إنْ اسْتَهْلَكَهَا صَحَّتْ الْمُزَارَعَةُ وَالْكَفَالَةُ إنْ لَمْ تَكُنْ عَلَى وَجْهِ الشَّرْطِ وَإِلَّا فَسَدَتْ الْمُزَارَعَةُ خَانِيَّةٌ (وَمِثْلُهُ) فِي الْحُكْمِ (الْمُعَامَلَةُ) أَيْ الْمُسَاقَاةُ، فَإِنَّ حِصَّةَ الدِّهْقَانِ فِي يَدِ الْعَامِلِ أَمَانَةٌ.
(وَإِذَا قَصَّرَ الْمُزَارِعُ فِي سَقْيِ الْأَرْضِ حَتَّى هَلَكَ الزَّرْعُ) بِهَذَا السَّبَبِ (لَمْ يَضْمَنْ) الْمُزَارِعُ (فِي) الْمُزَارَعَةِ (الْفَاسِدَةِ، وَيَضْمَنُ فِي الصَّحِيحَةِ) لِوُجُوبِ الْعَمَلِ عَلَيْهِ فِيهَا كَمَا مَرَّ؛ وَهِيَ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ فَيَضْمَنُ بِالتَّقْصِيرِ.
فِي السِّرَاجِيَّةِ: أَكَّارٌ تَرَكَ السَّقْيَ عَمْدًا حَتَّى يَبِسَ ضَمِنَ وَقْتَ مَا تَرَكَ السَّقْيَ قِيمَتَهُ نَابِتًا فِي الْأَرْضِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلزَّرْعِ قِيمَةٌ قُوِّمَتْ الْأَرْضُ مَزْرُوعَةً وَغَيْرَ مَزْرُوعَةٍ فَيَضْمَنُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا.
[فُرُوعٌ] أَخَّرَ الْأَكَّارُ السَّقْيَ، إنَّ تَأْخِيرًا مُعْتَادًا لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا ضَمِنَ.
شَرَطَ عَلَيْهِ الْحَصَادَ فَتَغَافَلَ حَتَّى هَلَكَ ضَمِنَ إلَّا أَنْ يُؤَخِّرَ تَأْخِيرًا مُعْتَادًا
تَرَكَ حِفْظَ الزَّرْعِ حَتَّى أَكَلَهُ الدَّوَابُّ ضَمِنَ، وَإِنْ لَمْ يَرُدَّ الْجَرَادَ حَتَّى أَكَلَهُ كُلَّهُ، إنْ أَمْكَنَ طَرْدَهُ ضَمِنَ وَإِلَّا لَا بَزَّازِيَّةٌ.
زَرَعَ أَرْضَ رَجُلٍ بِلَا أَمَرَهُ طَالَبَهُ بِحِصَّةِ الْأَرْضِ، فَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ جَرَى فِي تِلْكَ الْقَرْيَةِ بِالنِّصْفِ أَوْ بِالثُّلُثِ وَنَحْوِهِ وَجَبَ ذَلِكَ.
حَرَثَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَبَى أَحَدُهُمَا أَنْ يَسْقِيَهُ أُجْبِرَ، فَلَوْ فَسَدَ قَبْلَ رَفْعِهِ لِلْحَاكِمِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ رَفَعَ إلَى الْقَاضِي وَأَمَرَهُ بِذَلِكَ، ثُمَّ امْتَنَعَ ضَمِنَ جَوَاهِرُ الْفَتَاوَى.
ــ
[رد المحتار]
أَيْ كَفَلَ لَهُ رَجُلٌ عَنْ صَاحِبِهِ بِحِصَّتِهِ ط (قَوْلُهُ إنْ اسْتَهْلَكَهَا) شَرْطٌ لِكَفَلَ لَا لِصَحَّتْ (قَوْلُهُ صَحَّتْ الْمُزَارَعَةُ وَالْكَفَالَةُ) ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ أُضِيفَتْ إلَى سَبَبِ وُجُوبِ الضَّمَانِ وَهُوَ الِاسْتِهْلَاكُ خَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَتْ عَلَى وَجْهِ الشَّرْطِ فَسَدَتْ الْمُزَارَعَةُ؛ لِأَنَّ دَيْنَ الِاسْتِهْلَاكِ لَا يَجِبُ بِعَقْدِ الْمُزَارَعَةِ فَتَفْسُدُ الْمُزَارَعَةُ، كَمَنْ كَفَّلَ لِلْبَائِعِ عَنْ الْمُشْتَرِي بِمَا يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي لَا بِعَقْدِ الْبَيْعِ خَانِيَّةٌ، وَتَخْصِيصُ الْفَسَادِ بِالْمُزَارَعَةِ يُفْهِمُ صِحَّةَ الْكَفَالَةِ لِعَدَمِ الْمُنَافَاةِ فِيمَا يَظْهَرُ لِي فَلْيُرَاجَعْ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ صَرِيحًا فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُحِيطِ.
(قَوْلُهُ بِهَذَا السَّبَبِ) هُوَ التَّقْصِيرُ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) فِي قَوْلِهِ وَأَمَّا قَبْلَ مُضِيِّهَا إلَخْ (قَوْلُهُ وَهِيَ) أَيْ حِصَّةُ الْآخَرِ بِقَرِينَةِ الْمَقَامِ، إذْ لَيْسَ كُلُّ الزَّرْعِ فِي يَدِهِ أَمَانَةً؛ لِأَنَّ بَعْضَهُ لَهُ فَافْهَمْ
(قَوْلُهُ فِي السِّرَاجِيَّةِ إلَخْ) الْمَقْصُودُ مِنْ نَقْلِهِ بَيَانُ الْمَضْمُونِ (قَوْلُهُ فَيَضْمَنُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا) أَيْ نِصْفَ الْفَضْلِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ.
(قَوْلُهُ لَا يَضْمَنُ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَقْصِيرٍ (قَوْلُهُ وَإِلَّا ضَمِنَ) أَيْ لَوْ الْمُزَارَعَةُ صَحِيحَةً كَمَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ شَرَطَ عَلَيْهِ الْحَصَادَ إلَخْ) هَذَا بِنَاءٌ عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ صِحَّةِ اشْتِرَاطِهِ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ تَرَكَ حِفْظَ الزَّرْعِ إلَخْ) هَذَا إذَا لَمْ يُدْرِكْ الزَّرْعَ، فَأَمَّا إذَا أَدْرَكَ، فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُزَارِعِ بِتَرْكِ الْحِفْظِ هِنْدِيَّةٌ عَنْ الذَّخِيرَةِ، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ عَلَى الْعَامِلِ لِلْعُرْفِ ط (قَوْلُهُ حَتَّى أَكَلَهُ كُلَّهُ) التَّقْيِيدُ بِالْكُلِّ اتِّفَاقِيٌّ فِيمَا يَظْهَرُ ط.
(قَوْلُهُ زَرَعَ أَرْضَ رَجُلٍ إلَخْ) قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ مُسْتَوْفًى فَرَاجِعْهُ.
(قَوْلُهُ حَرَثَ) أَيْ زَرَعَ قَامُوسٌ، وَقَوْلُهُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ: أَيْ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا لَا بِالْمُزَارَعَةِ؛ لِأَنَّ الْمُزَارِعَ يَضْمَنُ إذَا قَصَّرَ بِلَا مُرَافَعَةٍ كَمَا قَدَّمَهُ، وَمَا ذَكَرَهُ هُنَا ذَكَرَهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، وَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ أَبِي يُوسُفَ (قَوْلُهُ أَبَى أَحَدُهُمَا) أَيْ امْتَنَعَ عَنْ السَّقْيِ لَمَّا طَلَبَ الْآخَرُ مِنْهُ أَنْ يَسْقِيَهُ مَعَهُ (قَوْلُهُ أُجْبِرَ) أَيْ أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ، وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْنِ قَدَّمْنَاهُمَا فِي آخِرِ الْقِسْمَةِ عَنْ الْخُلَاصَةِ.
ثَانِيهُمَا أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ وَيُقَالُ لِلطَّالِبِ اسْقِهِ وَأَنْفِقْ، ثُمَّ ارْجِعْ بِنِصْفِ مَا أَنْفَقْتَ، وَنَقَلَ الثَّانِي فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ جَامِعِ الْفَتَاوَى مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ رُفِعَ إلَى الْقَاضِي إلَخْ) وَجْهُ الضَّمَانِ أَنَّهُ بِأَمْرِ الْقَاضِي تَحَقَّقَ الْوُجُوبُ عَلَيْهِ كَالْإِشْهَادِ عَلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ الْمَائِلِ، فَإِذَا امْتَنَعَ بَعْدَهُ، وَفَسَدَ الزَّرْعُ صَارَ مُتَعَدِّيًا، فَيَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّ الزَّرْعَ مُشَاعٌ بَيْنَهُمَا لَا يُمْكِنُ شَرِيكَهُ أَنْ يَسْقِيَ حِصَّتَهُ مِنْهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ سَقْيُ الْجَمِيعِ وَحْدَهُ، وَلَا يُمْكِنُهُ قِسْمَتُهُ جَبْرًا وَلَا بِالتَّرَاضِي مَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى الْقَلْعِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