وَإِلَّا بَنَى ثُمَّ آجَرَهُ لِيَرْجِعَ بِمَا أَنْفَقَ لَوْ بِأَمْرِ الْقَاضِي، وَإِلَّا فَبِقِيمَةِ الْبِنَاءِ وَقْتَ الْبِنَاءِ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِهِ وَإِنْ تَضَرَّرَ جَارُهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الْكُلُّ فِي الْأَشْبَاهِ، وَفِي الْمُجْتَبَى وَبِهِ يُفْتَى، وَفِي السِّرَاجِيَّةِ: الْفَتْوَى عَلَى الْمَنْعِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْإِفْتَاءُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَوَّلَ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ اهـ.
قُلْت: وَمَرَّ فِي مُتَفَرِّقَاتِ الْقَضَاءِ وَفِي الْوَهْبَانِيَّةِ وَشَرْحِهَا:
ــ
[رد المحتار]
يَتِيمَيْنِ خِيفَ سُقُوطُهُ وَفِي تَرْكِهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِمَا وَلَهُمَا وَصِيَّانِ فَأَبَى أَحَدُهُمَا الْعِمَارَةَ يُجْبَرُ عَلَى الْبِنَاءِ مَعَ صَاحِبِهِ، وَلَيْسَ كَإِبَاءِ أَحَدِ الْمَالِكِينَ لِرِضَاهُ بِدُخُولِ الضَّرَرِ عَلَيْهِ فَلَا يُجْبَرُ وَهُنَا الضَّرَرُ عَلَى الصَّغِيرِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْوَقْفُ كَذَلِكَ اهـ أَبُو السُّعُودِ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ وَإِلَّا بَنَى إلَخْ) فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ صَالِحٍ عَلَى الْأَشْبَاهِ: أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي عَدَمِ الْجَبْرِ فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ فَشَمِلَ مَا إذَا انْهَدَمَ كُلُّهُ وَصَارَ صَحْرَاءَ أَوْ بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ: طَاحُونَةٌ أَوْ حَمَّامٌ مُشْتَرَكٌ انْهَدَمَ وَأَبَى الشَّرِيكُ الْعِمَارَةَ يُجْبَرُ، هَذَا إذَا بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ، أَمَّا إذَا انْهَدَمَ الْكُلُّ وَصَارَ صَحْرَاءَ لَا يُجْبَرُ، وَإِنْ كَانَ الشَّرِيكُ مُعْسِرًا يُقَالُ لَهُ أَنْفِقْ وَيَكُونُ دَيْنًا عَلَى الشَّرِيكِ إلَخْ. وَفِي الْخُلَاصَةِ أَيْضًا: وَلَوْ أَبَى أَحَدُهُمَا أَنْ يَسْقِيَ الْحَارِثَ يُجْبَرُ. وَفِي أَدَبِ الْقَضَاءِ مِنْ الْفَتَاوَى: لَا يُجْبَرُ وَلَكِنْ يُقَالُ اسْقِهِ وَأَنْفِقْ ثُمَّ ارْجِعْ بِنِصْفِ مَا أَنْفَقْت اهـ أَبُو السُّعُودِ.
أَقُولُ: اُسْتُفِيدَ مِمَّا فِي الْخُلَاصَةِ أَنَّ عَدَمَ الْجَبْرِ لَوْ مُعْسِرًا تَأَمَّلْ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ نَحْوَ الْحَمَّامِ مِمَّا لَا يُقْسَمُ إذَا انْهَدَمَ كُلُّهُ وَصَارَ صَحْرَاءَ صَارَ مِمَّا يُقْسَمُ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فَلَا يَرُدُّ عَلَى إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ، لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ فَافْهَمْ. هَذَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخُلَاصَةِ الثَّانِي أَنَّ الْجَبْرَ بِنَحْوِ الضَّرْبِ وَالْحَبْسِ، وَقَدْ فَسَّرَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِأَمْرِ الْقَاضِي بِأَنْ يُنْفِقَ وَيَرْجِعَ بِنِصْفِهِ، وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ تَأَمَّلْ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ سَيَأْتِي قَرِيبًا عَنْ الْوَهْبَانِيَّةِ. [تَتِمَّةٌ]
زَرْعٌ بَيْنَهُمَا فِي أَرْضِهِمَا طَلَبَا قِسْمَتَهُ دُونَ الْأَرْضِ، فَلَوْ بَقْلًا وَاتَّفَقَا عَلَى الْقَلْعِ جَازَتْ، وَإِنْ شَرَطَا الْبَقَاءَ أَوْ أَحَدُهُمَا فَلَا وَلَوْ مُدْرِكًا، فَإِنْ شَرَطَا الْحَصَادَ جَازَتْ اتِّفَاقًا أَوْ التَّرْكَ فَلَا عِنْدَهُمَا وَجَازَتْ عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَكَذَلِكَ الطَّلْعُ عَلَى النَّخِيلِ عَلَى التَّفْصِيلِ، وَلَوْ طَلَبَا مِنْ الْقَاضِي لَا يَقْسِمُهُ بِشَرْطِ التَّرْكِ، وَأَمَّا بِشَرْطِ الْقَلْعِ فَعَلَى الرِّوَايَتَيْنِ وَلَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا مِنْهُ لَا يَقْسِمُ مُطْلَقًا تَتَارْخَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِهِ إلَخْ) إنْ أُرِيدَ بِالْمِلْكِ مَا يَعُمُّ مِلْكَ الْمَنْفَعَةِ شَمِلَ الْمَوْقُوفَ لِلسُّكْنَى أَوْ الِاسْتِغْلَالِ أَفَادَهُ الْحَمَوِيُّ (قَوْلُهُ قَالَ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) وَنَقَلَهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ عَنْ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ وَعَنْ زُفَرَ وَابْنِ زِيَادٍ، وَقَالَ: وَهُوَ الَّذِي أَمِيلُ إلَيْهِ وَأَعْتَمِدُهُ، وَأُفْتِي بِهِ تَبَعًا لِوَالِدِي اهـ وَجَعَلَهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ لِلْقِيَاسِ وَقَالَ: لَكِنْ تَرَكَ الْقِيَاسَ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَتَعَدَّى ضَرَرُ تَصَرُّفِهِ إلَى غَيْرِهِ ضَرَرًا بَيِّنًا، وَبِهِ أَخَذَ كَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِنَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ وَهَذَا قَوْلٌ ثَالِثٌ. قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبِيرِيُّ: وَاَلَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ رَأْيُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَتَصَرَّفُ فِي مِلْكِهِ وَإِنْ أَضَرَّ بِغَيْرِهِ مَا لَمْ يَكُنْ ضَرَرًا بَيِّنًا، وَهُوَ مَا يَكُونُ سَبَبًا لِلْهَدْمِ أَوْ مَا يُوهِنُ الْبِنَاءَ أَوْ يَخْرُجُ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَهُوَ مَا يَمْنَعُ مِنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ كَسَدِّ الضَّوْءِ بِالْكُلِّيَّةِ وَالْفَتْوَى عَلَيْهِ اهـ. وَفِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ صَالِحٍ: وَالْمَنْعُ هُوَ الِاسْتِحْسَانُ، وَهُوَ الَّذِي أَمِيلُ إلَيْهِ إذَا كَانَ الضَّرَرُ بَيِّنًا اهـ وَبِهِ أَفْتَى أَبُو السُّعُودِ مُفْتِي الرُّومِ، وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ فِي زَمَانِنَا، وَمَشَى عَلَيْهِ الشُّرُنْبُلَالِيُّ، وَكَذَا الْمُصَنِّفُ فِي مُتَفَرِّقَاتِ الْقَضَاءِ، وَارْتَضَاهُ الشَّارِحُ هُنَاكَ.
ثُمَّ قَالَ: وَبَقِيَ مَا لَوْ أَشْكَلَ هَلْ يَضُرُّ أَمْ لَا، وَقَدْ حَرَّرَ مُحَشِّي الْأَشْبَاهِ الْمَنْعَ قِيَاسًا عَلَى مَسْأَلَةِ السُّفْلِ وَالْعُلْوِ أَنَّهُ لَا يَتَّدِ إذَا ضَرَّ، وَكَذَا إنْ أَشْكَلَ عَلَى الْمُخْتَارِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَفِي الْوَهْبَانِيَّةِ وَشَرْحِهَا) الثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ مِنْ الْوَهْبَانِيَّةِ وَالْأَرْبَعَةُ الْبَاقِيَةُ مِنْ نَظْمِ شَارِحِهَا ابْنُ الشِّحْنَةِ، لَكِنَّهُ ذَكَرَ الْأَخِيرَ بَعْدَ أَبْيَاتٍ فَافْهَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute