للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِغَرَرِهِ

(وَتُفْسَخُ الْمُزَارَعَةُ بِدَيْنٍ مُحْوِجٍ إلَى بَيْعِهَا إذَا لَمْ يَنْبُتْ الزَّرْعُ) لَكِنْ يَجِبُ أَنْ يَسْتَرْضِيَ الْمُزَارِعُ دِيَانَةً إذَا عَمِلَ (كَمَا مَرَّ، أَمَّا إذَا نَبَتَ وَلَمْ يُسْتَحْصَدْ لَمْ تُبَعْ الْأَرْضُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُزَارِعِ) حَتَّى لَوْ أَجَازَ جَازَ

(فَإِنْ مَضَتْ الْمُدَّةُ قَبْلَ إدْرَاكِ الزَّرْعِ فَعَلَى الْعَامِلِ أَجْرٌ مِثْلُ نَصِيبِهِ مِنْ الْأَرْضِ إلَى إدْرَاكِهِ) أَيْ الزَّرْعَ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ إدْرَاكِ الزَّرْعِ حَيْثُ يَكُونُ الْكُلُّ عَلَى الْعَامِلِ أَوْ وَارِثِهِ لِبَقَاءِ الْعَقْدِ اسْتِحْسَانًا كَمَا سَيَجِيءُ.

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ لِغَرَرِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مَغْرُورًا فِي عَمَلِهِ مِنْ جِهَةِ رَبِّ الْأَرْضِ بِالْعَقْدِ ط ثُمَّ تَعْيِينُهُ الِاسْتِرْضَاءَ بِأَجْرِ الْمِثْلِ مُوَافِقٌ لِمَا فِي التَّبْيِينِ، لَكِنْ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ أَنَّهُ لَمْ تَثْبُتْ رِوَايَةٌ فِي مِقْدَارِ مَا بِهِ الِاسْتِرْضَاءُ ا. هـ. تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ وَتُفْسَخُ) أَيْ وَيَجُوزُ فَسْخُ الْمُزَارَعَةِ وَلَوْ بِلَا قَضَاءٍ وَرِضًا كَمَا فِي رِوَايَةِ الْأَصْلِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ، وَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَحَدُهُمَا فِي رِوَايَةٍ وَبِهِ أَخَذَ بَعْضُهُمْ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ قُهُسْتَانِيٌّ.

بَقِيَ مَا لَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْهُ وَفِي الْمَقْدِسِيَّ: وَيَضْمَنُ لَهُ بَذْرَهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: تُقَوَّمُ الْأَرْضُ مَبْذُورَةً وَغَيْرَ مَبْذُورَةٍ، فَيَضْمَنُ مَا زَادَ الْبَذْرُ، وَقِيلَ لَا تُبَاعُ؛ لِأَنَّ الْإِلْقَاءَ لَيْسَ بِاسْتِهْلَاكٍ حَتَّى مَلَكَهُ الْوَصِيُّ وَنَحْوُهُ سَائِحَانِيٌّ (قَوْلُهُ بِدَيْنٍ مُحْوِجٍ إلَى بَيْعِهَا) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ سِوَاهَا، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْ مَا يُوجِبُ الْفَسْخَ مِنْ جَانِبِ الْمُزَارِعِ كَمَرَضِهِ وَخِيَانَتِهِ اكْتِفَاءً بِمَا سَيَأْتِي فِي الْمُسَاقَاةِ، وَمِنْهُ عَزِيمَةُ سَفَرِهِ وَالدُّخُولُ فِي حِرْفَةٍ أُخْرَى كَمَا فِي النَّظْمِ، وَإِلَى أَنَّهُ لَوْ بَاعَ بَعْدَ الزَّرْعِ بِلَا عُذْرٍ تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَةِ الْمُزَارِعِ، فَإِنْ لَمْ يُجِزْهُ لَمْ تُفْسَخْ حَتَّى يَسْتَحْصِدَ أَوْ تَمْضِيَ الْمُدَّةُ عَلَى مَا قَالَ الْفَضْلِيُّ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ لَكِنْ يَجِبُ أَنْ يَسْتَرْضِيَ إلَخْ) كَذَا قَالَهُ ابْنُ الْكَمَالِ، وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ.

