إذْ قَرْضُ الْمَشَاعِ جَائِزٌ. [فُرُوعٌ]
الْغَرَامَاتُ إنْ كَانَتْ لِحِفْظِ الْأَمْلَاكِ فَالْقِسْمَةُ عَلَى قَدْرِ الْمِلْكِ، وَإِنْ لِحِفْظِ الْأَنْفُسِ فَعَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ وَلَا يَدْخُلُ صِبْيَانٌ وَنِسَاءٌ، فَلَوْ غَرَّمَ السُّلْطَانُ قَرْيَةً تُقْسَمُ عَلَى هَذَا، وَلَوْ خِيفَ الْغَرَقُ فَاتَّفَقُوا عَلَى إلْقَاءِ أَمْتِعَةٍ فَالْغُرْمُ بِعَدَدِ الرُّءُوسِ
لِأَنَّهَا لِحِفْظِ الْأَنْفُسِ.
الْمُشْتَرَكُ إذَا انْهَدَمَ فَأَبَى أَحَدُهُمَا الْعِمَارَةَ، إنْ احْتَمَلَ الْقِسْمَةَ لَا جَبْرَ وَقُسِمَ
ــ
[رد المحتار]
يَوْمٍ حَتَّى تَفْرُغَ الْمُدَّةُ ثُمَّ يَسْتَوْفِيَ صَاحِبُهُ مِقْدَارَهُ، فِي نَوْبَتِهِ. وَفِي الْخَانِيَّةِ: تَوَاضَعَا فِي بَقَرَةٍ عَلَى أَنْ تَكُونَ عِنْدَ كُلٍّ مِنْهُمَا خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا يَحْلُبُ لَبَنَهَا كَانَ بَاطِلًا، وَلَا يَحِلُّ فَضْلُ اللَّبَنِ لِأَحَدِهِمَا وَإِنْ جَعَلَهُ صَاحِبُهُ فِي حِلٍّ لِأَنَّهُ هِبَةُ الْمَشَاعِ فِيمَا يُقْسَمُ إلَّا أَنْ يَكُونَ اسْتَهْلَكَهُ فَيَكُونَ إبْرَاءً عَنْ الضَّمَانِ فَيَجُوزَ (قَوْلُهُ إذْ قَرْضُ الْمَشَاعِ جَائِزٌ) وَمِنْهُ مَا فِي هِبَةِ النِّهَايَةِ: إذَا دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفًا وَقَالَ خَمْسُمِائَةٍ قَرْضًا وَخَمْسُمِائَةٍ شَرِكَةٌ جَازَ. وَاعْتَرَضَ فِي السَّعْدِيَّةِ بِأَنَّ قَرْضَ الْمَشَاعِ وَإِنْ جَازَ لَكِنَّ تَأْجِيلَهُ لَا يَجُوزُ. قُلْت: فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ لَا غَيْرُ جَائِزٍ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ فَتَدَبَّرْ. [تَتِمَّةٌ]
لَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ الْمُهَايَأَةَ عَلَى لُبْسِ الثَّوْبَيْنِ. قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا لَا يَجُوزُ عِنْدَ الْإِمَامِ خِلَافًا لَهُمَا لِتَفَاوُتِ النَّاسِ فِي اللُّبْسِ تَفَاوُتًا فَاحِشًا طُورِيٌّ عَنْ الْمُحِيطِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَتْ) هَذَا أَحَدُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ حَكَاهَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَغَيْرِهَا، ثَانِيهَا عَلَى الْأَمْلَاكِ مُطْلَقًا، ثَالِثُهَا عَكْسُهُ. بَقِيَ الْكَلَامُ فِي مَعْرِفَةِ مَا هِيَ لِحِفْظِ الْأَمْلَاكِ وَمَا هِيَ لِحِفْظِ الرُّءُوسِ فِي زَمَانِنَا وَهُوَ عَسِيرٌ، فَإِنَّ الظَّلَمَةَ يَأْخُذُونَ الْمَالَ مِنْ أَهْلِ قَرْيَةٍ أَوْ مَحَلَّةٍ أَوْ حِرْفَةٍ مُرَتَّبًا فِي أَوْقَاتٍ مَعْلُومَةٍ وَغَيْرَ مُرَتَّبٍ بِسَبَبٍ وَبِلَا سَبَبٍ. وَرَأَيْت فِي آخِرِ قِسْمَةِ الْحَامِدِيَّةِ مَا مُلَخَّصُهُ مُوَضَّحًا: وَلَمْ أَرَ أَحَدًا تَعَرَّضَ لِلتَّفْصِيلِ غَيْرَ الْمَرْحُومِ وَالِدِي عَلِيٍّ أَفَنْدِي الْعِمَادِيِّ، وَهُوَ أَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّهُ إذَا قُطِعَ النَّظَرُ عَنْ إضَافَةِ الْأَمْلَاكِ إلَى أَهْلِ الْقَرْيَةِ صَارَ أَهْلُهَا كَالتُّرْكُمَانِ وَالْعُرْبَانِ فَلَا يُوَزَّعُ عَلَيْهِمْ إلَّا مَا يَطْلُبُهُ السُّلْطَانُ مِنْ نَحْوِ التُّرْكُمَانِ كَالْعَوَارِضِ وَجَرِيمَةِ مَا يُتَّهَمُونَ بِهِ مِنْ سَرِقَةٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ عَدَمِ مُدَافَعَةِ ذَلِكَ، وَكَالْقِيَامِ بِالضَّيْفِ إلَّا نَحْوَ الْعَلَفِ لِأَنَّهُمْ لَا يَزْرَعُونَ، وَمَا