للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي الصَّحِيحَةِ

(وَيُجْبَرُ مَنْ أَبَى عَلَى الْمُضِيِّ إلَّا رَبُّ الْبَذْرِ، فَلَا يُجْبَرُ قَبْلَ إلْقَائِهِ) وَبَعْدَهُ يُجْبَرُ دُرَرٌ.

(مَتَى فَسَدَتْ، فَالْخَارِجُ لِرَبِّ الْبَذْرِ) ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءٌ مَلَكَهُ (وَ) يَكُونُ لِلْآخَرِ أَجْرٌ مِثْلُ عَمَلِهِ أَوْ أَرْضِهِ وَلَا يُزَادُ عَلَى (الشَّرْطِ) وَبَالِغًا مَا بَلَغَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ (وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ شَيْءٌ) فِي الْفَاسِدَةِ (فَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ، فَعَلَيْهِ أَجْرٌ مِثْلُ الْأَرْضِ وَالْبَقَرِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ، فَعَلَيْهِ أَجْرٌ مِثْلُ الْعَامِلِ) حَاوِي.

(وَلَوْ امْتَنَعَ رَبُّ الْأَرْضِ مِنْ الْمُضِيِّ فِيهَا وَقَدْ كَرَبَ الْعَامِلُ) فِي الْأَرْضِ (فَلَا شَيْءَ لَهُ) لِكِرَابِهِ (حُكْمًا) أَيْ فِي الْقَضَاءِ إذْ لَا قِيمَةَ لِلْمَنَافِعِ (وَيُسْتَرْضَى دِيَانَةً) فَيُفْتَى بِأَنْ يُوفِيَهُ أَجْرَ مِثْلِهِ.

ــ

[رد المحتار]

لَوْ اشْتَرَكَ ثَلَاثَةٌ أَوْ أَرْبَعَةٌ وَمِنْ الْبَعْضِ الْبَقَرَ وَحْدَهُ أَوْ الْبَذْرَ وَحْدَهُ فَسَدَتْ، وَكَذَا لَوْ مِنْ أَحَدِهِمْ الْبَذْرُ فَقَطْ أَوْ الْبَقَرُ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْبَذْرِ مُسْتَأْجِرٌ لِلْأَرْضِ، فَلَا بُدَّ مِنْ التَّخْلِيَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَهِيَ فِي يَدِ الْعَامِلِ لَا فِي يَدِهِ ا. هـ.

وَعَدَّ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ الْفَاسِدَةِ مَا لَوْ كَانَ الْبَذْرُ لِوَاحِدٍ، وَالْأَرْضُ لِثَانٍ، وَالْبَقَرُ لِثَالِثٍ، وَالْعَمَلُ لِرَابِعٍ أَوْ الْبَذْرُ وَالْأَرْضُ لِوَاحِدٍ وَالْبَقَرُ لِثَانٍ وَالْعَمَلُ لِثَالِثٍ؛ لِأَنَّ اسْتِئْجَارَ الْبَقَرِ بِبَعْضِ الْخَارِجِ لَمْ يَرِدْ بِهِ أَثَرٌ، فَإِذَا فَسَدَتْ فِي حِصَّةِ الْبَقَرِ تَفْسُدُ فِي الْبَاقِي، وَعِنْدَهُمَا فَسَادُ الْبَعْضِ لَا يَشِيعُ فِي الْكُلِّ، وَتَمَامُهُ فِي الْفَصْلِ الثَّلَاثِينَ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: دَفَعَ إلَيْهِ أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا بِبَذْرِهِ وَبَقَرِهِ، وَيَعْمَلَ هَذَا الْأَجْنَبِيُّ عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا لَمْ يَجُزْ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ، وَيَجُوزُ بَيْنَهُمَا وَثُلُثُ الْخَارِجِ لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَالثُّلُثَانِ لِلْعَامِلِ وَعَلَى الْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِ الْأَجْنَبِيِّ، وَلَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ جَازَ بَيْنَ الْكُلِّ ا. هـ.

وَبِهِ يَظْهَرُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مِنْ الْإِجْمَالِ (قَوْلُهُ فِي الصَّحِيحَةِ) يَأْتِي مُحْتَرَزُهُ قَرِيبًا وَلَكِنْ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ وَإِذَا صَحَّتْ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ شَرِكَةً وَلَا شَرِكَةَ فِي غَيْرِ الْخَارِجِ، بِخِلَافِ مَا إذَا فَسَدَتْ؛ لِأَنَّ أَجْرَ الْمِثْلِ فِي الذِّمَّةِ وَلَا تَفُوتُ الذِّمَّةُ بِعَدَمِ الْخَارِجِ هِدَايَةٌ.

(قَوْلُهُ إلَّا رَبَّ الْبَذْرِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْمُضِيُّ إلَّا بِإِتْلَافِ مَالِهِ، وَهُوَ إلْقَاءُ الْبَذْرِ فِي الْأَرْضِ، وَلَا يَدْرِي هَلْ يَخْرُجُ أَمْ لَا؟ فَصَارَ نَظِيرُ مَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ لِهَدْمِ دَارِهِ، ثُمَّ امْتَنَعَ مِنَحٌ قَالَ الرَّمْلِيُّ: أَمَّا إذَا لَمْ يَأْبَ لَكِنْ وَجَدَ عَامِلًا أَرْخَصَ مِنْهُ، أَوْ أَرَادَ الْعَمَلَ بِنَفْسِهِ يُجْبَرُ لِعَدَمِ الْعِلَّةِ يَدُلُّ عَلَيْهِ التَّشْبِيهُ، إذْ لَوْ لَمْ يَمْتَنِعْ عَنْ الْهَدْمِ لَكِنْ وَجَدَ أَرْخَصَ مِنْهُ، أَوْ أَرَادَ هَدْمَهَا بِنَفْسِهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَعَلَى هَذَا لِلْعَامِلِ تَحْلِيفُهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ عَلَى الِامْتِنَاعِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ غَيْرَ مَا أَظْهَرَهُ.

وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْجَوْهَرَةِ فِي الْإِجَارَةِ فِي مَسْأَلَةِ يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ عَنْ السَّفَرِ مَا يُفِيدُ هَذِهِ الْأَحْكَامَ، وَهِيَ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ تَأَمَّلْ اهـ.

(قَوْلُهُ وَمَتَى فَسَدَتْ إلَخْ) ، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُطَيِّبَ الْخَارِجَ لَهُمَا يُمَيِّزَا نَصِيبَهُمَا، ثُمَّ يُصَالِحَ كُلٌّ صَاحِبَهُ بِهَذَا الْقَدْرِ عَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ، فَإِنْ كَانَ رَبُّ الْبَذْرِ صَاحِبَ الْأَرْضِ لَا يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِالزَّائِدِ عَمَّا غَرِمَهُ مِنْ نَفَقَةٍ وَأَجْرٍ، وَلَا يَعْتَبِرُ أُجْرَةَ نَفْسِهِ لِعَدَمِ الْعَقْدِ عَلَى مَنَافِعِهِ؛ لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْأَصْلِ الَّذِي هُوَ الْبَذْرُ كَمَا فِي الْمَقْدِسِيَّ سَائِحَانِيٍّ (قَوْلُهُ وَيَكُونُ لِلْآخَرِ) أَيْ لِلْعَامِلِ لَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ أَوْ لِرَبِّ الْأَرْضِ لَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْعَامِلِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ، فَقَوْلُهُ: أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ أَوْ أَرْضِهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ عَلَى ذَلِكَ، وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالْبَقَرِ حَتَّى فَسَدَتْ فَعَلَى الْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ وَالْبَقَرِ هُوَ الصَّحِيحُ هِدَايَةٌ، وَقِيلَ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ مَكْرُوبَةً نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَبَالِغًا عِنْدَ مُحَمَّدٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا يُزَادُ إلَخْ، وَانْتِصَابُ بَالِغًا عَلَى الْحَالِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا اسْمٌ مَوْصُولٌ أَوْ نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ مَفْعُولُ بَالِغًا، وَجُمْلَةُ بَلَغَ صِلَةٌ أَوْ صِفَةٌ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ امْتَنَعَ رَبُّ الْأَرْضِ) أَيْ وَالْبَذْرِ مِنْ قِبَلِهِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَإِلَّا فَيُجْبَرُ عَلَى الْمُضِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ إذْ لَا قِيمَةَ لِلْمَنَافِعِ) فِيهِ إيجَازٌ.

وَعِبَارَةُ شُرَّاحِ الْهِدَايَةِ؛ لِأَنَّ الْمَأْتِيَّ بِهِ مُجَرَّدُ الْمَنْفَعَةِ، وَهِيَ لَا تَتَقَوَّمُ إلَّا بِالْعَقْدِ، وَالْعَقْدُ مُقَوَّمٌ بِجُزْءٍ مِنْ الْخَارِجِ، وَقَدْ فَاتَ (قَوْلُهُ وَيَسْتَرْضِي دِيَانَةً) أَيْ يَلْزَمُهُ اسْتِرْضَاؤُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَهَذَا حَكَاهُ فِي الْهِدَايَةِ يُقْبَلُ لَكِنْ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُلْتَقَى وَالتَّبْيِينِ وَغَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ فَيُفْتَى) أَيْ يُفْتِيهِ الْمُفْتِي بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي لَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>