وَعِبَارَةُ الْمُلْتَقَى: وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ إنْ كَرَبَ الْأَرْضَ أَوْ حَفَرَ النَّهْرَ، وَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالتَّبْيِينِ وَالدُّرَرِ وَغَيْرِهَا مَعَ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ أَنَّهُ يَسْتَرْضِي إلَّا أَنْ يُحْمَلَ نَفْيُهُمْ هُنَا عَلَى الْقَضَاءِ كَمَا حَمَلَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ عِبَارَةَ الْمُلْتَقَى فِي شَرْحِهِ تَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْتُ فِي النِّهَايَةِ قَالَ: إنَّ قَوْلَهُ، وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ إنَّمَا يَصِحُّ لَوْ الْبَذْرُ مِنْهُ، فَلَوْ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ فَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ يَكُونُ الْعَامِلُ مُسْتَأْجِرًا لِلْأَرْضِ، فَيَكُونُ الْعَقْدُ وَارِدًا عَلَى مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ، فَيَبْقَى عَمَلُ الْعَامِلِ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ وَلَا شُبْهَةِ عَقْدٍ فَلَا يَتَقَوَّمُ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ.

وَفِي الثَّانِي يَكُونُ رَبُّ الْأَرْضِ مُسْتَأْجِرًا لِلْعَامِلِ، فَكَانَ الْعَقْدُ وَارِدًا عَلَى مَنَافِعِ الْأَجِيرِ، فَتُقَوَّمُ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ، وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِأَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ مُزَارَعَةِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ اهـ فَتَأَمَّلْهُ مُمْعِنًا.

(قَوْلُهُ فَإِنْ مَضَتْ إلَخْ) الْأَوْلَى الْإِتْيَانُ بِالْوَاوِ بَدَلَ الْفَاءِ كَمَا فِي الْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِ لِئَلَّا يُوهَمَ التَّفْرِيعُ عَلَى مَسْأَلَةِ الْفَسْخِ. وَاعْلَمْ أَنَّ مِنْ تَتِمَّةِ أَحْكَامِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَوْنُ نَفَقَةِ الزَّرْعِ عَلَيْهِمَا بِقَدْرِ الْحِصَصِ إلَى أَنْ يُدْرَكَ، وَسَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدُ، فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَخِّرَ قَوْلَهُ فَإِنْ مَضَتْ إلَخْ عَلَى الْمَسَائِلِ الَّتِي فَصَلَ بِهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَمَامِ أَحْكَامِهِ، لِيَتِمَّ نِظَامُ كَلَامِهِ وَلِيَتَّضِحَ فَهْمُ مَرَامِهِ.

وَعِبَارَةُ الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ: مَضَتْ الْمُدَّةُ قَبْلَ إدْرَاكِهِ، فَعَلَى الْمُزَارِعِ أَجْرُ مِثْلِ نَصِيبِهِ مِنْ الْأَرْضِ حَتَّى يُدْرِكَ الزَّرْعُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى مَنْفَعَةَ بَعْضِ الْأَرْضِ لِتَرْبِيَةِ حِصَّتِهِ فِيهَا إلَى وَقْتِ الْإِدْرَاكِ، وَنَفَقَةُ الزَّرْعِ كَأَجْرِ السَّقْيِ وَالْمُحَافَظَةِ وَالْحَصَادِ وَالرِّفَاعِ وَالدَّوْسِ، وَالتَّذْرِيَةُ عَلَيْهِمَا بِقَدْرِ حُقُوقِهِمَا حَتَّى يُدْرِكَ: وَفِي مَوْتِ أَحَدِهِمَا قَبْلَ إدْرَاكِ الزَّرْعِ يُتْرَكُ فِي مَكَانِهِ إلَى إدْرَاكِهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُزَارِعِ؛ لِأَنَّا أَبْقَيْنَا عَقْدَ الْإِجَارَةِ هَاهُنَا اسْتِحْسَانًا لِبَقَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ، فَأَمْكَنَ اسْتِمْرَارُ الْعَامِلِ أَوْ وَارِثِهِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ، أَمَّا فِي الْأَوَّلِ فَلَا يُمْكِنُ الْإِبْقَاءُ لِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ اهـ (قَوْلُهُ أَجْرُ مِثْلِ نَصِيبِهِ) أَيْ أَجْرُ مِثْلِ مَا فِيهِ نَصِيبُهُ مِنْ الْأَرْضِ ابْنُ كَمَالٍ (قَوْلُهُ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ) أَيْ إذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضًا فَمَضَتْ الْمُدَّةُ قَبْلَ الْإِدْرَاكِ يَبْقَى الزَّرْعُ فِيهَا إلَى إدْرَاكِهِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ (قَوْلُهُ حَيْثُ يَكُونُ الْكُلُّ)

<<  <  ج: ص:  >  >>