يَأْخُذُهُ الْوَالِي مِنْ الْمُشَاهَرَةِ وَمَا عَدَاهُ مِمَّا يُطْلَبُ بِسَبَبِ الْأَمْلَاكِ كَالتِّبْنِ وَالشَّعِيرِ وَالْحَطَبِ وَالذَّخِيرَةِ فَعَلَى الْمُلَّاكِ بِحَسَبِ أَمْلَاكِهِمْ اهـ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَا يَدْخُلُ صِبْيَانٌ وَنِسَاءٌ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ خَاصٌّ فِيمَا لِحِفْظِ الْأَنْفُسِ يُرْشِدُ إلَيْهِ التَّعْلِيلُ. قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: فَإِنْ لِتَحْصِينِ الْأَمْلَاكِ فَعَلَى قَدْرِهَا لِأَنَّهَا لِتَحْصِينِ الْمِلْكِ فَصَارَتْ كَمُؤْنَةِ حَفْرِ النَّهْرِ، وَإِنْ لِتَحْصِينِ الْأَبَدَانِ فَعَلَى قَدْرِ الرُّءُوسِ الَّتِي يَتَعَرَّضُ لَهُمْ لِأَنَّهَا مُؤْنَةُ الرَّأْسِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَرَّضُ لَهُمْ اهـ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَلَوْ خِيفَ الْغَرَقُ إلَخْ) نَقَلَهُ فِي الْأَشْبَاهِ عَنْ فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ
(قَوْلُهُ فَاتَّفَقُوا إلَخْ) يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُمْ إذَا لَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى الْإِلْقَاءِ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ بَلْ عَلَى الْمُلْقِي وَحْدَهُ وَبِهِ صَرَّحَ الزَّاهِدِيُّ فِي حَاوِيهِ. قَالَ رَامِزًا: أَشْرَفَتْ السَّفِينَةُ عَلَى الْغَرَقِ فَأَلْقَى بَعْضُهُمْ حِنْطَةَ غَيْرِهِ فِي الْبَحْرِ حَتَّى خَفَّتْ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا فِي تِلْكَ الْحَالِ اهـ رَمْلِيٌّ عَلَى الْأَشْبَاهِ، وَقَوْلُهُ فِي تِلْكَ الْحَالِ مُتَعَلِّقٌ بِقِيمَتِهَا أَيْ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا مُشْرِفَةً عَلَى الْغَرَقِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ. ثُمَّ قَالَ رَمْلِيٌّ: وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنْ لَا شَيْءَ عَلَى الْغَائِبِ الَّذِي لَهُ مَالٌ فِيهَا وَلَمْ يَأْذَنْ بِالْإِلْقَاءِ، فَلَوْ أَذِنَ بِأَنْ قَالَ: إذَا تَحَقَّقَتْ هَذِهِ الْحَالَةُ فَأَلْقُوا اُعْتُبِرَ إذْنُهُ اهـ (قَوْلُهُ بِعَدَدِ الرُّءُوسِ) يَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا قُصِدَ حِفْظُ الْأَنْفُسِ خَاصَّةً كَمَا يُفْهَمُ مِنْ تَعْلِيلِهِ. أَمَّا إذَا قُصِدَ حِفْظُ الْأَمْتِعَةِ فَقَطْ، كَمَا إذَا لَمْ يُخْشَ عَلَى الْأَنْفُسِ وَخُشِيَ عَلَى الْأَمْتِعَةِ بِأَنْ كَانَ الْمَوْضِعُ لَا تَغْرَقُ فِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَتْلَفُ فِيهِ الْأَمْتِعَةُ فَهِيَ عَلَى قَدْرِ الْأَمْوَالِ، وَإِذَا خُشِيَ عَلَى الْأَنْفُسِ وَالْأَمْوَالِ فَأَلْقَوْا بَعْدَ الِاتِّفَاقِ لِحِفْظِهِمَا فَعَلَى قَدْرِهِمَا، فَمَنْ كَانَ غَائِبًا وَأَذِنَ بِالْإِلْقَاءِ إذَا وَقَعَ ذَلِكَ اُعْتُبِرَ مَالُهُ لَا نَفْسُهُ، وَمَنْ كَانَ حَاضِرًا بِمَالِهِ اُعْتُبِرَ مَالُهُ وَنَفْسُهُ، وَمَنْ كَانَ بِنَفْسِهِ فَقَطْ اُعْتُبِرَ نَفْسُهُ فَقَطْ، وَلَمْ أَرَ هَذَا التَّحْرِيرَ لِغَيْرِي وَلَكِنْ أَخَذْته مِنْ التَّعْلِيلِ فَتَأَمَّلْ رَمْلِيٌّ عَلَى الْأَشْبَاهِ، وَأَقَرَّهُ الْحَمَوِيُّ وَغَيْرُهُ
(قَوْلُهُ الْمُشْتَرَكُ إذَا انْهَدَمَ إلَخْ) اسْتَثْنَى الشَّيْخُ شَرَفُ الدِّينِ مِنْهُ مَسْأَلَةً، وَهِيَ جِدَارٌ بَيْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute