وَلَوْ زَرَعَ الْإِنْسَانُ أُرْزًا بِدَارِهِ ... فَلَيْسَ لِجَارٍ مَنْعُهُ لَوْ يُضَرَّرُ
وَحَيْطٌ لَهُ أَهْلٌ فَحِمْلٌ وَاحِدٌ ... وَلَا حِمْلَ فِيهِ قَبْلَ لَيْسَ يُغَيَّرُ
وَمَا لِشَرِيكٍ أَنْ يُعَلِّيَ حَيْطَهُ ... وَقِيلَ التَّعَلِّي جَائِزٌ فَيُعَمَّرُ
وَمَمْنُوعُ قَسْمٍ عِنْدَ مَنْعِ مُشَارِكٍ ... مِنْ الرَّمِّ قَاضٍ مُؤْجِرٌ فَيُعَمَّرُ
وَيُنْفِقُ فِي الْمُخْتَارِ رَاضٍ بِإِذْنِهِ ... وَيَمْنَعُ نَفْعًا مَنْ أَبَى قَبْلَ يُخَسَّرُ
وَخُذْ مُنْفَقًا بِالْإِذْنِ مِنْهُ كَحَاكِمٍ ... وَخُذْ قِيمَةً إلَّا وَهَذَا الْمُحَرَّرُ.
ــ
[رد المحتار]
قَوْلُهُ وَلَوْ زَرَعَ الْإِنْسَانُ أُرْزًا إلَخْ) الْأُرْزُ كَقُفْلٍ وَقَدْ تُضَمُّ رَاؤُهُ وَتُشَدَّدُ الزَّايُ وَبَعْضُهُمْ يَفْتَحُ الْهَمْزَةَ وَبَعْضُهُمْ يَحْذِفُهَا، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَالْفَتْوَى عَلَى التَّفْصِيلِ شُرُنْبُلَالِيٌّ (قَوْلُهُ وَحَيْطٌ) جَعَلَهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ مَجْرُورًا بِوَاوِ رُبَّ، وَالْأَوْلَى رَفْعُهُ مُبْتَدَأً وَجُمْلَةٌ لَهُ أَهْلٌ أَيْ أَصْحَابٌ صِفَةٌ لَهُ، وَقَوْلُهُ فَحِمْلٌ وَاحِدٌ، أَيْ وَضَعَ عَلَيْهِ جُذُوعَهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مُتَعَلِّقِ الْجَارِ، وَقَوْلُهُ وَلَا حِمْلَ فِيهِ قَبْلُ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ وَفِي بِمَعْنَى عَلَى، أَيْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ جُذُوعٌ قَبْلَ ذَلِكَ، وَجُمْلَةُ لَيْسَ يُغَيَّرُ خَبَرُ الْمُبْتَدَإِ: أَيْ لَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ رَفْعُ مَا حَمَلَهُ أَحَدُهُمْ. قَالَ ابْنُ الشِّحْنَةِ: وَهَذَا لَوْ الْحَائِطُ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَيُقَالُ لِلْآخَرِ ضَعْ أَنْتَ مِثْلَ ذَلِكَ إنْ شِئْت، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لَهُمَا عَلَيْهِ خَشَبٌ فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَزِيدَ عَلَى خَشَبِ صَاحِبِهِ أَوْ يَتَّخِذَ عَلَيْهِ سِتْرًا أَوْ يَفْتَحَ كُوَّةً أَوْ بَابًا فَلِلْآخَرِ مَنْعُهُ لِأَنَّ الْقِيَاسَ الْمَنْعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْمُشْتَرَكِ، إلَّا أَنَّا تَرَكْنَا الْقِيَاسَ فِي الْأُولَى لِلضَّرُورَةِ إذْ رُبَّمَا لَا يَأْذَنُ لَهُ شَرِيكُهُ فَيَتَعَطَّلُ عَلَيْهِ مَنْفَعَةُ الْحَائِطِ اهـ بِمَعْنَاهُ
(قَوْلُهُ وَمَا لِشَرِيكٍ إلَخْ) صُورَةُ ذَلِكَ حَائِطٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ قَدْرُ قَامَةٍ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَزِيدَ فِي طُولِهِ وَأَبَى الْآخَرُ فَلَهُ مَنْعُهُ ذَخِيرَةٌ وَغَيْرُهَا وَإِلَى تَرْجِيحِهِ لِكَوْنِهِ رِوَايَةً عَنْ مُحَمَّدٍ أَشَارَ بِتَقْدِيمِهِ، وَتَعْبِيرُهُ عَنْ الثَّانِي بِقِيلِ أَفَادَهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ ثُمَّ نَقَلَ تَقْيِيدَ الْمَنْعِ بِمَا إذَا كَانَ شَيْئًا خَارِجًا عَنْ الْعَادَةِ، وَوَفَّقَ بِهِ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ، وَاعْتَمَدَهُ وَنَظَمَهُ فِي بَيْتٍ غَيَّرَ بِهِ نَظْمَ الْوَهْبَانِيَّةِ، وَكَأَنَّ الشَّارِحَ لَمْ يُعَوِّلْ عَلَيْهِ لِظُهُورِ الْوَجْهِ لِلْأَوَّلِ، لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي الْمُشْتَرَكِ بِلَا ضَرُورَةٍ فَيَبْقَى عَلَى الْأَصْلِ مِنْ الْمَنْعِ، وَلِذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْخَانِيَّةِ فِي بَابِ الْحِيطَانِ وَقَالَ لَيْسَ لَهُ الزِّيَادَةُ بِلَا إذْنٍ أَضَرَّ الشَّرِيكَ أَوْ لَا. وَفِي الْخَيْرِيَّةِ: وَمِثْلُهُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ وَالْفِقْهِ، فِيهِ أَنَّهُ يَصِيرُ مُسْتَعْمِلًا لِمِلْكِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنِهِ فَيُمْنَعُ، وَهَذَا مِمَّا لَا شُبْهَةَ فِيهِ اهـ فَتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ وَمَمْنُوعُ قَسْمٍ) أَيْ مَا لَا تُمْكِنُ قِسْمَتُهُ كَالْحَمَّامِ، وَقَوْلُهُ مِنْ الرَّمِّ مُتَعَلِّقٌ بِمَنْعِ: أَيْ عِنْدَ امْتِنَاعِ الشَّرِيكِ مِنْ التَّرْمِيمِ، وَقَوْلُهُ قَاضٍ مُؤْجِرٌ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ الْمُبْتَدَإِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ، يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِيَ يُؤَجِّرُهُ وَيُعَمِّرُهُ بِالْأُجْرَةِ، وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْنِ حَكَاهُمَا فِي الْخَانِيَّةِ (قَوْلُهُ وَيُنْفِقُ فِي الْمُخْتَارِ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي. قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: وَالْفَتْوَى عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ الشِّحْنَةِ: وَالْمُرَادُ بِالرَّاضِي الرَّاضِي بِالرَّمِّ وَالْعِمَارَةِ، يَظْهَرُ ذَلِكَ مِنْ مُقَابَلَتِهِ بِالْآبِي، وَضَمِيرُ إذْنِهِ لِلْقَاضِي، وَقَبْلَ يُخَسَّرُ: أَيْ قَبْلَ أَنْ يَخْسَرَ لِلِبَانِي مَا يَخُصُّهُ مِمَّا صَرَفَهُ اهـ.
وَحَاصِلُهُ: أَنَّهُ يُنْفِقُ الرَّاضِي بِالتَّرْمِيمِ بِإِذْنِ الْقَاضِي وَيَمْنَعُ الْآبِيَ مِنْ الِانْتِفَاعِ قَبْلَ أَدَاءِ مَا يَخُصُّهُ. وَقَالَ ابْنُ الشِّحْنَةِ: وَمَفْهُومُ التَّقْيِيدِ بِالرَّمِّ أَنَّهُ لَوْ انْهَدَمَ جَمِيعُهُ حَتَّى صَارَ صَحْرَاءَ لَا يَجْرِي مَا ذُكِرَ مِنْ الِاخْتِلَافِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ اهـ أَيْ لِأَنَّهُ يَصِيرُ حِينَئِذٍ مِمَّا يُقْسَمُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ وَخُذْ مُنْفَقًا) بِفَتْحِ الْفَاءِ اسْمُ مَفْعُولٍ، وَهَذَا زَادَهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ تَفْصِيلًا لِبَيْتٍ مِنْ الْوَهْبَانِيَّةِ وَهُوَ هَذَا:
وَذُو الْعُلْوِ لَمْ يَلْزَمْ لِصَاحِبِ سُفْلِهِ ... بَنَاهُ خَلَا مَنْ هَذِهِ مِنْهُ يَصْدُرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute