للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى أَنَّ نَفَقَةَ كُلِّ عَبْدٍ عَلَى مَنْ يَخْدُمُهُ جَازَ اسْتِحْسَانًا بِخِلَافِ الْكِسْوَةِ، وَمَا زَادَ فِي نَوْبَةِ أَحَدِهِمَا فِي الدَّارِ الْوَاحِدَةِ مُشْتَرَكٌ لَا فِي الدَّارَيْنِ، وَتَجُوزُ فِي عَبْدٍ وَدَارٍ عَلَى السُّكْنَى وَالْخِدْمَةِ وَكَذَا فِي كُلِّ مُخْتَلِفِي الْمَنْفَعَةِ مُلْتَقًى، وَتَمَامُهُ فِيمَا عَلَّقْته عَلَيْهِ.

(وَلَوْ) تَهَايَآ (فِي غَلَّةِ عَبْدٍ أَوْ فِي غَلَّةِ عَبْدَيْنِ أَوْ) تَهَايَآ (فِي غَلَّةِ بَغْلٍ أَوْ بَغْلَيْنِ أَوْ) فِي (رُكُوبِ بَغْلٍ أَوْ بَغْلَيْنِ أَوْ) فِي (ثَمَرَةِ شَجَرَةٍ أَوْ) فِي (لَبَنِ شَاةٍ لَا) يَصِحُّ فِي الْمَسَائِلِ الثَّمَانِ: وَحِيلَةُ الثِّمَارِ وَنَحْوِهَا أَنْ يَشْتَرِيَ حَظَّ شَرِيكِهِ ثُمَّ يَبِيعَ كُلَّهَا بَعْدَ مُضِيِّ نَوْبَتِهِ أَوْ يَنْتَفِعَ بِاللَّبَنِ بِمِقْدَارٍ مَعْلُومٍ اسْتِقْرَاضًا لِنَصِيبِ صَاحِبِهِ،

ــ

[رد المحتار]

وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ الْكِسْوَةِ فِيهِ تَفْصِيلٌ، إنْ لَمْ يُبَيِّنَا مِقْدَارًا مَعْلُومًا لَا يَجُوزُ، وَإِنْ بَيَّنَا يَجُوزُ اسْتِحْسَانًا؛ أَمَّا الطَّعَامُ فَجَائِزٌ اشْتِرَاطُهُ عَلَى مَنْ يُخْدَمُ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ مِقْدَارَهُ اسْتِحْسَانًا أَفَادَهُ ط عَنْ الْهِنْدِيَّةِ (قَوْلُهُ وَمَا زَادَ إلَخْ) أَيْ مِنْ الْغَلَّةِ وَهُوَ مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ فِي غَلَّةِ دَارٍ أَوْ دَارَيْنِ (قَوْلُهُ مُشْتَرَكٌ) لِتَحْقِيقِ التَّعْدِيلِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ التَّهَايُؤُ عَلَى الْمَنَافِعِ فَاسْتَغَلَّ أَحَدُهُمَا فِي نَوْبَتِهِ زِيَادَةً لِأَنَّ التَّعْدِيلَ فِيمَا وَقَعَ عَلَيْهِ التَّهَايُؤُ حَاصِلٌ وَهُوَ الْمَنَافِعُ فَلَا يَضُرُّهُ زِيَادَةُ الِاسْتِغْلَالِ هِدَايَةٌ.

أَقُولُ: ظَهَرَ مِنْ هَذَا أَنَّ زِيَادَةَ الْغَلَّةِ فِي نَوْبَةِ أَحَدِهِمَا لَا تُنَافِي صِحَّةَ الْمُهَايَأَةِ وَالْجَبْرَ عَلَيْهَا، وَيُتَأَمَّلُ هَذَا مَعَ مَا فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ أَنَّ السَّفِينَةَ لَا يُجْبَرُ حَمْلًا وَلَا اسْتِغْلَالًا مِنْ حَيْثُ الزَّمَانُ بِأَنْ يَسْتَغِلَّهَا هَذَا شَهْرًا وَالْآخَرُ شَهْرًا بَلْ يُؤْجَرَانِهَا وَالْأُجْرَةُ لَهُمَا اهـ وَعَلَّلَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ قَدْ تَكُونُ غَلَّةَ شَهْرٍ أَزْيَدَ مِنْ غَلَّةِ آخَرَ فَلَا يُوجَدُ التَّسَاوِي اهـ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ لَا يُجْبَرُ عَلَى وَجْهٍ يَخْتَصُّ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالزَّائِدِ مِنْ الْغَلَّةِ وَإِلَّا فَهُوَ مُشْكِلٌ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَا فِي الدَّارَيْنِ) لِأَنَّ فِيهِمَا مَعْنَى التَّمْيِيزِ وَالْإِفْرَازِ رَاجِحٌ لِاتِّحَادِ زَمَانِ الِاسْتِيفَاءِ، وَفِي الدَّارِ الْوَاحِدَةِ يَتَعَاقَبُ الْوُصُولُ فَاعْتُبِرَ قَرْضًا وَجُعِلَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي نَوْبَتِهِ كَالْوَكِيلِ عَنْ صَاحِبِهِ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ عَلَى السُّكْنَى وَالْخِدْمَةِ) بِأَنْ يَسْكُنَ أَحَدُهُمَا الدَّارَ سَنَةً وَيَسْتَخْدِمَ الْآخَرُ الْعَبْدَ سَنَةً، وَعَلَى الْغَلَّةِ بَاطِلَةٌ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا ذَخِيرَةٌ: قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى: الْجَوَازُ فِي الْمُتَّحِدِ، فَفِي الْمُخْتَلِفِ أَوْلَى (قَوْلُهُ وَكَذَا فِي كُلِّ مُخْتَلِفِي الْمَنْفَعَةِ) قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى: كَسُكْنَى الدُّورِ وَزَرْعِ الْأَرَضِينَ وَكَحَمَّامٍ وَدَارٍ كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ (قَوْلُهُ وَتَمَامُهُ إلَخْ) هُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ

(قَوْلُهُ لَا يَصِحُّ فِي الْمَسَائِلِ الثَّمَانِ) لَكِنَّ الثَّانِيَةَ وَالرَّابِعَةَ وَالْخَامِسَةَ وَالسَّادِسَةَ عِنْدَ الْإِمَامِ وَالْبَاقِيَ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا أَوْضَحَهُ فِي الْمِنَحِ.

قَالَ فِي الدُّرَرِ: أَمَّا فِي عَبْدٍ أَوْ بَغْلٍ وَاحِدٍ فَلِأَنَّ النَّصِيبَيْنِ يَتَعَاقَبَانِ فِي الِاسْتِيفَاءِ، فَالظَّاهِرُ التَّغَيُّرُ فِي الْحَيَوَانِ فَتَفُوتُ الْمُعَادَلَةُ، بِخِلَافِ الدَّارِ الْوَاحِدَةِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ التَّغَيُّرِ فِي الْعَقَارِ، وَأَمَّا فِي عَبْدَيْنِ أَوْ بَغْلَيْنِ فَلِأَنَّ التَّهَايُؤَ فِي الْخِدْمَةِ جَوَّزَ لِلضَّرُورَةِ لِامْتِنَاعِ قِسْمَتِهَا وَلَا ضَرُورَةَ فِي الْغَلَّةِ لِأَنَّهَا تُقْسَمُ، وَأَمَّا فِي رُكُوبِ بَغْلٍ أَوْ بَغْلَيْنِ فَلِتَفَاوُتِهِ بِالرَّاكِبِينَ فَلَا تَتَحَقَّقُ التَّسْوِيَةُ فَلَا يَجْبُرُ الْقَاضِي عَلَيْهِ، وَأَمَّا فِي ثَمَرَةِ شَجَرَةٍ أَوْ لَبَنِ شَاةٍ وَنَحْوِهِ فَلِأَنَّ التَّهَايُؤَ مُخْتَصٌّ بِالْمَنَافِعِ لِامْتِنَاعِ قِسْمَتِهَا بَعْدَ وُجُودِهَا بِخِلَافِ الْأَعْيَانِ اهـ مُلَخَّصًا، وَلَوْ لَهُمَا جَارِيَتَانِ فَتَهَايَآ عَلَى أَنْ تُرْضِعَ إحْدَاهُمَا وَلَدَ أَحَدِهِمَا وَالْأُخْرَى وَلَدَ الْآخَرِ جَازَ، لِأَنَّ لَبَنَ الْآدَمِيِّ لَا قِيمَةَ لَهُ فَجَرَى مَجْرَى الْمَنَافِعِ مِنَحٌ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهَا) أَيْ مِنْ الْأَعْيَانِ الَّتِي لَا تَجْرِي فِيهَا الْمُهَايَأَةُ:

أَقُولُ: وَمِنْهَا عُدَّةُ الْحَمَّامِ كَالْمَزْبَلَةِ وَالْحَمِيرِ وَالْمَنَاشِفِ وَنَحْوِهَا، فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ مِمَّا يُغْفَلُ عَنْهُ (قَوْلُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ حَظَّ شَرِيكِهِ) أَيْ مِنْ الشَّجَرَةِ وَالشَّاةِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ لَا مِنْ الثَّمَرَةِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ ثُمَّ يَبِيعَ كُلَّهَا) أَيْ حِصَّتَهُ وَمَا اشْتَرَاهُ مِنْ شَرِيكِهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ أَوْ يَنْتَفِعَ بِاللَّبَنِ) هَذَا مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ أَنْ يَشْتَرِيَ لَكِنَّهُ نَاظِرٌ إلَى الشَّاةِ: أَيْ إمَّا أَنْ يَشْتَرِيَ حَظَّهُ مِنْ الشَّاةِ، وَإِمَّا أَنْ يَسْتَقْرِضَ لَبَنَهَا فَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ بِالْوَاوِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ بِمِقْدَارٍ مَعْلُومٍ) بِأَنْ يَزِنَ مَا يَحْلِبُهُ كُلَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>