةِ لِعَدَمِ ثُبُوتِهَا ابْتِدَاءً لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فَلَا يَحْلِفُ، وَالْحِيلَةُ لِعَدَمِ ثُبُوتِهَا ابْتِدَاءً لَا تُكْرَهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ. وَعَلَى قَوْلِهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ. وَقَالَ قَاضِي خَانْ بَعْدَ ذِكْرِ جُمْلَةٍ مِنْ الْحِيَلِ الْمُبْطِلَةِ لِلشُّفْعَةِ: فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ وَلَوْ أَرَادَ الشَّفِيعُ أَنْ يُحَلِّفَ الْمُشْتَرِيَ أَوْ الْبَائِعَ بِاَللَّهِ تَعَالَى مَا فَعَلَ هَذَا فِرَارًا عَنْ الشُّفْعَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَدَّعِي شَيْئًا لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَا يَلْزَمُهُ اهـ.
أَقُولُ: وَالْعَبْدُ الضَّعِيفُ إلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ وَهْبَانَ وَأَفَادَهُ الْعَلَّامَةُ فَقِيهُ النَّفْسِ فَخْرُ الدِّينِ قَاضِي خَانْ أَمْيَلُ.
أَقُولُ: وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: ثُمَّ ذَكَرَ فِي بَعْضِ كُتُبِ الشُّفْعَةِ عَقِبَ هَذِهِ الْحِيَلِ وَقَالَ يُسْتَحْلَفُ الْمُشْتَرِي بِاَللَّهِ تَعَالَى مَا فَعَلْت هَذَا فِرَارًا مِنْ الشُّفْعَةِ، وَلَا مَعْنَى لِهَذَا لِأَنَّهُ يَدَّعِي عَلَيْهِ مَعْنًى لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فَكَيْفَ يُسْتَحْلَفُ اهـ كَلَامُ ابْنِ الْمُصَنِّفِ فِي الزَّوَاهِرِ ح.
أَقُولُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ: ذَكَرَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ أَيْضًا أَوَّلَ الْفَصْلِ الثَّالِثِ تَصَدَّقَ بِالْحَائِطِ الَّذِي يَلِي جَارَهُ عَلَى رَجُلٍ بِمَا تَحْتَهُ وَقَبَضَهُ ثُمَّ بَاعَ مِنْهُ مَا بَقِيَ فَلَيْسَ لِلْجَارِ شُفْعَةٌ، فَإِنْ طَلَبَ يَمِينَ الْمُشْتَرِي بِاَللَّهِ تَعَالَى مَا فَعَلَ الْأَوَّلَ ضَرَرًا